تقنية منخفضة التكلفة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية

يجلس الباحث جوناثان بيسيت فوق مقطورة تحتوي على نظام التحلية الجديد (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
يجلس الباحث جوناثان بيسيت فوق مقطورة تحتوي على نظام التحلية الجديد (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
TT

تقنية منخفضة التكلفة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية

يجلس الباحث جوناثان بيسيت فوق مقطورة تحتوي على نظام التحلية الجديد (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
يجلس الباحث جوناثان بيسيت فوق مقطورة تحتوي على نظام التحلية الجديد (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

طوّر مهندسو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة تقنية جديدة لتحلية المياه تعمل وفقاً للإيقاع الشمسي، وبالتالي لا تتطلب بطاريات إضافية باهظة التكلفة لتخزين الطاقة في الأوقات التي لا تتوفر فيها أشعة الشمس.

ووفق باحثي الدراسة المنشورة، الثلاثاء، في دورية «نيتشر واتر Nature Water»، فإن هذه التقنية يمكن أن توفر مياه شرب نظيفة بتكلفة منخفضة للمجتمعات الفقيرة والغنية على السواء.

وتقوم التقنية الجديدة التي تعمل بالطاقة الشمسية بإزالة الملح من المياه بوتيرة تتبع مستمرة، تتوافق مع التغيرات التي تحدث في الطاقة الشمسية. فمع زيادة ضوء الشمس على مدار اليوم، تقوم بتكثيف عملية تحلية المياه، بحيث تتكيف تلقائياً مع أي تغير مفاجئ في ضوء الشمس، على سبيل المثال تقلل سرعتها استجابة لسحابة عابرة أو تزيدها عند صفاء السماء.

ونظراً لأن التقنية يمكنها الاستجابة بسرعة للتغيرات الطفيفة في ضوء الشمس، فإنها تزيد من فائدة الطاقة الشمسية، وتنتج كميات كبيرة من المياه النظيفة على الرغم من الاختلافات في ضوء الشمس طوال اليوم.

وعلى النقيض من تصميمات تحلية المياه الأخرى التي تعمل بالطاقة الشمسية، لا تتطلب التقنية الجديدة بطاريات إضافية لتخزين الطاقة، ولا مصدر طاقة إضافياً، كشبكات الطاقة.

اختبر المهندسون نموذجاً أولياً على آبار المياه الجوفية في نيو مكسيكو بالولايات المتحدة على مدى 6 أشهر، وعملوا في ظروف جوية وأنواع مياه متغيرة. وقد استغلت التقنية الجديدة في المتوسط ​​أكثر من 94 في المائة من الطاقة الكهربائية المولدة من الألواح الشمسية لإنتاج ما يصل إلى 5 آلاف لتر من المياه يومياً، على الرغم من التقلبات الكبيرة في الطقس ومقدار أشعة الشمس المتاحة.

ويقول آموس وينتر، أستاذ الهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «تتطلب تقنيات تحلية المياه التقليدية مصدراً للطاقة الثابتة، ما يتطلب ما يعرف بـ(أنظمة تخزين طاقة البطاريات) لتيسير الاستفادة من مصدر طاقة متغير مثل الطاقة الشمسية».

ويوضح في بيان صادر، الثلاثاء: «من خلال تغيير معدلات استهلاك الطاقة باستمرار بالتزامن مع الشمس، تستخدم تقنيتنا الطاقة الشمسية بشكل مباشر وفعال لصنع المياه النظيفة».

ويضيف: «القدرة على صنع مياه الشرب باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، دون الحاجة إلى تخزين البطاريات، تشكل تحدياً كبيراً. وقد نجحنا في تحقيق ذلك».

ويهدف النظام الجديد إلى تحلية المياه الجوفية المالحة، وهو مصدر مالح للمياه يوجد في الخزانات الجوفية، ويعد أكثر انتشاراً من موارد المياه الجوفية العذبة.

