اسم الهاكر الجزائري بن دلاج يتصدر «التريند» في بلاده

مواطنوه يلقبونه بـ«القرصان المبتسم» ويعدونه «بطلاً»

الهاكر المبتسم عقب خروجه من السجن بأميركا (حسابه على إنستغرام)
الهاكر المبتسم عقب خروجه من السجن بأميركا (حسابه على إنستغرام)
TT

اسم الهاكر الجزائري بن دلاج يتصدر «التريند» في بلاده

الهاكر المبتسم عقب خروجه من السجن بأميركا (حسابه على إنستغرام)
الهاكر المبتسم عقب خروجه من السجن بأميركا (حسابه على إنستغرام)

تصدر اسم الهاكر الجزائري حمزة بن دلاج، مواقع التواصل الاجتماعي في بلاده على مدار اليومين الماضيين، وذلك عقب إعلان بن دلاج، الذي يُلقب بـ«القرصان المبتسم» العودة لمسقط رأسه، بعد انتهاء مدة سجنه في الولايات المتحدة الأميركية.

وتداولت وسائل إعلام جزائرية محلية وأخرى عربية قصة بن دلاج، الذي تصدر «التريند» منذ مساء الخميس الماضي، عقب نشره صورة داخل طائرة، عبر ستوري على حسابه على «إنستغرام» معلقاً عليها: «الجزائر حبي».

وأعرب نشطاء جزائريون عن فرحتهم بعودة بن دلاج لبلاده، وسط تساؤلات عن المستقبل الذي ينتظره. وكتب حساب باسم «حسين هادي» على «إكس»، يقول: «(الهاكر المبتسم) يصل إلى الجزائر بعد إفراج السلطات الأميركية عنه قبل أيام... ما هو المستقبل الذي ينتظر بن دلاج في بلده ومسقط رأسه؟».

وكتب حساب آخر باسم «ألترا جزائر»: «حمزة بن دلاج... عاد إلى الجزائر محملاً بكثير من الأسرار والقصص عن ظروف اعتقاله ومحاكمته».

وأرجعت أستاذة القانون وخبيرة الشأن العام الجزائرية، زهور وعمارة، احتفاء الشارع الجزائري بحمزة بن دلاج إلى «ما يحمله اختراق المنظومة الأميركية من إغراء».

وترى عمارة أن «بن دلاج يحمل صفات عدة تجعله مصدر إغراء للحس الشعبي، فهو دائم الابتسامة، وهاكر استطاع اختراق المنظومة الأميركية». مضيفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «في منطوق الرأي العام الجزائري، خصوصاً الشباب يمثل بن دلاج قصة نجاح، حتى وإن ارتبط النجاح بالقرصنة التي تُعد جريمة إلكترونية».

تساؤلات بشأن مستقبل بن دلاج (حسابه على فيسبوك)

واشتهر بن دلاج بابتسامته التي لم تفارقه لحظة اعتقاله أو في أثناء التحقيقات، وأكدت الكاتبة الصحافية الجزائرية سميرة لفريكي أن بن دلاج الذي عاد لبلاده مبتسماً شغل بالفعل الشباب الجزائري، حيث يرونه «بطلاً» و«أسطورة»، لا قرصاناً، مشيرة في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «بن دلاج استهدف مئات المؤسسات وبنوك العالم، خصوصاً الأميركية، واستطاع خرق أقوى نظام مؤسساتي في العالم».

وقالت: «كثير من الجزائريين يرون ما فعله بن دلاج (ضربة عادلة ومبررة)، كونها موجهة للنظام الأميركي، لكن في الوقت نفسه؛ هناك من يجرم بن دلاج وقرصنته على الأموال، ويرى أنه ارتكب جريمة، ونال عقابه ليكون عبرة للشباب».

ويتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي قصة بن دلاج بنوع من الفخر، مع وسمه بصفات بطولية جعلت منه «أسطورة حية» حسب وسائل إعلام محلية.

وكتب حساب باسم «نور الهدى» على «إكس» يقول: «عندما خضع حمزة بن دلاج للتحليل النفسي في السجن تبين أنه شاب سوي نقي السريرة، اخترق بعبقريته بنوكاً عالمية ووزع مبالغ كبيرة لفائدة جمعيات خيرية تدعم فلسطين، ولم يلمس منه أي نية إجرامية حتى إنه تلقى عروضاً قوية للعمل لدى الأميركان والأوروبيين لأنهم أيقنوا أنه لؤلؤة نادرة».

