ضغوط العمل قد تؤدي إلى صعوبة التحكم في السلوك والانفعالات

ضغوط العمل يمكن أن تستنزف أجزاء من الدماغ مرتبطة باتخاذ القرار والتحكم في المشاعر والانفعالات (رويترز)
ضغوط العمل يمكن أن تستنزف أجزاء من الدماغ مرتبطة باتخاذ القرار والتحكم في المشاعر والانفعالات (رويترز)
TT

ضغوط العمل قد تؤدي إلى صعوبة التحكم في السلوك والانفعالات

ضغوط العمل يمكن أن تستنزف أجزاء من الدماغ مرتبطة باتخاذ القرار والتحكم في المشاعر والانفعالات (رويترز)
ضغوط العمل يمكن أن تستنزف أجزاء من الدماغ مرتبطة باتخاذ القرار والتحكم في المشاعر والانفعالات (رويترز)

أكدت دراسة جديدة أن ضغوط وإرهاق العمل ومحاولة الشخص الدائمة لدفع نفسه للصبر وممارسة ضبط النفس، يمكن أن تستنزف أجزاء من الدماغ مرتبطة باتخاذ القرار والتحكم في المشاعر والانفعالات، مما يجعلك أقل قدرة على إدارة سلوكك تجاه الآخرين.

وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قال الباحثون إن نتائجهم ترتبط بنظرية «استنزاف الأنا»؛ وهي فكرة مثيرة للجدل في علم النفس مفادها أن الناس حين يستخدمون قوة الإرادة المتاحة لديهم بكثافة في مهمة واحدة فإنهم يستنزفون ويصبحون غير قادرين على ممارسة مستوى القوة نفسه وضبط النفس نفسه في المهام اللاحقة.

وفي الدراسة التي نُشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، طالب الباحثون 44 مشاركاً بالقيام بأنشطة مختلفة تعتمد على الكومبيوتر لمدة 45 دقيقة، بما في ذلك مشاهدة مقاطع فيديو عاطفية.

وفي حين طُلب من نصف المشاركين استخدام ضبط النفس أثناء الأنشطة، على سبيل المثال عدم إظهار مشاعرهم استجابةً للمقاطع، لم يكن على المجموعة الأخرى ممارسة ضبط النفس.

كما تم تزويد كل مشارك بسماعة رأس لتخطيط كهربية الدماغ، مما سمح للباحثين بقياس نشاط أدمغتهم.

ووجد الفريق أن المشاركين في مجموعة ضبط النفس أظهروا زيادة في نشاط موجات دلتا الدماغية في مناطق القشرة الجبهية الأمامية المرتبطة باتخاذ القرار والتحكم في الدوافع، مقارنة بنشاط أدمغتهم قبل بداية الأنشطة. ولم يُلاحظ أي تغيير من هذا القبيل في المجموعة الأخرى.

وقال الباحثون إن الأمر الحاسم هو أن موجات دلتا تُرى عادةً في أثناء النوم وليس اليقظة، مما يشير إلى أن هناك أجزاء من الدماغ «غفت» لدى المشاركين الذين مارسوا ضبط النفس، وهي الأجزاء المرتبطة باتخاذ القرار والتحكم في المشاعر والانفعالات.

وبعد ذلك، طلب الفريق من المجموعتين المشاركة في مجموعة متنوعة من الألعاب، بما في ذلك لعبة تُعرف باسم «الصقور والحمائم»، حيث كان على الأفراد أن يقرروا ما إذا كانوا سيتعاونون لتقاسم بعض الموارد، أو يتصرفون بطريقة عدائية لتأمينها.

وتكشف النتائج عن أن 86 في المائة من المشاركين الذين لم يُطلب منهم ممارسة ضبط النفس في بداية الدراسة تصرفوا مثل الحمائم، وشاركوا الموارد بعضهم مع بعض في تعاون سلمي.

وعلى النقيض من ذلك، فقد بلغ هذا الرقم 41 في المائة فقط بين المشاركين الذين طُلب منهم في البداية ممارسة ضبط النفس، مما يشير إلى أنهم كانوا يميلون إلى التصرف بعدائية مثل الصقور.

وأكدت النتائج أنه قد يكون من الأفضل أخذ قسط من الراحة بعد يوم من المجهود الذهني قبل الانخراط في مهام أخرى.

وقالت إيريكا أوردالي، المؤلفة الأولى للدراسة من مدرسة IMT للدراسات المتقدمة في لوكا بإيطاليا: «إذا كنت تريد مناقشة شريك حياتك وتشعر بأنك منهك عقلياً من العمل، فلا تفعل ذلك. خذ وقتك. وافعل ذلك في يوم آخر».