مصدر غير مستغل

ويرى الباحثون أن المياه الجوفية المالحة تشكل مصدراً ضخماً غير مستغل لمياه الشرب المحتملة، خاصة أن احتياطيات المياه العذبة تعاني من نقص في أجزاء من العالم. وهم يتصورون أن النظام الجديد المتجدد الخالي من البطاريات يمكن أن يوفر مياه الشرب التي تشتد الحاجة إليها بتكلفة منخفضة، وخاصة للمجتمعات الداخلية التي يكون الوصول فيها إلى مياه البحر وطاقة الشبكة الكهربائية محدوداً.

«ويعيش غالبية السكان في الولايات المتحدة بعيداً عن الساحل. وبالتالي، يعتمدون بشكل كبير على المياه الجوفية، خصوصاً في المناطق النائية ذات الدخل المنخفض. ومن المؤسف أن هذه المياه الجوفية أصبحت أكثر ملوحة بسبب تغير المناخ»، كما يقول جوناثان بيسيت، طالب الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مؤكداً على أنه «يمكن لهذه التقنية الجديدة أن توفر مياه نظيفة مستدامة وبأسعار معقولة للأماكن التي لا تصل إليها المياه في جميع أنحاء العالم».

وقام المهندسون بدمج استراتيجية التحكم الجديدة في نظام آلي بالكامل، قاموا بتعديل حجمه بحيث يتناسب مع تحلية المياه الجوفية المالحة بكمية يومية تكفي لتزويد مجتمع صغير يبلغ عدد سكانه نحو 3 آلاف شخص.

مياه جوفية

قاموا بتشغيل النظام لمدة 6 أشهر على عدة آبار في منشأة الأبحاث الوطنية للمياه الجوفية المالحة في ألاموغوردو، في نيو مكسيكو. وخلال التجربة، عمل النموذج الأولي في ظل مجموعة واسعة من الظروف الشمسية، حيث سخّر أكثر من 94 في المائة من الطاقة الكهربائية للوحة الشمسية، في المتوسط، لتشغيل تحلية المياه بشكل مباشر.

يقول وينتر: «بالمقارنة بالطريقة التقليدية التي يصمم بها نظام تحلية المياه بالطاقة الشمسية، فقد خفّضنا سعة بطارية تخزين الطاقة المطلوبة بنحو 100 في المائة».

ويخطط المهندسون لمزيد من اختبارات النظام وتوسيع نطاقه على أمل تزويد المجتمعات الأكبر، حتى البلديات بأكملها، بمياه شرب منخفضة التكلفة ومدعومة بالكامل بأشعة الشمس. ومن المقرر أن يطلق الفريق شركة تعتمد على تقنيتهم ​​في الأشهر المقبلة.


مقالات ذات صلة

ألمانيا: تحول الطاقة مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء

الاقتصاد مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)

ألمانيا: تحول الطاقة مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء

حذر مسؤولون وخبراء من فشل سياسات تحول الطاقة في ألمانيا، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة في أكبر اقتصاد بأوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد أحد مشاريع الطاقة الشمسية في السعودية (واس)

«السيادي» السعودي يدعم مشاريع مليارية مؤهلة ترسم ملامح مستقبل أكثر استدامة

تمكن صندوق الاستثمارات العامة السعودي من تحقيق التخصيص الكامل لحصيلة سنداته الخضراء، موجهاً 9 مليارات دولار لدعم المشاريع المؤهلة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد مراوح عملاقة في عمق البحر لتوليد الكهرباء من الرياح (إكس)

إدارة ترمب توقف 5 مشاريع طاقة رياح بحرية

أوقفت إدارة الرئيس دونالد ترمب اتفاقيات التأجير وأعمال البناء لخمسة مشاريع رئيسية لطاقة الرياح البحرية على طول الساحل الشرقي لأميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري خلال لقائه وزير الكهرباء (رئاسة مجلس الوزراء)

مصر: الربط الكهربائي مع السعودية يتم تجهيزه لبدء المرحلة الأولى

قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري إن مشروع الربط الكهربائي المصري السعودي يتم تجهيزه في صورته النهائية لبدء تشغيل المرحلة الأولى في القريب العاجل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيارات «بي واي دي» الكهربائية تنتظر التحميل في ميناء ليانيونقانغ بمقاطعة جيانغسو الصينية (رويترز)

دعم شراء السيارات الكهربائية في ألمانيا قد يعزز الواردات من الصين

توقعت شركة استشارات أن تؤدي الحوافز التي أعلنتها الحكومة الألمانية لشراء السيارات الكهربائية إلى زيادة كبيرة في المبيعات، وبالأخص الواردات من الصين.

