اكتشاف 3 مجرات من «الوحوش الحمراء»

يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)
يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)
TT

اكتشاف 3 مجرات من «الوحوش الحمراء»

يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)
يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)

تمكن فريق دولي، بقيادة جامعة جنيف السويسرية (UNIGE)، يضم البروفيسور ستين وويتس من جامعة باث في المملكة المتحدة، من تحديد 3 مجرات فائقة الكتلة، تعرف بـ«الوحوش الحمراء»، كل منها تقريباً بحجم مجرة ​​درب التبانة، ويعتقد أنها تجمعت بالفعل خلال أول مليار عام بعد الانفجار العظيم.

وتشير نتائج الباحثين إلى أن تكوين النجوم في الكون المبكر كان أكثر كفاءة وسرعة مما كان يعتقد سابقاً، ما يشكل تحدياً للنماذج الفلكية الحالية حول تكوين المجرات.

جرى الاكتشاف المذهل، المنشور اليوم (الأربعاء) في دورية «نيتشر» (Nature)، بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، وهو جزء من برنامج «فريسكو - جيمس ويب» (JWST FRESCO).

شرع البرنامج في تحليل عينة كاملة من مجرات خطوط الانبعاث (ELGs)، تتميز بالانبعاثات الضوئية القوية، بشكل منهجي خلال أول مليار سنة من تاريخ الكون. وتظهر خطوط الانبعاث هذه كخطوط ساطعة عند أطوال موجية محددة، وتبرز على خلفية أغمق من الطيف الكوني.

ووفق النتائج، مكّن وجود خطوط الانبعاث الفريق البحثي من تحديد المسافات إلى المجرات في العينة المدروسة بدقة.

وفي المقابل، سمحت المعرفة الدقيقة بالمسافات وقوة خطوط الانبعاث للباحثين بقياس كمية النجوم الموجودة داخل المجرات بشكل موثوق. وقد برزت المجرات الثلاث في صور التليسكوب بهذا الشكل بسبب محتواها الكبير من النجوم.

وقال البروفيسور وييتس، المؤلف المشارك لدراسة «نيتشر» ورئيس كرسي هيروكو شيروين في علم الفلك خارج المجرات في قسم الفيزياء بجامعة باث: «إن العثور على 3 وحوش ضخمة من هذا القبيل بين العينة يشكل لغزاً محيراً».

وأوضح، في بيان، صادر الأربعاء: «يميل كثير من العمليات التي تحدث أثناء تطور المجرات إلى إدخال خطوة تحدّ من سرعة تحويل الغازات الكونية إلى نجوم، ومع ذلك يبدو أن هذه الوحوش الحمراء قد نجحت بطريقة أو بأخرى في التهرب بسرعة من معظم هذه العقبات».

وحتى خروج نتائج الدراسة الجديدة إلى النور، كان يُعتقد أن جميع المجرات تشكلت تدريجياً داخل هالات كبيرة من المادة المظلمة. وتلتقط هالات المادة المظلمة الغاز (الذرات والجزيئات) وفق الجاذبية. وعادةً ما يتحول 20 في المائة من هذا الغاز، على الأكثر، إلى نجوم في المجرات.

ومع ذلك، تتحدى النتائج الجديدة هذا الرأي، حيث تكشف أن المجرات الضخمة في الكون المبكر ربما نمت بسرعة وكفاءة أكبر مما كان يُعتقد سابقاً.

جرى التقاط كل هذه التفاصيل في دراسة «فريسكو» (FRESCO) من خلال تقنيات «التحليل الطيفي» باستخدام كاميرا الأشعة تحت الحمراء التابعة للتلسكوب «JWST»، وهي طريقة تسمح بالتقاط الضوء لجميع الأجسام في مجال الرؤية وتفكيكه إلى أطوال موجية مكونة له. وهذا يجعلها طريقة ممتازة لقياس المسافات الدقيقة والخصائص الفيزيائية للمجرات.

لقد سمحت قدرات «جيمس ويب» غير المسبوقة لعلماء الفلك بدراسة المجرات بشكل منهجي في الكون البعيد المبكر، ما يوفر رؤى حول المجرات الضخمة والمغطاة بالغبار.

ومن خلال تحليل المجرات المدرجة في مسح «فريسكو»، وجد العلماء أن معظم المجرات تتناسب مع النماذج الحالية. لكنهم وجدوا 3 مجرات ضخمة بشكل مدهش، مع كتل نجمية مماثلة لمجرة درب التبانة اليوم.

ووفق نتائج الدراسة، فإن هذه المجرات تشكل النجوم بكفاءة تقدر بضعف كفاءة المجرات ذات الكتلة الأقل من نفس الفترة الزمنية أو المجرات العادية في أوقات لاحقة من تاريخ الكون. ونظراً لمحتواها العالي من الغبار، الذي يمنح هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً في صور «جيمس ويب»، فقد تم تسميتها بالوحوش الحمراء الثلاثة.

وهو ما علّق عليه الدكتور مينجيوان شياو، المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة والباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة جنيف، بقوله: «إن نتائجنا تعيد تشكيل فهمنا لتكوين المجرات في الكون المبكر».


مقالات ذات صلة

نيزك يكشف وجود مياه على المريخ قبل 742 مليون سنة

يوميات الشرق النيزك «لافاييت» عُثر عليه بمدينة لافاييت في ولاية إنديانا الأميركية (جامعة بوردو)

نيزك يكشف وجود مياه على المريخ قبل 742 مليون سنة

توصل باحثون من جامعة بوردو الأميركية إلى أن نيزكاً يعود أصله إلى المريخ تعرضَ لتفاعل مع المياه السائلة أثناء وجوده على سطح الكوكب الأحمر قبل نحو 742 مليون سنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق صورة تخيلية لمركبة «أوروبا كليبر» وهي تحلق بالقرب من قمر «المشتري - أوروبا» (ناسا - رويترز)

«المشتري»... كوكب بلا سطح ويتسع لأكثر من 1000 أرض بداخله

قال بنيامين رولستون الأستاذ المساعد في الفيزياء بجامعة كلاركسون الأميركية، إنه لا توجد لكوكب «المشتري» أرض صلبة ولا سطح مثل العشب أو التراب الذي نطأه على الأرض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الصين تُخطِّط لِما لا يُنسى (أرشيفية - أ.ب)

للبيع في الصين... تذكرتان لاختبار انعدام جاذبية الفضاء

طَرحت شركة صينية للبيع تذكرتين لرحلة فضائية تجارية من المزمع تسييرها عام 2027... ما ثمنهما؟

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق محطة الفضاء الدولية (أ.ب)

تأجيل عودة طاقم بمحطة الفضاء الدولية منذ مارس بسبب الظروف الجوية

تأجلت عودة أفراد الطاقم الموجودين على متن محطة الفضاء الدولية منذ مارس (آذار) بسبب الظروف الجوية السيئة، وفقاً لما ذكرته وكالة «ناسا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم القمر العملاق خلف لافتة أثرية أعلى مبنى سكني في وسط مدينة كانساس سيتي بولاية ميسوري (أ.ب)

قمر الصياد العملاق يضوي سماء العالم... ماذا نعرف عنه؟

سيظهر أقرب قمر عملاق لهذا العام قريباً وكبيراً ومشرقاً في سماء الخريف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.