للحصول على ترقية وزيادة راتب... كلمة واحدة تضمن التفاوض الناجح

الفضوليون يكسبون المال

المهارة الأكثر فاعلية لزيادة راتبك هي طرح الأسئلة (رويترز)
المهارة الأكثر فاعلية لزيادة راتبك هي طرح الأسئلة (رويترز)
TT

للحصول على ترقية وزيادة راتب... كلمة واحدة تضمن التفاوض الناجح

المهارة الأكثر فاعلية لزيادة راتبك هي طرح الأسئلة (رويترز)
المهارة الأكثر فاعلية لزيادة راتبك هي طرح الأسئلة (رويترز)

عادة ما تشجع نصائح التفاوض على الراتب على التركيز بالانخراط في المفاوضات، وتقديم دليل على كفاءتك، والتأكيد على أن ما تريده ليس معقولاً فحسب، بل ومستحقاً.

وفق تقرير لشبكة «سي إن بي سي»، كل هذا توجيه سليم، لكنه لا يتطرق إلى المهارة الأكثر فاعلية لزيادة راتبك، وهي طرح الأسئلة.

وفي هذا المجال قالت مدربة التفاوض لدى الأمم المتحدة أليكس كارتر إن طرح الأسئلة هو «تقنية التفاوض الوحيدة التي لا يستخدمها معظمنا».

ويركز الموظف على إثبات وجهة نظره لدرجة أنه ينسى أن التفاوض من المفترض أن يكون محادثة، حيث يسهم كلا الجانبين في الحل.

وأوضحت كارتر أنه «في التفاوض تحصل على المزيد من خلال طرح الأسئلة أكثر مما تحصل عليه من خلال الجدال. فالأشخاص الفضوليون يكسبون المزيد من المال».

«أخبرني»

من المفهوم أن طلب زيادة في الراتب أو زيادة في الاسم الوظيفي أمر مرهق للأعصاب، ولكن ثبت أيضاً أنه مثمر جداً، إذ ما نسبته 87 في المائة من الموظفين الذين تفاوضوا حصلوا على بعض ما طلبوه على الأقل، وفقاً لتقرير صادر عن «فيدليتي» في عام 2022.

وبحسب كارتر، فإن أفضل نوع من الأسئلة التي يمكن طرحها أثناء التفاوض لا يتضمن في الواقع علامة استفهام، بل يبدأ بـ«أخبرني».

وأعطت مثالاً على ذلك: لنفترض أنك تتحدث إلى مدير التوظيف وتريد أن تعرف مقدار المرونة التي توفرها الشركة فيما يتعلق بالأجور. يمكنك أن تسأل «ما الراتب لهذا المنصب؟» وستحصل على رقم مباشر.

وأوضحت كارتر أن السؤال الأفضل الذي يمكن طرحه هو «أخبرني كيف ترى الشركة نطاق الراتب لهذا المنصب»، بهذه الطريقة، يمكنك توجيه المحادثة بشكل خفيف نحو مجال النمو المحتمل وكيفية تعامل الشركة مع الزيادات.

وشرحت كارتر أن كلمة «أخبرني» هذه «تمنحك أكبر قدر من المعلومات، وتبني الثقة أيضاً، وبالتالي خلق أفضل الصفقات».

وأضافت: «بهذه الطريقة أنت تدعو رئيسك أو مسؤول التوظيف للمساعدة في حل المشكلة، بدلاً من التعامل مع ذلك كعقبة».

وتابعت: «عندما أتفاوض، أريد أن أسحبهم بالأسئلة إلى جانبي من الطاولة حتى نصبح متآمرين مع بعضنا ونعمل من أجل نفس الهدف».



قلعة بعلبك صمدت في وجه الغُزاة والهزّات... فماذا عن الغارات؟

قلعة بعلبك الأثرية في لبنان وعواميد معبد جوبيتر (موقع اليونيسكو)
قلعة بعلبك الأثرية في لبنان وعواميد معبد جوبيتر (موقع اليونيسكو)
TT

قلعة بعلبك صمدت في وجه الغُزاة والهزّات... فماذا عن الغارات؟

قلعة بعلبك الأثرية في لبنان وعواميد معبد جوبيتر (موقع اليونيسكو)
قلعة بعلبك الأثرية في لبنان وعواميد معبد جوبيتر (موقع اليونيسكو)

كلّما اهتزّت مدينة بعلبك تحت وطأة الغارات الإسرائيلية، ارتعدت قلوب اللبنانيين وعشّاق التاريخ خوفاً على قلعةٍ عمرُها من عمر لبنان. منذ الفينيقيين المؤسسين، 5 آلاف سنة تعاقبت خلالها الحضارات كلّها على موقعٍ ازدان بمعابد وهياكل ضخمة، بدأ الرومان بتشييدها في القرن الثاني بعد الميلاد. قرونٌ متعاقبة أبصرت القلعة فيها غزاةً يتناحرون من أجل السطوة عليها، وسيولاً اجتاحتها ولم تستطع إغراقها.

