«الكل يحب تودا» يحتفي بصلابة مطربة شعبية مغربية

عُرض للمرة الأولى عربياً ضمن فعاليات «الجونة السينمائي»

مشهد من الفيلم - (الشركة المنتجة)
مشهد من الفيلم - (الشركة المنتجة)
TT

«الكل يحب تودا» يحتفي بصلابة مطربة شعبية مغربية

مشهد من الفيلم - (الشركة المنتجة)
مشهد من الفيلم - (الشركة المنتجة)

بمشهد صادم للاعتداء على البطلة «تودا» في بداية أحداث الفيلم المغربي الجديد «الجميع يحب تودا»، تبدأ رحلة البطلة التي تقوم بدورها نسرين الراضي على مدار أكثر من 100 دقيقة في الشريط السينمائي الذي عُرض للمرة الأولى عربياً ضمن فعاليات النسخة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي، منافساً على جوائز المسابقة الرسمية للمهرجان بعد عرضه الأول في النسخة الماضية من مهرجان كان السينمائي.

يرصد الفيلم رحلة «تودا» التي تحلم بأن تصبح «شيخة» (مطربة تقدم الأغاني الشعبية التراثية)، وهي أم مسؤولة عن تربية ابنها الوحيد، وتسعى لمواجهة صعوبات عدة مع انتقالها للحياة في الدار البيضاء من قريتها الصغيرة متمردة على الكثير من القيود والتقاليد التي تعوق تحقيق حلمها ومقدمة صورة مغايرة لتقديم الأغاني التراثية في الحانات.

وتركز الأحداث على تقديم «تودا» فن «العيطة» الذي يشكل جزءاً من التراث الشعبي المغربي عبر مجموعة من الأغاني المختلفة والمتميزة التي تعبر عن أجيال مختلفة نستمع إليها على مدار الفيلم.

يوظف مخرج الفيلم أغاني «العيطة» التي استوحت من المعاناة اليومية لمقاومة الاحتلال عبر أحداث الفيلم لإبراز معاناة «تودا» ورحلتها في الحياة التي تجبرها الظروف على تغييرها، وهي ابنة الريف المغربي التي نشأت بإحدى قرى جبال أطلس وتتضاعف معاناتها مع مسؤوليتها عن تربية نجلها الأصم ابن السنوات التسع، الذي تسعى لتوفير حياة أفضل له بأحلام مشروعة.

يقول مخرج الفيلم نبيل عيوش لـ«الشرق الأوسط» إن «العمل مستوحى من قصص لنساء حقيقيات قابلهن في حياته وعمل على مزج الصعوبات والمعاناة التي عشنها في الفيلم مع إبراز ملامح الحياة الليلية في الأماكن التي يقمن بالغناء فيها، بالإضافة إلى علاقتهن الاجتماعية وطبيعة علاقتهن مع أسرهن.

مخرج الفيلم نبيل عيوش - (إدارة المهرجان)

وأضاف عيوش أنه عمل على تقديم صورة مغايرة لـ«الشيخة» في الأحداث، بعيداً عن التنميط والصورة الذهنية السائدة، مشيراً إلى أنه لا توجد واحدة تشبه الأخرى، لافتاً إلى أن اختيار نسرين الراضي للبطولة جاء لإعجابه بأدائها التمثيلي بشكل كبير منذ أن شاهدها للمرة الأولى قبل نحو 15 عاماً في مدرستها.

ويشيد الناقد السعودي أحمد العياد بأداء نسرين الراضي في شخصية الأم «تودا» باعتباره علامة فارقة بمسيرتها السينمائية وليس بالفيلم فحسب، مشيراً إلى أنها استطاعت التعبير عن تفاصيل الشخصية بكل مراحلها بصورة أضفت مصداقية كبيرة على الأحداث.

وأضاف العياد أن الفيلم اتسم بكثرة التحويلات التي تمر بها «تودا» بوصفها «شيخة» و«أماً» الأمر الذي يجعل المشاهد لا يشعر بالملل عند متابعة الأحداث، خاصة أن الفيلم تميز بالإيقاع السريع والجذاب للمعالجة الفنية والفكرة التي يقدمها والتي تركز على المواجهة التي تخوضها النساء والقيود المفروضة عليهن. وأشاد بحرص مخرج الفيلم على تقديم تحية لـ«الشيخات» اللاتي يحفظن التراث ويقمن بالغناء متحديات الكثير من القيود.

يشير الناقد المصري طارق الشناوي إلى أن مخرج الفيلم كانت لديه أفكار عدة يرغب في تقديمها، وهي الأفكار التي أراد تضمينها في الأحداث، ومن بينها التعريف بفن «العيطة» ومقدميه، لافتاً إلى أنه على الرغم «من وجود رؤية توثيقية للحديث عن هذا الفن لديه فإنه حرص على توظيفها في الأحداث التي تناسب طبيعة الفيلم الروائي».

