يستخدمها ذوو الذكاء العاطفي... إليكم العبارة الأهم لتخفيف توتر الآباء

بعض الأهل يعانون من الشعور بالذنب والقلق من أنهم لا يفعلون ما يكفي (رويترز)
بعض الأهل يعانون من الشعور بالذنب والقلق من أنهم لا يفعلون ما يكفي (رويترز)
TT

يستخدمها ذوو الذكاء العاطفي... إليكم العبارة الأهم لتخفيف توتر الآباء

بعض الأهل يعانون من الشعور بالذنب والقلق من أنهم لا يفعلون ما يكفي (رويترز)
بعض الأهل يعانون من الشعور بالذنب والقلق من أنهم لا يفعلون ما يكفي (رويترز)

هل تشعران كأب وأم بالقلق الدائم؟ لستما وحدكما. ففي دراسة حديثة أجرتها «الجمعية الأميركية لعلم النفس»، أفاد نحو نصف الآباء الذين شملهم الاستطلاع، بأنهم يشعرون بتوتر شديد في معظم الأيام.

وأصبح هذا التوتر المستمر منتشراً جداً في الولايات المتحدة لدرجة أن الجرّاح العام أصدر تحذيراً استشارياً بشأن الصحة العقلية ورفاهية الآباء ومقدمي الرعاية، وفق تقرير لشبكة «سي إن بي سي».

ويقضي الآباء اليوم وقتاً أطول مع أطفالهم مقارنة بالآباء في منتصف الستينات، ومع ذلك لا يزال كثير منهم يعانون من الشعور بالذنب والقلق من أنهم لا يفعلون ما يكفي.

وفي عصر المقارنة القهرية وإثراء الطفولة، من السهل الوقوع في فخ الشعور بعدم الكفاءة في أثناء الإفراط في تربية الأبناء.

وقالت جيني وو وهي طبيبة نفسية ومعلمة تدرّبت في جامعة هارفارد، وباحثة في الذكاء العاطفي، ومؤسِّسة ومديرة تنفيذية لشركة «Mind Brain Emotion»: «في عملي بصفتي معلمةً مدربة في مجال الذكاء العاطفي في جامعة هارفارد، وجدت أن هناك عبارة واحدة يستخدمها الآباء ذوو الذكاء العاطفي العالي لمساعدتهم على تقليل التوتر وتربية أطفال أكفاء: أنا جيد بما فيه الكفاية».

وأوضحت: «أن تكون جيداً بما فيه الكفاية» لا يعني قيامك بالحد الأدنى. بل يتعلق الأمر بالبقاء على وفائك بما يهمك، واحتياجات طفلك أكثر من غيره، من دون الانجراف وراء توقعات الآخرين غير الواقعية.

ولفتت وو إلى أن الآباء ذوي الذكاء العاطفي يتخلون عن الحاجة إلى الموافقة الاجتماعية، مشيرة إلى أنه في ورش العمل التي تقوم بها، «كثيراً ما يتشارك الآباء مخاوفهم بشأن استسلام أطفالهم لضغوط الأقران، واتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، نادراً ما نتحدث عن صراعاتنا مع ضغوط الأقران. تكون الحاجة إلى أن نبدو كأننا نملك كل شيء وأن نثبت أننا نربي أطفالاً ناجحين».

وأضافت: «عندما نربط قيمتنا الذاتية بإنجازات أطفالنا، فإننا نخلق حتماً القلق والخجل في أنفسنا وفيهم. وهذا التحول في التركيز، من الأبوة إلى الأداء، مساهم رئيسي في الإرهاق المزمن».

كما أكدت وو أن محاولة مواكبة الآخرين أو تقليد اتجاهات الأبوة لن يؤديا إلا إلى استنزافنا وتشتيت انتباهنا عمّا يهم حقاً، ونصحت بأنه بدلاً من ذلك «يجب أن ننتقل من الخوف من تفويت الفرصة إلى الفرح بالفرصة».

وأعطت مثالاً على ذلك، بإقامة احتفال بسيط ودافئ بعيد الميلاد بدلاً من التوتر بشأن زخارف الحفلة المتقنة. أو الشعور بالأمان بشأن تفويت حدث لطفلي؛ لأن جودة مشاركتي أكثر أهمية من عددها. أو اختيار النشاط الذي يهتم به طفلي من دون القلق بشأن أي نشاط سيسجل الآباء الآخرون به أطفالهم.

وقالت وو: «اسأل نفسك: ما العوامل الخارجية التي تسبب لي التوتر؟ ما الذي يمكنني التخلي عنه ولم يعد يخدمني؟».

قائلة: «لن أفعل».

إذا كنت تفعل كل شيء، فلن يكون هناك مجال للآخرين للمساهمة. غالباً ما يتوتر الآباء ذوو الذكاء العاطفي المرتفع بشكل أقل من خلال رفض التعامل مع المهام التي يعرفون أن أطفالهم قادرون على إدارتها بأنفسهم، بحسب وو.

