الروائي القطري د. أحمد عبد الملك: المبيت في صندوق التاريخ لن يصنعَ كاتباً ناجحاً

التواصل الثقافي في معرض الرياض فرصة لتبادل الرأي في فروع المعرفة

الروائي القطري د. أحمد عبد الملك في معرض الرياض الدولي للكتاب
الروائي القطري د. أحمد عبد الملك في معرض الرياض الدولي للكتاب
TT

الروائي القطري د. أحمد عبد الملك: المبيت في صندوق التاريخ لن يصنعَ كاتباً ناجحاً

الروائي القطري د. أحمد عبد الملك في معرض الرياض الدولي للكتاب
الروائي القطري د. أحمد عبد الملك في معرض الرياض الدولي للكتاب

يجمع الأكاديمي والروائي القطري الدكتور أحمد عبد الملك، بين الإعلام والأدب، فهو حاصل على الماجستير في الإعلام التربوي من جامعة ولاية نيويورك -بافلو- الأميركية، والدكتوراه في الصحافة من جامعة ويلز في بريطانيا عام 1989، وبدأ حياته مذيعاً في تلفزيون قطر عام 1972، وشغل مناصب إعلامية عديدة بينها رئيس تحرير جريدتين قطريتين. كما عمل مديراً للشؤون الإعلامية بمجلس التعاون الخليجي من عام 1993 إلى عام 1999. ويُعّد من أوائل من كتب في الصحافة القطرية في مجلة العروبة عام 1970. وأعد عشرات البرامج التلفزيونية والمسلسلات الإذاعية منذ عام 1969، وكتب العديد من المقالات في الصحف القطرية والخليجية، وكتب أكثر من 50 ورقة علمية في الإعلام والثقافة. وهو عضو جائزة الصحافة العربية من عام 2010 إلى عام 2013.

وعلى الصعيد الأكاديمي عمل أستاذاً مشاركاً لمواد الإعلام بجامعة قطر من عام 1983 إلى عام 2004، وأستاذاً مشاركاً لمواد الإعلام في كلية المجتمع منذ عام 2014.

وعلى الصعيد الأدبي، فالدكتور عبد الملك له 50 كتاباً في الإعلام والأدب والثقافة، منها 13 رواية، من بينها: «أحضان المنافي» 2005، و«القنبلة» 2006، «وفازع شهيد الإصلاح في الخليج» 2009، و«الأقنعة» 2011، و«شو» 2016، و«الموتى يرفضون القبور» 2016، و«غصن أعوج» 2017، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من القصص القصيرة. ونال جائزة «كتارا» للرواية العربية مرتين عامَي 2019 و2022، كما حصل على «جائزة فودافون للرواية» عام 2014، و«جائزة فودافون للقصة القصيرة» عام 2016.

وخلال مشاركته في الجناح القطري بمعرض الرياض الدولي للكتاب، حيث تحلّ دولة قطر «ضيف شرف» هذه الدورة، التقت «الشرق الأوسط» الروائي والأكاديمي القطري الدكتور أحمد عبد الملك، وأجرت معه الحوار التالي:

* كيف ترى اختيار دولة قطر «ضيف شرف» معرض الرياض الدولي للكتاب 2024؟

- يأتي اختيار دولة قطر ضيفاً لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2024، انطلاقاً من العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين، حيث العلاقات الممتدة لمئات السنين، والجوار الجغرافي، والمواقف المشتركة ضمن إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

فللثقافة دورٌ مهم في توطيد تواصل الشعوب، ولفتح آفاق التفاهم والتشارك، وتبادل الأفكار النيّرة التي تزيد من روح المحبة والخير، وتداري كل أنواع الانقسامات والشرور. كما أن الثقافة في روحها الأصيلة، تُمتعُ الروحَ، وتنقل الخبرات من منطقة إلى أخرى، ما يساهم في التجانس الثقافي بين الأمم.