«الشرق الأوسط» (برلين)

بريجيت باردو خرجت من الصورة وبقيت في الزمن

زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
TT

بريجيت باردو خرجت من الصورة وبقيت في الزمن

زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)

كانت بريجيت باردو أكثر من جسد أيقوني علَّق عليه القرن العشرون خيالاته وأسئلته. وكانت، قبل كلّ شيء، امرأة وُلدت في زمن لا يعرف كيف يتعامل مع أنثى لا تطلب الإذن. امرأة خرجت من الشاشة لتدخل الوعي الجماعي، وتحوّلت من ممثلة إلى مُحرِّكة لقلق المجتمع الذكوري ولمخاوفه من الجسد المُنطلِق، ومن المرأة التي لا يمكن ضبطها أو احتواؤها.

الجمال الذي لا يطلب الإذن غالباً ما يُساء فهمه (أ.ف.ب)

حين ظهرت باردو في خمسينات القرن الماضي، لم يكن العالم مهيّأً لها. كانت السينما لا تزال تبحث عن نساء جميلات «مروَّضات»، وأنوثة يمكن استهلاكها من دون أن تُهدّد البنية الأخلاقية القائمة. لكن باردو جاءت مختلفة. جسدها لم يكن خاضعاً، ونظرتها لم تكن مطيعة، وحضورها لم يكن استعطافياً. لم تؤدِّ دور المرأة المرغوبة فقط، وإنما المرأة الواعية بجاذبيتها، لا تتبرأ منها ولا تُبالغ باستعراضها. هنا تحديداً بدأ الارتباك.

في أفلامها، وخصوصاً «وخلق الله المرأة»، كانت المسألة في الجرأة الوجودية قبل المَشاهد الجريئة. باردو شكَّلت تجسيداً لامرأة تختار وتقتحم وترفض وتُغادر. امرأة لا تُعاقب نفسها كي تُطمئن المجتمع. ومنذ تلك اللحظة، أصبحت أكثر من نجمة. أصبحت سؤالاً أخلاقياً مُعلّقاً في الهواء.

امرأة صنعت حضورها ثم دفعت ثمنه (أ.ف.ب)

تحوّلت سريعاً إلى ظاهرة ثقافية تتجاوز الشاشة. شعرها الأشقر المنفلت، نظراتها التي لا تنحني، صارت جزءاً من خطاب اجتماعي كامل عن الحرّية والأنوثة غير المروَّضة. لكنها، في مقابل هذه الأيقونية، دفعت ثمناً باهظاً. فباردو التي رآها العالم رمزاً للانطلاق، كانت تعيش قلقاً دائماً واختناقاً من الضوء وشعوراً متنامياً بأنها صارت صورة أكثر مما هي إنسانة. تزوّجت أكثر من مرة، أحبَّت وجُرحت، ووجدت نفسها مُحاصرة بتوقّعات الآخرين، وبفكرة أنها «مُلكية عامة».

امرأة عَبَرَت الزمن بلا اعتذار وبلا محاولة لإرضائه (أ.ف.ب)

لكن المجتمع لا يكتفي بطرح الأسئلة، فيُسارع إلى معاقبة مَن يجرؤ على طرحها. فُتحت على باردو أبواب المجد كما تُفتح الأبواب على العاصفة. صُوّرت، كُتِب عنها، حوصرت بالكاميرات، اختُزلت في جسدها، ثم حُوسبت على هذا الجسد نفسه. أُعجِب بها العالم، لكنه لم يغفر لها أنها لم تطلب إعجابه بالطريقة «الصحيحة».

في عمق هذه المفارقة، عاشت باردو مأساة الأيقونات. حين تتحوّل المرأة إلى أيقونة، يُسلب منها حقّ التعب وحقّ التناقض وحقّ الشيخوخة. فالأيقونة يجب أن تبقى ثابتة، بينما يتغيَّر الإنسان. وبريجيت باردو تغيَّرت كثيراً.

