خبراء دوليون لتطوير استخدامات الذكاء الاصطناعي تعزيزاً للغة العربية

خلال مؤتمر دولي استضافته الرياض

«حوسبة اللغة العربية وإثراء البيانات» عنوان النسخة الثالثة من المؤتمر (مجمع الملك سلمان)
«حوسبة اللغة العربية وإثراء البيانات» عنوان النسخة الثالثة من المؤتمر (مجمع الملك سلمان)
TT

خبراء دوليون لتطوير استخدامات الذكاء الاصطناعي تعزيزاً للغة العربية

«حوسبة اللغة العربية وإثراء البيانات» عنوان النسخة الثالثة من المؤتمر (مجمع الملك سلمان)
«حوسبة اللغة العربية وإثراء البيانات» عنوان النسخة الثالثة من المؤتمر (مجمع الملك سلمان)

‏على مدى يومين، اجتمع خبراء دوليون من 22 دولة حول العالم في مدينة الرياض؛ لتطوير استخدامات الذكاء الاصطناعي وتقنياته في خدمة اللغة العربية وتعزيز حضورها إقليمياً وعالمياً، بوصفها لغة حيويّة وفاعلة في جميع الحقول العلمية والإنسانية.

وشهد المؤتمر السنوي الدولي الثالث لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، جلسات علمية مكثّفة ومحمّلة بأفكار جديدة نحو إثراء البيانات اللغوية في عالمٍ رقمي، وإعلان جملة من المبادرات الرّقمية التي تُسهم في تعزيز «حَوسبة اللغة العربية وإثراء البيانات اللغوية»؛ وهو عنوان النسخة الثالثة من المؤتمر.

وحظي المؤتمر الذي شارك فيه 40 باحثاً من مختلف دول العالم، ينتمون إلى عددٍ من المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى أساتذة الجامعات والمُتخصّصين، بفرص ثمينة لتبادل الخبرات، وتطوير المعارف والعلوم في مجال حَوسبة اللغة والبيانات اللغوية.

وقال الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الدكتور عبد الله الوشمي، إن اللغات العالمية التي بقيت إلى اليوم هي التي تحوّلت إلى الكتابة، أمّا اللغات التي ستبقى للقرون والأجيال القادمة فهي اللغات التي ستدخل إلى التقنية والذكاء الاصطناعي.

كما بيّن الوشمي، في افتتاح المؤتمر، أن لقاء الخبراء في مجالات الحوسبة اللغوية في العاصمة السعودية الرياض يُعدّ خطوة نوعية وفُرصة لتلاقي العقول والخبرات من جميع أنحاء العالم، وتبادل الأفكار والمستجدات العلمية التي تدفع باللغة العربية نحو مستقبلٍ أكثر تطوراً وازدهاراً في العصر الرّقمي، مشيراً إلى أن المؤتمر يهدف إلى تعزيز التعاون بين الحاسوبيين واللغويين في مجال الحَوسبة اللغوية، مع التركيز على سدّ الفجوة المعرفية وإثراء المدوّنات اللغوية العربية لتحسين نماذج الذكاء الاصطناعي.

أمين المجمع الدكتور عبد الله الوشمي (مجمع الملك سلمان)

دارت جلسات المؤتمر حول موضوعات متعدّدة؛ منها: تعلُّم الآلة، وتحويل الكلام المنطوق إلى نصوصٍ، والتعرّف الآلي على النصوص المصوّرة، كما تناول دور اللغويات الحاسوبية في دعم تعليم اللغة العربية، والتقنيات الحديثة في حوسبة المعاجم، وبناء المدونات اللغوية وتحليلها.

مبادرات رقمية في الحوسبة اللغوية

وشهد المؤتمر الكشف عن عددٍ من المبادرات الرّقمية والرُّؤى المتنوعة في إثراء التطبيقات اللغوية الحديثة، ومن ذلك معجم «مدار» الذي يُعدّ شاملاً لكثيرٍ من اللهجات، ويغطّي أكثر من 25 لهجة من مختلف الدّول العربية.

وشاركت وكيلة كلية الحاسبات والمعلومات في جامعة الباحة الاستاذ المساعد في الذكاء الاصطناعي الدكتورة مها مرزوق بن تنباك بورقة علمية تحتوي على مدونة نصية مكتوبة بخط اليد من قبل طلاب وطالبات المرحلة الجامعية في السعودية حيث تكمن أهمية هذه المدونة في التعرف على أساليب الكتابة في مجالات متنوعة وفهم الخصائص اللغوية للكتابة الإنشائية

من جهته، قال واثق منصور، خلال جلسة تناولت مشروعات ونماذج المدونات اللغوية، إنه يسعى من خلال تطوير النسخة الثانية لمشروع «أرا فاكتس» لتكون مُدوّنة رقمية متاحة لجميع الأبحاث العلمية، مع إمكانية إضافة الادعاءات دورياً، وعدّ الدكتور خالد أحمد المُدوّنات الرّقمية من أهم تطبيقات تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.

