«مهرجان طرابلس للأفلام» ألغى حفل الختام وأعلن أسماء الأفلام الفائزة

لقطة من فيلم «سكون» لدينا ناصر
لقطة من فيلم «سكون» لدينا ناصر
TT

«مهرجان طرابلس للأفلام» ألغى حفل الختام وأعلن أسماء الأفلام الفائزة

لقطة من فيلم «سكون» لدينا ناصر
لقطة من فيلم «سكون» لدينا ناصر

بسبب الحرب الدّموية التي يعيشها لبنان، أُلغيت غالبية العروض المسرحية والحفلات، والأنشطة الثقافية. وكان «مهرجان طرابلس للأفلام»، قد باشر أعماله، حين اشتد القصف بشكل محموم. وقد صمد المهرجان وعرض أفلامه، لكن القيّمين عليه اعتذروا عن حفل الختام، مكتفين بإعلان أسماء الأفلام التي حازت إعجاب لجان التحكيم.

وقال البيان الذي وُزّع: «نظراً للظروف الأليمة والمجازر المستمرة في لبنان وفلسطين، قرّرت اللجنة المنظمة للمهرجان إلغاء حفل الاختتام الذي تُعلن خلاله أسماء الأفلام الفائزة وتوزّع الجوائز».

وجاءت اختيارات لجان التحكيم على النحو التالي:

جائزة أفضل فيلم روائي طويل تذهب لفيلم «Six Feet Over» لكريم بن صلاح، لجودة مستواه الفني والسّرد غير التقليدي، استطاع أن يمرِّر المشاهد القاسية بدقة شديدة، ويختار مقاربات ذكية لخلق التحول الدرامي للشخصيات، فيلم بمستوى فني مميز.

لقطة من الفيلم الوثائقي «ثالث» لكريم قاسم

وذهبت جائزة أحسن فيلم وثائقي إلى «ثالث» (Thiiird) لكريم قاسم، لحساسيته الفنية وإيقاعه المتميز وطريقة تأمل البشر في الأزمات بطريقة سينمائية عذبة.

وجائزة أفضل فيلم قصير ذهبت لفيلم «يرقة» (LES CHENILLES) لنُوِيل وميشيل كسرواني، باستخدام طبقات تعبيرية عدة تعكس أسلوباً قصصياً جذّاباً لتحقيق سرد سينمائي ملفت تتحوّل فيه وسائل اضطهاد المرأة إلى أدوات لتحريرها، وحيث قوة الرابطة الإنسانية والإحساس بالآخر تجمع الأفراد.

لقطة من فيلم «يرقة» لنُوِيل وميشيل كسرواني

ونال فيلم «TOUCHED» لرنا رشيد، جائزة أفضل فيلم تحريك في فترة قصيرة، وتتناول المخرجة فيه موضوعاً أساسياً ومهماً يُحكى عنه كثيراً، لكنها تنجح في تقديمه بطريقة فريدة ومبتكرة. يجعلك الفيلم تتساءل عن حياتك وحياة الناس من حولك، وحتى عن حياة الأشياء التي نتعامل معها كل يوم. فيلم يجذبك ويبقيك تحت تأثيره لفترة بعد انتهاء عرضه بفضل لمسته الصّادقة والمميزة.

البوستر الرسمي للفيلم (صفحة كردفاني على «فيسبوك»)

في حين حاز فيلم «GOODBYE JULIA» لمحمد كردفاني، جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الطويل، قصةٌ سينمائيةٌ عصريةٌ، يتقاطع فيها الهمّ الخاص مع العام بعذوبة وفنية عالية.

أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم القصير، فذهبت لفيلم «سكون» (AMPLIFIED) لدينا ناصر، بوتيرة تصاعدية تتعمق في العالم الصّامت للشخصية الرئيسية في الفيلم ورفضها أن تتحوّل إلى ضحية عند تعرضها للتحرش، ومعالجة هذا الموضوع الحساس من خلال سرد قصصي متناغم وتصميم صوت قوي.

