شهر اللغة العربية في فرنسا

عنوان الأنشطة الدورية التي يُنظّمها «مجمع الملك سلمان للغة العربية»

شهر اللغة العربية في فرنسا
شهر اللغة العربية في فرنسا
TT

شهر اللغة العربية في فرنسا

شهر اللغة العربية في فرنسا
شهر اللغة العربية في فرنسا

«شهر اللغة العربية في فرنسا» عنوان الأنشطة الدورية التي يقوم بها «مجمع الملك سلمان للغة العربية»، وذلك في إطار مهمته الرئيسية الهادفة إلى تعزيز حضور اللغة العربية عبر العالم. واستضاف معهد العالم العربي في باريس الذي من بين مهماته تعليم اللغة العربية للأجانب، حفل تدشين الأنشطة بحضور الأمين العام للمجمع الدكتور عبد الله بن صالح الوشمي، ورئيس معهد العالم العربي جاك لانغ، ومديره العام شوقي عبد الأمير، ومستشارة الرئيس الدبلوماسية إيناس بن كريم، والسفير الفرنسي في فرنسا فهد الرويلي، ومجموعة من موظفي المركز، إضافةً إلى الفائزة بالمسابقة التي أجراها المجمع والتي اختارت لمساهمتها تحقيقاً بالغ الأهمية، يتناول مكانة العربية في الذكاء الاصطناعي.

د. عبد الله بن صالح الوشمي أمين عام المجمع يُلقي كلمته (الشرق الأوسط)

حقيقة الأمر أنها ليست المرة الأولى التي تُكرم فيها اللغة العربية في فرنسا. فمنظمة «اليونيسكو» تكرّس كل عام يوماً تكريمياً للغة العربية التي تُعدّ إحدى اللغات الست الرسمية في الأمم المتحدة. كذلك، هناك جهود تُبذل، على المستوى الفرنسي، لتعزيز تعليم اللغة العربية في المدارس بصفتها لغة ثانية أو ثالثة مثل الإنجليزية أو الإسبانية أو الألمانية. وفي كلمته، أشار جاك لانغ الذي سبق له أن شغل وزارة التربية، إلى أنه جعل العربية إحدى اللغات السبع المتاح تعليمها في المدارس الرسمية. والحال أنها تعاني، راهناً، من تراجع موقعها. من هنا، أهمية أن يتوافر لها الدّعم من مركز الملك سلمان. وثمة بحث عن شراكة يمكن أن تقام ما بين معهد العالم العربي ومجمع الملك سلمان. واقترح لانغ إقامة ما سماه «بيت اللغة العربية في فرنسا» أو «بيت اللغة العربية في أوروبا». والفكرة ممتازة شرط أن يتوافر لها مضمون جدّي ويتلاءم مع التحديات التي تواجهها هذه اللغة في العالم العربي نفسه وفي الخارج.

وفي الكلمة التي ألقاها، عرض الأمين العام للمجمع مهام وأنشطة المؤسسة التي يديرها، والمسارات التي تسلكها، إذ إن هدفها الأعلى هو «الإسهامَ في تعزيز مكانة اللغة الخالدة محليًاً وعالميّاً، فضلاً عن إبراز قيمتها المعبّرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية؛ ومواجهة التحديات الحضارية أمام كل اللغات، من خلال المبادرات والبرامج والمشروعات المؤسسية». وعدّ الوشمي أن العربية يمكن أن تكون «جسراً للتواصل بين الثقافات والحضارات»، وأنها «أصبحت من المشتركات العالمية التي تسهم في الحوار والنقاش والثقافة»؛ كما أنها «لم تَعُد حصراً على العرب» بمعنى أنها أصبحت قيمة عالمية. وممّا يهدف إليه المجمع، تيسير تعليم العربية وتعلُّمها في الداخل العربي وخارجه. ومن الأنشطة في الخارج، أشار الوشمي إلى ما ينفّذه المجمع من برامج في البرازيل والهند والأمم المتحدة وغيرها، مؤكداً أنه سيدفع باتجاه إطلاق برامج مشتركة لتعليم اللغة العربية مع معهد العالم العربي، الذي نجح في الحصول رسمياً على إعطاء تأهيل أو شهادة إتقان اللغة العربية. ويتقدّم سنوياً ما لا يقل عن 1500 متعلم لنيل هذه الشهادة، فيما يستقبل المعهد نحو ألف متعلم للغة العربية سنوياً.