وقالت: «بالنسبة لي، مع تقدم أطفالي في السن، لم أعد أوقظهم في الصباح للذهاب إلى المدرسة، أو أغسل أطباقهم، أو أغسل ملابسهم، أو أنظف المرحاض، أو أشرف على إكمال واجباتهم المدرسية. أنا أثق في قدرتهم على تحمل المسؤولية عن هذه المهام».

ونصحت وو بوضع قائمة بـ«لن أفعل» تحتوي على 3 إلى 5 عناصر، وكل 6 أشهر، يعاد تقييمها لإضافة مزيد من المهام مع نمو طفلك وزيادة قدرته. هذا النهج يعد الأطفال للعالم الحقيقي من خلال تعليمهم اتخاذ المبادرة، والتعامل مع الإحباط وحل المشكلات بشكل مستقل.



فان جوخ... شعراء وعشاق... سيمفونية الألوان والمشاعر

«ليلة مرصعة بالنجوم» في معرض «شعراء وعشاق» (غيتي)
«ليلة مرصعة بالنجوم» في معرض «شعراء وعشاق» (غيتي)
TT

فان جوخ... شعراء وعشاق... سيمفونية الألوان والمشاعر

«ليلة مرصعة بالنجوم» في معرض «شعراء وعشاق» (غيتي)
«ليلة مرصعة بالنجوم» في معرض «شعراء وعشاق» (غيتي)

لا تتوقف لوحات الفنان المعذب فنسنت فان جوخ عن مفاجأتنا، رغم انتشارها واستهلاكها تجارياً، لا تزال تحتفظ بحياتها وجمالها وشاعريتها وحزنها. الدهشة دائماً حاضرة عندما نطالع لوحات عبقري الألوان. قد يبدو أن المعارض المخصصة لفان جوخ قد استنفدت ما بجعبتها، ولكن مع كل معرض جديد تظهر جوانب لم نرها من قبل، وتبوح اللوحات بأسرار جديدة لزوارها. اختار المعرض الحالي الذي يقيمه ناشونال غاليري بلندن عنوان «فان جوخ... شعراء وعشاق» ليعيد قراءة فترة مهمة في حياة الفنان الهولندي من فبراير (شباط) 1888 إلى مايو (أيار) 1890، وهي الفترة التي انتقل فيها لمدينة آرل الفرنسية للعيش هناك وأيضاً الفترة التي قضاها في مصحة «سانت ريمي دو بروفانس». أنتج فان جوخ خلال الفترة القصيرة مجموعة من أروع لوحاته، ومنها سلسلة «زهور عباد الشمس» و«ليلة مرصعة بالنجوم» ومجموعة من المناظر الطبيعية واللوحات البورتريه.

«زهور عباد الشمس» في ناشونال غاليري بلندن (أ.ف.ب)

الشعراء والعشاق

خلال الجولة تصاحبك كلمات فان جوخ التي كتبها في خطابات لأخيه ثيو خلال تلك الفترة، وتصبح الكلمات هي المصباح الذي نرى على ضوئه اللوحات. لماذا «شعراء وعشاق؟» بحسب البيان الصحافي «اختار فان جوخ أشخاصاً من حوله ليخلق بورتريهات رمزية مثل الشاعر والعاشق». كما انتظمت الصور في مجموعات مرتبطة كل بموضوع، منها اللوحات التي زين بها غرفته في البيت الأصفر بآرل التي خلدها في لوحاته الشهيرة مثل «غرفة النوم» ولوحات زهور «عباد الشمس».

«البيت الأصفر» من المعرض (الشرق الأوسط)

يصف بيان المعرض أهمية الفترة التي قضاها الفنان في جنوب فرنسا في أسلوب فان جوخ «على مدى عامين فقط في جنوب فرنسا، أحدث فان جوخ ثورة في أسلوبه من خلال سيمفونية من الألوان والملمس الشعري. وقد استلهم أعماله من الشعراء والكتاب والفنانين. وننظر إلى هذه الفترة في آرل وسان ريمي باعتبارها فترة حاسمة في حياته المهنية. فقد أنتجت رغبته في سرد القصص مشهداً من الخيال الشعري والحب الرومانسي على نطاق طموح». من الجمل التي تأخذ بيد الزائر في جولته ما كتبه فان جوخ في خطاب لأخيه في سبتمبر (أيلول) 1888 واصفاً لوحته «مدخل الحديقة العامة في آرل»: «هذه الحديقة تتميز بلمحة لطيفة بحيث يمكنك تخيل شعراء عصر النهضة مثل دانتي وبترارك وبوكاشيو، وهم يمشون بين الشجيرات على العشب المزهر».

