خبراء يحذرون: المقامرة تشكل تهديداً عالمياً هائلاً للصحة مع انتشارها بسبب التكنولوجيا

شخص يلعب القمار (رويترز)
شخص يلعب القمار (رويترز)
TT

خبراء يحذرون: المقامرة تشكل تهديداً عالمياً هائلاً للصحة مع انتشارها بسبب التكنولوجيا

شخص يلعب القمار (رويترز)
شخص يلعب القمار (رويترز)

ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن مجموعة من الخبراء البارزين في الصحة العامة ومكافحة المقامرة خلصت إلى أن هناك حاجة ماسة إلى ضوابط تنظيمية عالمية أقوى للحد من تأثير المقامرة على الصحة في العالم.

وحذر تقرير أصدرته لجنة «لانسيت» للصحة العامة من أن المقامرة تشكل تهديداً عالمياً متزايداً للصحة العامة؛ إذ يتسبب التوسع السريع لها عبر الهواتف الجوالة والإنترنت في إلحاق الضرر بعدد أكبر بكثير من الناس مما كان يُعتقد سابقاً.

ووجد التقرير المكون من 45 صفحة أن نحو 450 مليون شخص لديهم على الأقل أحد الأعراض السلوكية أو عانوا من عواقب شخصية أو اجتماعية أو صحية ضارة للمقامرة.

ومن بين هؤلاء، يعاني ما لا يقل عن 80 مليون شخص من اضطراب المقامرة، وهي حالة صحية عقلية يتم تحديدها من خلال نمط من المراهنة المتكررة والمستمرة على الرغم من العواقب السلبية على حياة الشخص.

وقال الخبراء إن تقديرات الأعداد التي تعاني من ضرر كبير على صحتهم نتيجة للمقامرة من المرجح أن تكون متحفظة.

ولفت إلى أن التسويق المتطور بشكل لا يصدق للمقامرة، وسهولة الوصول المتزايدة إلى الإنترنت والهواتف الجوالة، تمكن صناعة المقامرة من الوصول إلى عدد أكبر من الناس أكثر من أي وقت مضى. وشمل ذلك المراهقين وأصغر الأطفال سناً الذين تعرضوا بشكل روتيني للإعلان عن المقامرة بطرق غير مسبوقة قبل الثورة الرقمية.

وقالت هيذر واردل، الرئيسة المشاركة للجنة، إن التهديد العالمي الضخم الذي تشكله المقامرة على الصحة العامة متجذر في الطبيعة المتغيرة بسرعة للمقامرة.

وأضافت: «يفكر معظم الناس في كازينو لاس فيغاس التقليدي أو شراء تذكرة يانصيب عندما يفكرون في المقامرة، إنهم لا يفكرون في شركات التكنولوجيا الكبيرة التي تنشر مجموعة متنوعة من التقنيات لجذب المزيد من الناس للانخراط بشكل متكرر مع سلعة يمكن أن تشكل مخاطر كبيرة على الصحة، ولكن هذا هو واقع المقامرة اليوم».

وذكرت: «أي شخص لديه هاتف جوال فإنه الآن لديه إمكانية الوصول إلى ما هو في الأساس كازينو في جيبه، 24 ساعة في اليوم».

وتابعت: «التسويق والتكنولوجيا المتطورة للغاية سهّلا البدء في المقامرة، وصعّبا التوقف عنها، وتستخدم العديد من المنتجات الآن آليات التصميم لتشجيع المشاركة المتكررة ولفترات أطول».

وأضافت واردل، المتخصصة في أبحاث المقامرة بجامعة جلاسكو، أن «مسار النمو العالمي لهذه الصناعة هائل؛ فنحن بحاجة جماعية إلى الاستيقاظ واتخاذ الإجراءات، وإذا تأخرنا فإن المقامرة وأضرارها ستصبح أكثر انتشاراً كظاهرة عالمية وأكثر صعوبة في التعامل معها».

وقدر تحليل أجرته اللجنة أن اضطراب المقامرة أثّر على 15.8 في المائة من البالغين و26.4 في المائة من المراهقين الذين استخدموا ألعاب الكازينو أو ماكينات القمار عبر الإنترنت، و8.9 في المائة من البالغين و16.3 في المائة من المراهقين الذين قاموا بالمقامرة باستخدام ألعاب المراهنة الرياضية.

وجد التقرير أن الكازينوهات والمراهنات الرياضية عبر الإنترنت هما من أسرع المجالات توسعاً للمقامرة التجارية على مستوى العالم.

