​انطلاقة واعدة للموسم السياحي الشتوي بجنوب مصر

ظاهرة تعامد الشمس على معبد أبو سمبل اجتذبت آلاف الزوار

تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس (محافظة أسوان)
تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس (محافظة أسوان)
TT

​انطلاقة واعدة للموسم السياحي الشتوي بجنوب مصر

تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس (محافظة أسوان)
تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس (محافظة أسوان)

في ظاهرة يترقبها العالم سنوياً، تعامدت الشمس، صباح الثلاثاء، على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني بمعبد أبو سمبل في محافظة أسوان بجنوب مصر، بحضور 4 آلاف سائح وزائر وسط مظاهر احتفالية فولكلورية، عدّها مراقبون انطلاقة واعدة للموسم السياحي الشتوي بمصر.

واخترقت أشعة الشمس بهو معبد أبو سمبل لمسافة 60 متراً حتى قدس الأقداس، في تمام الساعة السادسة و53 دقيقة صباح الثلاثاء، واستمرت لمدة 20 دقيقة، لتتعامد على تمثال الملك رمسيس الثاني وتماثيل الآلهة (آمون ورع حور وبيتاح) المجاورة لتمثال الملك، وفق بيان لمحافظة أسوان.

وأكد محافظ أسوان الدكتور إسماعيل كمال على أن المحافظة بالتنسيق مع الجهات المعنية نجحت في تنظيم وتأمين وصول الأفواج السياحية والزائرين إلى مدينة أبو سمبل، فضلاً عن تسهيل حركة دخول وخروج المشاهدين لظاهرة تعامد الشمس إلى بهو المعبد، ووضع شاشة عملاقة في ساحة المعبد لتمكين الموجودين كافة من مشاهدة هذه الظاهرة الفلكية الفريدة من نوعها.

زحام في معبد أبو سمبل خلال ظاهرة التعامد (محافظة أسوان)

وتتعامد الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني منذ 33 قرناً مرتين كل عام، المرة الأولى في 22 فبراير (شباط)، والأرجح أن ذلك كان بمناسبة الاحتفال بموسم الفيضان وبدء الزراعة، والثانية في 22 أكتوبر (تشرين الأول) للاحتفال بموسم الحصاد. وقد أرجع البعض هذين التاريخين إلى يوم ميلاد الملك رمسيس ويوم جلوسه على العرش، أو للاحتفال بمرور 30 عاماً على توليه السلطة وفق المدون بالمعبد.

وعدّ المتخصص في علم المصريات والإرشاد السياحي الدكتور محمود المحمدي هذا الحدث «بداية واعدة للموسم السياحي الشتوي في جنوب مصر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ظاهرة تعامد الشمس على معبد أبو سمبل صنعها الأجداد وتوارثها الأحفاد؛ لتثبت للعالم أن المصريين القدماء أول من عرف قواعد وأسرار علم الفلك».

معبد أبو سمبل بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وذكر المحمدي أن «هذا الحدث الفريد مصدر للجذب السياحي، فكل عام يتوافد الآلاف على مدينة أبو سمبل جنوب مصر لمشاهدة تعامد الشمس على معبد رمسيس الثاني مرتين في العام»، لافتاً إلى أن «هذه الظاهرة كانت تقع يومي 21 أكتوبر و21 فبراير، إلا أن الموعد تغير بزيادة يوم بعد عملية إنقاذ ونقل معابد أبو سمبل عام 1964 بعد بناء السد العالي؛ لتظهر مهارة الأحفاد في الحفاظ على تلك الظاهرة الفريدة».

واستعدت محافظة أسوان بمشاركة وزارة السياحة والآثار ووزارة الثقافة لإقامة مهرجان تعامد الشمس بمدينة أبو سمبل، حيث قامت الهيئة العامة لقصور الثقافة بتنظيم فعاليات انطلقت في 10 مواقع ثقافية في الفترة من 17 إلى 22 أكتوبر بمشاركة 9 فرق للفنون الشعبية قدمت عروضاً فولكلورية بعضها في ساحة معبد أبو سمبل.

وعدّ رئيس غرفة شركات السياحة في جنوب الصعيد بالأقصر، ثروت عجمي «تعامد الشمس من الأحداث السنوية الأساسية التي يتم الاعتماد عليها في تنشيط السياحة بجنوب مصر»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما تأتي مجموعات سياحية من جنسيات عدة إلى أبو سمبل خصيصاً لمشاهدة ظاهرة التعامد، وهو ما يكون له أثر إيجابي على السياحة عموماً بمصر، فحين يذهب السائح لأبو سمبل لا يزور مدينة أبو سمبل وحدها، بل يزور الأقصر وأسوان، وهناك أفواج تأتي من الغردقة لمتابعة هذا الحدث».

احتفالات بالتعامد في ساحة معبد أبو سمبل (محافظة أسوان)

وتوقّع عجمي أن «يشهد هذا الموسم انتعاشاً، ولكن ليس بنسبة كبيرة بسبب تأثيرات الحرب في غزة ولبنان التي أثرت على عموم حركة السياحة في المنطقة».

وتعدّ محافظتا الأقصر وأسوان بجنوب مصر من أكثر الأماكن الجاذبة للسياحة في الموسم الشتوي، مع شرم الشيخ والغردقة والبحر الأحمر، وفق عجمي المتخصص في الإرشاد السياحي.

وكانت مصر تراهن على وصول عدد السائحين الوافدين إليها إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028، وهو الأمر الذي استبعده وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي في تصريحات صحافية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، مرجحاً تحقيق هذا الرقم بحلول عام 2031 إذا لم تحدث تغيُّرات جيوسياسية جديدة في المنطقة، وفق قوله.

وفي الوقت نفسه، توقّع الوزير أن يشهد العالم الحالي زيادة في أعداد السائحين ليصبح 15.2 مليون سائح في 2024.


مقالات ذات صلة

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

نفي رسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو».

محمد عجم (القاهرة )

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.