«صيد البشر»... عرض مسرحي مصري لمواجهة «الهجرة غير المشروعة»

وسط حضور جماهيري حاشد في القاهرة التاريخية

تناول العرض قصصاً عدّة عن الهجرة غير المشروعة (بيت السحيمي بالقاهرة)
تناول العرض قصصاً عدّة عن الهجرة غير المشروعة (بيت السحيمي بالقاهرة)
TT

«صيد البشر»... عرض مسرحي مصري لمواجهة «الهجرة غير المشروعة»

تناول العرض قصصاً عدّة عن الهجرة غير المشروعة (بيت السحيمي بالقاهرة)
تناول العرض قصصاً عدّة عن الهجرة غير المشروعة (بيت السحيمي بالقاهرة)

قصص متنوعة عن الهجرة غير المشروعة، مستوحاة من الواقع المصري ومن مشكلات وأزمات كثيرٍ من الشباب، تضمّنها العرض المسرحي «صيد البشر» الذي استضافه مركز «إبداع بيت السحيمي» في القاهرة التاريخية، الخميس، وسط حضور جماهيري حاشد.

وتدور فكرة العرض حول مركب للهجرة غير المشروعة يضمّ عدداً من الشباب على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية، كل منهم يهرب من مشكلة أو أزمة تَعرّض لها، إلا أنهم يواجهون صعوبات أخطر وأصعب في رحلة الهجرة، ويواجهون عصابات التّهريب وتجارة الأعضاء وغيرها من المخاطر التي تكاد تُودي بحياتهم.

العرض الذي استمر ثلاثة أيام، كان نتاج ورشة عمل في «بيت السحيمي الأثري التاريخي» لإعداد الممثل، كتبه حمدي عطية، وأخرجه محمود السيد، وكتب ألحانه الدكتور بلال الشيخ، وصمم الديكور والإضاءة محمد الصادق، والمخرج المنفذ للعرض أروى الشيباني.

جانب من العرض المسرحي «صيد البشر» (بيت السحيمي بالقاهرة)

يقول مؤلف العرض حمدي عطية: «إن فكرة العرض بدأت من تنظيم ورشة إعداد الممثل، ووجدنا أن أفضل فكرة يمكن العمل عليها هي تجارب الشباب ومعاناتهم التي تؤدي بهم إلى الهجرة غير المشروعة، عبر استعراض مجموعة من المشكلات التي تعرضوا لها واتخاذهم قرار الهجرة في النهاية بسبب عدم الاحتواء».

ويضيف عطية لـ«الشرق الأوسط»: «يدور العرض على مركب. بدأ بوجود الأبطال يحلمون وهم نيام، ومن خلال الحلم يتذكرون عن طريق (الفلاش باك) كل الانتهاكات والأهوال التي مرّت بهم، ليدركوا أنها رحلة تهدّد حياتهم، وبالفعل هناك زملاء لهم ماتوا في الطريق، سواء قُبض عليهم من خفر السواحل أو مرّوا بحقول ألغام أو ما إلى ذلك».

وتابع عطية: «كل شخص يتذكر المشكلات التي مرّ بها خلال حياته، ومشكلات أخرى تعرض لها خلال الهجرة، ليكتشف أنه هرب من واقع سيِّئ يعيشه إلى رحلة موت تهدد حياته»، وأوضح أنهم حاولوا خلال العرض توصيل رسالة عن الانتماء والتعامل مع المشكلات المختلفة مثل الصراع بين الأجيال، أو الخيانة، أو التفاوت الطّبقي بدلاً من الهروب.

ملصق مسرحية «صيد البشر» (بيت السحيمي بالقاهرة)

ولفت إلى وجود نماذج كثيرة مثل الثأر والاتجار في الآثار والخيانة الزوجية والاتجار في الأعضاء.

