الذكاء الاصطناعي يضخّ الحياة بالكتب المدرسية الجامدة

مستقبل التعليم يجب أن يكون أكثر تفاعلية

الصور الثابتة في أي كتاب مدرسي تتحوَّل نماذج تفاعلية ثلاثية البُعد (فرجينيا تك)
الصور الثابتة في أي كتاب مدرسي تتحوَّل نماذج تفاعلية ثلاثية البُعد (فرجينيا تك)
TT

الذكاء الاصطناعي يضخّ الحياة بالكتب المدرسية الجامدة

الصور الثابتة في أي كتاب مدرسي تتحوَّل نماذج تفاعلية ثلاثية البُعد (فرجينيا تك)
الصور الثابتة في أي كتاب مدرسي تتحوَّل نماذج تفاعلية ثلاثية البُعد (فرجينيا تك)

طوّر فريق من الباحثين في جامعة «كولورادو بولدر» الأميركية نوعاً جديداً من الكتب المدرسية التفاعلية التي تتيح تحويل الصور الساكنة نماذجَ محاكاة ثلاثية البُعد تعمل وتقفز أو تدور عبر أجزاء الصفحة.

وأصبح من الممكن للطلاب في أي فصل دراسي في جميع أنحاء العالم، وباستخدام جهاز «آيباد» فقط، إعادة تصوّر المخططات الدراسية التقليدية في أي كتاب مدرسي، وتحويل هذه الصور غير المتحرّكة نماذجَ تفاعلية ثلاثية البُعد.

هذا النوع الجديد من الكتب المدرسية هي من بنات أفكار فريق من علماء الكومبيوتر بقيادة ريو سوزوكي في الجامعة. نُشرت نتائج دراستهم بوصفها جزءاً من وقائع ندوة «ACM» السنوية الـ37 حول «برمجيات وتقنيات واجهة المستخدم».

قال سوزوكي، الأستاذ المساعد في معهد «أطلس وقسم علوم الكومبيوتر» في جامعة «كولورادو بولدر»: «عادةً ما تكون هذه المخطّطات الدراسية ثابتة، ويتعيّن على الطالب أن يتخيّل ما يحدث. ولكن ماذا لو كان بإمكاننا أخذ أي مخطَّط ثابت من أي كتاب مدرسي وجعله تفاعلياً؟».

حصل سوزوكي وزملاؤه مؤخراً على جائزة «أفضل ورقة بحثية» عن عملهم في ندوة «ACM» السنوية الأخيرة في بيتسبرغ بالولايات المتحدة.

يقول باحثو الدراسة: «تخيّل أنك تفتح كتاب الفيزياء في المدرسة الثانوية لتجد رسماً لمتزلّج يتأرجح على قمة جبل استعداداً للقفز. من المفترض أن يعلّمك الرسم التخطيطي موضوعات مثل الطاقة الحركية، لكن المتزلّج لا يتحرّك أبداً وفق الرسمة المدونة بالكتاب. إنه يجلس هناك فقط في المكان عينه».

صمَّم فريق سوزوكي أداة تسمح للطلاب بتسجيل هذا الرسم التخطيطي باستخدام أجهزة «آيباد» الخاصة بهم. ثم بعد أن يضبط المستخدمون بعض الإعدادات على الجهاز، تستعين الأداة بالذكاء الاصطناعي لجعل المتزلّج يتحرّك عبر الشاشة. ينزل بسرعة من أعلى التلّ، ويقفز ويطير. إنه دقيق علمياً أيضاً.

يرى سوزوكي المشروع فرصةً لإعادة اختراع الكتاب المدرسي، مما يمنح المتعلّمين الفرصة ليس فقط للقراءة عن العلوم، ولكن أيضاً لرؤية الموضوعات تعمل بالفعل.

وهو ما علّق عليه سوزوكي، الذي بدأ المشروع باحثاً في جامعة «كالغاري» في كندا: «نعتقد أنّ مستقبل التعليم يجب أن يكون أكثر تفاعلية وشخصيةً».

يتذكر أديتيا جونتورو، المؤلّف الأول للدراسة، أيامه في تعلُّم الفيزياء: «اعتدتُ الجلوس خلال فصل العلوم في المدرسة الثانوية، معتقداً أنه يجب أن تكون هناك طريقة أفضل لتصوّر تلك الموضوعات».

ويضيف طالب الماجستير في علوم الكومبيوتر بالجامعة: «لقد كنت محبطاً جداً. أردت تصوّر هذه المفاهيم».

تعتمد الأداة على نموذج يُسمَّى «سغمنت أنيثينغ» من شركة «ميتا». إنها أداة تصوّر حاسوبية تسمح للمستخدمين بالنقر فوق صورة لعزل أشياء معينة مثل كلب، أو ربما وجه. وبالمثل، من خلال الفيزياء المعزّزة، يختار الطلاب والمعلّمون أشياء مختلفة داخل مخطَّط التعلُّم، مثل المتزلّج والقفز على الجليد، ويعيّنون لهذه الأشياء أدواراً محدّدة. ثم يطبّق الذكاء الاصطناعي بعض مفاهيم الفيزياء الأساسية، مثل قوة الجاذبية، لتحريك هذه الأشياء. إنها تعمل أيضاً مع عدد من أنواع المخطَّطات المختلفة.

