معرض عن فن خداع البصر طوال 15 قرناًhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5080597-%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D8%B9%D9%86-%D9%81%D9%86-%D8%AE%D8%AF%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B5%D8%B1-%D8%B7%D9%88%D8%A7%D9%84-15-%D9%82%D8%B1%D9%86%D8%A7%D9%8B
من الطبيعي أن يتأمل المرء لوحة جميلة معلقة على الجدار ويدقق في تفاصيلها. لكن زوار هذا المعرض لا يكتفون بالتأمل بل يضطرون، غالباً، إلى الاقتراب من اللوحة كثيراً ومد الأيدي للتأكد من أنها مسطحة وأن مفرداتها ليست مجسمة. يحدث هذا في معرض يقام حالياً وحتى 2 مارس (آذار) المقبل في متحف «مارموتان مونيه» في باريس.
ويتتبع هذا المعرض المدهش تاريخ تمثيل الواقع في الفنون من 1520 إلى يومنا هذا. ويهدف إلى تكريم جانب غير معروف من مجموعات الأعمال التي يمتلكها المتحف. كما أنه نوع من تأدية التحية والتذكير بانبهار مؤسسيه الأخوين جول وبول مارموتان لهذا النوع التصويري. والحقيقة أن خداع البصر (trompe l'oeil) ليس جديداً. وهو ليس من نتاج ما نراه اليوم من تقنيات الذكاء الاصطناعي. بل بدأ استخدام المصطلح للمرة الأولى في عام 1800؛ إذ ورد في تعليق للويس ليوبولد بويلي على عمل معروض في صالون فنيّ. وبعد 35 عاماً اعتمدته الأكاديمية الفرنسية.
وعلى الرغم من أن المصطلح ظهر في القرن الـ19، فإن أصل الخداع البصري يرتبط بقصة أقدم بكثير. وهي قصة الكاتب الروماني بليني الأقدم (نحو 23-79م)، الذي ذكر في كتابه «التاريخ الطبيعي» كيف أن الرسام زيوكسيس (464-398 قبل الميلاد)، في منافسة بينه وبين الرسام بارهاسيوس، قام بتمثيل العنب بشكل مثالي لدرجة أن الطيور كانت ترفرف حوله وتحاول أن تنقره.
وعلى مر القرون، تم استخدام خداع البصر في وسائل مختلفة ومتعددة. إنه فن التلاعب بنظرة المشاهد. وهو إشارة إلى الفخاخ التي تنصبها لنا تصوراتنا. وإذا كانت بعض موضوعات الخداع البصري معروفةً لمتابعي تاريخ الفن، مثل الغرور أو جوائز الصيد أو حاملات الرسائل أو مواقد الشواء؛ فإن في هذا المعرض موضوعات غير شائعة مثل الاختلافات الزخرفية (الأثاث، والأواني الفخارية، وما إلى ذلك) أو حتى الأغراض السياسية. ومن هنا أهمية هذا النوع التصويري من زمن الثورات الاجتماعية الكبرى وحتى الملصقات الحديثة والمعاصرة.
يجمع المعرض أكثر من 80 عملاً من القرن الـ16 إلى القرن الـ21 من مجموعات خاصة وعامة في أوروبا والولايات المتحدة. جاء بعضها من المعرض الوطني للفنون في واشنطن، والمتحف الوطني «تيسين بورناميزا» في مدريد، ومتحف الفن والتاريخ في جنيف، ومتحف فلورنسا وقلعة قصر «فونتنبلو» الفرنسي ومتحف «اللوفر». ومن باريس سيتنقل المعرض في مدن فرنسية أخرى. إنه نوع من التعبير التشكيلي يمكن وصفه بأنه فن الوهم. والأوهام متنفسات ضرورية للكائن البشري، مثلها مثل الأحلام.
يغوص معرض فريد بجنوب غربي ميونيخ في مسألة الأُطر الأصلية لعدد من لوحات كيرشنر. ويركز على الأنواع المختلفة للأُطر التي من المرجَّح أن يتجاهلها معظم زوار المتاحف.