مشهد من فيلم «الإبرة» لعبد الحميد بوشناق

ولم تستطع لجان التحكيم التجاوز عن أربعة أفلام طويلة وقصيرة استحقت التنويه الخاص من قبلها وهي: عن فئة الأفلام الطويلة: تنويه خاص من لجنة التحكيم لفيلم «The Needle» لعبد الحميد بوشناق، وفيلم «The tedious tour of M» لهند بكر.

وفيما يخصّ فئة الفيلم القصير فقد قرّرت لجنة التحكيم أن تمنح تنويهاً خاصاً بفيلمين قصيرين أسرا القلوب، فهما يشتركان في حسٍّ فكاهي راقٍ وممثلين متميزين وقدرٍ كبيرٍ من الفانتازيا، في حين يتناولان بأسلوب رقيق وراقٍ مواضيع أعمق بكثير. أحدُهما يعالج سينمائياً موقفاً غير عادي بعبثية جذّابة، ويتناول الآخر حياة شخصين والحب الذي تولّد بينهما بسحرٍ، وهو إنجاز خاص لمخرج شاب يدخل الساحة السينمائية اللبنانية صوتاً جديداً. والفيلمان هما: «AN ALBUM OF VOWS» لإيليو طربيه، و«A BEAUTIFUL EXCUSE FOR A DEADLY SIN» لهاشم شرف.


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
TT

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

في النسيج الواسع لتاريخ الفن التشكيلي، تبرز بعض الأعمال الفنية وتكتسب شهرة عالمية، ليس بسبب مفرداتها وصياغاتها الجمالية، ولكن لقدرتها العميقة على استحضار المشاعر الإنسانية، وفي هذا السياق تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود»، وهي كذلك شهادة على «قوة الفن في استكشاف أعماق النفس، وصراعاتها الداخلية».

هذه المعالجة التشكيلية لهموم البشر وضغوط الحياة استشعرها الجمهور المصري في أول معرض خاص لماهر البارودي في مصر؛ حيث تعمّقت 32 لوحة له في الجوانب الأكثر قتامة من النفس البشرية، وعبّرت عن مشاعر الحزن والوحدة والوجع، لكنها في الوقت ذاته أتاحت الفرصة لقيمة التأمل واستكشاف الذات، وذلك عبر مواجهة هذه العواطف المعقدة من خلال الفن.

ومن خلال لوحات معرض «المرايا» بغاليري «مصر» بالزمالك، يمكن للمشاهدين اكتساب فهم أفضل لحالتهم النفسية الخاصة، وتحقيق شعور أكبر بالوعي الذاتي والنمو الشخصي، وهكذا يمكن القول إن أعمال البارودي إنما تعمل بمثابة تذكير قوي بالإمكانات العلاجية للفن، وقدرته على تعزيز الصحة النفسية، والسلام، والهدوء الداخلي للمتلقي.

لماذا يتشابه بعض البشر مع الخرفان (الشرق الأوسط)

إذا كان الفن وسيلة للفنان والمتلقي للتعامل مع المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فإن البارودي اختار أن يعبِّر عن المشاعر الموجعة.

يقول البارودي لـ«الشرق الأوسط»: «يجد المتلقي نفسه داخل اللوحات، كل وفق ثقافته وبيئته وخبراته السابقة، لكنها في النهاية تعكس أحوال الجميع، المعاناة نفسها؛ فالصراعات والأحزان باتت تسود العالم كله». الفن موجود إذن بحسب رؤية البارودي حتى يتمكّن البشر من التواصل مع بعضهم بعضاً. يوضح: «لا توجد تجربة أكثر عالمية من تجربة الألم. إنها تجعلهم يتجاوزون السن واللغة والثقافة والجنس لتعتصرهم المشاعر ذاتها».

الفنان السوري ماهر البارودي يحتفي بمفردة الخروف في لوحاته (الشرق الأوسط)

لكن ماذا عن السعادة، ألا تؤدي بالبشر إلى الإحساس نفسه؟، يجيب البارودي قائلاً: «لا شك أن السعادة إحساس عظيم، إلا أننا نكون في أقصى حالاتنا الإنسانية عندما نتعامل مع الألم والمعاناة». ويتابع: «أستطيع التأكيد على أن المعاناة هي المعادل الحقيقي الوحيد لحقيقة الإنسان، ومن هنا فإن هدف المعرض أن يفهم المتلقي نفسه، ويفهم الآخرين أيضاً عبر عرض لحظات مشتركة من المعاناة».