أمين عام المجمع إلى جانبه رئيس معهد العالم العربي جاك لانغ والسفير السعودي فهد الرويلي والمستشارة الدبلوماسية للمعهد إيناس بن كريم (الشرق الأوسط)

وفي الكلمة التي ألقاها والتي جاءت شبيهة بقصيدة تقديرٍ وولع باللغة العربية، ذكّر جاك لانغ بالدور الذي لعبته اللغة العربية في نقل الفلسفة والعلوم والرياضيات إلى الغرب بحيث «شكّلت جسراً بين العالم القديم وعصرنا»، عادّاً أنه من غير الدور الذي لعبته لما كان الغربُ تَعرّف على ما قدّمه الإغريق للحضارة العالمية. وقال لانغ: «أحسست منذ سنوات عدّة أن المملكة السعودية متجهةً إلى نقلة ثقافية ضخمة، ونرى في كل أنحائها فعاليات ثقافية كبيرة، وما تقدمونه في المجمع للمحافظة على اللغة العربية جهد كبير».

من جانبه، نوّه مدير المعهد بالدور الذي تؤديه اللغة العربية بين العرب أنفسهم، إذ إنها تدفع باتجاه «محوِ الفوارق بين الشعوب العربية مع اختلافها في الدين والانتماءات والأصول؛ حيث تظل اللغة العربية العامل المشترك الذي يجمع بينها جميعاً».

يُذكر أن «برنامج شهر اللغة العربية في فرنسا» يندرج ضمن مبادرة «برامج علمية في تعليم اللغة العربية»، التي أطلقها مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية. وقد نُفِّذت من البرنامج نُسخٌ في دول كثيرة، من بينها: أوزبكستان، وإندونيسيا، والصين الشعبية، والهند. ويستمر المجمع في تقديم البرنامج في سياق عمله اللغوي والثقافي على المستوى الدولي. وتتواصل أنشطة شهر اللغة العربية في فرنسا حتى الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، وينتقل إلى عددٍ من المدن الفرنسية بالتعاون مع مؤسسات تعليمية.


مقالات ذات صلة

« دبلوماسية الكشري»... الطبق المصري يبني جسوراً للتواصل السياسي

يوميات الشرق وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)

« دبلوماسية الكشري»... الطبق المصري يبني جسوراً للتواصل السياسي

على مدار السنوات الماضية، استقبل «أبو طارق» عشرات الوزراء والدبلوماسيين والمسؤولين الأمميين في القاهرة، كان أحدثهم وزير الخارجية الإيراني.

محمد عجم (القاهرة)
يوميات الشرق منظر جوي لبرج للساعة الأسكوتلندية في مدينة إدنبرة القديمة (غيتي)

لماذا تُؤخَّر جميع ساعات بريطانيا باستثناء واحدة في أسكوتلندا؟

ما قد لا يعرفه كثيرون أن ساعةً أسكوتلندية واحدة تبقى على حالها، بما لا يتناسب مع الوقت المُتفق عليه في أرجاء البلاد.

«الشرق الأوسط» (إدنبره)
يوميات الشرق إخبار الوالدين لطفلهما بأنهما «فخوران به» يجعله يركز بشكل مفرط على آراء الآخرين به (رويترز)

خبراء ينصحون: لا تخبر طفلك أبداً بأنك «فخور به»

نصح عدد من الخبراء الآباء والأمهات بعدم إخبار أطفالهم أبداً بأنهم «فخورون بهم».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الخدعة والخيبة (مواقع التواصل)

الذهول لم يدُم... هذه أضواء مصنع طماطم وليست الشفق القطبي!