طرابلس توحَّدت ببيروت... وتحيّة جنوبية في «ماراثون السلام» اللبنانيhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5081324-%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%84%D8%B3-%D8%AA%D9%88%D8%AD%D9%91%D9%8E%D8%AF%D8%AA-%D8%A8%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D9%8A%D9%91%D8%A9-%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A
طرابلس توحَّدت ببيروت... وتحيّة جنوبية في «ماراثون السلام» اللبناني
شكل آخر للحدث الكبير بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية (بيروت ماراثون)
المنطلقون عند السادسة صباح الأحد من خطّ بداية السباق في مدينة طرابلس الشمالية، ارتدوا الأبيض ورفعوا العلم اللبناني. تقرَّر ليوم 10 نوفمبر (تشرين الثاني) أن يستضيف الحدث السنوي المُنتظر، وخرَّبت الحرب الخطط. لم تعبُر شوارعَ بيروت أقدام العدّائين أو تتطلّع عيون الأطفال مذهولةً بألوان البالونات والشابات الراقصات والموسيقى الحماسية طوال «سباق المرح». كرنفال «ماراثون بيروت الدولي» أُلغي. الأحد الماضي، وفي يومه المُقرَّر، اتّخذ شكلاً آخر بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية. سباق من أجل السلام انطلق من طرابلس نحو العاصمة النازفة.
9 فرق هتفت: «كلنا للوطن». فريقٌ سلّم الآخر الأعلام اللبنانية بعد الركض لمسافة 10 كيلومترات، فتكتمل خطّة وَصْل طرابلس ببيروت بركض ما يزيد على 90 كيلومتراً للفرق الـ9 مجتمعةً. وإن حضر العداؤون بعدد أقل مقارنةً بجَرْف الأعداد في يوم الماراثون الكبير، فقد سجَّلوا فارقاً، وأحدث الأفراد وَقْع الجماعة. خَبْطُ الأقدام دوَّى، والرمزية بلغت أشدَّها. رسالة من أجل السلام، والحرب تتمادى... من أجل لبنان، ويتراءى مقبرة.
مَن ركضوا يتشاركون المعاناة والشغف والإنجاز، ويلتقون على الالتزام والوحدة وعظمة روح الرياضة. تفتتح مؤسِّسة جمعية «بيروت ماراثون» ورئيستها، مي الخليل، حديثها مع «الشرق الأوسط» بإعلاء أهمية التكاتُف. تقول إنه «يُجمِّل الإنجاز ويدفع نحو الأفضل».
لـ20 عاماً، التزمت «بيروت ماراثون» بتنظيم النشاط الرياضي في بلد يطفح بالتناقض. تتابع: «ماراثونات عدّة نظّمناها على وَقْع التفجيرات والاغتيالات والاشتعال الأمني. مع ذلك، تجمَّع المشاركون وأعلنوا الوحدة. منذ العام الأول، أردنا نشاطاً رياضياً يجمع. بشر تتعدَّد أديانهم وجنسياتهم التقوا في سباق وُلد عام 2003 ويستمرّ على ثبات المبدأ. اليوم، نركض للسلام على امتداد الوطن».
وُلدت النسخة الأولى من «بيروت ماراثون» بعد حادث مأساوي أصاب مي الخليل. كانت تركض، فصدمتها شاحنة. دخلت في غيبوبة ومكثت عامين في المستشفى... «أنا العدّاءة التي ركضت من أجل لبنان، فحلَّ الأسوأ، لتوظّف شغفها وإرادتها بإقامة نشاط ماراثوني يُقرّبه من العالم ويُوحّد أبناءه من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تحت شعار (الرياضة للجميع). هنا تُمحى الفروق وتعلو الإنسانية».
حينها، ندرت ثقافة الركض لمسافات طويلة، فدُعي عدّاؤون أجانب محترفون إلى أرض الأرز للمشاركة في الحدث. كبُرت الحشود عبر السنوات، فاقتطعت الجمعية رسوم التسجيل لمصلحة جمعيات خيرية. راحت الأقدام تركض للخير، وتكثَّف الخفقان، وسُمَع لهاث الأنفاس كأنه أوركسترا.