فيما أوضح محمود السيد مخرج العرض أن «فكرة الهجرة غير المشروعة ضحاياها كثيرة لأسباب مختلفة، لذلك أردنا مناقشة هذه القضية من خلال قصص عدّة، مثل الثأر والفوارق بين الطبقات والمشكلات التي تدفع بعض الشباب للهجرة»، وتابع لـ«الشرق الأوسط»: «عملت بتقنية معيّنة بحيث يتضمن العرض مجموعة مونولوجات داخل إطار عامٍ هو، الحكاية الكبرى أو المركب الذي يسافر على متنه الشباب»، ولفت إلى أن مجموعة الممثلين تناغموا بشكل كامل لتقديم هذه الأفكار بشكل جيد، رغم أن 90 في المائة منهم كانت هذه أولى تجاربهم في التمثيل.

وأكّد السيد أنهم أرادوا من خلال العرض توصيل رسالة مفادها أن «الهجرة غير المشروعة ليست حلاً، ولكنها طريق للموت، فإن واجهتنا مشكلات فلا بدّ أن نفكّر في وسيلة لحلّها وليس الهروب منها، فهناك من يتعرض للموت أو النصب أو انتهاكات أو ابتزاز أو حتى السقوط في أيدي عصابات الاتجار في الأعضاء».

وأشار المُشرف على مركز «إبداع بيت السحيمي»، الدكتور بلال الشيخ، إلى أن هذا العرض جاء نتاج ورشة عمل لتنمية مهارات التمثيل وإعداد الممثل، برعاية ودعم وزارة الثقافة، تحديداً قطاع «صندوق التنمية الثقافية» برئاسة المهندس المعماري حمدي السطوحي.

جانب من العرض المسرحي (بيت السحيمي بالقاهرة)

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أردنا تقديم هذا النوع من الفن واكتشاف الموهوبين ودعمهم من خلال (بيت السحيمي)، وجاءت هذه المسرحية لتُعبّر عن نتاج تلك الورشة، من خلال عرض يؤكد على مفهوم الهوية المصرية والشخصية المصرية، من منطلق بناء الإنسان عبر التوعية والتثقيف وصقل المهارات».

وأضاف السيد أن «فكرة الهجرة غير المشروعة شائعة جداً، وكثيراً ما نسمع حكايات عن هذه القضية معظمها ينتهي بشكل مأساوي، فهؤلاء يبحثون عن حلم ويكتشفون أنهم أمام سراب، نحن نرى أوروبا وأميركا من الخارج، ولكن لو دخلنا إلى العمق فسنجد القبح والعشوائيات والمشكلات والأمراض التي تمتلئ بها بعض هذه المجتمعات».

ولفت إلى أن القِصص التي قدّمها العرض وصلت إلى الناس، وتابع: «وحتى الأغنية الأخيرة التي غنيتها من الكواليس (يا بلادي)، وهي مقطع من أغنية لبليغ حمدي، أثّرت في كثير من البسطاء الذين حضروا العرض من أهالي الدرب الأصفر والجمالية وسكان القاهرة التاريخية الذين شكلوا معظم الجمهور».


مقالات ذات صلة

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إيفان كركلا يُهدي رئيس أكاديمية الرقص في بكين كتاباً عن مهرجانات بعلبك (فرقة كركلا)

إيفان كركلا: لبنان لا يموت وهو حاضر أبداً بمبدعيه وتاريخه

هذه هي المرة الثانية على التوالي التي يُدعى فيها المخرج إيفان كركلا إلى هذا المنتدى العالمي، بعد إدراج «مسرح كركلا» عضواً بـ«جمعية العالم للفنون المسرحية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق الكاتب الراحل مروان نجار (زياد نجار)

«عريسين مدري من وين» استعادة الابتسامة في زمن لبنان - الحرب

رغبت عائلة الكاتب المسرحي الراحل في هذه الخطوة من باب تحريك عروض المسرح في زمن الحرب. واليوم بعد مرور نحو 40 عاماً على عرضها الأول تعود إلى الحياة.

فيفيان حداد (بيروت)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
TT

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

حظي مسلسل «رقم سري»، الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق، بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادة بسرعة إيقاع العمل وتصاعد الأحداث رغم حلقاته الثلاثين.