أُصيبت البريطانية دي هاريسون بالذهول بعدما رأت توهّجاً غامضاً يُشبه الشفق القطبي فوق سماء جنوب إنجلترا... فماذا جرى؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الجبن وقع في المصيدة (مواقع التواصل)

سرقة 22 طناً من جبن الشيدر الثمين في لندن

سُرِقت مئات من قِطع جبن الشيدر بقيمة تتجاوز 300 ألف جنيه إسترليني، من متجر «نيال يارد ديري» المتخصِّص في الأجبان بلندن... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (لندن)

«يوميات القاهرة» تُلهم 5 تشكيليين مصريين لاكتشاف السعادة والمعاناة

«الحزن» لوحة للفنان فتحي علي (الشرق الأوسط)
«الحزن» لوحة للفنان فتحي علي (الشرق الأوسط)
TT

«يوميات القاهرة» تُلهم 5 تشكيليين مصريين لاكتشاف السعادة والمعاناة

«الحزن» لوحة للفنان فتحي علي (الشرق الأوسط)
«الحزن» لوحة للفنان فتحي علي (الشرق الأوسط)

يمكن للمشاهد، الذي لا يعرف تفاصيل القاهرة، أو لم تسبق له زيارتها من قبل، أن يسبر أغوارها، ويتزوّد بكثير عن زخمها الإنساني وثرائها الاجتماعي، من خلال تأمّل أعمال هذا المعرض الجماعي الذي يبوح ببعض أسرارها وحكاياتها، مستكشفاً جماليات الأحياء القديمة في المدينة.

يضمّ المعرض، المُقام بعنوان «30 في 30... يوميات المدينة» في غاليري «أرت كورنر» بحي الزمالك، نحو 150 لوحة لـ5 فنانين هم: رضا خليل، وفتحي علي، وحنان عبد الله، وإنجي محمود، ومحمد وهبة، فضلاً عن ضيف الشرف فريد فاضل.

«عامل البناء» للفنان فتحي علي (الشرق الأوسط)

ويستند المعرض إلى فكرة جديدة تقوم على تقديم كل فنان 30 لوحة تجسّد 30 موضوعاً مُتّفقاً عليها بشكل مُسبق بمقاس 30 في 30، على أن تسرد الأعمالُ يوميات القاهرة وناسها. ومن الموضوعات التي التزم بها الفنانون الحارة المصرية، والبيوت القديمة، والأبواب، والشُّرفات، وبائع الخبز، وعربة الفول، والمقهى، وعمال اليومية، والمراكب، والحزن، والاحتفال بالمناسبات السعيدة، والورشة، والمطعم، وغير ذلك.

رجال حوّلوا قفصاً لطاولة طعام صغيرة.. لوحة فتحي علي (الشرق الأوسط)

تعاطى الفنانون المشاركون، من خلال أعمالهم، مع حالات إنسانية موزعة ما بين الرضا والألم والسعادة والمعاناة والعمل والراحة، وكل ما يمتُّ إلى الحالات والمشاعر بصلة؛ فقد طغى تجسيد البشر على اللوحات.

وحتى عندما قام الفنانون برسم بعض تفاصيل المكان، أو احتفوا بالتّصميم الداخلي والطُّرز المعمارية، فقد جاء ذلك محمّلاً بروح الناس ورائحتهم، مسكوناً بأحاديثهم وحكاياتهم أيضاً؛ لذا فإن أحد الجوانب الأكثر لفتاً للانتباه في أعمال المعرض هي حشد الشخوص، وسيطرة روح الجماعة على الأجواء.

وكأن الفنانين تعمّدوا تأكيد أن ثَمّة روابط اجتماعية قوية لا تزال تجمع أهل القاهرة، وهو ما أسهم في نقل مشاعر الحميمية والتعاون والحنين، وزاد من ذلك أن خطوط اللوحات وحركاتها وألوانها تبثّ جملة من الأحاسيس الدافئة التي تستثير الذكريات واللحظات العاطفية لدى المتلقي، سيما ذلك الذي عاش طويلاً في الأحياء العتيقة والمدن العريقة، حتى لو لم تكن القاهرة أو المدينة التي يعنيها المعرض.