مقالات ذات صلة

دودة تأكل البلاستيك... اكتشاف لتقليل التلوث بسرعة وكفاءة

يوميات الشرق صورة نشرها العلماء للدودة الجديدة المكتشَفة

دودة تأكل البلاستيك... اكتشاف لتقليل التلوث بسرعة وكفاءة

اكتشف عدد من العلماء دودة آكلة للبلاستيك  في كينيا، قالوا إنها يمكن أن تُحدث ثورة في تقليل التلوث بسرعة وكفاءة.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
يوميات الشرق الخاتم بمعانيه وذكرياته (إكس)

غواص يعيد خاتم تخرُّج أضاعه صاحبه في المحيط قبل 47 عاماً

حدث اللقاء المفاجئ بفضل أليكس ديفيس، وهو غواص محترف اكتشف الخاتم الثمين مؤخراً باستخدام جهاز كشف المعادن تحت الماء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق العُمر الطويل خلفه أسرار (أ.ف.ب)

إيطالية تبلغ 125 عاماً تكشف سرَّ عمرها الطويل

تنفرد إيما مورانو المولودة في إيطاليا عام 1899 بوصفها آخر إنسان وُلد في القرن الـ19، وببلوغها 125 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أمكن لعشّاق الموج «الاطمئنان» (شاترستوك)

«خديعة» لردع أسماك القرش عن مهاجمة ركّاب الأمواج

الخوف من أسماك القرش البيضاء قائم منذ فترة طويلة، وأحد أسبابه هو عدم فهمنا لهذه الحيوانات بشكل جيد...

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق تترجم ميشلين نهرا أفكارها الصباحية بريشة انسيابية

ميشلين نهرا لـ«الشرق الأوسط»: مجموعتي تعكس مشهدية حرب نعيشها

في مجموعتها «اللبناني» تطلّ ميشلين نهرا على هموم وشجون مواطن يعيش مصيراً مجهولاً في عزّ الحرب، بدءاً من طائرة الـ«ميدل إيست» مروراً بمواطن يتردّد في هجرة الوطن.

فيفيان حداد (بيروت)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)
مسلسل «6 شهور» (حساب Watch IT على «فيسبوك»)
TT

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)
مسلسل «6 شهور» (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام من خلال «التمسك بالشغف».

وتصدر المسلسل قائمة «الأكثر مشاهدة في مصر» على منصة «watch it»، خلال الأسبوع الثاني على التوالي من عرضه.

ويبدأ العمل، الذي يقوم ببطولته الممثل الشاب نور النبوي، أحداثه بإشادة أستاذ جامعي بذكاء وموهبة طالب سابق لديه يُدعى مراد في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ويشيد بمشروع تخرجه، متوقعاً أن يكون قد تبوأ مكانة مرموقة في عالم رجال الأعمال و«البيزنس الإلكتروني».

لكن تكشف الأحداث أن مراد يعمل موظف «كول سنتر» في شركة صغيرة لصناعة الغسالات، بعد فشله في تحويل مشروعه إلى واقع بسبب ضعف الإمكانيات المادية.

لقطة من المسلسل المصري «6 شهور» (صفحة الفنان نور النبوي على «فيسبوك»)

وتتوالى الأحداث حيث ينتقل مراد إلى التدريب تحت الاختبار في شركة عقارات لمدة 6 شهور، ويدخل في منافسة شرسة للفوز بالوظيفة مع لطيفة «نور إيهاب»، وفي سبيل ذلك يخوض الشابان مجموعة من المغامرات التي تمتزج فيها الكوميديا بالمعاناة.

وللمسلسل «طابع جديد غير نمطي» وفق الناقد محمود مطر، الذي وصف المسلسل بأنه «دراما شبابية بامتياز، لا تركز على قصص الحب، بل تناقش قضايا أخرى أصبحت أكثر إلحاحاً في المجتمع، وهي صعوبات النجاح في الحياة العملية في ظل الأزمة الاقتصادية».

وقال مطر لـ«الشرق الأوسط»: «هذا العمل يكاد يكون أول مسلسل يخوض في عالم العقارات بتفاصيله الدقيقة، وهو عالم أثار استياء المصريين وسخريتهم أخيراً؛ بسبب كثرة ملاحقة العاملين فيه للجمهور عبر الهاتف، عارضين فيلات فاخرة بالملايين، ولعل هذا المسلسل يكون قد نجح في الكشف عن أسباب هذه الملاحقة، وارتباط ذلك بالعائد المادي الضخم الذي يحصلون عليه عند إتمام البيع».

والمسلسل المكون من 10 حلقات من تأليف عمرو أبو زيد وأحمد هشام، وإخراج مصطفى الصولي، ويشارك في البطولة مراد مكرم، وسلوى محمد علي، وبسمة نبيل، وباهر النويهي، ومروان فارس، وأحمد فاضل، ونورا عبد الرحمن، وأمجد الحجار، فضلاً عن عدد من ضيوف الشرف مثل بدرية طلبة، وعلاء مرسي، ومحمد عبد العظيم.

«يقود العمل الشباب إلى بداية الطريق، ويساعدهم على أن يعرفوا كيف يمكن أن يتحول الحلم إلى واقع»... هكذا بدأ المخرج مصطفى الصولي حديثه عن فكرة «6 شهور»، واصفاً المسلسل بأنه «يلمس فئة واسعة من الشباب المصري».

