شارع النبي دانيال التاريخي بالإسكندرية في حُلة جديدة

مشروع تطوير شارع النبي دانيال في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)
مشروع تطوير شارع النبي دانيال في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

شارع النبي دانيال التاريخي بالإسكندرية في حُلة جديدة

مشروع تطوير شارع النبي دانيال في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)
مشروع تطوير شارع النبي دانيال في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)

اكتسى شارع النبي دانيال التاريخي في محافظة الإسكندرية حلة جديدة ضمن أعمال التطوير التي تقوم بها الإدارة المحلية؛ لتعزيز حضور الشارع بما يليق بالمكانة الحضارية والثقافية والسياحية للثغر المصري.

وأشار رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إلى الاهتمام البالغ الذي توليه الدولة لتطوير مختلف المواقع بجميع محافظات الجمهورية، مؤكداً، خلال تفقده مشروع تطوير شارع النبي دانيال، الخميس، «اهتمام الحكومة بشكل خاص بتطوير المناطق الأثرية»، لافتاً إلى أن محافظة الإسكندرية تحظى بعدد كبير من مشروعات التطوير، لتعزيز المكانة الحضارية والثقافية والسياحية لتلك المحافظة العريقة، وفق بيان لمجلس الوزراء المصري.

وأشار محافظ الإسكندرية الفريق أحمد خالد حسن سعيد، إلى أن «شارع النبي دانيال أقدم وأعرق شوارع محافظة الإسكندرية»، وأوضح أن «تاريخ الشارع يعود إلى عام 331 قبل الميلاد، حيث يُعد محوراً ثقافياً وحضارياً وتراثياً مهماً لمدينة الإسكندرية»، لافتاً إلى أن «الشارع يعد مُجمعاً للأديان السماوية الثلاثة، حيث يضم مسجد النبي دانيال، والكنيسة المرقسية وهي أقدم كنيسة في أفريقيا، ومعبد إلياهو وهو أقدم المعابد اليهودية التي شُيدت في الإسكندرية».

وتضمنت أعمال التطوير إزالة طبقة الأسفلت القديمة، مع وضع طبقة جديدة تتناسب مع طبيعة الشارع، بالإضافة إلى توفير ممرات آمنة ومريحة؛ لتسهيل حركة المواطنين في الشارع، إلى جانب توفير إضاءات ذات طابع خاص لإبراز الزخارف المعمارية، بما يسهم في تحويل الشارع إلى ممشى تُراثي، وفق تصريحات المحافظ.

شاعر النبي دانيال من أقدم الشوارع في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)

وفي الوقت نفسه، أشار المحافظ إلى إجراءات للقضاء على بعض المظاهر العشوائية وتحسين الصورة البصرية للشارع، عبر توحيد شكل محال بيع الكتب، ودهان واجهات المباني والعقارات التراثية، في إطار تنمية الخصائص الفنية العمرانية للشارع، مع رفع كفاءة البنية التحتية للشارع، مشيراً إلى أن المشروع يهدف إلى تطوير شارع النبي دانيال بطول نحو 750 متراً، بتكلفة 143 مليون جنيه، ويتم تنفيذه على ثلاث مراحل، موضحاً أنه تم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى بالكامل.

رئيس الوزراء المصري خلال جولته في شارع النبي دانيال وأمام المكتبات الشهيرة (رئاسة مجلس الوزراء)

وعدّ عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير «زيارة رئيس الوزراء لمشروع تطوير شارع النبي دانيال خطوة مهمة تعكس الاهتمام بإعادة تأهيل الشوارع التاريخية في مصر، خصوصاً في مدينة الإسكندرية التي تمتاز بتراثها الثقافي الغني».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «شارع النبي دانيال هو واحد من أقدم الشوارع في الإسكندرية، ويحتوي على العديد من المعالم التاريخية والأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة، ويعرف بكثرة المعابد والكنائس والمساجد التي تحكي قصة التعايش الديني والثقافي في المدينة»، مشيراً إلى أن «التطوير المقترح للشارع يهدف إلى تحسين البنية التحتية، مما يسهل حركة المشاة ويعزز السياحة الثقافية عبر الحفاظ على الطابع التاريخي والمعماري للشارع، ليصبح نقطة جذب مهمة للزوار المحليين والدوليين، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي».

وأضاف أن «تطوير الشارع يساعد على إحياء الذاكرة الجماعية للمدينة ويعزز من شعور الفخر والانتماء بين سكانها».