* ما أهمية حضور المبدعين القطريين في فعاليات معرض الرياض ولقاءاتهم مع زملائهم السعوديين؟

- المبدعون هم المتحدثون الأوفياء باسم ثقافتهم، وهم المعبِّرون عن روح تلك الثقافة، التي تشمل الكتابَ والمسرحَ والأغنيةَ والتراثَ والفنون التشكيلية، وغيرها من أدوات الثقافة المادية وغير المادية. وهم الأجدر بالحديث عن نماذج الثقافة وفروعها. ووجود المبدعين القطريين في معرض الرياض الدولي للكتاب، يوفرُ فرصةً ثمينة، لتعريف المجتمع السعودي الشقيق بنماذج واتجاهات الثقافة القطرية بفروعها المختلفة، والأهم التقاء المبدعين القطريين مع نظرائهم السعوديين، مما يخلقُ الفرصةَ لتبادل الرأي في فروع المعرفة، وخلق مناخ التعارف بين الطرفين.

من معرض الرياض الدولي للكتاب 2024 (واس)

* لديك حضور بارز في المشهد الأدبي خصوصاً الروائي في قطر؛ تنقَّلت في رواياتك من القضايا الاجتماعية إلى استشراف المستقبل وتناول قضايا فلسفية، كيف تصف هذه الرحلة؟

- لله الحمد، لديَّ اليوم 13 رواية، كتبتُ أولاها عام 2005، تحت عنوان «أحضان المنافي»، عندما تحوّلتُ من القضايا السياسية والاجتماعية، في كتاباتي الصحفية التي امتدت لأكثر من خمسين عاماً؛ فقد وجدتُ في الرواية المجالَ الرحبَ لطرح الأفكار التي تسهم في الدفع بوعي المجتمع، وتقديم الحلول لما يُواجهه من منغصات اجتماعية، قد لا يحسمها الرأي الصحفي. ولأنني كاتب دراما في الأصل، فإنني وجدتُ في الرواية مساحةً أكبر للتعبير، وإطلاق الخيال، والبحث عن الجديد من الأفكار. كما أن استشراف المستقبل، أمر مهم، في توظيف الخيال، في الرواية. كما أنني أجدُ متعة كبرى في «الخَلق»، ذلك أن الإبداع هو الخَلق، الذي لم يسبقك إليه أحد. كما أن الرواية تكسرُ أغلالَ الرقابة، وتمنحك فرصة التحليق في فضاءٍ مفعمٍ بالمشاهد والشخصيات والأمكنة والأزمنة، وحرية تحريك شخصياتك في تلك الآفاق.

* كيف تؤثر البيئة القطرية والخليجية في أعمالك الروائية؟

- أنا لم أركز على البيئة المحلية إلا في ثلاث روايات: «أحضان المنافي»، و«ميهود والجنية» و«دُخان. مذكرات دبلوماسي سابق» -اللتين فازتا بجائزة «كتارا» عامَي 2019 و2022. أما باقي الروايات العشر فقد عالجت عدة موضوعات، مثل: العنصرية في «غصن أعوج»، والثأر في «شو»، وأدوات التواصل في «انكسار»، وبيع الأطفال في «باها»، وهكذا.

* هل صحيح أن التراث المحلي قد يصنع قيداً للروائي في الخليج؟

- كون التراث المحلي يُشكل قيداً للروائي، فأنا أعتقد أن الرواية فنٌّ سردي، وأن المبيتَ في صندوق التاريخ، لن يصنعَ كاتباً أو روايةً ناجحة، فبعض الكُتاب، يصورون المشاهد تصويراً فوتوغرافياً، لا روح فيه ولا رسالة، وهذا بعيدٌ عن نُبل الرواية.

* هل تسير الرواية في قطر مع التحولات التي يمرّ بها المجتمع؟ هل تستجيب لهذا التحول؟

- نعم، الرواية اليوم هي نبض المجتمع، وهي خيرُ معبّر عن هموم وتطلعات الشعوب، والروائيون القطريون والروائيات، التصقوا جداً بتلك الهموم والتطلعات، وعالجوا قضية التحول المجتمعي، والرق، والثأر، والتاريخ، وأيضاً تناولوا القضايا السياسية... نعم الرواية تجاوبت مع التحولات التي يمرّ بها المجتمع القطري.