واحتفى حساب «مقالات الجزائر» على «فيسبوك»، بعودة بن دلاج إلى بلاده، وقال إنه «كان يدرس الرياضيات باللغة الإنجليزية خلال فترة احتجازه في الولايات المتحدة الأميركية».

ووفق وسائل إعلام محلية فإن الولايات المتحدة الأميركية تصنف بن دلاج «واحداً من أخطر 10 هاكرز في العالم». وتعود قصته إلى يناير (كانون الثاني) 2013، حيث أُلقي القبض عليه في العاصمة التايلاندية بانكوك، ضمن عملية مشتركة بين مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، والسلطات التايلاندية. ونُقل بن دلاج إلى ولاية جورجيا الأميركية، لتبدأ تحقيقات استمرت نحو 3 سنوات.

لقطة لحمزة بن دلاج خلال محاكمته (حسابه على فيسبوك)

وفي أبريل (نيسان) عام 2016، قضت محكمة أميركية بحبس بن دلاج 15 عاماً، بتهمة «إدخال فيروس إلى أنظمة معلوماتية، ممّا نتج عنه خسارات كبيرة لعدد من الشركات والمؤسسات عبر العالم». وحسب النائب العام الأميركي فإن بن دلاج والهاكر الروسي أندريفيش بانين، طوّرا عام 2009 فيروساً يحمل اسم «سباي آي»، وعملا على تسويقه على الإنترنت.

خلال فترة التحقيقات مع بن دلاج، راجت أنباء عدة بشأنه، من بينها أنه «قرصن إلكترونياً نحو 217 مصرفاً على مستوى العالم»، وأنه «جمع مليارات الدولارات وحوّلها إلى فلسطين وجمعيات خيرية ودول فقيرة»، وهي أنباء لم تثبت صحتها، بل على العكس تحدث خبراء عن «الأضرار التي سبّبها»، نافين تحويله أموالاً إلى الدول الفقيرة.

جزائريون ينظرون إلى بن دلاج على أنه قصة نجاح (إنستغرام)

وأرجع الصحافي المغربي المقيم بهولندا، أنس بنضريف، الاهتمام المتزايد بالهاكر الجزائري إلى «الأقاويل التي تتردد بشأنه، لا سيما قرصنته حسابات إسرائيلية ودعمه لفلسطين والدول الفقيرة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الشعوب العربية عاطفية وتعد مثل هذه التصرفات إنجازاً».

ودفعت عودة بن دلاج لبلاده، البعض للتساؤل بشأن مستقبله، حسب لفريكة، التي أوضحت أن «البعض يتساءل بشأن إمكانية استغلال الجزائر له في مسائل الأمن السيبراني، أو إذا كانت الشركات العالمية ستسعى لاستقطابه».

احتفاء في الجزائر بعودة بن دلاج (حسابه على فيسبوك)

ولفتت لفريكة إلى أن «بن دلاج كان من رواد مقهى إنترنت بسيط بحي شعبي في العاصمة الجزائر، وربما يكون قد نفّذ كل محاولات القرصنة من ذلك المقهى». وقالت: «والدة بن دراج لا تزال تسكن حياً شعبياً بسيطاً حتى الآن».

وبين الحين والآخر يبرز اسم بن دلاج إعلامياً، ويتصدر «التريند»، ففي فبراير (شباط) من العام الماضي، تداولت وسائل إعلام جزائرية محلية أنباء عن عزم شبكة «كانال +» الفرنسية إنتاج فيلم سينمائي عن قصة حياة بن دلاج، بعنوان «Smiling Hacker».

ويذكر أن بن دلاج ولد عام 1988 بالجزائر، وحصل على شهادة الهندسة في الإعلام الآلي من جامعة «باب الزوار» عام 2008.