ويُعرض المسلسل حالياً عبر قناتي «dmc» و«dmc drama» المصريتين، إلى جانب منصة «Watch IT» من السبت إلى الأربعاء من كل أسبوع، وهو من إخراج محمود عبد التواب، وتأليف محمد سليمان عبد الملك، وبطولة ياسمين رئيس، وصدقي صخر، وعمرو وهبة، وأحمد الرافعي.

ويعد «رقم سري» بمنزلة الجزء الثاني من مسلسل «صوت وصورة» الذي عُرض العام الماضي بطولة حنان مطاوع، للمخرج والمؤلف نفسيهما. وينسج الجزء الجديد على منوال الجزء الأول نفسه من حيث كشف الوجه الآخر «المخيف» للتكنولوجيا، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن تورط الأبرياء في جرائم تبدو مكتملة الأركان.

السيناريو تميز بسرعة الإيقاع (الشركة المنتجة)

وتقوم الحبكة الأساسية للجزء الجديد على قصة موظفة بأحد البنوك تتسم بالذكاء والطموح والجمال على نحو يثير حقد زميلاتها، لا سيما حين تصل إلى منصب نائب رئيس البنك. تجد تلك الموظفة نفسها فجأة ومن دون مقدمات في مأزق لم يكن بالحسبان حين توكل إليها مهمة تحويل مبلغ من حساب فنان شهير إلى حساب آخر.

ويتعرض «السيستم» بالبنك إلى عطل طارئ فيوقّع الفنان للموظفة في المكان المخصص بأوراق التحويل وينصرف تاركاً إياها لتكمل بقية الإجراءات لاحقاً. يُفاجَأ الجميع فيما بعد أنه تم تحويل مبلغ يقدر بمليون دولار من حساب الفنان، وهو أكبر بكثير مما وقع عليه وأراد تحويله، لتجد الموظفة نفسها عالقة في خضم عملية احتيال معقدة وغير مسبوقة.

وعَدّ الناقد الفني والأستاذ بأكاديمية الفنون د. خالد عاشور السيناريو أحد الأسباب الرئيسية وراء تميز العمل «حيث جاء البناءان الدرامي والتصاعدي غاية في الإيجاز الخاطف دون اللجوء إلى الإطالة غير المبررة أو الثرثرة الفارغة، فما يقال في كلمة لا يقال في صفحة».

بطولة نسائية لافتة لياسمين رئيس (الشركة المنتجة)

وقال عاشور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المخرج محمود عبد التواب نجح في أن ينفخ الروح في السيناريو من خلال كاميرا رشيقة تجعل المشاهد مشدوداً للأحداث دون ملل أو تشتت، كما أن مقدمة كل حلقة جاءت بمثابة جرعة تشويقية تمزج بين ما مضى من أحداث وما هو قادم منها في بناء دائري رائع».

وأشادت تعليقات على منصات التواصل بالمسلسل باعتباره «تتويجاً لظاهرة متنامية في الدراما المصرية مؤخراً وهي البطولات النسائية التي كان آخرها مسلسل (برغم القانون) لإيمان العاصي، و(لحظة غضب) لصبا مبارك؛ وقد سبق (رقم سري) العديد من الأعمال اللافتة في هذا السياق مثل (نعمة الأفوكاتو) لمي عمر، و(فراولة) لنيللي كريم، و(صيد العقارب) لغادة عبد الرازق، و(بـ100 راجل) لسمية الخشاب».

إشادة بتجسيد صدقي صخر لشخصية المحامي (الشركة المنتجة)

وهو ما يعلق عليه عاشور، قائلاً: «ياسمين رئيس قدمت بطولة نسائية لافتة بالفعل، لكن البطولة في العمل لم تكن مطلقة لها أو فردية، بل جماعية وتشهد مساحة جيدة من التأثير لعدد من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم بفهم ونضج»، موضحاً أن «الفنان صدقي صخر أبدع في دور المحامي (لطفي عبود)، وهو ما تكرر مع الفنانة نادين في شخصية (ندى عشماوي)، وكذلك محمد عبده في دور موظف البنك».