الفنانة نور إيهاب في لقطة من المسلسل (حساب WATCH IT على «فيسبوك»)

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يتناول المسلسل معاناة الشباب بعد التخرج من الجامعة، وكيف يظلون لعدة سنوات في حالة تشتت (توهان)، لا يعرفون ماذا يريدون، وما هي قدراتهم، وما هو شغفهم الحقيقي، وذلك من خلال الأحداث التي يمر بها مراد ولطيفة ومجموعة أخرى من شباب (الكول سنتر) و(السيلز)».

وأضاف: «يسير المسلسل تدريجياً معهم إلى أن يأخذ المشاهدين لمعرفة أسلوب التفكير السليم، والتمسك بالشغف؛ مما يجعلهم قادرين على اكتشاف أنفسهم، وتحديد أهدافهم وتحقيقها؛ وبذلك يخرج بهم من دائرة التشتت إلى الطريق الصحيح».

واختيار عالم العقارات كمحيط اجتماعي أساسي تدور داخله أحداث المسلسل لم يكن فقط بهدف التجديد أو مجرد عرض تخصص غير مطروق كثيراً في الدراما المصرية، إنما كان ثمة مبرر درامي يخدم القصة، بحسب الصولي «يبرز هذا العالم مدى المعاناة التي يتعرض لها حديثو التخرج في مصر؛ فذلك المجال يتطلب منهم جهداً كبيراً ومهارات خاصة، ورغم ذلك يسبب لهم إحباطات ولحظات فشل وإحراج كثيرة، وهو نموذج لمجالات كثيرة يضطرون للعمل فيها».

وفي سبيل محاكاة عالم «السيلز» بكل تفاصيله قام مخرج العمل بقضاء أيام كاملة داخل شركات العقارات، والتقى خلالها بالمديرين والموظفين؛ ليتعرف على حياتهم اليومية وأسلوب عملهم، والمصطلحات المتداولة بينهم؛ وهو ما أسفر عن «محاكاة الواقع» الذي أشاد به الجمهور والنقاد، وفق الصولي.

وتزامناً مع هذه المعاناة الشبابية في التوظيف بالمجتمع المصري، يتطرق المسلسل إلى قضايا إنسانية أخرى؛ لتتشابك الأبعاد الدرامية بتصاعد الأحداث، فيكتشف المشاهد وجود ترسبات نفسية داخلية لدى بطلي العمل؛ إذ يعاني مراد الذي توفي والده صغيراً وتولت أمه تربيته، من الإحساس الدائم بالذنب والحزن الشديد على حاله، لأنه غير قادر على التخفيف عنها، ولا على تحقيق توقع أبيه له بأنه سيصبح ذا شأن عظيم.

ومن جهة أخرى تعاني لطيفة من الإحساس المرضي بأنها «تحت المجهر» دوماً؛ مما يدفعها إلى الكذب المستمر، إلى جانب معاناتها من غياب الدفء الأسري؛ بسبب انفصال والديها، وهكذا ينتقل المشاهد من خلال هذه الأحداث ما بين الصراع الخارجي بين الشخصيتين الرئيسيتين للمسلسل سعياً وراء الفوز بفرصة العمل من جهة، وما بين الصراع الداخلي لدى كل منهما من جهة أخرى.

الفنان نور النبوي في لقطة من المسلسل (صفحة الفنان على «فيسبوك»)

ويأتي هذا التشابك بين الخطوط الدرامية المتعددة مقصوداً؛ بهدف بناء الشخصيات ومنحها عمقاً يبرر تصرفاتها في المسلسل بحسب الصولي الذي يوضح: «لم يكن تناول المشكلات الأخرى لمراد ولطيفة نوعاً من الحشو أو (المزايدة الاجتماعية)، إنما جاء لمزيد من فهم المشاهد لهما، فلولا هذه المعالجة ما كانت أفعالهما قد اكتسبت المنطقية، وما كان الجمهور ليتفاعل معهما بالقدر الكافي».

ويُعدّ المسلسل الذي ينتمي إلى الدراما الاجتماعية الكوميدية الخفيفة، هو العمل الدرامي الأول للمخرج الذي عمل طويلاً في مجال الإعلانات، وهو ماً أثار بعض التعليقات «السوشيالية» التي ربطت بين أسلوب إخراج المسلسل وهذا المجال.

وحول هذا الأمر يقرّ الصولي: «لا أنكر أنني تأثرت كثيراً خلال إخراج المسلسل بكوني مخرجاً للإعلانات، وشكل ذلك ميزة مهمة من وجهة نظري؛ لأن الإعلانات تقوم على تقديم كل ما تريده في ثوانٍ معدودة، وهو نفس الفكر الذي اتبعته في (6 شهور)؛ ولذلك جاء إيقاعه سريعاً بشكل لافت، إضافة إلى التكثيف الدرامي، والطابع الحيوي الجذاب، رغم أن العمل يتصدى لقضية شائكة تسودها المعاناة والإحباط».