مقالات ذات صلة

آثار خيبر وعكمة ودادان تستقطب اهتمام علماء الآثار حول العالم

يوميات الشرق يستغرق علماء الآثار العالميون في رحلة عبر الزمن (الشرق الأوسط)

آثار خيبر وعكمة ودادان تستقطب اهتمام علماء الآثار حول العالم

يضمّ المهرجان تجارب مغامرات تتيح لضيوف العلا اكتشاف أسرار طريق البخور الشهير.

عمر البدوي (العلا)
المشرق العربي جزء من قلعة بعلبك الأثرية في لبنان (رويترز)

معالم أثرية لبنانية تعرضت للدمار جراء القصف الإسرائيلي (إنفوغراف)

تتعرض العديد من المعالم الأثرية في لبنان لخطر التدمير وسط اشتداد القصف الإسرائيلي على البلاد منذ أكثر من شهر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق كتاب «العلا موطن الحضارات» باللغة الإنجليزية

السعودية تقدم حضارتها وآثارها القديمة وموروثها الشعبي على ظهر جمل

قدّمت السعودية حضارتها وجوانب رائعة من آثارها ومعالمها التاريخية الخالدة إلى أطفال العالم من خلال مجموعة قصصية أبطالها حقيقيون وشواهدها ماثلة للعيان إلى اليوم.

بدر الخريف (الرياض)
يوميات الشرق تستهدف الندوة توسيع الفهم لأثر التنقل والترحال في تشكيل المجتمعات البشرية (هيئة العلا)

«ندوة العلا العالمية للآثار» تستكشف دور التنقل في تشكيل تاريخ البشرية

تهدف ندوة العلا العالمية إلى استكشاف الدور العميق للتنقل في تشكيل تاريخ البشرية، وتأمل السرديات حول القصص المتعددة عن أثر التنقل والترحال في حياة المجتمعات.

عمر البدوي (العلا)
يوميات الشرق تبحث الندوة في جلسات علمية ليومين أثر التنقل في حياة المجتمعات عبر العصور (قمة العلا)

«ندوة العلا العالمية للآثار» تنطلق لبحث أثر تنقل المجتمعات منذ العصور القديمة

تنطلق الأربعاء «ندوة العلا العالمية للآثار 2024»، تحت عنوان: «استشراف المستقبل: آثار وتراث المجتمعات المتنقلة عبر الماضي والحاضر والمستقبل».

عمر البدوي (العلا (السعودية))

«المجتمعات المتنقّلة في العلا»... لوحة غنية بالحياة تشكَّلت عبر الزمن

البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)
البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)
TT

«المجتمعات المتنقّلة في العلا»... لوحة غنية بالحياة تشكَّلت عبر الزمن

البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)
البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)

استضافت محافظة العلا (شمال غرب السعودية) ندوة عالمية لفهم المجتمعات المتنقّلة، وأثر الترحال في رسم ملامح ما استقرّ عليه العالم اليوم، والتأمُّل في نشاط التنقّل بوصفه وسيلة للوصول إلى فرص جديدة، وتحسين ظروف الحياة، والاستكشاف.

وتحتضن العلا الندوة، من موقعها التاريخي ملتقى للتبادل التجاري واللغات والأفكار والعادات؛ وقد بقيت آثار ذلك حاضرة في أجزاء متفرّقة منها من خلال السجلّات الأثرية أو طبيعة الأرض أو القصص التي تلاها الناس وانتقلت عبر العصور.

وتاريخياً، مرّت شعوب مختلفة بالعلا أو اتّخذتها وطناً لها، فتركت بصمتها وخطّت آلاف النقوش.

ويعود تاريخ أقدم هذه النقوش إلى القرنين الـ9 والـ10 قبل الميلاد، بعضها دوّنه كتّاب محترفون، والبعض الآخر كتبه أشخاص عاديون. والنقوش يجري حفرها وطلاؤها وإبرازها، وتشمل اللغات الآرامية والثمودية والدادانية والمعينية والنبطية واليونانية واللاتينية والعربية، ومما سجّلوه في رحلات السفر والحج والزكوات.

وأضاء معرضٌ مُصاحب للندوة التي شهدت مشاركة خبراء ومتخصّصين وباحثين في مجالات علم الآثار وإدارة المواقع الثقافية، على تجربة التنقّل لدى مجتمعات منطقة العلا في شمال غرب شبه الجزيرة العربية عبر العصور، فحاول الكشف عن تاريخها العريق من خلال برنامج بحث أثري كبير، ركزت بحوثه على الثقافات المتنوّعة التي عبرت هذه المناطق، وربطت بين الطرق القديمة التي سهَّلت تبادل السلع والمعارف.