انسحبت من السينما باكراً لتقول، بصيغة أو بأخرى، إنّ هذا العالم لا يُشبهها، ولم تُخلق لتُستَهلك إلى ما لا نهاية. انسحابها كان تمرّداً. كان قرار امرأة اختارت أن تُنقذ نفسها من صورة صنعتها ولم تعد تملكها.

خرج الجمال من القالب وصار موقفاً (أ.ب)

مع الزمن، تغيَّرت ملامحها وتبدَّلت نظرتها إلى العالم. لم تُحاول معاندة العمر، ولم تتصالح معه على الطريقة الرومانسية. كانت علاقتها بالزمن خشنة وصريحة وخالية من المجاملات. لم تُخفِ انزعاجها من الشيخوخة، ولا حنقها على عالم يُقدّس الشباب ثم يدير ظهره لمَن يتقدّم في السنّ. هنا أيضاً، كانت صادقة أكثر مما يحتمل الجمهور.

في مرحلة لاحقة، وجدت باردو في الحيوانات البراءة غير المشروطة والوفاء غير الملوَّث بالسلطة. تلك صفات لم تجدها في البشر. تحوَّل دفاعها عن حقوق الحيوان إلى قضية وجودية. أسَّست مؤسّستها، وكرَّست ما تبقّى من حياتها لمعركة ترى فيها شكلاً آخر من أشكال العدالة. قد يُختلف معها في حدّتها، أو في لغتها، أو في بعض مواقفها، لكن لا يمكن إنكار أنّ هذا الالتزام كان امتداداً لمنطقها نفسه القائم على رفض العنف أياً كان شكله، ورفض الهيمنة أياً كان مصدرها.

باردو كانت دائماً امرأة «غير مريحة». لم تُتقن فنّ إرضاء الجميع، ولم تحاول. وهذا بالضبط ما جعلها أيقونة جدلية تتجاوز التمثال الجميل. فالأيقونة الحقيقية لا تُحَبّ بالإجماع. تُساءَل وتُقلِق. ولمّا لم يكُن الزمن رحيماً بها، لا في ملامحها ولا في صورتها العامة، ولمّا تغيّر وجهها وقسا أحياناً، انعكست تحوّلاتها الداخلية في تصريحات أدخلتها في صدام مع الرأي العام الفرنسي. امرأة كانت رمز التحرُّر، وجدت نفسها لاحقاً على هامش الإجماع، تقول الكلمات بصراحة، وتُقرأ مواقفها أحياناً بمعزل عن سياقها الإنساني المُعقّد. لم تحاول باردو أن تُجمّل صورتها أو تستعيد ودّ الجمهور. بقيت كما هي، حادَّة وصريحة وغير معنيّة بأن تُحَبّ.

ترحل بريجيت باردو وتبقى سيرة المرأة التي دفعت بخيارها ثمن حرّيتها، إلى جانب صورة المرأة الجميلة من زمن مضى. امرأة أحبَّها العالم حين كانت شابّة، وضيَّق عليها حين كبرت. امرأة كشفت، من دون تنظير، كيف يُحبّ المجتمع النساء طالما بقيْنَ ضمن صورته، وكيف يُعاقبهنّ حين يخرجْنَ منها.


قرية إيطالية تحتفل بأول مولود منذ 30 عاماً

الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
TT

قرية إيطالية تحتفل بأول مولود منذ 30 عاماً

الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)

احتفلت قرية باغليارا دي مارسي، وهي قرية ريفية عريقة تقع على سفوح جبل غيريفالكو في منطقة أبروتسو الإيطالية، بولادة أول طفلة منذ 3 عقود.

وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن هذه الطفلة هي لارا بوسي ترابوكو، وقد ولدت في شهر مارس (آذار) الماضي، لتكون أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ ما يقرب من 30 عاماً.

وبولادتها، وصل عدد سكان القرية، التي يفوق عدد القطط فيها عدد السكان بكثير، إلى 20 شخصاً.

ونظراً لندرة الحدث بالقرية، أصبحت الطفلة الآن عامل الجذب السياحي الرئيسي بالمكان.