وصل الوجع بشخوص لوحاته إلى درجة لم يعد في استطاعتهم أمامه سوى الاستسلام والاستلقاء على الأرض في الشوارع، أو الاستناد إلى الجدران، أو السماح لعلامات ومضاعفات الحزن والأسى أن تتغلغل في كل خلايا أجسادهم، بينما جاءت الخلفية في معظم اللوحات مظلمةً؛ ليجذب الفنان عين المشاهد إلى الوجوه الشاحبة، والأجساد المهملة الضعيفة في المقدمة، بينما يساعد استخدامه الفحم في كثير من الأعمال، وسيطرة الأبيض والأسود عليها، على تعزيز الشعور بالمعاناة، والحداد على العُمر الذي ضاع هباءً.

أحياناً يسخر الإنسان من معاناته (الشرق الأوسط)

وربما يبذل زائر معرض البارودي جهداً كبيراً عند تأمل اللوحات؛ محاولاً أن يصل إلى أي لمسات أو دلالات للجمال، ولكنه لن يعثر إلا على القبح «الشكلي» والشخوص الدميمة «ظاهرياً»؛ وكأنه تعمّد أن يأتي بوجوه ذات ملامح ضخمة، صادمة، وأحياناً مشوهة؛ ليعمِّق من التأثير النفسي في المشاهد، ويبرز المخاوف والمشاعر المكبوتة، ولعلها مستقرة داخله هو نفسه قبل أن تكون داخل شخوص أعماله، ولمَ لا وهو الفنان المهاجر إلى فرنسا منذ نحو 40 عاماً، وصاحب تجربة الغربة والخوف على وطنه الأم، سوريا.

أجواء قاتمة في خلفية اللوحة تجذب العين إلى الألم البشري في المقدمة (الشرق الأوسط)

وهنا تأخذك أعمال البارودي إلى لوحات فرنسيس بيكون المزعجة، التي تفعل كثيراً داخل المشاهد؛ فنحن أمام لوحة مثل «ثلاث دراسات لشخصيات عند قاعدة صلب المسيح»، نكتشف أن الـ3 شخصيات المشوهة الوحشية بها إنما تدفعنا إلى لمس أوجاعنا وآلامنا الدفينة، وتفسير مخاوفنا وترقُّبنا تجاه ما هو آتٍ في طريقنا، وهو نفسه ما تفعله لوحات الفنان السوري داخلنا.

لوحة العائلة للفنان ماهر البارودي (الشرق الأوسط)

ولا يعبأ البارودي بهذا القبح في لوحاته، فيوضح: «لا أحتفي بالجمال في أعمالي، ولا أهدف إلى بيع فني. لا أهتم بتقديم امرأة جميلة، ولا مشهد من الطبيعة الخلابة، فقط ما يعنيني التعبير عن أفكاري ومشاعري، وإظهار المعاناة الحقيقية التي يمر بها البشر في العالم كله».

الخروف يكاد يكون مفردة أساسية في أعمال البارودي؛ فتأتي رؤوس الخرفان بخطوط إنسانية تُكسب المشهد التصويري دراما تراجيدية مكثفة، إنه يعتمدها رمزيةً يرى فيها تعبيراً خاصاً عن الضعف.

لبعض البشر وجه آخر هو الاستسلام والهزيمة (الشرق الأوسط)

يقول الفنان السوري: «الخروف هو الحيوان الذي يذهب بسهولة لمكان ذبحه، من دون مقاومة، من دون تخطيط للمواجهة أو التحدي أو حتى الهرب، ولكم يتماهى ذلك مع بعض البشر»، لكن الفنان لا يكتفي بتجسيد الخروف في هذه الحالة فقط، فيفاجئك به ثائراً أحياناً، فمن فرط الألم ومعاناة البشر قد يولد التغيير.