وائل مرقص لـ«الشرق الأوسط»: الخطّ العربي مفتاح الهوية العربية الواحدة

يستخدمه في تصميم كتب وإعلانات عالمية وأعمال بصرية

وائل مرقص وعلاقة حب مع الخطّ العربي (صور الفنان)
وائل مرقص وعلاقة حب مع الخطّ العربي (صور الفنان)
TT

وائل مرقص لـ«الشرق الأوسط»: الخطّ العربي مفتاح الهوية العربية الواحدة

وائل مرقص وعلاقة حب مع الخطّ العربي (صور الفنان)
وائل مرقص وعلاقة حب مع الخطّ العربي (صور الفنان)

لعلاقة اللبناني وائل مرقص بالخطّ العربي خصوصية بدأت تتفتّح براعمها بُعيد تخرّجه الجامعي. فهو درس التصميم الغرافيكي، وتأثر بمصممين عالميين اتخذوا من خطوط بلدانهم وأحرُفها طريقة لإبراز إبداعهم: «كنت متأثراً بهم، وأرغب في السير على طريقهم، وفجأة شعرت بأنّ ما يقومون به لا يمتّ إلى هويتي العربية بصلة. فتحوّلت للتعمّق بالخط العربي، واطّلعت على تاريخه الطويل. فكانت نقطة انطلاقة هذه العلاقة الخاصة بيننا»، يقول لـ«الشرق الأوسط».

يُكمل بأن غالبية أبناء جيله قد لا يكترثون لهذا الخطّ: «أعتقد بأنّ بعضهم ينفر منه ولا يوليه أي اهتمام. لبنان بلد منفتح على حضارات الغرب، ومعظمنا يُجيد التحدُّث بلغات أجنبية مختلفة، وهو ما أرخى أثره علينا، فانغمسنا في رموز وأحرُف ولغات تنبع من تلك البلاد. ولكن، مع الوقت وتكوُّن نضجي، اكتشفتُ أنّ العربية هويتي الحقيقية. فنحن بوصفنا لبنانيين، نتكلم العربية، وندندن أغنياتها، ونتناول الطعام الخاص بمنطقتنا، فلماذا نُقدم على خلع عباءتنا الأصيلة؟».

حقّق وائل مرقص شهرته من خلال علاقته بالخطّ العربي. إقامته في أميركا منذ نحو 12 عاماً زادت من توطيدها، فالغربة، كما يقول، «توقظ عندنا مشاعر الحنين لأوطاننا»، وربما تقف وراء انتشار أعماله في العالمين الغربي والعربي. فاليوم، يُصمّم إعلانات تجارية لشركات عالمية، وأعمالاً بصرية، وأغلفة كتب ترتكز على هذا الخطّ. كما صنع أغطية من الصوف كتب عليها بالعربية. له سلسلة منتجات تستقطب جيل الشباب، وقد نفدت من الأسواق لرواجها الكبير. صناعة هذا الغطاء زيّنه بالخط العربي، وكتب عليه «يلا تنام»، مستوحياً هذه العبارة من أغنية شهيرة لفيروز. فلماذا اختار هذا الغطاء لإبراز تصاميمه؟ يردّ: «هذا الغطاء أو (الحْرام) كما نسمّيه في لبنان، يحمل معاني الدفء والعاطفة. ويُشعرنا بلمسة حنان أمهاتنا عندما يغمر البرد أجسادنا، فيزوّدنا لا شعورياً بالهدوء والسكينة، وهو ما حضّني على تصميمه».

أحدث وائل مرقص تطوّراً على الخط العربي عبر تقنية الديجيتال (صور الفنان)

معارض عربية وخليجية وأجنبية، إضافة إلى متاحف غربية وغيرها، رحَّبت بأعمال مرقص بالخطّ العربي. «لم يكن هذا رائجاً جداً من قبل، وصرتُ أشعر في كل مرّة أعتمده كأنني أخترع ما يعكس صورتي وهويتي العربية».