وكشفت التنقيبات والدراسات المستمرّة التي أجرتها «الهيئة الملكية للعلا» تأثير المجموعات المتنقّلة في المستوطنات المحلّية والزراعة، والتفاعل الحيوي والتعاملات بين هذه المجتمعات المتنقلة التي عبرت المنطقة والمجتمعات المستقرّة فيها؛ في حين قدَّم المعرض المُصاحب سرديةً ثريّةً بالتفاصيل، ولوحةً غنيةً من الحياة التي شكّلت ملامح العلا عبر الزمن.

أضاء المعرض على تجربة التنقّل لدى مجتمعات منطقة العلا (الشرق الأوسط)

التنقّل وظهور الإسلام

مع ظهور الإسلام في القرن الـ7 الميلادي، شهدت العلا زيادة أعداد المارّين فيها، وانتقلت نقطة التمركز البشري الرئيسية في وادي العلا إلى قرح في الجنوب، التي أصبحت المحطة الرئيسية للحجاج القادمين من سوريا وشمال أفريقيا إلى مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة.

وبحلول القرن الـ13، أصبحت بلدة العلا القديمة التي تقع بالقرب من دادان مركز التجمّع البشري الرئيسي، وبقيت كذلك حتى ثمانينات القرن الـ20. أما في بداية هذا القرن، أُنشئت سكة حديد بين دمشق والمدينة، بما ساعد في اختصار زمن رحلة الحج من 40 يوماً إلى 4 أيام فقط، وأسهم بذلك في زيادة عدد الحجاج.

قرح إحدى أهم مدن شبه الجزيرة العربية بين القرون الـ5 والـ12 (هيئة العلا)

مركز تجاري على مفترق طرق

كانت دادان التي تميَّزت بموقعها الاستراتيجي في وادي العلا وعلى طريق البخور مركزاً حضرياً حيوياً في شبه الجزيرة العربية خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، وعاصمة لمملكتَي دادان ولحيان.

وتُبيّن الاكتشافات الأثرية الحديثة البراعة المعمارية والتأثر الفنّي بمصر وبلاد الرافدين والعالم اليوناني الروماني.

وفي القرن الأول قبل الميلاد، استقرّ الأنباط في الحجر القريبة التي كانت مركزاً تجارياً مزدهراً تحيط بها مقابر مزخرفة إلى الشمال من وادي العلا. وبعد ضمّ المملكة النبطية إلى الإمبراطورية الرومانية عام 106، واصلت الحجر دورها موقعاً استراتيجياً للرومان، مما رسَّخ مكانة المنطقة بوصفها محوراً دائماً للتجارة والتبادل الثقافي بين الحضارات.

حاول المعرض الكشف عن التاريخ العريق للمجتمعات المتنقّلة في العلا (الشرق الأوسط)

من حياة الصيادين إلى المزارعين

تكشف الأدلة الأثرية أنه قبل أكثر من 200 ألف عام، تنقّل عدد من الشعوب عبر هذه الأراضي كونهم صيادين وجامعي ثمار.

ومع مرور الزمن، تغيَّر هذا النمط الاقتصادي المتنقّل، في حين حافظت بعض المجتمعات على نمط الحياة البدوي الذي لا يزال جزءاً مهماً من التراث السعودي، واختارت أخرى الاستقرار وإنشاء الواحات.

وأظهرت الاكتشافات الأثرية الحديثة وجود مساكن شبه دائمة أو مأهولة بشكل دوري تعود إلى العصر الحجري الحديث، بالإضافة إلى اكتشاف قرية من العصر البرونزي في خيبر، مما يدلّ على تفاقُم استخدام الأراضي والاستفادة من الموارد الطبيعية.

ويشير ذلك إلى أنّ ظهور المستوطنات الحضرية في واحات العصر البرونزي أصبح محوراً للتبادلات الاجتماعية والاقتصادية، مما عزَّز الروابط والتعاملات بين المجموعات المستقرّة والبدوية في جميع أنحاء المنطقة.

وشهد، الخميس، ختام أعمال «ندوة العلا العالمية للآثار 2024» لبحث آثار وتراث المجتمعات المتنقّلة عبر الماضي والحاضر والمستقبل، بعد يومين من النقاشات الثرية بمشاركة علماء آثار وتراث ثقافي دوليين.

وتوفّر كلّ من «قمّة» و«ندوة» العلا العالمية للآثار فرصة للقاء الخبراء والمتخصّصين والباحثين في مجالات علم الآثار وإدارة المواقع الثقافية، وطرح الرؤى المعمّقة في مجالات عدة، تتعلّق بتطوير المواقع ذات الأهمية الأثرية والدلالات التاريخية وإدارتها.