في حين قال الدكتور كاشف جمال، إن مجال الترجمة الآلية مجالٌ نشط بحثياً، ومتطور تطوراً ملحوظاً، بيد أنه بحاجة إلى كثيرٍ من العناية والاهتمام من المتخصصين.

مشاركة دولية في المؤتمر بمدينة الرياض (مجمع الملك سلمان)

نقلة في رقمنة حضور اللغة العربية

يسعى المؤتمر إلى مضاعفة التّوجه الذي التزم به مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، لتطوير مجالات الحَوسبة اللغوية، وتعزيز النجاحات التي حقّقها في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة اللغة العربية ورقمنة كثيرٍ من الخدمات، وإطلاق عددٍ من المشروعات النوعية في مجال الحَوسَبة اللغوية خصوصاً، ومن أبرزها: «مركز ذكاء العربية» الذي أُطلِق في شهر أبريل (نيسان) الماضي، ليكون مظلّة لمبادرات نوعية تُسهم في خدمة اللغة العربية، و«معجم الرياض للغة العربية المعاصرة»، و«مِنصة فَلَك للمدونات اللغوية»، و«منصة سِوار للمعاجم الرقمية».

وقال الدكتور الوشمي، خلال المؤتمر، إنه «لَمِن دواعي البهجة أن نشهد نموّاً وتطوراً ملموسين في مجالات الحوسبة اللغوية العربية، وأن يكون للمجمع قصبُ السّبق في تحريك هذا التفاعل، عبر جوائزه ومسابقاته المختصة وبرامجه النوعية وشراكاته الكبرى، وهذا المؤتمر على رأسها».

مبادرات رقمية ورُؤى قيّمة شهدها المؤتمر (مجمع الملك سلمان)

وسعى المجمع، من خلال المؤتمر، إلى استثمار الفُرص الواعدة لخدمة اللغة العربية، والمحافظة على سلامتها، ودعمها نطقاً وكتابةً، وتعزيز مكانتها عالميّاً، ومدّ جسور التّعاون بينه وبين الجهات ذات الخبرة، والتّجربة في المعالجة الآلية للغة العربية، سيّما الجهات المعنيّة بالبيانات اللغوية والمحتوى العربي، واستعراض التجارب المتميزة في مراكز الذكاء الاصطناعي المختصة باللغة العربية، لا سيما في المعاجم العربية الرّقمية والمُدوّنات، والتّعريف بجهود الباحثين، ومعرفة آخر المستجدات العلمية في مجال حوسبة اللغة العربية، وتعزيز حضورها في مجال الحَوسبة، والسعي إلى البناء التّراكمي، والتأصيل العلمي لهذا الميدان.


مقالات ذات صلة

دراسة: الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد أفضل من البشر

تكنولوجيا غالبية القُرَّاء يرون أن الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد شعر أفضل من البشر (رويترز)

دراسة: الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد أفضل من البشر

أكدت دراسة جديدة أن قصائد الشعر التي تكتب بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي أفضل من تلك التي يكتبها البشر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك استخدام الذكاء الاصطناعي للقيام بالكشف الأولي على المريض يمكن أن يؤدي للكشف عن كسور بالعظام قد يغفل عنها الإنسان (أ.ف.ب)

4 طرق لتحسين الرعاية الصحية بواسطة الذكاء الاصطناعي

يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة على تحقيق ثورة في الرعاية الصحية العالمية، خصوصاً مع وجود 4.5 مليار شخص لا يستطيعون الحصول على خدمات الرعاية الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «الشورت» يحسّن كفاءة المشي في الهواء لدى كبار السنّ (نيتشر)

«شورت» ذكي لتحسين حركة المرضى وكبار السنّ

أعلن باحثون في «جامعة ميونيخ التقنية» عن تطوير «شورت» ذكي يساعد الأشخاص على المشي بسهولة مع تقليل ملحوظ في استهلاك الطاقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يحول الذكاء الاصطناعي الطابعات من مجرد خدمة بسيطة إلى أداة أكثر ذكاءً واستجابة لحاجات المستخدمين (أدوبي)

خاص كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟

تلتقي «الشرق الأوسط» الرئيسة العامة ومديرة قسم الطباعة المنزلية في شركة «إتش بي» (HP) لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الطابعات ومستقبلها.

نسيم رمضان (بالو ألتو - كاليفورنيا)

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي
TT

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي

نثر مهرجان للمسرح، أقيم في درنة الليبية بعضاً من الفرح على المدينة المكلومة التي ضربها فيضان عارم قبل أكثر من عام.

ومع حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة وفنانين وممثلين ليبيين وغيرهم من الضيوف الفنانين من بعض الدول العربية، أبرزها سوريا والأردن ومصر وتونس.