انكبّ وائل مرقص على اكتشاف تاريخ هذا الخطّ بشكل مركّز. بحثَ واطّلع وغاص في أحرفه وأنواعه. وليحييه بنفحة شبابية حديثة، أدخله إلى عالم التكنولوجيا، فطبعه بالعصرنة المطلوبة، من دون أن يفقد هويته الأصيلة. يقول: «تعرّفت إلى خصوصيات أحرُفه الرفيعة والسميكة وبدايات انتشاره. وكذلك راقبتُ كيفية تطوّره من حقبة تاريخية إلى أخرى. الأوروبيون طوّروا أحرفهم مع اكتشافهم الطباعة، فأخذوا الحرف المتحرّك وطوروه، وسبقوا بذلك تطوّر الخطّ العربي، خصوصاً بالأحرف غير المتصلة».

يستقطب الخطّ العربي اليوم شركات أجنبية كبرى، تعدّه المفتاح الذي يُدخلها أسواقاً خليجية وغيرها من بابها العريض، فاستخدمته في حملاتها الإعلانية لترويج بضائعها، منها نصوص وأغلفة وأعمال بصرية تُطلقها لإنجاح هذه الحملات. ويتابع: «أرى في الخطّ العربي مفتاحاً للوحدة العربية. حتى عندما نراه في لغة لا نفهمها، مثل الفارسية، نشعر بهذا القرب بيننا وبينها. أفتخر بهذا الخطّ الذي شهد تطوّراً تاريخياً طويلاً، عبر مساحات جغرافية واسعة».

يعدّد أنواع الخطّ العربي، من الكوفي والنسخ والرقعة والديواني وغيرها، ويُكمل: «جمال الخطّ العربي يُخبرك تلقائياً بتاريخه الجغرافي والوقت الذي استغرقه ليثبت مكانته في الثقافات العربية. عندما نراقب تطوّر هذا الخطّ والمراحل التي مرّ بها، نكتشف بموازاة ذلك مدى علاقته الوطيدة بحقبات تاريخية. وقد شكّل واحدة من حركات القوة (باور موف) عند السلاطين والحكام، فاستخدموه لحفر أسمائهم في التاريخ، من خلال نقود معدنية وجدران معالم أثرية وغيرهما. أستوحي من هذه المَشاهد التي تأثّرتُ بها ركائز للفنّ الذي أعمل في مجاله، فلكل خطّ روحه وشخصيته لعَكْس مدى أهميته».

يتعاون مع متاحف ومعارض عالمية وعربية (صور الفنان)

اليوم، يترجم وائل مرقص تطويره للخطّ العربي بتصاميم حديثة يطبعها فنّ الديجيتال. وعبر شركته التي أسَّسها في أميركا، «مرقص كي»، يخوض تجارب ناجحة مع شريكه جون كي: «بتنا على اتصال مباشر مع مراكز ثقافية خليجية وأخرى أجنبية تستحوذ أعمالنا على إعجابها».

وعمّا يتوقع للخطّ العربي في المستقبل، يختم: «لا يمكنني توقُّع ما ينتظره عالمياً، ولكنْ ثمة مستقبل زاهر في انتظاره بلا شكّ، لا سيما أنه يأتي في المرتبة الثالثة عالمياً لجهة انتشاره بعد الخطّين اللاتيني والصيني».


