تحتضن قاعة «مرايا» في العلا (شمال غرب السعودية)، معرض «روائع متحف نابولي الوطني للآثار» الذي يقدم مجموعة تحف فنية مأخوذة من عدة مواقع أثرية إيطالية، ليوفر للزوار فرصةً فريدةً للتعرف على بعض أشهر الأساطير التاريخية، وذلك ضمن فعاليات «مهرجان الممالك القديمة» خلال الفترة بين 7 نوفمبر (تشرين الثاني) و14 ديسمبر (كانون الأول).
وسيشمل المعرض، الذي يمزج بين العراقة والجمال العصري، قطعاً أثريةً من المدن الرومانية القديمة «بومبي» و«هركولانيوم»، المدفونتين تحت الرماد بعد ثوران بركان جبل فيزوف عام 79 ميلادي، كذلك مقتنيات من «فارنيزي» الشهيرة، التي تُعد إحدى أبرز مجموعات العصور القديمة اليونانية والرومانية.
ويُجسد الارتباط الثقافي العميق بين روما القديمة وجزيرة العرب، الذي تأسس عبر طرق التبادل التجاري والثقافي الواسعة المعروفة باسم «طريق البخور». وقد قام الأباطرة الرومان، مثل أوغسطس وتراجان وماركوس أوريليوس، بأدوار مهمة في إنشاء شبكات التجارة والتبادل الثقافي والحفاظ عليها، وإرساء مبادئ السياسة الرومانية والمجتمع العربي خلال فترة حكمهم.
وبوصفها محطةً رئيسيةً على «طريق البخور»، كانت العُلا مركزاً حيوياً لتبادل السلع القيّمة، مثل التوابل والبخور، التي كانت تتدفق من جنوب جزيرة العرب إلى أسواق روما القديمة ومصر وبلاد ما بين النهرين وغيرها.
وتتيح تذاكر المعرض المجانية إمكانية الوصول إلى قاعة «مرايا»، وهي أكبر مبنى مغطى بالمرايا في العالم، مع دليل صوتي مدته 30 دقيقة متاح باللغات العربية والإنجليزية والإيطالية، يسلط الضوء على القصص الرائعة للقطع الأثرية.
من جانبه، قال رامي المعلم نائب رئيس إدارة الوجهات والتسويق بالهيئة الملكية لمحافظة العُلا، إن العُلا اشتهرت كونها وجهة غنية تنبض بالتاريخ والتراث، مبدياً سرورهم باستضافة هذه التجربة، وجلب كنوز لا تُقدر بثمن إليها، وإقامة روابط جديدة بين الثقافات البعيدة.
وأضاف: «يحظى عرض هذه القطع الأثرية بأهمية خاصة، إذ يثبت سعي الحضارات القديمة في العلا إلى الجمال والبراعة الحرفية تماماً، كما فعل شعب روما القديمة، وكلنا أمل أن يتمكن الزوار من تجربة الأمر هنا»، مبيناً أن المعرض يسهم في «إغناء إرثنا العريق، وتعزيز الدور الحيوي للعُلا مركزاً لصون التراث والتبادل المعرفي والاكتشاف».
بدوره، أوضح البروفيسور ماسيمو أوسانا مدير المتحف، أن «العلا تشكل محطة رئيسية على طريق البخور والغني بالتاريخ والإرث العريق»، منوهاً بأن «المعرض يهدف إلى استعراض رحلة شخصيات تاريخية بارزة حلمت بإمبراطورية عالمية تقوم على التكامل والانفتاح، وتقدير إنسانيتنا المشتركة».
وأضاف: «يمثل هذا المعرض المميز جسراً يربط بين البلدين، ويعزز الحوار الثقافي الأعمق مع تقدير أكبر لتراثنا العالمي المشترك»، لافتاً إلى أنه «يمكن التماس قوة روابطنا الثقافية أيضاً من خلال مجموعتنا التي تضم عدداً من القطع الأثرية النبطية».
وتشمل التحف الأثرية المعروضة تماثيل مصغرة للإسكندر الأكبر، ورأس المؤرخ اليوناني هيرودوت، ولوحة فسيفسائية أرضية رائعة من بيت الفنون في بومبي، التي تصور نهر النيل، وغيرها. كما تعمل الدروع والخوذ التي ارتداها المصارعون الرومان في القرن الأول الميلادي على إثراء هذا العرض التاريخي.
ويُمكن للزوار استكشاف المزيد عن القادة المشهورين، ورؤيتهم الخاصة بإمبراطورية عالمية شكّلت ملامح العالم القديم. وقد عُثِر على قطع أثرية تمثل بعضهم في العلا وتحديداً بالحِجر، أول موقع سعودي بقائمة «اليونسكو» للتراث العالمي.
ومنذ فتح أبوابها أمام السياح عالمياً، حرصت العُلا على مشاركة إرثها العريق كمفترق طرق قديم، وموطن للممالك القديمة، ومحطة رئيسية على «طريق البخور»، وذلك من خلال توفير تجارب ثقافية عالمية المستوى على مدار العام.
ويعد «مهرجان الممالك القديمة» حدثاً رائداً على أجندة تقويم فعاليات «لحظات العُلا»، ويُتوقع أن يوفر تجارب غامرة وشاملة ترضي جميع الزوار، بدءاً من عشاق التاريخ والثقافة، وصولاً إلى الزوار الشغوفين.