معرض باريسي عن أساطير ما وراء الموت

يدعو زائره إلى الغطس في الجذور الأنثروبولوجية للظاهرة الزومبية

هل يكون توقُّف النبض هو نهاية كل شيء؟ (دليل المعرض) 
هل يكون توقُّف النبض هو نهاية كل شيء؟ (دليل المعرض) 
TT

معرض باريسي عن أساطير ما وراء الموت

هل يكون توقُّف النبض هو نهاية كل شيء؟ (دليل المعرض) 
هل يكون توقُّف النبض هو نهاية كل شيء؟ (دليل المعرض) 

استضاف متحف «رصيف برانلي» في باريس معرضاً قبل 6 سنوات عن الجحيم والأشباح في الأساطير الآسيوية. آنذاك، حقّق نجاحاً كبيراً، وشجّع على تكرار التجربة من خلال معرض جديد للأعمال البدائية التي شغلت عقل الإنسان عبر العصور عما هو موجود بعد الموت. هل يكون توقُّف النبض هو نهاية كل شيء؟

يعود الفضل إلى الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك في تأسيس هذا المتحف الواقع في رصيف برانلي المطلّ على نهر السين، غير بعيد عن برج «إيفل». وكان شيراك من المولعين بالفنون البدائية للحضارات القديمة واقتنى نماذج منها. وحلم بتخصيص متحف للأعمال الفنّية الفطرية لشعوب وقبائل أفريقيا والشرق الأقصى وحضارات جنوب أميركا.

يعود الفضل إلى الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك في تأسيس المتحف (دليل المعرض)

عنوان المعرض الجديد، «الزومبي»، وهي مفردة قد نفهمها على أنها الإنسان المخيف غريب الأطوار. أما تعريفها في المعاجم فهي لفظة فرنسية مُحرَّفة عن لغة سكان هايتي، تُطلق على شخص وهميّ يفقد جميع أشكال الوعي وملامح الإنسانية، ويتصرّف بعنف تجاه الآخرين، ومنه تنتقل إليهم عدوى الشرّ.

المعرض صغير وشيّق؛ يبحث في تاريخ الأساطير وحفريات التربة والاكتشافات العلمية والثقافات الشعبية التقليدية، وكذلك في الصور التي قدّمتها السينما الهوليوودية للزومبي وللشخصيات الحيّة الميتة. إنه كائن يشبه التماثيل التي يصنعها سكان هايتي من الخشب والقماش وخيوط الصوف والإبر الحادة لطرد الأرواح الشريرة.

يدعو المعرض زائره إلى الغطس في الجذور الأنثروبولوجية للظاهرة الزومبية. فالزومبي الحقيقي ظهر في الثقافات الأفرو-كاريبية، نقلاً عن دمى طرد الشر (الفودو) الشائعة في هايتي. وكانت لتلك المناطق عقائد وأديان كثيرة انتشرت في جنوب الصحراء الأفريقية والساحل الغربي وبعض المناطق في وسط القارة وترافقت مع رحلات نقل العبيد إلى العالم الجديد وتحويلهم إلى المسيحية. بهذا، صار الصليب وأشكال القديسين حاضرة في «الفودو»، وغير ذلك من التمائم والتعاويذ.

الزومبي الحقيقي ظهر في الثقافات الأفرو-كاريبية (دليل المعرض)

عند وصول الرجل الأوروبي إلى تلك الجزر، تعرّف إلى سكانها «التاينوس» المتحدّرين من «الأراواك»، وهي القبيلة الأم التي انتشر أفرادها في كل جزر الأنتيل الكبرى. ونقل الأوروبيون إلى أولئك السكان أسرار السموم والنباتات العلاجية. وبذلك دخلت مفاهيم وطرائق جديدة لممارسات وتمائم طرد الشرّ وشفاء الأمراض، الأمر الذي حرّك التساؤلات حول الموت وما بعده. وهنا ظهرت في أعمال فنانين أوروبيين معاصرين لوحات تنقل خيالات مما آمن به أجداد الأفارقة الأميركيين من معتقدات وممارسات.

كل تلك الهواجس أنتجت أعمالاً يدوية بدائية وفنوناً تصويرية ومنحوتات ترمز للزومبي، وما ابتكره الإنسان لمواجهة النهاية الحتمية أو تأجيلها أو فتح نافذة على الأمل لما بعد ذبول الجسد. وهذه الأعمال هي ما يقدّمها المعرض الجديد الذي يستمر حتى السادس من فبراير (شباط) المقبل.


مقالات ذات صلة

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

إعلام الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

السعودية تعرض بمناسبة الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض التقدم الذي أحرزته في تحضير «إكسبو 2030».

ميشال أبونجم (إيسي لي مولينو: باريس)
يوميات الشرق ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

مع انطلاق فعاليات الدورة الـ17 من «ملتقى الأقصر الدولي للتصوير» في مصر، الاثنين، بدأ الفنانون المشاركون في التفاعل مع فضاء مدينة الأقصر.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام
TT

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

أشار تقرير صادر عن مجلس اللوردات إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية تخذل المشاهدين من الأسر ذات الدخل المنخفض، الذين يشعرون بأنهم «يخضعون للسخرية» في تغطيتها (الإخبارية)، لذا فقد يتحولون إلى وسائل إعلام بديلة، مثل قناة «جي بي نيوز».

بيئة إعلامية مليئة بالأخبار الزائفة

ويخشى أعضاء مجلس اللوردات أيضاً من نشوء بيئة إعلامية «من مستويين»، مقسمة بين «عشاق الأخبار»، الذين يشتركون في منافذ إخبارية عالية الجودة ورائدة، و«نسبة زائدة» من متجنبي الأخبار، الذين يرون القليل جداً من الأخبار المنتجة بشكل احترافي، ولذا فإنهم أكثر عُرضة للأخبار الزائفة، ونظريات المؤامرة التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

«صحارٍ إخبارية»

وحذّر تحقيق في «مستقبل الأخبار» الذي أجرته لجنة الاتصالات والشؤون الرقمية، الذي نُشر أمس، من مستقبل «قاتم»، حيث يؤدي تراجع الصحف المحلية والإقليمية إلى خلق «صحارٍ إخبارية».

وتحمل التحذيرات بشأن مستقبل هيئة الإذاعة البريطانية أهمية خاصة، حيث تضم اللجنة اللورد هول، المدير العام السابق للهيئة.

تهميش المجموعات الدنيا من السكان

وأشار التقرير إلى أن «المجموعات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا تشعر بأنها (مُنتقدة أو مُعرضة للسخرية) بدلاً من أن تعكسها هيئة الإذاعة البريطانية بشكل أصيل». ونصّ على أن «الوسائل الإعلامية الوافدة الجديدة مثل (جي بي نيوز) تقدم بديلاً وخياراً في ميدان الخدمة العامة»، وهذا ما يجب أن يدفع وسائل الإعلام الأخرى للتفكير في كيفية اجتذاب تلك المجموعات إليها.

وتابع نشرات أخبار هيئة الإذاعة البريطانية 9.6 مليون مشاهد الشهر الماضي (من أصل 19 مليوناً لكل قنواتها) مقابل 3.5 مليون مشاهد لنشرات أخبار «جي بي نيوز».

وقالت اللجنة إن «قدرة هيئة الإذاعة البريطانية على الحفاظ على مستويات عالية من مشاركة الجمهور والثقة والرضا أمر مهم».