* رغم ظهور الرواية القطرية متأخراً عبر الكاتبة شعاع خليفة في رواية «العبور إلى الحقيقة» عام 1993، فإن الرواية القطرية سجلت تقدماً بارزاً مع ظهور جيل من الكتاب، كيف ترى واقع الرواية في قطر، وقد كانت لك دراسة في هذا الشأن؟

- لديّ أكثر من دراسة في هذا الشأن، ونحو خمس أوراق عمل، فقد عملتُ حصراً للإصدارات الروائية في قطر، وتوصلتُ إلى أنه يوجد اليوم 188 رواية قطرية! وهو رقم كبير مقارنةً بعدد سكان قطر، وبالحقبة الزمنية من عام 2005، الذي بدأ التحول، بعد ركود إصدار الروايات بعد عام 1993 عندما ظهرت أولى الروايات على يد شعاع خليفة. والواقع أن الرواية جذبت كتاباً من الشباب والشابات، لأنها تختلف عن الشعر وبقية المجالات الأخرى، وكثيرون يعتقدون أنه لا موازين أو خصائص للرواية، وهذا ما أسهم في الخلط بين السيرة والرواية، والخواطر والرواية، والفروق بينهما كبيرة. نعم، يوجد تقدمٌ واضح للرواية على الأجناس الأدبية الأخرى، وهذه ظاهرة عربية.

* ما رأيك في دور المؤسسات الثقافية القطرية في دعم الكتاب والأدب؟

- تعمل وزارة الثقافة على دعم الكتاب والأدب، من خلال إداراتها المتخصصة، وبحثها دوماً عن الجديد، وتركيزها على عملية التوثيق المهمة لتاريخ البلاد. تماماً كما ظهرت منذ أربع سنوات دورُ نشر قطرية، أسهمت في تنشيط المشهد الأدبي، وتشجيع الكُتاب على النشر.

* ما علاقة الإبداع بالنقد، هل تراه يواكب الإنتاج الأدبي؟ هل أثرى النقد الحركة الأدبية في قطر؟

- علاقة الإبداع بالنقد علاقة يشوبها «الشَّلل»؛ أي إنها علاقة مريضة، والنقد في العالم العربي متراجعٌ عن سباق النشر، لا أعلم هل هذا نتيجة ندرة المتخصصين في النقد، أم أن البعض يريد راحة البال، ولا يؤيد خلق حساسيات بينه وبين الكُتاب. بالنسبة إلى النقد في قطر، أراهُ كمثيله العربي، حيث يُكتفى بالاحتفاء بالكتاب في جلسة من أربعين دقيقة، وينتهى الأمر، بمعنى أن الترويج للكتاب يكون مرة واحدة، وقبل أن يقرأهُ القُراء! ولا يمكن اعتبار ذلك نقداً.

يوجد في جامعة قطر بعض الدراسات النقدية عن الأدب القطري عموماً، ولكنني لم أقرأ كتاباً نقدياً، سوى دراسة «الأدب القطري الحديث» للدكتور محمد كافود، ودراستي «الرواية القطرية... قراءة في الاتجاهات»، التي طبعتها «كتارا». النقد موضوع صعب ومُحرجٌ ومُورّط، لذا يتجنّبه كثيرون.


مقالات ذات صلة

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

إعلام الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

السعودية تعرض بمناسبة الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض التقدم الذي أحرزته في تحضير «إكسبو 2030».

ميشال أبونجم (إيسي لي مولينو: باريس)
يوميات الشرق ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

مع انطلاق فعاليات الدورة الـ17 من «ملتقى الأقصر الدولي للتصوير» في مصر، الاثنين، بدأ الفنانون المشاركون في التفاعل مع فضاء مدينة الأقصر.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)

ولد عام غرق «تيتانيك» وعاش الحربين العالميتين... وفاة أكبر معمر في العالم

جون تينيسوود (رويترز)
جون تينيسوود (رويترز)
TT

ولد عام غرق «تيتانيك» وعاش الحربين العالميتين... وفاة أكبر معمر في العالم

جون تينيسوود (رويترز)
جون تينيسوود (رويترز)

توفي أكبر رجل معمر في العالم عن عمر ناهز 112 عاماً.