بدأ الرومان بتشييد القلعة في القرن الثاني ميلادي (موقع اليونيسكو)

خمسة زلازل كبيرة ضربت القلعة عبر العقود، وفق ما يخبر المرشد السياحي محمد وهبة «الشرق الأوسط». لكنّ شيئاً لم يتمكّن من زعزعة صمودها. ورغم الحروب المتعاقبة على لبنان، حافظ الموقع على أصالته. إلا أنّ صباح الأحد 6 أكتوبر (تشرين الأول)، استفاق أهل بعلبك على دويّ غارة سقطت على بُعد 700 متر من الموقع التاريخي. وسرعان ما التقطت عدسات الصحافة العالمية سحب الدخان الأسود المتصاعد من خلفها.

«لحسن الحظ، لا أضرار مباشرة في الموقع الأثري»، يؤكد محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر في حديث مع «الشرق الأوسط». لكنّ المسؤول يخشى على الحصن التاريخي من «الدخان، بما فيه من مواد ملوّثة، تؤذي الحجارة وقد تتسبّب باسودادها». تُضاف إلى مخاطر التلوّث، الارتجاجات جرّاء الانفجار التي يحذّر خضر من أن تصيب القلعة المعمّرة بتصدّعات.

دخان متصاعد من موقع الغارة الإسرائيلية التي استهدفت جوار قلعة بعلبك (أ.ف.ب.)

ما يُطمئنُ المحافظ قليلاً أنّ «القلعة تحت حراسة مشدّدة من قِبَل الأجهزة الأمنية اللبنانية الرسمية خوفاً من أي سرقة أو سوء استخدام للموقع»، وهو يؤكد أن «لا شيء مثيراً للريبة داخل القلعة». لكن «لا ضمانات مع العدوّ الإسرائيلي، لذلك فإن المطلوب تحرُّكٌ دبلوماسي إلى جانب منظمة اليونيسكو، بهدف الضغط من أجل تحييد المواقع الأثرية في لبنان، لا سيّما أن الإسرائيلي يتصرّف بجنون ويتعمّد محو الهوية والإرث».

محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر

يوم أدرجت اليونيسكو موقع بعلبك الأثري على قائمة التراث العالمي عام 1984، ذكرت المنظمة الأممية في إعلانها أن «بعلبك، بهياكلها الجبّارة، هي من أعظم نماذج هندسة الإمبراطورية الرومانية في ذروة حضارتها».

يخبر وهبة، الذي أمضى عقوداً ثلاثة وهو يجول بالسيّاح في أرجاء الموقع التاريخيّ، أن 9 معابد رومانية مطمورة اليوم تحت المدينة الحالية، وأن الأعمدة الـ6 التي يهرع الزوّار اليوم لالتقاط الصور أمامها، كانت في الأساس 54. يرجّح المرشد السياحي أن تكون قد «هُدمت في القرن الرابع لبناء كاتدرائية بحجارتها». ومهما اختلفت النظريّات وتعدّدت، فإنّ الموقع واجه تحدياتٍ لا تُعدّ على مر العصور، لكنه حافظ على لقبه الذي أُطلقه الفينيقيون عليه خلال الألفيّة الثالثة قبل الميلاد، «مدينة الشمس». وعندما جاء الرومان في نهاية القرن الميلادي الثاني ليشيّدوا ما تبقّى اليوم من آثار عملاقة، لم ينزعوا اللقب، بل كرّسوه مع بناء معبد جوبيتر، «إله الشمس».