«الجميلة والعصافير» لوحة للفنان فتحي علي (الشرق الأوسط)

«تُجسّد الأعمال أحوال المدينة ويوميات ناسها، من خلال مشاهدات الفنان وذكرياته الشخصية، وبأسلوبه وأدواته الخاصة»، وفق تعبير الفنان فتحي علي، الذي يقول، لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة لي، تركز لوحاتي الـ30 على ذكرياتي القديمة، فقد وُلدت في الستينات من القرن الماضي، وعشت حياة مليئة بالزخم الإنساني، ونشأت في حي قاهري عريق هو حي (الجمالية)، الذي أعشقه، وأقدّر عطاءه الحضاري اللامحدود للمدينة بأَسرها».

تُقاسم الأرجوحات الخشبية الطعام في حاوية مشتركة على أقفاص وُضعت بعناية على الرصيف، والجميلة التي تحاول لمس العصافير برقّة، وعامل البناء الذي يعمل في صمتٍ وإتقان سعياً وراء لقمة العيش، والسيدات اللاتي يتّشحن بالسواد في طريقهن للمقابر، والرجال المتوجهين للصلاة في المسجد، والأطفال الذين يلعبون الكرة في الشارع، ذلك كله بعض من مشاهدَ جسّدها علي في لوحاته، ناقلاً نبض الحي الذي يَعدّ طقوسه اليومية نفسها من أهم علامات مدينته.

«الحارة المصرية» لوحة للفنانة حنان عبد الله (الشرق الأوسط)

في لوحات الفنانة حنان عبد الله بالمعرض، نعيش لحظات «قاهرية» من الماضي والحاضر معاً، فمن خلال أعمالها كأننا نستمع بوضوح لرنّة الصاجات بإيقاعها الموسيقي تُجلجل في زحام شوارع القاهرة، ونَجري مع الصغار إلى الشرفة، أو نُسرع إلى مصدر الصوت، لنشاهد من أين تأتي هذه الرّنات التي تجعل الصغار يرقصون فرحاً.

المشاهد اليومية التي ترى الفنانة أن تجسيدها في لوحات صغيرة أدى إلى تكثيف الفكرة التي يتناولها الفنان في عمله، وقالت، لـ«الشرق الأوسط»: «وكأننا كنا نعمل (كروب) أو (زووم) على اليوميات التي نُعبّر عنها، ومن ثمّ ظهرت الفكرة واضحة، واللقطة صادقة».

لوحة «البيانولا» للفنان رضا خليل (الشرق الأوسط)

مشاهد قديمة في القاهرة من الماضي اختار الفنان رضا خليل أن يجسدها في بعض لوحاته بالمعرض، تثير شجن كثيرين ممّن يفتقدونها أو يَعدّونها جزءاً من طفولتهم في المدينة، وأمام لوحة «البيانولا» قال، لـ«الشرق الأوسط»: «كنت في الرابعة من العمر عندما وجدت إخوتي يتّجهون نحو الشرفة، ويصيحون (البيانولا)، وكانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها (صندوق البيانولا)».

ويضيف خليل: «كان المشهد مدهشاً لطفلٍ صغيرٍ يرى رجلاً متواضع الحال يحمل صندوقاً خشبياً يُصدر ألحاناً مبهجة، تخرج عند إدارة ذراع في جانب الصندوق، ويجتمع الصغار والكبار، في حين يجمع مساعده قروشاً قليلة، لكن مع مرور السنوات وتغيّر الأحوال، اختفى الرجل وصندوقه، إلّا من قلوب قليلين، وأنا منهم».

«من يوميات سكان المدينة» للفنانة إنجي محمود (الشرق الأوسط)

أما الفنانة إنجي محمود فتتناول الازدحام في الشوارع و المواصلات وأماكن العمل، وأبرزت فكرة قوة التواصل وقِصر المسافات بين البشر في العاصمة المصرية، مستخدمة الأحبار الملوّنة. وكعادته، عبّر الفنان محمد وهبة عن الواقع من خلال الإسكتشات وفن «الكوميكس»، بلغةٍ فنية بسيطة وجاذبة للمتلقّي، في حين تنقّلت ريشة طبيب العيون، الفنان فريد فاضل، في لوحاته بين روعة المكان والإنسان في القاهرة، بمشاهد مُفعمة بالمشاعر الدافئة والرّصد الجمالي.