وخلص الخبراء إلى أن المقامرة التجارية ترتبط بوضوح بالخسائر المالية وخطر الخراب المالي، ولكنها ترتبط أيضاً بمشاكل الصحة البدنية والعقلية، وانهيار العلاقات والأسرة، وارتفاع خطر الانتحار والعنف المنزلي، وزيادة الجرائم ضد الممتلكات والأشخاص، وفقدان الوظائف.

ولاحظ تقرير اللجنة أن هذا التأثير لم ينتشر بالتساوي، وأن مجموعات معينة واجهت «خطراً متزايداً» من الأضرار، بما في ذلك المراهقون وأصغر الأطفال سناً الذين تعرضوا بشكل روتيني للإعلان عن منتجات المقامرة. وبالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يتم تضمين المقامرة في بنية ألعاب الفيديو.

وقالت الدكتورة كريستيانا سيستي، أحد خبراء التقرير: «نحن بحاجة إلى اتخاذ إجراءات لحماية الأطفال من أضرار المقامرة، ونحن نعلم أن التعرض المبكر للمقامرة يزيد من خطر الإصابة باضطرابات في وقت لاحق من الحياة، والأطفال والمراهقون معرضون بشكل خاص لإغراء المال السهل وتصميمات المقامرة عبر الإنترنت الشبيهة بالألعاب».

وحذر التقرير أيضاً من كيفية تمكين نظام معقد لصناعة المقامرة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات من الترويج لمنتجاته وحماية مصالحه، ويشمل ذلك أساليب التسويق الرقمي المبتكرة التي تقوم على «المراقبة العميقة» لاستهداف المستهلكين عبر الإنترنت، فضلاً عن الرعاية الرياضية الواسعة النطاق ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة.

وأثار الخبراء أيضاً مخاوف بشأن كيفية تقويض صناعة المراهنات لما يقوله العلم حول تأثير المقامرة، وإعادة صياغة المناقشات حول آثارها الضارة لصالح تعزيز المسؤولية الفردية وحرية المستهلك، والتأثير على السياسات المتعلقة بتنظيم الصناعة.

وقال البروفيسور مالكولم سبارو، أحد خبراء التقرير، إن النتائج تشير إلى الحاجة لـ«زيادة القيود التنظيمية المفروضة على المقامرة، ففي حين تستمر الصناعة المقامرة في الترويج باعتبارها ترفيهاً غير ضار، فإن البلدان والمجتمعات تواجه تهديدات متزايدة بسرعة من أضرار المقامرة، وتحث اللجنة صناع السياسات على التعامل مع المقامرة باعتبارها قضية صحية عامة، تماماً كما نتعامل مع السلع الأخرى المسببة للإدمان وغير الصحية مثل الكحول والتبغ».


مقالات ذات صلة

منظمة الصحة العالمية توصي بأدوية «جي إل بي-1» لمكافحة السمنة

صحتك السمنة تُعدُّ عاملاً رئيسياً في زيادة خطر الإصابة بكثير من أنواع السرطان (جامعة نوتنغهام)

منظمة الصحة العالمية توصي بأدوية «جي إل بي-1» لمكافحة السمنة

أكدت منظمة الصحة العالمية، الاثنين، أن مجموعة الأدوية التي تحتوي على الهرمون «جي إل بي-1» (GLP-1) تتسم بفاعلية في مكافحة زيادة الوزن وداء السكري.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
صحتك شعار منظمة الصحة العالمية (رويترز)

منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم

نشرت منظمة الصحة العالمية، للمرة الأولى، إرشادات لتعزيز الوقاية من العقم الذي يطول ملايين الأشخاص في العالم، وتحسين تشخيصه وعلاجه.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون من الفاشر في مخيم للاجئين شرق تشاد - 23 نوفمبر 2025 (رويترز)

مئات الأطفال السودانيين وصلوا إلى مخيم للاجئين من دون أسرهم فراراً من الفاشر

ذكر مسؤولون أن مئات الأطفال وصلوا إلى مخيم للاجئين من دون أسرهم، مع فرار آلاف الأشخاص من العنف في مدينة الفاشر السودانية في الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
صحتك ممرض يأخذ عيّنة من طفل مشتبه في إصابته بمرض جدري القردة بجمهورية الكونغو الديمقراطية 19 يوليو 2024 (رويترز)

تقرير: زيادة «حادة» في الإصابات بسلالة متحورة من جدري القردة في أوروبا

حذر خبراء من ارتفاع حاد في إصابات سلالة متحورة من جدري القردة عبر أوروبا، حيث ينتشر الفيروس الآن بين أشخاص ليس لديهم تاريخ سفر معروف أو اتصالات مع حالات مصابة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس (رويترز)

«الصحة العالمية» تحتاج إلى مليار دولار لتغطية موازنتها

أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تحتاج إلى مليار دولار لتغطية موازنتها المقبلة للفترة 2026 - 2027.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.