مشهد من الفيلم - (الشركة المنتجة)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن حياة «تودا» الصاخبة التي تبدأ من الدقيقة الأولى في الشريط السينمائي بمشهد تعرضها للاعتداء أمر يجذب انتباه المشاهد ويجعله حريصاً على المتابعة والتعايش معها، لافتاً إلى أن الشخصيات التي قدمها بالأحداث كانت مليئة بالميلودراما ونجحت في إيصال الأفكار التي يريدها.

أمر آخر يتطرق إليه الناقد السينمائي السعودي مرتبط بزوايا التصوير التي اختارها المخرج في التعامل مع معاناة البطلة «تودا» عبر الاقتراب من وجهها والتركيز عليها لإبراز تعبيرات الوجه بالكثير من المواقف التي عكست مشاعر من الإحباط واليأس مرت بها في حياتها، مشيراً إلى أن الفيلم ركز على سعيها لإثبات قدرتها على الغناء بوصفها فنانة لديها موهبة، وليس على عملها في الملاهي الليلية.


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
TT

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)

افتتح الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، اليوم الأحد، أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية، بحضور الأمير سلطان بن سلمان، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس الأمناء لجائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد.

وينظم المؤتمر مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» بالظهران، بالتعاون مع جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد، ويستمر حتى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تحت شعار «في مديح الفنان الحِرفي».

ويحضر المؤتمر باحثون في الفن والتاريخ الإسلامي، ومثقفون وضيوف من مختلف دول العالم،

ويهدف إلى دعم وإحياء التقاليد الفنية الإسلامية بتسليط الضوء على أعمال الحِرفيين المعاصرين الذين يُبقون هذه التقاليد الفنية والحِرفية على قيد الحياة.

الحرف رحلة تعلّم

وفي كلمته، ثمن المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين ورئيس مجلس أمناء جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد الأمير سلطان بن سلمان آل سعود، جهود «أرامكو» في مجال الإرث والحضارة ودعم المشاريع التراثية في المنطقة الشرقية، مستعرضاً الأهمية التاريخية للحِرف بوصفها مليئة بالتراث الحضاري للمناطق، وذلك عطفاً على إنجازات المملكة في المحافل الدولية والعالمية بمشاركات متنوعة، سواء من مؤسسات ومعارض ومؤتمرات ذات بُعد تاريخي واجتماعي تصبّ في المنفعة المجتمعية.

وأكد «الأهمية التاريخية للحرف على أنها رحلة تعلم وليست إنجازات»، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى «دور المتاحف في تعزيز التاريخ بوصفها وجهة رئيسية لكل دولة». وأشار إلى جهود المملكة في تسجيل واحة الأحساء بصفتها موقعاً تراثياً عالمياً في منظمة اليونسكو.

الحرفي شاعر صامت

وفي كلمته ذكر مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» عبد الله الراشد أن مدرسة الفنون الإسلامية يكاد يغيب عنها الصانع، قائلاً: «القطع الإسلامية لا تعرف من صنعها، أما القطع المعاصرة فيُحتفى بالصانع، وكأن الحرفي في الفنون الإسلامية يود أن يبقى في الظل والخفاء»، مشيراً إلى أن «الحرفي شاعر صامت»، فمن هذا المنطلق حرص «إثراء» على إقامة هذا المؤتمر «في مديح الفنان الحرفي»، والذي «يحوي أوراقاً بحثية وجلسات حوارية ومعارض مصاحبة من أنحاء العالم؛ لنستكشف جمال الحرف الإسلامية وتأثيرها العميق على الثقافة الإنسانية، ولنعبر بتقدير عالٍ لمن يبدعون بأيديهم تراثنا وهويتنا ويصنعونها في زمن جل ما يلمس ويستخدم يصنع بالآلة، لذا أتينا بهذه المعارض لنحتفي باليد البشرية».

ولفت الراشد إلى إطلاق ثلاثة معارض متزامنة مع أعمال المؤتمر في القطع الأثرية والفنون الإسلامية والأزياء التراثية من حول العالم، في حين يتزامن إطلاق المؤتمر مع تسمية عام 2025 عام الحرف اليدوية الذي أطلقته وزارة الثقافة، مما يضيف بعداً خاصاً لهذه المناسبة.

وأضاف: «جهودنا في (إثراء) للعام المقبل تتضمن تقديم عشرات البرامج الكبرى والمعارض والورش؛ كلها حول الحرف اليدوية نستهدف فيها آلاف الزوار».

كود المساجد

بدوره، أعلن رئيس مجلس أمناء الفوزان لخدمة المجتمع عبد الله بن عبد اللطيف الفوزان، اعتماد كود المساجد في المملكة، والذي عملت عليه الجائزة بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية واللجنة الوطنية لكود البناء، مشيراً إلى أنه سيجري تدشينه في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

وأشار إلى أن المؤتمر ملهم لإحياء الإرث الحضاري والتاريخي للأجيال القادمة، منوهاً، في الوقت نفسه، بالمكانة التي يتمتع بها الفنان الحرفي عبر العصور، لذا جاءت الجائزة بوصفها مرجعاً ثقافياً وفكرياً ومظلة حاضنة للمبادرات، والتي تحافظ على الموروث بوصفه رؤية مستقبلية.