فتح الترشح لـ«جائزة محمد بن سلمان» للتعاون الثقافي مع الصين

الرياض وبكين توقعان برامج تنفيذية لترسيخ روابطهما التاريخية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان والوزير سون يالي وقّعا البرنامج التنفيذي لإقامة العام الثقافي للبلدين (واس)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان والوزير سون يالي وقّعا البرنامج التنفيذي لإقامة العام الثقافي للبلدين (واس)
TT

فتح الترشح لـ«جائزة محمد بن سلمان» للتعاون الثقافي مع الصين

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان والوزير سون يالي وقّعا البرنامج التنفيذي لإقامة العام الثقافي للبلدين (واس)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان والوزير سون يالي وقّعا البرنامج التنفيذي لإقامة العام الثقافي للبلدين (واس)

أعلنت الأمانة العامة لـ«جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين السعودية والصين»، فتح باب الترشح لدورتها الأولى في فروعها المختلفة، اعتباراً من الخميس وحتى نهاية شهر فبراير (شباط) 2025، وذلك عبر موقعها الإلكتروني.

وقال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، إن الجائزة تؤكد اهتمام القيادة بـ«التواصل الثقافي مع شعوب العالم، وخصوصاً الشعب الصيني، الذي يربطنا به تاريخ عميق من التواصل الحضاري والمعرفي»، مبيناً أنها تهدف إلى دعم التقارب بين البلدين، وتعزيز التبادل الثقافي بين شعبيهما.

وأضاف: «عبر (رؤية السعودية 2030) و(مبادرة الحزام والطريق) الصينية تتشكل فرص مهمة، لتحقيق تقارب ثقافي أكبر»، متابعاً: «من هنا، تقع هذه الجائزة في نقطة الالتقاء بين رؤيتين حضاريتين متفقتين في الطموحات، وتمنحان الثقافة دوراً أساسياً لتحقيق الأهداف».

من جانبه، دعا الدكتور عبد المحسن العقيلي، أمين عام الجائزة، المؤسسات الأكاديمية والثقافية في البلدين للإسهام في الترشيح، مشيراً إلى أنّها تستقبل الترشيحات في أربعة فروع رئيسية، هي: «البحوث والدراسات في المجالات الثقافية»، و«الأعمال الفنية والإبداعية»، و«الترجمة بين اللغتين العربية والصينية»، و«شخصية العام الثقافية» من البلدين.

وأضاف أن الترشيح سيكون متاحاً للمؤسسات الأكاديمية والثقافية، وللأفراد أيضاً باستثناء فرع «شخصية العام»، لافتاً إلى أن نظام الجائزة يتيح للفرد فرصة ترشيح نفسه لأحد فروعها.

وأوضح العقيلي أن الجائزة محكومة بشروط عامة، أهمّها أن يكون المرشح حاملاً لإحدى الجنسيتين السعودية أو الصينية، وأن يكون عمله مكتوباً أو مقدماً بإحدى اللغتين، ويحقق الهدف الرئيسي، وهو الإسهام في تعزيز التواصل الثقافي بوجه عام، وبين الثقافتين خصوصاً، إضافة إلى شروط علمية وفنية متعددة، خاصة بكل فرع.

وأبان أن الجائزة تصدر عن قيم الانفتاح الثقافي والتواصل بين الشعوب، وتحكّم في عملها الموضوعية والنزاهة والشفافية، وحقوق الملكية الفكرية، ولا تقف عند حد الاحتفاء السنوي بالأعمال الفائزة، بل تسعى لخلق الفرص، وإطلاق المبادرات التي تسهم في تحقيق أهدافها.

وأكد اهتمامها بشباب البلدين، وعملها على استثمار إمكاناتهم التقنية والفنية في تعزيز التواصل الثقافي، لافتاً إلى تخصيصها لتحقيق هذا الهدف جائزة تشجيعية للشباب، مكونة من ثلاثة فروع، هي: «الباحث» و«المبدع» و«المترجم» الشاب، وستطبق عليها الشروط العامة، وشرط العمر للمرشّح وهو 35 عاماً أو أقل.