وقالت والدتها، سينزيا ترابوكو: «لقد حضر أشخاص لم يكونوا يعرفون حتى بوجود باغليارا دي مارسي، فقط لأنهم سمعوا عن لارا. لقد أصبحت مشهورة وهي لم تتجاوز التسعة أشهر من عمرها».

ويمثل قدوم لارا رمزاً للأمل، ولكنه أيضاً تذكيرٌ مؤلمٌ بتفاقم الأزمة الديمغرافية في إيطاليا.

وفي عام 2024، بلغ عدد المواليد في إيطاليا أدنى مستوى تاريخي له، حيث وصل إلى نحو 369 ألف مولود، مواصلاً بذلك اتجاهاً سلبياً استمر 16 عاماً، وفقاً لأرقام المعهد الوطني للإحصاء.

كما انخفض معدل الخصوبة إلى مستوى قياسي، حيث بلغ متوسط ​​عدد الأطفال المولودين للنساء في سن الإنجاب 1.18 طفل في عام 2024، وهو من أدنى المعدلات في الاتحاد الأوروبي.

وتتعدد أسباب هذا التراجع، من انعدام الأمن الوظيفي وموجة الهجرة الشبابية الهائلة إلى عدم كفاية الدعم المقدم للأمهات العاملات، وكما هي الحال في بلدان أخرى، ارتفاع معدلات العقم لدى الرجال. علاوة على ذلك، يختار عدد كبير من الناس ببساطة عدم إنجاب الأطفال.

وتشير البيانات الأولية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء للأشهر السبعة الأولى من عام 2025 إلى مزيد من الانخفاض.

وشهدت منطقة أبروتسو، ذات الكثافة السكانية المنخفضة أصلاً، انخفاضاً بنسبة 10.2في المائة في عدد المواليد بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024.

وتُعدّ باغليارا دي مارسي قرية صغيرة، لكنها تمثل مشهداً يتكرر في أنحاء البلاد، حيث يزداد عدد كبار السنّ، وتتراجع أعداد الطلاب في المدارس، مما يضع ضغوطاً على المالية العامة، ويُشكل تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة للقادة على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية.

وقالت رئيسة البلدية، جوزيبينا بيروزي: «تعاني باغليارا دي مارسي من انخفاض حادّ في عدد السكان، تفاقم بسبب رحيل كثير من كبار السنّ، دون أيّ تغيير في الأجيال».

وأعربت بيروزي، التي تسكن على بُعد خطوات من منزل الطفلة لارا، عن امتنانها لترابوكو (42 عاماً)، وشريكها باولو بوسي (56 عاماً)، لتكوينهما أسرة، وتأمل أن يُلهم ذلك الآخرين لفعل الشيء نفسه.

ويُعدّ وضعهما غير مألوف. فترابوكو، مُدرّسة الموسيقى، وُلدت في فراسكاتي، بالقرب من روما، وعملت في العاصمة الإيطالية لسنوات قبل أن تُقرّر الانتقال إلى القرية التي وُلد فيها جدّها، لأنها لطالما رغبت في تربية أسرة بعيداً عن صخب المدينة. والتقت ببوسي، عامل البناء من المنطقة، قبل بضع سنوات.

واستفاد الزوجان من «منحة المولود» البالغة ألف يورو بعد ولادة لارا، وهي دفعة تُصرف لمرة واحدة عن كل طفل يُولد أو يتم تبنيه منذ يناير 2025، وقد أقرّتها حكومة جورجيا ميلوني اليمينية المتطرفة في جزء من تعهّدها بمعالجة ما وصفته رئيسة الوزراء بـ«الشتاء الديمغرافي» في إيطاليا. كما يتلقّيان أيضاً إعانة طفل تُقدّر بنحو 370 يورو شهرياً.

لكنّ معاناتهم الرئيسية تكمن في التوفيق بين رعاية الأطفال والعمل. فنظام دعم رعاية الأطفال في إيطاليا يعاني من نقص مزمن، وحكومة ميلوني، رغم تصويرها لأزمة انخفاض معدل المواليد على أنها معركة من أجل بقاء الأمة، لم تفِ حتى الآن بوعدها بزيادة عدد دور الحضانة. وتُجبر نساء حوامل على ترك العمل، ثم يواجهن صعوبة في العودة إليه لاحقاً.