صمَّم الفريق منتجه بتعليقات من طلاب حقيقيين يدرسون الفيزياء ومع مدرّسي العلوم.

وأشار سوزوكي إلى أنّ الأداة ليست مثالية بعد، وحتى الآن، لا يمكن تحويل رسم تخطيطي جديد محاكاةً فعّالة إلا بنسبة 60 في المائة من الوقت. لكن الفريق يعمل على تحسين معدّلات النجاح هذه.

في نهاية المطاف، يرغب الباحث وزملاؤه في تجاوز عرض الفيزياء والعلوم الأخرى باستخدام تقنية مماثلة لتحويل أي رسم تخطيطي في أي نوع من المستندات عالماً حيوياً ثلاثي البُعد يمكن للطلاب الدخول إليه بمساعدة نظارات الواقع المعزّز.

وختم: «هذا هو هدفنا؛ الهروب من العالم الثابت ثنائي البُعد إلى العالم التفاعلي ثلاثي البُعد».


مقالات ذات صلة

تعرَّف على مزايا كومبيوتر «أونر ماجيك بوك آرت 14» المحمول المبتكر

تكنولوجيا تصميم أنيق وكاميرا «مغناطيسية» منفصلة مبتكرة

تعرَّف على مزايا كومبيوتر «أونر ماجيك بوك آرت 14» المحمول المبتكر

مزايا متعددة للذكاء الاصطناعي، تشمل «كوبايلوت» وإدارة البريد الإلكتروني الذكي لتلخيص الرسائل وترتيبها

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)

تحذير من مخاطر الذكاء الاصطناعي والتهديدات السيبرانية على صناديق الثروة السيادية

حذر خبير دولي في إدارة صناديق الثروة السيادية، من التحديات المخاطر التي تمثلها عمليات الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
خاص تستثمر «ساس» أكثر من مليار دولار في بحث وتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي مع التركيز على السعودية كسوق رئيسية لها في المنطقة (شاترستوك)

خاص «ساس»: دمج البيانات الحقيقية والاصطناعية سيقود التحول الرقمي في السعودية

في حديث لـ«الشرق الأوسط»، تؤكد شركة «ساس» التزامها بدعم أهداف رؤية 2030 عبر استثمارات في البحث والتطوير لتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (دبي)
يوميات الشرق الباحثة أجرت تعداداً لقردة الشمبانزي بمنتزه جبال ماهالي الوطني (جامعة أمستردام)

كيف يحمي الذكاء الاصطناعي الشمبانزي من الانقراض؟

توصّلت باحثة من «جامعة أمستردام» في هولندا، إلى طريقة جديدة قد تُسهم في حماية قردة الشمبانزي من تأثيرات التغيرّات المناخية، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا أوبن أي آي” تطلق ميزة البحث المباشر في “تشات جي بي تي”، لتمكين الوصول إلى معلومات محدثة (تشات جي بي تي)

«تشات جي بي تي» يدعم ميزة البحث المباشر لتعزيز دقة الإجابات

تهدف «أوبن إيه آي» من ذلك إلى تعزيز دقة الإجابات وتوفير تجارب أكثر تكاملاً.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

المخرجة التونسية مريم جعبر لـ«الشرق الأوسط»: «ماء العين» يركز على «العائدين من داعش»

مشهد من الفيلم  (مهرجان الجونة)
مشهد من الفيلم (مهرجان الجونة)
TT

المخرجة التونسية مريم جعبر لـ«الشرق الأوسط»: «ماء العين» يركز على «العائدين من داعش»

مشهد من الفيلم  (مهرجان الجونة)
مشهد من الفيلم (مهرجان الجونة)

تترقب المخرجة التونسية مريم جعبر عرض فيلمها «ماء العين» في الصالات السينمائية خلال العام المقبل مع انتهاء جولته في المهرجانات السينمائية الدولية، معربة عن أملها في أن يثير الفيلم وقصته أسئلة لدى الجمهور، يفكر فيها ويبحث عن إجابات لها.

وحصل الفيلم التونسي على جائزة أفضل فيلم عربي مناصفة، في النسخة الماضية من مهرجان «الجونة السينمائي» في أول عرض له بالمنطقة العربية، وهو من بطولة صالحة النصراوي، ومحمد حسين قريع، وآدم بيسا.