وُلد جون تينيسوود في ليفربول في 26 أغسطس (آب) 1912، وأصبح أكبر رجل معمر في العالم في أبريل (نيسان)، وفق ما أعلنت عائلته وموسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، الثلاثاء.

قالت عائلته في بيان نقلته صحيفة «الإندبندنت»، إن جون تُوفي يوم الاثنين في دار رعايته في ساوثبورت، ميرسيسايد، «محاطاً بالموسيقى والحب».

وقالت العائلة: «كان جون يحب دائماً أن يقول شكراً. لذا، نيابة عنه، شكراً لجميع أولئك الذين اعتنوا به على مر السنين، بمن في ذلك مقدمو الرعاية له في دار رعاية هوليز، وأطباء الأسرة، وممرضات المنطقة، والمعالج المهني، وغيرهم من موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية».

وعاش تينيسوود، الذي ترك وراءه ابنته سوزان وأربعة أحفاد وثلاثة من أبناء الأحفاد، ليكون رابع أكبر رجل بريطاني في التاريخ المسجل.

وقالت عائلته: «كان لدى جون العديد من الصفات الجميلة. كان ذكياً وحاسماً وشجاعاً وهادئاً في أي أزمة، وموهوباً في الرياضيات ومحادثاً رائعاً».

وأضافوا: «انتقل جون إلى دار رعاية هوليز قبل عيد ميلاده المائة بقليل، وكان لطفه وحماسه للحياة مصدر إلهام لموظفي دار الرعاية وزملائه المقيمين».

في وقت سابق من هذا العام، أخبر موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية أنه لا يشعر «باختلاف» لبلوغه 112 عاماً.

وقال: «لا أشعر بهذا العمر، ولا أشعر بالإثارة تجاهه. ربما لهذا السبب وصلت إلى هذا العمر. أنا فقط أتعامل مع الأمر بصدر رحب مثل أي شيء آخر، لا أعرف على الإطلاق لماذا عشت كل هذه المدة».

وأضاف: «لا أستطيع التفكير في أي أسرار خاصة لدي. كنت نشيطاً للغاية عندما كنت صغيراً، كنت أمشي كثيراً. لا أعرف ما إذا كان ذلك له علاقة بذلك. لكن بالنسبة لي، أنا لا أختلف عن أي شخص. لا أختلف على الإطلاق».

بخلاف تناول السمك والبطاطا المقلية كل يوم جمعة، لم يكن جون يتبع أي نظام غذائي معين، وقال: «أنا آكل ما يقدمونه لي وكذلك يفعل الجميع».

جون تينيسوود، الذي ولد في العام الذي غرقت فيه السفينة «تيتانيك»، عاش الحربين العالميتين، وكان أكبر رجل في العالم من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية. عمل في منصب إداري في هيئة رواتب الجيش.

بالإضافة إلى الحسابات والتدقيق، كان عمله يتضمن مهام لوجيستية مثل تحديد مكان الجنود العالقين وتنظيم الإمدادات الغذائية، ثم عمل محاسباً في «شل وبي بي» قبل تقاعده في عام 1972.

وكان تينيسوود من مشجعي نادي ليفربول لكرة القدم طيلة حياته، وقد وُلد بعد 20 عاماً فقط من تأسيس النادي في عام 1892 وشهد جميع انتصارات ناديه الثمانية في كأس الاتحاد الإنجليزي و17 من أصل 19 فوزاً بالدوري.

التقى تينيسوود بزوجته بلودوين في حفل رقص في ليفربول، واستمتع الزوجان معاً لمدة 44 عاماً قبل وفاة بلودوين في عام 1986.

وأصبح أكبر رجل على قيد الحياة في أبريل (نيسان) عن عمر 111 عاماً، بعد وفاة خوان فيسينتي بيريز عن عمر 114 عاماً من فنزويلا.