الفنان صابر الرباعي

واختتم، مساء الخميس، المهرجان الذي استهل أعماله بحفل غنائي أحياه الفنان صابر الرباعي، على مسرح المدينة الرياضية، وسط حضور جماهيري وفني، محلي ومن دول عربية من بينها مصر وتونس.

وتحت شعار «درنة عادت، درنة الأمل»، دعا المهرجان سبع فرق: خمساً من ليبيا، وفرقةً من مصر، وأخرى من تونس.

أحد العروض

وعُرضت أعمال عديدة من بينها مسرحية «خرف» لفرقة الركح الدولي من بنغازي، التي أثنى عليها الجمهور، من حيث الأداء المميز لجميع الفنانين المشاركين، كما عرضت مسرحية «صاحب الخطوة» لفرقة المسرح القوريني من مدينة شحات، وجاء العرض مليئاً بالرسائل العميقة، وقد نال إعجاب الحضور.

وأعلنت إدارة المهرجان عن توزيع جوائز للأعمال المشاركة، بالإضافة لتكريم عدد من نجوم الفن في ليبيا ودول عربية.

وحاز جائزة أفضل نص دنيا مناصرية من تونس، عن مسرحية «البوابة 52»، بينما حصلت الفنانة عبير الصميدي من تونس على جائز أفضل ممثلة عن العمل نفسه.

ومن ليبيا حاز الفنان إبراهيم خير الله، من «المسرح الوطني» بمدينة الخمس، جائزة أفضل ممثل عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع»، وذهبت جائزة أفضل إخراج للمخرج منير باعور، من المسرح الوطني الخمس عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع».

عرض مسرحي

كما كرمت إدارة المهرجان الفنان المصري أحمد سلامة، والفنانة عبير عيسى، والإعلامية صفاء البيلي؛ تقديراً «لإسهاماتهم القيمة في مجال الفن والمسرح». وقالت إدارة المهرجان إن هذا التكريم «يعكس التقدير والاحترام للفنانين الذين ساهموا في إثراء الثقافة والفنون، ويعزّز من أهمية دعم المواهب الفنية في المجتمع».

وكانت الدورة السادسة لمهرجان «درنة الزاهرة»، وهو اللقب الذي يُطلق على هذه المدينة المعروفة بأشجار الياسمين والورد، قد ألغيت العام الماضي بسبب الدمار الذي طال معظم مبانيها التاريخية جراء الكارثة.

في ليلة 10 إلى 11 سبتمبر (أيلول) 2023، ضربت العاصفة «دانيال» الساحل الشرقي لليبيا، ما تسبّب في فيضانات مفاجئة تفاقمت بسبب انهيار سدين في أعلى مدينة درنة. وخلفت المأساة ما لا يقل عن 4 آلاف قتيل وآلاف المفقودين وأكثر من 40 ألف نازح، حسب الأمم المتحدة.

مسرح جامعة درنة

وتقول الممثلة المسرحية التونسية عبير السميتي، التي حضرت لتقديم مسرحية «الباب 52»، لـ«وكالة الأنباء الفرنسية»، «هذه أول مرة آتي فيها إلى هنا. بالنسبة لي، درنة اكتشاف. كنت متشوقة للمجيء. عندما نصل إلى هنا، نشعر بالألم، وفي الوقت نفسه، نشعر بالفرح وبأن الشعب كله لديه أمل».

بدورها، ترى الممثلة والمخرجة الليبية كريمان جبر أن درنة بعدما خيّم عليها الحزن، عادت إلى عهدها في «زمن قياسي».

جانب من تكريم الفنانين في مهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

ومن الكنوز المعمارية الشاهدة على الماضي الفني والأدبي الذي فقدته درنة في الفيضانات، «بيت الثقافة»، وخصوصاً «دار المسرح»، أول مسرح تم افتتاحه في ليبيا في بداية القرن العشرين.

وفي انتظار إعادة بنائه، اختارت الجهة المنظمة إقامة المهرجان على خشبات «المسرح الصغير» بجامعة درنة.

تكريم الفنانة خدوجة صبري بمهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

وقال المدير الفني للمهرجان نزار العنيد: «كلنا نعرف ما حدث في درنة العام الماضي، أصررنا على أن يقام المهرجان (هذا العام) حتى لو كان المسرح لا يزال قيد الإنشاء».

وأوضحت عضوة لجنة التحكيم، حنان الشويهدي، أنه على هامش المهرجان، «يُنظَّم العديد من الندوات وورش العمل التدريبية المهمة للممثلين والكتاب المسرحيين الشباب».

وتقول الشويهدي: «الصورة التي تقدمها درنة اليوم تُفرح القلب، رغم الموت والدمار»، معتبرة أن المدينة المنكوبة تظهر «بوجه جديد؛ درنة تستحق أن تكون جميلة كما يستحق سكانها أن يفرحوا».