المرشد السياحي في قلعة بعلبك محمد وهبة

على ضخامتها، اهتزّت الهياكل مراتٍ عدة جرّاء زلازل ضربت المنطقة عبر التاريخ، ومعها اهتزّ معبدا باخوس وفينوس المجاوران لها. أخطرُ تلك الزلازل وقع في القرن الثاني عشر، حيث تهدّمت أجزاء كبيرة من جدران القلعة. كما عادت بعلبك لتنال نصيبها من الزلازل والهزّات الأرضية العنيفة عامَي 1459 و1759.

وما بين الارتجاجات التي صنعتها يد الطبيعة، كانت أيادي البشر تهزّ دعائم القلعة بين قرنٍ وآخر. ففي عام 748، تعرّض معبد جوبيتر للنهب من قِبَل جيش الخليفة الدمشقي مروان الثاني. وما بين القرنين الثامن والعاشر، شكّلت بعلبك جزءاً من ولاية دمشق تحت حُكم الأمويين والعباسيين، قبل أن يحتلّها الفاطميّون القادمون من مصر عام 942. أما في عام 974 ومع دخول البيزنطيين، فتعرّضت أعمدتها الشامخة ومداخلها الرخاميّة المنحوتة للهدم والنهب.

هياكل معبد جوبيتر مضاءة لاستقبال مهرجانات بعلبك الدولية في صيف 2023 (رويترز)

بقيت القلعة صامدة في وجه غزو الصليبيين، والمغول، والعثمانيين، وكان عليها انتظار القرن السادس عشر حتى تبدأ بتنفّس الصعداء، عندما حلّ السيّاح مكان الغزاة فتحوّلت مقصداً لزوّارٍ آتين من أوروبا.

المرشد السياحي محمد وهبة الذي وُلد ونشأ على مسافة 150 متراً من القلعة، يستبعد أن تكون في خطر على قاعدة أنها «بحماية اليونيسكو، وأنّ عيون الحرّاس والموظفين ووزارة الثقافة ساهرة عليها». كما أنّ لدى وهبة قناعة بأنّ «أبرز مقوّمات الصمود وعبور الأزمنة بالنسبة للموقع، هي الأحجام الضخمة للحجارة المكوّنة من الكلس الصلب الذي لا يتفتّت، إضافةً إلى 186 عموداً من الغرانيت».

حجارة الكلس الصلب وأعمدة الغرانيت من الأساسات الصلبة لقلعة بعلبك (موقع وزارة السياحة اللبنانية)

يلفت المحافظ بشير خضر إلى أن المديرية العامة للآثار، ومع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة وجنوب لبنان، وضعت الشارة الزرقاء الكبيرة على القلعة، وهي مخوّلة حماية المواقع التراثية المصنّفة عالمياً. يتابع خضر: «لكن وزير الثقافة أمر بإزالتها على اعتبار أن العدو الإسرائيلي لا يحترم أي معاهدات دولية ولا أي قوانين أو مواثيق».

بعد الغارة الأخيرة التي استهدفت موقعاً قريباً من القلعة، تواصل خضر مع وزير الثقافة مطالباً بإعادة الشارة الزرقاء، لكنّ الأخير «اعتبر أن ذلك لا يحمي، إلا أنه أكد أنه على اتصال باليونيسكو من أجل الحصول على ضمانات بحماية الآثار اللبنانية من العدوان الإسرائيلي». بالتوازي ينشط سفير لبنان لدى ألمانيا مصطفى أديب إلى جانب المنظمة العالمية، وهو تَقدّم بطلبٍ عاجل لتأمين الحماية المعززة للمواقع الأثرية اللبنانية المدرجة على لائحة التراث العالمي وتلك غير المدرجة على حدٍ سواء.

في الأثناء، لا يخفي خضر قلقه على القلعة، قائلاً إنها «أهم موقع أثري في لبنان وأيقونة سياحة الآثار». ويوضح أنه لا يخشى على الحجارة بقدر خشيته على التاريخ والإرث والهوية، التي يسعى العدوّ إلى تهديمها.

صورة من داخل موقع بعلبك الأثري بعد الغارة الإسرائيلية المجاورة (المحافظ بشير خضر)

خلال «عدوان تموز» 2006، لم تتعرّض قلعة بعلبك لقصف مباشر لكنّ آثار الغارات المحيطة بها أدّت إلى سقوط بعض الحجارة. كل ما يتمنّاه القيّمون عليها وعشّاقها اليوم أن تنجو هذه المرة كذلك، لتعود إلى ألقِها السابق ومقصداً للسيّاح ولنجوم العالم الذين زيّنوا مهرجاناتها الخالدة.