مقالات ذات صلة

نجم «ديزني» يتخلّص من أفعى على الطائرة... ويتلقّى مكافأة

يوميات الشرق النجم الشجاع أنقذ الموقف (مواقع التواصل)

نجم «ديزني» يتخلّص من أفعى على الطائرة... ويتلقّى مكافأة

نجح نجم «ديزني»، الأسترالي أندري ريريكورا، في التخلُّص من ثعبان على طائرة «فيرجين إيرلاينز»... فماذا كانت مكافأته؟

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جرتْ العادة أن تحضُر كل مُشاركة بصحبة فتى من أبناء المشاهير والأثرياء، وأن ترقص معه «الفالس» كأنهما في حفل من حفلات القصور في عهود ملوك أوروبا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)

قبل قبول عرض عمل... خطوات أساسية عليك اتخاذها

أحد أفضل الأوقات للتفاوض هو بعد تلقي عرض عمل مباشرة (رويترز)
أحد أفضل الأوقات للتفاوض هو بعد تلقي عرض عمل مباشرة (رويترز)
TT

قبل قبول عرض عمل... خطوات أساسية عليك اتخاذها

أحد أفضل الأوقات للتفاوض هو بعد تلقي عرض عمل مباشرة (رويترز)
أحد أفضل الأوقات للتفاوض هو بعد تلقي عرض عمل مباشرة (رويترز)

عندما يتعلّق الأمر بما هو مهم في الوظائف، فإن الناس لديهم العديد من الأولويات. يقول أكثر من نصف العمال، 61 في المائة، إنهم يريدون توازناً أكبر بين العمل والحياة، وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة «غالوب» عام 2022 وشمل 13 ألفاً و85 موظفاً في الولايات المتحدة، بينما يريد 53 في المائة استقراراً وأماناً وظيفياً أكبر. وفوق كل شيء، يعطي 64 في المائة الأولوية للأجور والمزايا، بحسب شبكة «سي إن بي سي».

أحد أفضل الأوقات للتفاوض على هذه الأشياء هو بعد تلقي عرض عمل. قد يشمل ذلك التفاوض على الراتب والعمل من المنزل ووقت الإجازة. تقول ستايسي هالر، المستشارة المهنية الرئيسية في Resume Builder: «يجب أن تكون لديك قائمة شخصية بالأشياء التي تريد الحصول عليها، ثم الأشياء التي قد تكون على استعداد للاستغناء عنها». وستحتاج إلى معرفة هذه الأمور قبل أن يأتي إليك صاحب العمل المحتمل بهذا العرض الأولي.

الأهداف طويلة المدى

اسأل نفسك: «ما أهدافي طويلة المدى؟ وما الأهداف قصيرة المدى؟»، وفقاً لأنجلينا داريساو، مدربة مهنية ومؤسسة C - Suite وCoach.

فكر في الأمور التي تحتاج إليها حقاً من الوظيفة، مثل راتب معين لدعم نمط حياتك أو عدد محدد من أيام العطل سنوياً، على سبيل المثال. وتؤكد الخبيرة أن الأمر كله «يرجع إلى التأمل الذاتي».

إذا كنت بحاجة إلى مساعدة في تحديد أولوياتك، تقترح داريساو العمل مع مدرب مهني.

«هل يحدث هذا على نطاق واسع؟»

بمجرد أن تتوصل إلى ما تريده من عرض عمل، حاول أن تتعرف على ما هو واقعي في الشركة أو المجال المحدد من خلال التحدث إلى الآخرين. تشرح داريساو: «اسأل التالي (هل يحدث هذا على نطاق واسع في جميع أنحاء الصناعة؟)»، يمكن أن تساعدك الإجابة في الحصول على فكرة عما هو نموذجي.

إذا اكتشفت أن أحد طلباتك خارج عن المألوف، «تحدث بشكل غير رسمي مع قادة الموارد البشرية أو قادة الأعمال الآخرين في صناعتك لفهم ما يحفزهم عادة على تلبية هذا النوع من الطلبات، ستساعدك هذه الرؤية على معرفة ما قد تحتاج إليه للحصول على فرصة أفضل لتلبية احتياجاتك»، بحسب الخبيرة.

وتشير إلى إن الخلاصة في الحصول على هذا النوع من الوضوح هي أن هناك «فارقاً كبيراً بين أن تكون في وضع مريح وبين أن تكون في وضع يجعلك حقاً مستعداً للنجاح». والتفاوض على أفضل سيناريو ممكن هو المفتاح.