لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

ماكرون أكد أنه «سيقاتل» من أجلها

ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)
ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)
TT

لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)
ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)

انفتحت جبهة جديدة في التاريخ الطويل والمتشابك والمثير للحقد في بعض الأحيان للعلاقات بين إيطاليا وفرنسا، والأمر يدور هذه المرة حول مسلسل «إميلي في باريس»، وفقاً لصحيفة «التلغراف».

و«إميلي في باريس» عبارة عن مسلسل يتبع إميلي، وهي أميركية تعيش في العاصمة الفرنسية (تلعب دورها ليلي كولينز)، وهي تتنقل بين الحياة والعمل والرومانسية، وترتدي دائماً ملابس عالية الجودة.

وسط إعجاب المتابعين منه وسخرية النقاد، أصبح الآن موضوع مواجهة دبلوماسية غير عادية بين «الأقارب عبر جبال الألب»، بحسب التقرير.

فبينما هناك الكثير مما يربط الفرنسيين والإيطاليين معاً، تظهر أيضاً اختلافات حادة. وكما قال الشاعر والكاتب المسرحي جان كوكتو ذات يوم: «الشعب الفرنسي هو شعب إيطالي بمزاج سيئ».

ويقود المواجهة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصياً. هذا الأسبوع، أبدى استياءه من حقيقة أنه في الموسم الرابع والأخير من البرنامج الناجح على شبكة «نتفليكس»، تم نقل إميلي إلى الساحات المشمسة والأزقة القديمة في روما، حيث وقعت في حب شاب إيطالي ذي شعر داكن على دراجة نارية.

يقول مبتكرو المسلسل إنه في الموسم الخامس، سيقضي مدير التسويق من شيكاغو المزيد من الوقت في المدينة الخالدة، وهو الأمر الذي ترك الرئيس ماكرون أقل من سعيد؛ إذ أزعجه احتمال استبدال إميلي ببرج «إيفل» نافورة «تريفي» في روما. وقال: «سنقاتل بشدة. وسنطلب منهم البقاء في باريس».

واقترح الرئيس أن الفوائد الاقتصادية التي تجلبها إميلي إلى العاصمة، والتي تغري المتابعين للبحث عن أماكن تعمل فيها وتشتري الفساتين منها ضمن المسلسل، لا يمكن التخلي عنها.

وصرح ماكرون: «إميلي في باريس إيجابية للغاية من حيث الجاذبية للبلاد... تقود مبادرة جيدة جداً».

لم يكن يتحدث فقط كزعيم وطني حريص على الترويج لعاصمة بلاده، ولكن كزوج فخور. تظهر زوجته بريجيت في الموسم الرابع حيث كشفت خلال لقاء صدفة في مطعم أنها تتابع إميلي على «إنستغرام».

وقال ماكرون: «كنت فخوراً للغاية، وكانت سعيدة بفعل ذلك». وعندما سُئل عما إذا كان قد تمت دعوته أيضاً للظهور في المسلسل، أوضح مازحاً: «أنا أقل جاذبية من بريجيت!».

وقد أثارت تصريحات الرئيس المتفائلة رداً سريعاً من إيطاليا؛ إذ كتب روبرتو غوالتييري، عمدة روما، على موقع «إكس»: «عزيزي إيمانويل ماكرون، لا تقلق. إميلي تبلي بلاءً حسناً حقاً في روما. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكنك إخبار الناس بما يجب عليهم فعله في الأمور المتعلقة بالقلب. دعنا نسمح لها بالاختيار (بين المدينتين)».

كان المقصود من ذلك أن يكون بمثابة مشهد من المبارزة المرحة، لكن لم يفهمه كل الإيطاليين بهذه الطريقة. فأبدى الكثير من السكان انزعاجهم من الطريقة غير الواقعية والساحرة التي صورت بها «إميلي في باريس» روما، من الإشادات التقليدية بأفلام مثل «La Dolce Vita» و«Gladiator»، إلى الشوارع الفارغة بشكل عجيب من السيارات، ونافورة «تريفي» الخالية من الباعة المتجولين والحشود.

