منظمة يابانية تحصد «نوبل السلام» لجهودها في إنهاء التهديد النووي

«نيهون هيدانكيو» جمعت شهادات الناجين للضغط من أجل نزع السلاح النووي

توشيوكي ميماكي الرئيس المشارك لمنظمة «نيهون هيدانكيو» (جابان تايمز)
توشيوكي ميماكي الرئيس المشارك لمنظمة «نيهون هيدانكيو» (جابان تايمز)
TT

 منظمة يابانية تحصد «نوبل السلام» لجهودها في إنهاء التهديد النووي

توشيوكي ميماكي الرئيس المشارك لمنظمة «نيهون هيدانكيو» (جابان تايمز)
توشيوكي ميماكي الرئيس المشارك لمنظمة «نيهون هيدانكيو» (جابان تايمز)

أعلنت اللجنة النرويجية لجائزة نوبل، اليوم الجمعة، منح جائزة نوبل للسلام لعام 2024 لمنظمة «نيهون هيدانكيو»، اليابانية المناهضة للأسلحة النووية والمعروفة أيضاً باسم «هيباكوشا».

وأشاد رئيس لجنة «نوبل»، يورغن واتني فريدنيس بـ«الجهود الاستثنائية» التي بذلتها المنظمة لتحقيق «عالم خالٍ من الأسلحة النووية»، مشيراً إلى مساهمتها الكبيرة في ترسيخ حظر استخدام الأسلحة النووية.

وفي حين أشارت لجنة «نوبل» إلى أن الأسلحة النووية لم تُستخدم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قبل ما يقرب من 80 عاماً، وهو إنجاز يُعزى جزئياً إلى جهود «نيهون هيدانكيو»، إلا أنها أضافت أن «تلك المحظورات أصبحت اليوم تحت الضغط».

تسوكو ثيرلو كانت في الثالثة عشرة من عمرها عندما أُسقطت القنبلة الذرية على هيروشيما (لجنة نوبل)

وأشار فريدنيس إلى أن القوى النووية تقوم بتحديث ترساناتها، وأن دولاً جديدة تسعى للحصول على الأسلحة النووية، قائلاً: «في هذه اللحظة من تاريخ البشرية، يجب أن نتذكر أن الأسلحة النووية هي أكثر الأسلحة تدميراً في العالم».

وتأتي هذه الجائزة تقديراً لجهود المنظمة في تحقيق عالم خالٍ من الأسلحة النووية، حيث جمعت شهادات ناجين من القنبلتين الذريتين اللتين أُلقيتا على هيروشيما وناغازاكي، للفت الأنظار إلى أهمية عدم استخدام هذه الأسلحة مرة أخرى.

وفي 6 أغسطس (آب) 1945، ألقت قاذفة أميركية قنبلة نووية على هيروشيما، ما أسفر عن مقتل 60 إلى 80 ألف شخص فوراً، وارتفع العدد إلى 140 ألفاً بنهاية العام. وبعد 3 أيام، قُتِل 74 ألف شخص آخرين جراء قنبلة «بلوتونيوم» ألقيت على ناغازاكي.

منظمة «نيهون هيدانكيو» تفوز بجائزة نوبل للسلام (لجنة نوبل)

وفي أعقاب الهجمات الذرية، أصيب كثير من الناجين من هذه الهجمات، وهم المعروفون بـ«هيباكوشا»، بإصابات خطيرة وأمراض ناتجة عن الإشعاع.

وأشارت اللجنة إلى أن «مصير الناجين من هيروشيما وناغازاكي ظل مخفياً ومهملاً فترة طويلة» إلى أن تأسست «نيهون هيدانكيو» في عام 1956، على أيدي شهود العيان على القنبلتين النوويتين الوحيدتين اللتين استُخدمتا في الحرب.

وعلى مدى عقود، جمعت المنظمة آلافاً من شهادات الناجين، وأرسلت وفوداً سنوية إلى الأمم المتحدة ومؤتمرات السلام، للضغط من أجل نزع السلاح النووي.

وتُعد شهادات «هيباكوشا» فريدة من نوعها، حيث أسهم هؤلاء الشهود التاريخيون في تشكيل معارضة واسعة للأسلحة النووية عبر مشاركة قصصهم الشخصية، وإنشاء حملات تعليمية، وتحذيرات عاجلة ضد انتشار واستخدام هذه الأسلحة. وتعمل شهاداتهم على توضيح الألم والمعاناة اللذين تسببت فيهما الأسلحة النووية.

