عشاق العناكب في كولورادو: كائنات أليفة وليست كابوسية

مهرجان يُقام خلال موسم تزاوجها روّاده أصحاب القلوب القوية

العناكب كابوسية هنا ولطيفة هناك (غيتي)
العناكب كابوسية هنا ولطيفة هناك (غيتي)
TT

عشاق العناكب في كولورادو: كائنات أليفة وليست كابوسية

العناكب كابوسية هنا ولطيفة هناك (غيتي)
العناكب كابوسية هنا ولطيفة هناك (غيتي)

نوع الحب في سهول ولاية كولورادو الأميركية يجعل القلب ينبض أسرع. إنه موسم تزاوج العناكب، فتخرج الذكور من جحورها بحثاً عن شريكة، ويتوافد المئات من عشاقها إلى بلدة لا جونتا الزراعية الصغيرة لمشاهدتها بأعداد غفيرة. ووفق «أسوشييتد برس»، تجمّع علماء وهواة العنكبوت وعائلات كولورادو الفضولية في حافلات، حين بدأت العناكب تجوب السهول الجافة المتموّجة. واستخدم البعض مصابيح كهربائية ومصابيح السيارات الأمامية لتحديد أماكنها بمجرّد غروب الشمس.

في البلدة، تباهى روّاد المهرجان بصفاتهم الشبيهة بالعناكب في مسابقة للأرجل المشعَّرة، فحصلت امرأة على لقب هذا العام، وتجوّلوا في سيارات قديمة تحمل عناكب عملاقة على أغطيتها. وبالنسبة إليهم، لا تعدُّ العناكب كائنات كابوسية، وإنما جزء مهم من النظام البيئي المحلّي؛ تجذب الناس من جميع أنحاء الولايات المتحدة.

غوران شيكاك الشغوف بالعناكب (أ.ب)

بسرعة، انتشرت أخبار مهرجان العناكب بدورته الثالثة بين الناس؛ منهم ناثان فيلاريال، مربّي العناكب من سانتا مونيكا بكاليفورنيا، الذي وصف موسم التزاوج بالمشهد الرائع.

يبيع فيلاريال العناكب للناس بوصفها حيوانات أليفة، ويؤكد أنه شغوف بها منذ الطفولة. وفي شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، تتجوّل الذكور الناضجة بحثاً عن جحر الأنثى، الذي عادة ما تميّزه بخيوط الحرير. يقول فيلاريال: «رأينا ما لا يقلّ على 12 عنكبوتاً في الطريق، وبعد ذلك رأينا العشرات».

وتستغرق الذكور نحو 7 سنوات للوصول إلى الجاهزية الإنجابية، ثم تمضي بقية عمرها في البحث عن رفيقة، كما قالت كارا شيلينغتون، أستاذة الأحياء في جامعة «شرق ميشيغان» التي تدرس العناكب. عادة ما تعيش الذكور لعام تقريباً بعد الوصول إلى مرحلة النضج الجنسي، في حين يمكن أن تعيش الإناث لـ20 عاماً أو أكثر. تنمو الذكور إلى نحو 5 بوصات في الطول، وتُطوّر زوجاً من الزوائد على رؤوسها التي تستخدمها للطبل خارج جحر الأنثى التي تزحف إلى السطح إذا كانت شريكة راغبة، فيربط الذكر رجليه بأنيابها. يحدُث التزاوج سريعاً، إذ يحاول الذكر الابتعاد قبل أن تأكله الأنثى، التي تميل إلى أن تكون أكبر قليلاً، وتحتاج إلى مغذّيات إضافية للحفاظ على حملها.

وشيلينغتون، مثل كثيرين حضروا المهرجان، متحمِّسة لتعليم الناس عدم الخوف من العناكب. وأوضحت أنّ تلك العناكب في أميركا الشمالية تميل إلى أن تكون مخلوقات طيّعة، ولا يُعدُّ سمّها خطراً على البشر، ولكن يمكن أن يُسبّب الألم.

وقالت: «عندما تواجهها، فإنها تخاف منك أكثر. لا تلدغ العناكب إلا بسبب الخوف، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي تحمي بها نفسها. وإذا لم تضعها في موقف يُشعرها بأنها مضطرة للعضّ، فلن تكون ثمة سبب للخوف منها».تعلّم أطفال حضروا المهرجان مع أسرهم أنّ العناكب ليست مخيفة كما قد تبدو.

وقالت روزلين غونزاليس (13 عاماً) إنها لا تستطيع الانتظار للذهاب للبحث عن العناكب التي تأتي عند غروب الشمس.

وبالنسبة إلى طالب الدراسات العليا، غوران شيكاك، الذي امتلأت ذراعه بوشوم العنكبوت، يمثّل المهرجان السنوي فرصة للاحتفال بالعناكب مع آخرين يشاركونه شغفه بها.

وقال طالب علم العناكب في جامعة «كولورادو»، فرع دنفر: «إنها مخلوقات جميلة ومشاهدتها ممتعة».


مقالات ذات صلة

علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

يوميات الشرق العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

يجري علماء دراسة عن أندر حوت في العالم لم يتم رصد سوى سبعة من نوعه على الإطلاق، وتتمحور حول حوت مجرفي وصل نافقاً مؤخراً إلى أحد شواطئ نيوزيلندا.