كتب أحد الإيطاليين على موقع «إكس» رداً على تعليقات العمدة: «لا أعرف كيف حال إميلي، لكن روما في حالة سيئة حقاً، وتزداد سوءاً».

وأضافت امرأة تدعى إليونورا: «بدلاً من الحديث عن مسلسل تلفزيوني، ربما يجب أن نفكر في القيام بشيء ما بشأن وسائل النقل العام في هذه المدينة».

وقال آخرون إنه لأمر مدهش أن تتمكن إميلي من التجول في المدينة على الإطلاق؛ نظراً لوجود أعمال طرق ومشاريع بناء في كل زاوية تقريباً حيث تحاول العاصمة تزيين نفسها ليوبيل 2025 - وهو عام حافل بالأحداث الخاصة التي ينظمها الفاتيكان.

تسود الفوضى في المدينة، أكثر من المعتاد، حيث يحفر العمال الطرق، ويقطعون النباتات المتضخمة، ويبنون نفقاً مرورياً أمام الفاتيكان، وينقلون مئات الآلاف من الأحجار المرصوفة.

يشعر بعض الإيطاليين بالخوف إزاء احتمالية جذب «إميلي في باريس» المزيد من السياح إلى المدينة، حيث أصبحت بالفعل مليئة بالزوار، وسط انتعاش السياحة بقوة بعد وباء «كورونا».


مقالات ذات صلة

ماكرون يدعو «حزب الله» إلى أن «يوقف فوراً» قصف إسرائيل

المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

ماكرون يدعو «حزب الله» إلى أن «يوقف فوراً» قصف إسرائيل

حضّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، «حزب الله» على أن «يوقف فوراً» قصف إسرائيل، مؤكداً أنه يجب «التوصل فوراً» إلى وقف لإطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمة أمام قوات من جيش بلاده بقاعدة «مونت دي مارسان» الجوية في فرنسا يوم 20 يناير 2023 (رويترز)

ماكرون يتفقد القوات الأوكرانية في معسكر تدريبي شرق فرنسا

يلتقي الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأربعاء، لأول مرة بعض القوات الأوكرانية البالغ عددها 15 ألف جندي، التي دربتها فرنسا لمواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رئيس الحكومة الفرنسية ميشال بارنييه (إ.ب.أ)

فرنسا: الجمعية الوطنية تُسقط مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة

أُسقطت مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة الفرنسية في الجمعية الوطنية، قدّمها ائتلاف اليسار والاشتراكيين والخضر واليسار الراديكالي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا نتنياهو وماكرون (رويترز)

ما بين سطور «الحرب الكلامية» بين ماكرون ونتنياهو «رسالة للأميركيين»

دعوة ماكرون، هذه المرة، بدت كأنها أصابت «وتراً حساساً» بشكل خاص لدى نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

أزمة حادة بين ماكرون ونتنياهو، والإليزيه يسعى لتطويقها... ورسالة فرنسية ضمنية إلى بايدن تدعوه «للانسجام» في المواقف.

ميشال أبونجم (باريس)

«شات جي بي تي» يحدّد هوية الإرهابيين

يمكن للبرامج الآلية تحليل دوافع الإرهابيين الإلكترونيين (رويترز)
يمكن للبرامج الآلية تحليل دوافع الإرهابيين الإلكترونيين (رويترز)
TT

«شات جي بي تي» يحدّد هوية الإرهابيين

يمكن للبرامج الآلية تحليل دوافع الإرهابيين الإلكترونيين (رويترز)
يمكن للبرامج الآلية تحليل دوافع الإرهابيين الإلكترونيين (رويترز)

أفادت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة «تشارلز داروين» في أستراليا بأنّ تقنيات مثل «شات جي بي تي» يمكن أن تلعب دوراً تكميلياً في تحديد هوية الإرهابيين، واحتمال انخراطهم في أنشطة متطرّفة، ما يزيد كفاءة جهود مكافحة الإرهاب.