ثقافة العطاء عمَّمها «ماراثون بيروت» وكرَّسها. ومن عظمة العمل التطوّعي، تمضي هذه الأيام. منذ الاشتعال الكبير والنزوح المُربِك، تحوَّلت الجهود إلى لملمة الوجع. تُكمل مي الخليل حديثها برَفْع العطاء إلى أعلى المراتب: «أمام الإنسان، لبّى الفريق والمتطوّعون الشباب، النداء. أراهم نبض المستقبل. ننطلق من ثقافة أن نُعطي المجتمع ما نأخذه. فَهْم هذه المعادلة مهم جداً».
اليوم، تتقدَّم ثقافة السلام وتستدعي نشرها في المدى الأوسع. ذلك شعورٌ يملأ العدّاء وهو يُراكم المسافة وصولاً إلى خطّ النهاية. يبلغه ليحيل الداخل على الصفاء. فالسلام الفردي بإمكانه أن يُعمَّم ليصبح العدّاء اختزالاً للبنان. كلاهما يتحمَّل ويُعاند. داخلهما ندوب وصمود. مي الخليل تدرك ذلك. فداخلها أيضاً تألَّم. تقول: «سلام النفس يرتقي بطبيعتنا الإنسانية، فكيف إن اجتمع بـ40 أو 50 ألف عدّاء وعدّاءة؟ هنا يُترجَم سلام الأوطان. يسألونني دائماً: من أجل أي سلام تركضون؟ السلام ليس خطّ النهاية فقط. إنه امتداد سلامنا الداخلي نحو سلام أشمل».
لسنوات، كبُرت تحدّيات «بيروت ماراثون» باشتداد العصف. فتك الوباء، فأُلغي السباق لاقتضاء السلامة العالمية التباعُد بين البشر. وبعد انفجار المرفأ شعرت مي الخليل بأهمية الاضطلاع بدور. «وَجَبت علينا العودة. حجم المسؤولية استدعى توظيف علاقاتنا بالخارج لتجاوُز المرحلة الصعبة. حينها، غادر بعض الفريق بين الغربة والبحث عن فرص تُعوّض إغلاق أبواب |(الجمعية). تعلّمنا مرّة أخرى كيف ننظّم سباقات افتراضية بالتواصل مع ماراثونات دولية. جمعنا مبالغ لجمعيات تنتشل المتضرّرين من كابوسية المرفأ ومقتلة ذلك العصر».
تستدعي الحرب اليوم وَقْفة مُشابهة. بالنسبة إلى مي الخليل، لا شيء يُضاهي مرارة أن تشاهد بلدك يُدمَّر والناس في نزوحهم المريع. كان لا بدّ من إلغاء السباق المُنتَظر يوم 10 نوفمبر وتحوُّل كل الأيام سباقاً للتكاتف والوحدة: «نظّمنا سباق السلام بديلاً للحدث الكبير. أردناه سباقاً مستوحى من مساحة لبنان البالغة 10 آلاف و452 كيلومتراً مربعاً. مشهد رَفْع العلم اللبناني رغم اتّساع الجراح أثَّر عميقاً. على مجموعة نقاط، توزّع العدّاؤون، فانطلقوا من (معرض رشيد كرامي الدولي) في طرابلس إلى واجهة بيروت البحرية. 10 ساعات من الركض للسلام والأمل».
ومن مدينتَي النبطية وصور النازفتَيْن، عَبَر عدّاؤون فوق الأنقاض رافعين الأعلام... زرعوها فوق الخراب لعلَّ زهر الربيع يشقّ الجدران المُهدَّمة وينمو معانداً «اليباس». «الوطن لا يموت. يعيش على المحبة»، تؤكد مي الخليل التي تغرّبت 23 عاماً في نيجيريا بعد زواجها، لكنّ داخلها ظلَّ متعلّقاً بأرض تتشظّى ولا تُقتَل.