«الشرق الأوسط» (ويلنغتون (نيوزيلندا))
يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق الضوء الاصطناعي يهدد قدرة النحل على تلقيح المحاصيل (رويترز)

الضوء الاصطناعي يهدد نوم النحل

توصَّل الباحثون إلى أن الضوء الاصطناعي يمكن أن يعطل دورات النوم لدى نحل العسل، وهو ما يؤثر سلباً على دوره الحيوي بصفته مُلقحاً للنباتات والمحاصيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الغريزة والتاريخ» معرض قاهري يدعم البدينات

الفرح والسعادة والألوان المبهجة غلبت على اللوحات (الشرق الأوسط)
الفرح والسعادة والألوان المبهجة غلبت على اللوحات (الشرق الأوسط)
TT

«الغريزة والتاريخ» معرض قاهري يدعم البدينات

الفرح والسعادة والألوان المبهجة غلبت على اللوحات (الشرق الأوسط)
الفرح والسعادة والألوان المبهجة غلبت على اللوحات (الشرق الأوسط)

«بين صخب وهمس، حزن ومرح، جدٍّ وتهكم، تتحرك المرأة باحثة عن ملاذ آمن يحميها من تقلبات الزمن»، بهذه الجملة يصدّر الفنان التشكيلي المصري، سامي البلشي، معرضه «الغريزة والتاريخ» الذي يضم أكثر من 50 لوحة تعبر عن المرأة في حالات متنوعة، وتحتفي بالدرجة الأولى بالمرأة البدينة.

والمعرض الذي يستضيفه «جاليري ضي» بالزمالك حتى 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يرصد حالات من المرح والسعادة واللعب والاستمتاع الخاصة بالمرأة، مع اختيار الفنان الطابع الفانتازي الساخر للتعبير عن أفكاره وحلوله الجمالية.

ويقول البلشي: «هذا المعرض ينطلق من فكرة الظلم والتنمر والسلطة الذكورية التاريخية التي تخضع لها المرأة، وأسعى لتصويرها في هيئة متمردة تخرج من هذه السلطة لتحقق سعادتها الخاصة، لتنتصر الغريزة على التاريخ».

أعمال الفنان سامي البلشي تحتفي بالبدينات (الشرق الأوسط)

وتظهر المرأة البدينة في حفل زفاف، وحولها صديقاتها البدينات، وتظهر في الشارع مع صديقاتها وهن يلعبن، وتظهر في المنزل مع زوجها، وتظهر أيضاً في نزهة بحرية معتدة بنفسها تتزين في فرح وسعادة.

ويشير الفنان إلى أن «هذا المعرض يعد امتداداً لفكرة يصرُّ عليها في معارض سابقة، خصوصاً معرض (الفخ)، وكان قبله أيضاً معرض (الحصاد)، لكن في (الفخ) ظهرت فكرة المرأة البدينة بشكل مميز وبألوان تدل على البهجة والمرح، ورغم أن هناك أكثر من فنان عالمي رسموا المرأة البدينة، فإنني أزعم أنني نجحت في وضعها بإطار فكري وفلسفي مغاير، حتى أن بعض النقاد والفنانين أطلقوا على طريقتي وأسلوبي (التعبيرية البلشية)».

وهل ينتصر التاريخ ويسحق الغرائز، أم تنتصر الغريزة في الحضور بكل ما تحمله من مشاعر إنسانية تعود للفطرة والمشاعر البدائية للإنسان؟ هذا ما يراهن عليه الفنان، ويعدّ أن انتصار الغريزة على التاريخ هو الذي يرنو إليه.

أعمال المعرض انتصرت للمرأة (الشرق الأوسط)

إلى جانب لوحات النساء البدينات، يتضمن المعرض لوحات أخرى للمرأة في أوضاع تظهرها طويلة جداً وراسخة وشامخة، خصوصاً في مشاهد القرية، ويوضح الفنان أن: «المرأة في القرية هي وتد المنزل، تدير شؤونه مع زوجها، وتحمل الكثير من المهام الشاقة وتتحملها بمحبة وأريحية، لوجودها في محيط اجتماعي حميمي، على عكس المرأة في المدينة التي تغلق بابها على نفسها هي وأسرتها، وتكاد لا تعرف جيرانها، وتعاني من الضغوط والظروف القاسية التي تفرضها المدينة».

رسم المرأة الريفية وفق فلسفة خاصة (الشرق الأوسط)

ورغم التشوهات المقصودة في النسب والأشكال باللوحات، فإن المرأة البدينة لم تكن أبداً محل سخرية أو تنمر في المعرض، فكل من زار المعرض أشاد باللوحات، وأبدى سعادته بتناول المرأة بهذا الشكل، حتى النساء البدينات اللاتي زرن المعرض كن سعيدات جداً باللوحات، وفق البلشي.

تنويعات على فكرة المرأة البدينة (الشرق الأوسط)

ويتضمن المعرض حالتين مختلفتين؛ حالة المرأة البدينة وهي الأكثر غلبة وبروزاً، وحالة المرأة الرفيعة الشامخة التي تقوم بأعمال الحقل أو غيرها، وكأن المعرض يفصل بين عالمين؛ عالم المدينة وعالم القرية، ليقدم لنا الفنان في النهاية رؤية متكاملة وفلسفة لونية وتشكيلية تنتصر للمرأة وللغريزة ضد عوامل الزمن وسلطة الواقع والتنمر الذكوري الذي عانت منه على مر التاريخ.