واستخدمت الدراسة المنشورة في دورية «جورنال أوف أغريشين آند كونفلكت» أدوات آلية مثل «شات جي بي تي»، بالإضافة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحديد هوية المتطرّفين العنيفين الذين وصفتهم بـ«الإرهابيين الإلكترونيين القابعين خلف لوحة المفاتيح»، من خلال تحليل النصوص الآلية والتعرُّف إلى الهوية النفسية واللغوية لهم، وتقويم تهديداتهم التي تُرصد في هذا الإطار.

وقال المؤلف الرئيسي الدكتور أوني إيتايوي، وهو خبير في اللغويات الجنائية التي تركز على الإرهاب في جامعة «تشارلز داروين»: «ميزة برامج اللغة الآلية مثل (شات جي بي تي) أنها يمكن استخدامها أداة تكميلية لا تتطلّب تدريباً محدداً».

وأضاف في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «في حين لا يمكن لهذه البرامج أن تحلّ بديلة للأحكام والتقويمات البشرية، أو تستطيع تأليف ذلك النوع من النصوص الدقيقة، مثل القصائد الشعرية والنصوص الأدبية، بيد أنها تقدّم أدلة تحقيقية قيّمة، وتُسرّع من بلورة الشكوك، وتعزّز فهمنا للدوافع وراء الخطاب الإرهابي».

وأدخل الباحثون 20 بياناً عاماً بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 نفّذها فريق من الإرهابيين الدوليين، إلى برنامج الاستعلام اللغوي وحساب الكلمات «LIWC».

ثم قدّموا لبرنامج «شات جي بي تي» عيّنة من التصريحات الصادرة عن 4 إرهابيين ضمن مجموعة البيانات هذه، وطرحوا عليه سؤالين: «ما الموضوعات والسمات الرئيسية في هذا النصّ؟ وما الدعاوى التي تهدف هذه الرسائل إلى إيصالها؟».

حدَّد «شات جي بي تي» الموضوعات الرئيسية لنصوص مختارة من إرهابيين (جامعة تشارلز داروين)

حدَّد البرنامج الموضوعات الرئيسية للنصوص المختارة عن 4 إرهابيين، وهو ما كشف أدلة على دوافع كل فرد منهم. وقال باحثو الدراسة إنه يمكن لـ«شات جي بي تي» إنتاج فئات موضوعية ودلالية جيّدة إلى حد معقول.

وتشمل الموضوعات الانتقام والدفاع عن النفس، ورفض الأنظمة الديمقراطية، ومعارضة العلمانية والأنظمة الحاكمة، والنضال والاستشهاد، وإزالة الصفة الإنسانية عن المعارضين، وانتقاد الهجرة الجماعية، ومعارضة التعدّدية الثقافية، وموضوعات أخرى.

كما حدّد أدلة على دوافع العنف، بما فيها الرغبة في الانتقام والسعي إلى العدالة، والمشاعر المعادية للغرب، والقمع والعدوان من الأعداء، والمظالم الدينية، والخوف من العنصرية الثقافية.

ورُبطت هذه الموضوعات ببروتوكول تقويم التطرّف الإرهابي «18 TRAP-18»، وهي أداة تستخدمها السلطات لتقويم الأفراد الذين قد ينخرطون في الإرهاب. وتبيّن أنّ تلك الموضوعات تتطابق مع مؤشرات «TRAP-18» للسلوك المهدّد.

وقال إيتايوي: «رغم المخاوف بشأن التسليح المحتمل لأدوات الذكاء الاصطناعي مثل (شات جي بي تي)، كما أثارتها وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون (اليوروبول)، فقد أثبتت هذه الدراسة أنّ العمل المستقبلي الهادف إلى تعزيز قدرات تحديد الملفات الجنائية الاستباقية يمكن أن يطبّق أيضاً نظم التعلّم الآلي على تصنيف النصوص الإرهابية السيبرانية».

وأضاف: «نحن بحاجة إلى التأكد من أنها ستصبح مساعدة عملية في تحديد التهديدات المحتملة مع مراعاة السياقات الاجتماعية والثقافية للإرهاب»، موضحاً أنّ «هذه النماذج اللغوية الكبيرة لها قيمة تتعلّق بعملية التحقيقات، لكنها لا تُعدّ أدلة إثباتية حتى الآن».