وتدور أحداث الفيلم، الحاصل على دعم من صندوق البحر الأحمر، في الريف التونسي، حول عائلة لديها ثلاثة أبناء، تستيقظ الأم في أحد الأيام على رحيل اثنين منهم للانضمام إلى تنظيم متطرف (داعش)، ويعود أحدهما بعد شهور برفقة زوجته الحامل، مما يضع العائلة أمام أعباءً مرتبطة بطريقة التعامل معهما، في استكمالٍ لفيلمها القصير «إخوان» الذي قدمته جعبر ووصل إلى القائمة القصيرة لجائزة أوسكار أفضل فيلم قصير عام 2018.

وتقول مريم جعبر لـ«الشرق الأوسط» إن «العودة لتصوير الفيلم الروائي الطويل بعد 5 سنوات من فيلمي القصير أمر لم يكن سهلاً، لكن وجود فريق العمل نفسه والعلاقة الإنسانية التي نشأت بيننا واستمرت، ساعداني على الاستمتاع بالتجربة خلال التصوير». وأشارت إلى أن تعايشها مع الشخصيات الرئيسية خلال السنوات الماضية كان من الأمور التي جعلتها وفريق العمل يعملون بحرية أمام الكاميرا، سواء من الممثلين أو سكان القرية التي جرى فيها التصوير.

صالحة النصراوي في مشهد من الفيلم (مهرجان الجونة)

وأضافت أنها «فور الانتهاء من الفيلم قمت بعرضه على بعض التونسيين الذين أعجبوا بالعمل وأحبوه بشدة وتعاملوا معه من منظور إنساني»، لافتة إلى أنها «كانت ترغب في التركيز على الجانب الإنساني، وسعدت بوصول هذه الفكرة إلى من شاهدوا العمل أولاً».

ورغم أن مريم جعبر تعيش معظم الوقت في الولايات المتحدة، فإنها تشعر بالارتباط الشديد بتونس، وتحب تصوير أعمال فيها وعنها باستمرار، وأوضحت: «بحكم مرافقتي لعائلتي، كانت نشأتي بين كندا والولايات المتحدة وتونس، حيث قضيت وقتاً كبيراً مع عائلتي في الجنوب الذي يحمل عادات وتقاليد مختلفة عن شمال تونس الذي شهد تصوير الفيلم».

وذكرت مريم أنها قضت فترة طويلة في القرية بعد اختيارها لتصوير الأحداث فيها حتى تفهم طبيعة عادات أهلها وتقاليدهم وطريقة تعاملهم، لافتة إلى أن دعم الأهالي لها ولفريق العمل ومساندتهم للفيلم عبر فتح منازلهم ومساعدة المصورين والفنيين خلف الكاميرا؛ كلها أمور ساعدت كثيراً في خروج الفيلم للنور، و«ستكون حريصة على مشاهدته معهم».

وأشارت مخرجة الفيلم إلى أن العمل يركز بشكل أكبر على ما يدفع الأشخاص للقيام بأعمال شديدة التطرف، وهو الأمر الذي التفتت إليه خلال وجودها في تونس عام 2016 مع رصد تزايد الملتحقين بتنظيم «داعش» في سوريا وعدة مناطق أخرى من دون أن يكون هناك وجه للتشابه بين هؤلاء الأشخاص أو دوافع مشتركة لهم، لكونهم ينتمون لخلفيات مختلفة.

وتوضح مريم أن «طبيعة المشكلات التي يعيشها الشباب في تونس تختلف عن المشكلات التي يعيشها غيرهم من الشباب، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة وحتى في بعض الدول العربية والإسلامية؛ الأمر الذي جعلني أركز على معالجة القصة من جانب إنساني بحت»، مشيرة إلى أن تعدد أماكن إقامتها وتنقلها وفّرا لها فرصة لمراقبة الأحداث ورؤيتها بشكل مختلف.

وأضافت: «أسعى في تجاربي السينمائية للبحث عن الأشياء التي تتيح مساحة للترابط الإنساني، مع التركيز على التفاصيل الدقيقة والانتباه للروابط الاجتماعية التي تجمع الأفراد في المجتمع»، وأوضحت أنها «عملت على إبراز هذا الجانب من خلال العلاقات بين الأبطال، بالإضافة إلى طريقة التصوير التي تناقشت فيها مع مدير التصوير لإيصال فكرة الفيلم».

تشعر مريم جعبر بأنها كانت محظوظة بتوافر الإمكانيات المادية والدعم مقارنة بغيرها من المخرجين العرب الذين يجدون صعوبة في تمويل مشاريعهم السينمائية الجديدة، لافتة إلى «أهمية العمل على تسهيل دعم صناعة السينما بشكل أكبر في ظل الحاجة إلى تقديم أفلام مختلفة».

وتابعت أن «جزءاً من المعاناة التي يعيشها صناع السينما العرب لمسته عندما واجه عدد من فريق العمل بالفيلم صعوبة في السفر لحضور عرضه في النسخة الماضية من مهرجان برلين، في حين لم أواجه المشكلة نفسها لكوني أحمل جواز سفر أميركياً».