مقالات ذات صلة

25 شركة فرنسية تطرح فرص شراكات مع السعودية في قطاع الأمن السيبراني

الاقتصاد عدد من المشاركين في مؤتمر الأمن السعودي الفرنسي بالرياض (الشرق الأوسط)

25 شركة فرنسية تطرح فرص شراكات مع السعودية في قطاع الأمن السيبراني

طرحت 25 شركة فرنسية تعمل بمجال الأمن السيبراني فرص شراكات ضخمة مع نظيرتها من السعودية للإسهام في تعزيز القطاع

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد شعار شركة «تيك توك» على أحد الهواتف (أ.ب)

«تيك توك» تلغي مئات الوظائف وتوجّه مواردها نحو الذكاء الاصطناعي

أعلنت شبكة التواصل الاجتماعي «تيك توك» إلغاء مئات الوظائف في مختلف أنحاء العالم خصوصاً في ماليزيا.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
الاقتصاد شعار شركة «تيك توك» على مقرها في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ب)

«تيك توك» تسرح مئات الموظفين مع التحول للذكاء الاصطناعي

قالت شركة «تيك توك» للتواصل الاجتماعي يوم الجمعة إنها تستغني عن مئات الموظفين حيث تحول التركيز نحو استخدام أكبر للذكاء الاصطناعي في تعديل المحتوى

«الشرق الأوسط» (عواصم)
تكنولوجيا إيلون ماسك يتحدث على خشبة المسرح بجوار روبوت تسلا في حدث في لوس أنجلوس، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية، 10 أكتوبر 2024، في هذه الصورة الثابتة المأخوذة من مقطع فيديو (رويترز)

«تاكسي آلي» جديد ﻟ«تسلا» يكشف عنه إيلون ماسك

استعرض الملياردير الأميركي إيلون ماسك سيارة أجرة آلية ذات بابين يُفتحان كأجنحة النورس، ودون مقود أو دواسات، في فعالية ضخمة كشف خلالها أيضاً عن سيارة «فان» آلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شعار شركة «غوغل» يظهر في لاس فيغاس (رويترز)

بقضية مكافحة الاحتكار...أميركا تدرس «تفكيك غوغل»

تدرس وزارة العدل الأميركية خيار تفكيك «غوغل» بعد إعلان محرك البحث الذي تمتلكه الشركة «محتكرًا غير قانونيا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

المطاعم اللبنانية تخسر 90 % من حركتها

تراجع حركة مطاعم بيروت بنسبة 90 % (فيسبوك)
تراجع حركة مطاعم بيروت بنسبة 90 % (فيسبوك)
TT

المطاعم اللبنانية تخسر 90 % من حركتها

تراجع حركة مطاعم بيروت بنسبة 90 % (فيسبوك)
تراجع حركة مطاعم بيروت بنسبة 90 % (فيسبوك)

تعاني بيروت اليوم، من شلل تام في حركة قطاع المطاعم فيها. في عام 2023 شهد القطاع نمواً ملحوظاً، حيث افتُتح نحو 300 مطعم ومقهى جديداً. ولكن جاءت الحرب لتقلب هذه المشهدية رأساً على عقب، وتكبّد هذا القطاع خسائر فادحة بحيث تراجعت حركته بنسبة 90 في المائة. وبعد أن كان من المتوقّع افتتاح 50 مطعماً ومحلَ سهر ومقاهي مؤخراً، ألغى أصحابها مشاريعهم. وقرّروا تعليق كل نشاطٍ يتعلّق بهذا الموضوع.

بعض تلك المحلات كانت على أهبّة تدشينها فأنهت العمل في ديكوراتها. خسائر بملايين الدولارات تكبدّها هؤلاء، بينهم من عاد أدراجه إلى بلاد الاغتراب بانتظار الفرج، وآخرون قرّروا التمهّل وترك محلاتهم من دون واجهات زجاجية وأثاث، كي يحدّدوا خسائرهم.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يختصر نائب رئيس نقابة المطاعم والملاهي والمقاهي خالد نزها المشهد. «لا داعي للتحدّث أو التّصريح عن حالتنا البائسة اليوم. فالمشهد يحكي عن حاله. بيروت مقفرة لا حركة مطاعم فيها، إنها الأزمة الأسوأ التي نمرّ بها في قطاع المطاعم».