«حديقة الشاعر» 1888 تفتتح المعرض (الشرق الأوسط)

عبر أكثر من 50 لوحة من المتعة المتواصلة نتابع أفكار فان جوخ، نحس بضربات فرشاته، ونرى الألوان الممتزجة على رقعتها، كل لوحة تبعث الشعور لدى الزائر بأنه يقف إلى جانب الفنان، ولعل هذا ما يمنح المعرض حيويته وجاذبيته. لا يشيخ فان جوخ أبداً، ولا تفقد لوحاته سحرها. يستكشف العرض تعامل الفنان مع موضوع الحب وموضع الشعراء فيصف الحديقة المواجهة للمنزل الأصفر الذي سكن فيه في آرل بأنها حديقة الشعراء، ونرى الحديقة في لوحة بعنوان «حديقة الشاعر (1888)» حيث صور عاشقين يقفان تحت ظلال الأشجار. وفي كل حديقة كان هناك رمز للعشاق، هنا عاشقان يمسكان بيد بعضهما البعض في لوحة «ليلة مرصعة بالنجوم» أو اثنان في لوحة الحديقة العامة في آرل وغيرها، تمثل اللوحات المعروضة هذا التوجه والتفكير لدى الفنان وتوقه لأحاسيس الحب. حتى عندما دخل المصحة في سانت ريمي في مايو 1889 أصبحت حديقة المستشفى في خيال فان جوخ بمثابة مكان للقاء العشاق، ونفذ في تلك الفترة عدداً من اللوحات الرائعة للحديقة.

بعيداً عن الرومانسية

مع أن المعرض اختار ثيمة وعنواناً قد يوحي بالشاعرية إلا أن هناك أحاسيس أخرى تملأ الزائر، وليست بالضرورة الشاعرية بل هناك أيضاً الحزن والفقد وأيضاً الخوف. في خطاب لصديقه الرسام إميل برنار في نوفمبر (تشرين الثاني) 1889 وصف فان جوخ شجرة مقطوعة في حديقة المصحة بسان ريمي بأنها مثل «العملاق الأسود... مثل رجل مكسور». في هذا الضوء يمكننا تفسير الألوان التي استخدمها لتلوين التربة تحت أشجار الزيتون، لونها أحمر مثل الصدأ، يقول عنها في خطاب لأخيه في نوفمبر 1989 «هذا المزيج بين لون الأصفر المحمر، بين اللون الأخضر الذي يتخلله اللون الرمادي الحزين، للخطوط السوداء التي تحدد الخطوط العريضة، يثير قليلاً من الشعور بالقلق الذي يعانيه بعض رفاقي في سوء الحظ غالباً...».

أشجار الزيتون من معرض «فان جوخ: شعراء وعشاق» (الشرق الأوسط)

ما يهم في المعرض هو التنقل من رائعة لأخرى من إبداع ذلك العبقري، ويبدو أن ذلك ما فكر به معدو العرض إذا تختفي التعليقات على البطاقات بجوار كل لوحة، وتكتفي بالأساسي تاركة للزائر حرية استكشاف ما أبدعته ريشة فان جوخ وهو كثير. تبرز في المعرض المناظر الطبيعية، وتطغى على تصوير الأشخاص الذين يتقلص حضورهم لأشخاص بلا ملامح، نرى أشخاصهم عبر الخطوط الغامقة، لا يهتم الفنان كثيراً بتفاصيلهم، هم هنا لإعطاء اللوحة معنى. الأشجار هنا قصة أخرى، نراها مثمرة ووارفة الظلال، ونراها مكسورة مقطوعة وحيدة، أشجار الزيتون في الغرفة الأخيرة تتلوى وكأنها تعاني. يصور الجبال وكأنها سلسلة من الأشكال الداكنة المقلقة أما السحب فتتحول عنده لأشكال مختلفة بعضها ثقيل اللون مثل مزيج الدقيق بالماء، وبعضها يسبح في أشكال متلوية.

«ناثر البذور» من المعرض (الشرق الأوسط)

نأتي للألوان وهي باهرة! لم يستخدم فنان الألوان مثل فان جوخ، يسبغ ضربات الفرشاة المليئة بالألوان على قماش اللوحة، تسبح اللوحة في ألوان متنوعة تنسجم فقط مع مخيلة الفنان، ولا تنسجم مع الطبيعة، فالسماء عنده خضراء وزرقاء أو حتى بنفسجية، حتى تراب الأرض يتلون، وتبقى الشمس محتفظة بمزيج بديع من اللون الأصفر ودرجاته. الشمس في أكثر من لوحة هنا دائرة محددة بلون أغمق تسبح في بحر من اللون الأصفر، في لوحته عن أشجار الزيتون يطفو قرص الشمس فوق الأشجار، وفي لوحة أخرى عن ناثر البذور يطل قرص الشمس العملاق خلف المزارع باللون الأصفر الذي لم يستخدمه أحد مثل فان جوخ بينما تكتسي السماء حوله بدرجات مختلفة من اللون الأصفر المائل للزيتي. يخرج الزائر من المعرض وبه إحساس المنتشي من إبداع لا حدود له وبين مشاعر مختلفة ممزوجة بالحزن تسربت من بين خطوط وألوان كثيفة ونفس الفنان المعذبة.

- معرض «فان جوخ... شعراء وعشاق» في ناشونال غاليري بلندن يستمر حتى 19 يناير (كانون الثاني) 2025.