كما يشعر الزوجان بالقلق حيال مستقبل لارا الدراسي. فآخر مرة كان فيها لحضانة باغليارا دي مارسي مُعلّمة - كان منزلها يُستخدم بوصفه مدرسة - كانت قبل عقود.

وتوجد مدرسة ابتدائية في كاستيلافيوم القريبة، ولكن بالنظر إلى إغلاق المدارس في جميع أنحاء إيطاليا بسبب انخفاض معدل المواليد، فإنه من غير المؤكد ما إذا كان سيكون هناك عدد كافٍ من الأطفال لدعم هذه المنشأة على المدى الطويل.

وقالت ترابوكو إن الحوافز المالية وحدها لا تكفي لوقف هذا التوجه. وأضافت: «يحتاج النظام بأكمله إلى ثورة. نحن بلد ذو ضرائب مرتفعة، لكن هذا لا يُترجم إلى جودة حياة جيدة أو خدمات اجتماعية جيدة».


وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
TT

وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)

أعلنت مؤسسة بريجيت باردو، اليوم (الأحد)، عن وفاة أسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن عمر ناهز 91 عاماً، فيما نعاها الرئيس إيمانويل ماكرون معتبرا أنها "أسطورة" كانت "تجسّد حياة الحرية".

بريجيت باردو في قصر الإليزيه عام 2007 (أ.ف.ب)

وجاء في بيان أرسلته المؤسسة إلى وكالة الصحافة الفرنسية: «تعلن مؤسسة بريجيت باردو ببالغ الحزن والأسى وفاة مؤسستها ورئيستها، السيدة بريجيت باردو، الممثلة والمغنية العالمية الشهيرة، التي اختارت التخلي عن مسيرتها الفنية المرموقة لتكريس حياتها وجهودها لرعاية الحيوان ودعم مؤسستها».

ولم يحدد البيان وقت أو مكان الوفاة.

بريجيت باردو تقف في 11 مايو 1993 في باريس بجوار تمثالين نصفيين لماريان، رمز الجمهورية الفرنسية، والتي كانت باردو عارضةً لهما (أ.ف.ب)

وسطع نجم باردو عالميًا بعد ظهورها في فيلم «...وخلق الله المرأة» عام 1956، وشاركت في نحو 50 فيلماً آخر قبل أن تعتزل التمثيل لتتفرغ للدفاع عن حقوق الحيوان.

حضرت الممثلة الفرنسية والناشطة في مجال حقوق الحيوان، بريجيت باردو، نقاشًا ضد صيد الفقمة في المجلس الأوروبي بمدينة ستراسبورغ، شرق فرنسا، في 23 يناير 1978 (أ.ف.ب)

وقررت باردو أن تعتزل التمثيل في أوائل السبعينات بعد مسيرة حافلة بالنجاحات شاركت خلالها في نحو خمسين فيلما.

واستقرت باردو نهائيا بالقرب من مدينة سان تروبيه الساحلية على الريفييرا الفرنسية، حيث كرست نفسها للدفاع عن حقوق الحيوانات.

الممثلة الفرنسية والناشطة في مجال حقوق الحيوان، بريجيت باردو، تلهو مع كلب لدى وصولها إلى ملاجئ الكلاب في كابري (جنوب فرنسا) في 17 يناير 1989 (أ.ف.ب)

ونعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باردو، معتبرا أنها «أسطورة» كانت «تجسّد حياة الحرية». وكتب ماكرون على منصة إكس «أفلامها، صوتها، شهرتها الباهرة، أحرف اسمها الأولى، أحزانها، شغفها السخي بالدفاع عن الحيوانات، ووجهها الذي أصبح ماريان (شعار الجمهورية الفرنسية)، بريجيت باردو جسّدت حياة الحرية. وجود فرنسي وحضور عالمي. لقد لامستنا. نحن ننعى أسطورة من هذا القرن».

ونادرا ما شوهدت باردو في الأماكن العامة خلال الأشهر الأخيرة، لكنها نُقلت إلى المستشفى في أكتوبر (تشرين الأول)، وفي الشهر التالي أصدرت بيانا تنفي فيه شائعات وفاتها.