محل «سكاي بار» وسط بيروت استقبل النازحين (فيسبوك)

يشير نزها إلى أن بيروت تفتقد اليوم روّادها وزوّارها، وحدها محلات السناك و«الدليفري» لا تزال إلى حد ما تعمل، فتلبي طلبات نازحين ولبنانيين يخافون الخروج من منازلهم. ويتابع: «يجب ألا ننسى أن بعض تلك المحلات فتحت أبوابها لإيواء النازحين، والأمر لم يُفرض عليهم بتاتاً، بل هم من همّوا وبادروا الى المساعدة. فاللبناني هُجّر لتزداد حالته سوءاً بعد خسارته أمواله في المصارف. لا أرقام محدّدة نملكها اليوم عن خسارتنا في قطاع المطاعم. ولكن يمكننا القول إن تراجعاً هائلاً تشهده حركة المطاعم في بيروت. همّنا الأكبر هو تأمين رواتب الموظفين، لأنهم يعانون حالياً الأمرّين. وبعضهم يعاني من البطالة والتهجير معاً. ونحاول أن نستقدمهم ولو مرة في الأسبوع لنُبقي أجورهم».

وإذا ما قمت بجولة في وسط بيروت اليوم، التي كانت تعجّ مطاعمها ومحلات السّهر فيها ومقاهيها بروادها، ستفاجأ بالصّمت الذي يعمّها. عتمة تسودها وخوف حذر، ومطاعم مقفلة وقطاع مشلول يطبع هذه المرحلة.

ويؤكّد نزها لـ«الشرق الأوسط»: «ندرك أن خساراتنا كبيرة جداً، ولكننا نأمل بأن نعود ونحيي هذا القطاع من جديد. فكما في فترات سابقة مدّ لنا المغترب اللبناني يد العون، كذلك نأمل بعد انتهاء الحرب أن يعود من غادرنا من أصحاب المشروعات. في تلك الفترات اضطر بعضهم إلى بيع أو رهن عقارٍ يملكه ليُسهم في إحياء القطاع. ونأمل تجاوز هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة».

أحد مطاعم بيروت الفارغة من روادها (فيسبوك)

نقيب أصحاب المطاعم طوني الرامي يلتزم الصّمت ولا يردّ على الاتصالات الهاتفية التي ترده. فهو حزين على ما وصل إليه هذا القطاع الذي شهِد ولادات متلاحقة بين أزمة وأخرى. ويعلّق خالد نزها: «غالبية الأماكن من مطاعم و(روف توب) ومقاهي أقفلت. وإذا ما تجوّلنا في مناطق ولو بعيدة إلى حدّ ما عن موقع سقوط الصواريخ، نجدها خسرت زبائنها أيضاً. وكما في الحمراء وفِردان وبدارو ومار مخايل، المناطق على اختلافها تعيش اليوم الحذر ولا حركة مطاعم ومقاهي فيها.

ومن ناحية أخرى تعيش بعض المناطق البعيدة عن بيروت إلى حدٍّ ما حالة طبيعية.

فكما في منطقة المتن الساحلي وأعاليها، كذلك مناطق كسروان وجبيل، هناك تشهد المطاعم والمقاهي زحمة زبائن طوال اليوم. يقول بيار أحد المشرفين على مطعم شعبي في منطقة برمانا: «في بداية الحرب شهدنا تراجعاً ملحوظاً في ارتياد الزبائن إلى المطعم. وكان سبقه حركة راكدة بسبب انتهاء موسم الصيف وعودة المصطافين إلى بيروت. اليوم المشهد تبدّل تماماً، والمطعم عاد يشهد حركة إلى حد ما عادية. وهناك عددٌ من الزبائن يأتونا من بيروت ليلتقطوا أنفاسم في أجواء هادئة، تنسيهم قساوة الحرب ولو لساعات قليلة».

وعمّا إذا كان يواجه قطاع المطاعم نقصاً في المواد الغذائية ومكوّنات الطعام يختم: «لا أبداً، نُحافظ على الوتيرة نفسها في هذا الصدد. فالتوقف عن العمل لعدد كبير من المقاهي والمطاعم يلغي هذه الإمكانية. المكوّنات متوفّرة وننتظر بوادر الفرج لتُصرف في جميع المطاعم وليس في منطقة دون أخرى».