شعار منظمة «نيهون هيدانكيو» اليابانية (لجنة نوبل)

وسيُصادف العام المقبل الذكرى الثمانين لسقوط قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناغازاكي، وتعد الأسلحة النووية اليوم أكثر تدميراً، حيث يمكن أن تقتل الملايين، وتؤثر بشكل كارثي في المناخ.

وفي تقييمه السنوي، أفاد معهد استوكهولم لأبحاث السلام بأن الدول التسع المسلحة نووياً، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين، استمرت في تحديث ترساناتها النووية، ونشرت أنظمة أسلحة جديدة في عام 2023. وبداية من يناير (كانون الثاني) 2024، قُدّر وجود 12121 رأساً نووياً عالمياً، منها 9585 في المخزونات العسكرية للاستخدام المحتمل.

وحاليا، يوجد نحو 107 آلاف ناجٍ من القنبلة الذرية بمتوسط أعمار 85 عاماً، ما يصعّب نقل تجاربهم إلى الأجيال الأصغر، وفق صحيفة «جابان تايمز».

وقال رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، الذي يحضر قمة شرق آسيا في لاوس، في تصريحات صحافية: «من المهم للغاية أن تحصل المنظمة التي عملت على حظر الأسلحة النووية على جائزة نوبل للسلام».

من جانبه، قال توشيوكي ميماكي (81 عاماً) الرئيس المشارك لـ«نيهون هيدانكيو» وأحد الناجين من القصف النووي في هيروشيما، خلال مؤتمر صحافي، وهو يحبس دموعه: «لا أصدق أنه حقيقي»، مضيفاً أن «الجائزة ستعزز جهودنا لإثبات أن القضاء على الأسلحة النووية ممكن». وأكد أن «الفوز سيكون قوة عظيمة لتحقيق السلام الدائم، والتخلص من الأسلحة النووية تماماً.

وقال إن «الوضع في قطاع غزة حالياً يشبه الوضع في اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية»، موضحاً: «في غزة أهل يحملون أطفالهم المضرجين بالدماء. الأمر يشبه اليابان قبل 80 عاماً».

بينما أعرب إم. جي. شيفتال، مؤلف كتاب «هيروشيما: آخر الشهود»، عن سعادته بفوز المنظمة بالجائزة، مشيراً إلى الحاجة الماسة لإدراك رعب الأسلحة النووية اليوم.

وكانت آخر مرة حصل فيها ياباني على الجائزة قبل 50 عاماً، عندما مُنحت لرئيس الوزراء الأسبق إيساكو ساتو، الذي كان أيضاً أول آسيوي يحصل على هذه الجائزة، لتوقيعه معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في عام 1970، وكذلك لمبادئه الثلاثة بشأن عدم استخدام الأسلحة النووية التي دعا إليها.


مقالات ذات صلة

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

شؤون إقليمية نرجس محمدي (رويترز)

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

وافقت السلطات الإيرانية على نقل السجينة الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي إلى المستشفى بعد نحو تسعة أسابيع من معاناتها من المرض.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد الخبير الاقتصادي سايمون جونسون بعد فوزه المشترك بجائزة نوبل في الاقتصاد بمنزله في واشنطن يوم الاثنين 14 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الفائز بـ«نوبل الاقتصاد»: لا تتركوا قادة شركات التكنولوجيا العملاقة يقرّرون المستقبل

يؤكد الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد سايمون جونسون على ضرورة أن يستفيد الأشخاص الأقل كفاءة من الذكاء الاصطناعي، مشدداً على مخاطر تحويل العمل إلى آلي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

«نوبل الاقتصاد» لـ 3 أميركيين

فاز خبراء الاقتصاد الأميركيون دارون أسيموغلو وسايمون جونسون وجيمس روبنسون، بجائزة «نوبل» في العلوم الاقتصادية، أمس، عن أبحاثهم في مجال اللامساواة في الثروة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد شاشة داخل «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» خلال الإعلان عن جائزة «نوبل الاقتصاد» في استوكهولم (رويترز)

عقد من التميز... نظرة على الفائزين بجائزة «نوبل الاقتصاد» وأبحاثهم المؤثرة

على مدار العقد الماضي، شهدت «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» تتويج عدد من الأسماء اللامعة التي أحدثت تحولاً جذرياً في فهم الديناميات الاقتصادية المعقدة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

الفائزون الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد... سيرة ذاتية

تنشر «الشرق الأوسط» سيرة ذاتية للفائزين الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد والذين فازوا نتيجة أبحاثهم بشأن عدم المساواة بتوزيع الثروات.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.