وفي مارس (آذار) الماضي، أطلقت الجائزة أعمالها لتكريم المتميّزين في البلدين من الأكاديميين واللغويين والمبدعين في عدة اهتمامات علمية وإبداعية، وتشجيع التفاهم المشترك والتبادل بين الثقافتين السعودية والصينية. كما تسعى إلى الترويج للغة والآداب والفنون العربية والإبداعية في الصين

وتتوّج الجائزة، التي تُعقد سنوياً، المبدعين في عدة فئات، تشمل أفضل بحث علمي باللغة العربية، وعمل فني إبداعي، وترجمة لكتاب من العربية إلى الصينية وبالعكس، وشخصية العام، والشخصية المؤثرة في الأوساط الثقافية، على أن يمنح الفائز شهادة تقديرية تتضمن مسوغات الاستحقاق، ومبلغ 375 ألف ريال سعودي (100 ألف دولار)، وميدالية تذكارية.

وجاء إعلان بدء الترشح للجائزة تزامناً مع زيارة يقوم بها الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان لبكين، وقع خلالها مع نظيره الصيني سون يالي برنامجاً تنفيذياً لإقامة «العام الثقافي السعودي - الصيني 2025»، والذي يسعى لترسيخ الروابط التاريخية بين الشعبين، والتعريف بالإرث الثقافي والحضاري للبلدين عبر تنظيم فعاليات ومهرجانات، وتنفيذ أنشطة وبرامج مشتركة تسلط الضوء على عمق علاقاتهما الثقافية.

ويأتي البرنامج في سياق حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي باعتباره أحد أهدافها الاستراتيجية تحت مظلة «رؤية السعودية 2030»، وتوطيداً للعلاقات الوثيقة التي تربط البلدين بمختلف المجالات التنموية، والتي شهدت نمواً وتطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة.

وشهد الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان في بكين توقيع هيئة «المتاحف» السعودية ثلاثة برامج تنفيذية مع متاحف «شانغهاي» و«الوطني» و«القصر» الصينية للتعاون بمجال الإعارة طويلة المدى للأعمال الفنية، والمجموعات الأثرية، وإقامة معرضيْ «فن المملكة» لفنانين سعوديين معاصرين، و«الآلات الموسيقية السعودية» بالصين. كذلك تدرس مع «المتحف الوطني» إنشاء منتدى مشترك للمتاحف الوطنية بين البلدين.

كما شهد إبرام برنامج بين هيئة التراث السعودية وإدارة التراث الثقافي الصينية لتجديد الترخيص لأعمال التنقيب في موقع السرين الأثري بمحافظة الليث (غرب المملكة)، والذي يُعد من المواقع التاريخية المهمة، ويُعتقد أنه يحتوي على آثار تعود لحضارات قديمة استوطنت المنطقة.

وسيتيح هذا البرنامج التعاون بين الفرق الأثرية من البلدين لمواصلة الأبحاث والتنقيبات في الموقع، مما يسهم في كشف المزيد من التفاصيل التاريخية التي تخص المنطقة ويثري المعرفة الأثرية المشتركة.

كان وزير الثقافة، قد كشف عبر حسابه على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، الخميس، عن عزمهم على افتتاح مكاتب لتسويق الأفلام السعودية في الصين والهند وكوريا الجنوبية قريباً.


مقالات ذات صلة

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

تهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو واليابان في مختلف القطاعات الثقافية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
المشرق العربي مبنى مقر «اليونيسكو» في باريس (رويترز)

«اليونيسكو» تعزز مستوى حماية 34 موقعاً تراثياً في لبنان

أعلنت «اليونيسكو» أنها منحت عشرات المواقع التراثية المهددة بالغارات الإسرائيلية في لبنان «حماية مؤقتة معززة»، لتوفر لها بذلك مستوى أعلى من الحماية القانونية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية أعربت القنصلية الفرنسية في القدس في بيان عن «غضب» باريس من عمليات الهدم الإسرائيلية مشيرة إلى أنها دعمت المركز الثقافي المدمر (مقر جمعية البستان) «بأكثر من نصف مليون يورو» منذ عام 2019 (وفا)

فرنسا تطلب «تفسيراً» من السلطات الإسرائيلية بعد هدم مركز ثقافي في القدس

أكدت الخارجية الفرنسية، الجمعة، أن باريس طلبت «تفسيراً من السلطات الإسرائيلية»، بعد هدم مقر جمعية البستان الذي موّلته فرنسا في حي سلوان بالقدس الشرقية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.