ابتكار مواد بناء جديدة مستوحاة من فن ياباني قديم

الأستاذ المتميز مايك شي والدكتور جيف لي (جامعة ريميت الأسترالية)
الأستاذ المتميز مايك شي والدكتور جيف لي (جامعة ريميت الأسترالية)
TT

ابتكار مواد بناء جديدة مستوحاة من فن ياباني قديم

الأستاذ المتميز مايك شي والدكتور جيف لي (جامعة ريميت الأسترالية)
الأستاذ المتميز مايك شي والدكتور جيف لي (جامعة ريميت الأسترالية)

ابتكر فريق من الباحثين الأستراليين نظاماً هندسياً جديداً يعتمد على تطوير ما يعرف بالهياكل الأنبوبية التي يمكن تعبئتها بالمواد الأخرى، وهي في وضع مسطح، لتسهيل عمليات نقلها واستخدامها كمواد بناء أكثر قوة.

جاءت فكرة هذا الاختراق العلمي، وفق باحثي الدراسة، من خلال نظام مستوحى من فن الأوريغامي الياباني القديم - وهي تقنية تستخدم قابلية الورق للطي لابتكار أشكال جديدة وجذابة تتميز بالقدرة على الإغلاق الذاتي لمكوناتها.

وكما قال الباحثان الرئيسيان للدراسة الدكتور جيف تينج وي لي والأستاذ مايك يي مين شي، من كلية الهندسة بـ«الجامعة العالمية للتكنولوجيا والتصميم والمشاريع ريميت (RMIT)» في أستراليا: «إن نبات الخيزران، الذي يحتوي على هياكل داخلية توفر له مجموعة من الخصائص الطبيعية المميزة كان أيضاً مصدر إلهام في تصميم هذا الأنبوب الهندسي».

وأضاف لي في تصريح لموقع الجامعة (الثلاثاء): «إن نظام الإغلاق الذاتي يأتي نتيجة هذا التصميم الهندسي الذكي»، وموضحاً «اختراعنا مناسب للاستخدام على نطاق واسع».

وتُستخدم الأنابيب المسطحة بالفعل على نطاق واسع في التطبيقات الهندسية والعلمية، مثل الأجهزة الطبية الحيوية، والهياكل الفضائية، والروبوتات والأبنية والمنشآت المدنية كذلك، وبخاصة المباني التي تشيد عادة كجزء من جهود التعافي في أثناء الكوارث.

نُشر البحث في المجلة العلمية المرموقة «بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس» (PNAS). ومن بين المساهمين الآخرين في هذا العمل الدكتورة هونغجيا لو وجيامينج ما ونغوك سان ها، من كلية الهندسة في معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا في أستراليا والأستاذ المساعد جوزيف جاتاس من جامعة كوينزلاند في أستراليا أيضاً.

ويجعل النظام الجديد هذه الأنابيب أسرع وأسهل في التجميع، مع القدرة على التحول تلقائياً إلى بناء قوي ذاتي الإغلاق.

وهو ما شدد عليه شي: «لا يفتح بحثنا إمكانيات جديدة لتصاميم البناء الهيكلية المبتكرة ومتعددة الوظائف فحسب، بل يمكنه أيضاً تحسين الأنظمة المسطحة القابلة للنشر في الفضاء بشكل كبير».

في حين أوضح لي: «عندما تنشر وكالة ناسا الفضائية مجموعات من الألواح الشمسية في الفضاء، على سبيل المثال، فإن الرافعات المستخدمة تكون عبارة عن أنابيب تمت تعبئتها بشكل مسطح قبل نشرها في الفضاء».

وتابع: «هذه الأنابيب مجوفة، لذلك يمكن أن تتشوه تحت قوى ضغط معينة في الفضاء. مع تصميمنا الجديد، يمكن أن تتميز هذه الرافعات ببنية أقوى».

بعض أفراد الفريق البحثي للدراسة (جامعة ريميت الأسترالية)

وقال شي إن خوارزميتهم الذكية مكنت من التحكم في كيفية تصرف الهياكل البنائية تحت تأثير القوى المختلفة من خلال تغيير اتجاهات الأنبوب.

وهو ما أكد عليه شي: «بفضل ابتكارنا المستوحى من فن الأوريغامي، فإن الأنابيب المعبأة بشكل مسطح ليست سهلة النقل فحسب، بل إنها أيضاً تصبح قوية بما يكفي لتحمل القوى الخارجية عند الاستخدام»، كما أن الأنبوب يغلق ذاتياً، مما يعني أن تكوينه القوي مقفل بشكل آمن في مكانه دون الحاجة إلى آليات إضافية أو إلى أي تدخل بشري.

ومن المنتظر أن يواصل الفريق تحسين هذا التصميم واستكشاف إمكانيات جديدة لتطويره.

وهو ما علق عليه لي: «نهدف إلى توسيع ميزة الإغلاق الذاتي لتشمل أشكالاً مختلفة من الأنابيب واختبار أداء الأنابيب تحت قوى مختلفة، مثل الانحناء والالتواء»، كما نستكشف مواد جديدة وطرق تصنيع لإنشاء أنابيب أصغر وأكثر دقة.

ويعمل الفريق البحثي على تطوير أنابيب يمكنها نشر نفسها لمجموعة من التطبيقات دون الحاجة إلى الكثير من الجهد اليدوي. وهو ما أوضحه شي: «نخطط لتحسين خوارزميتنا الذكية لجعل الأنابيب أكثر قدرة على التكيف والكفاءة في المواقف المختلفة في العالم الحقيقي».



الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
TT

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع، وهي حاسة أساسية تستخدمها للتوجيه عبر تقنية الصدى الصوتي.

وأوضح الباحثون من جامعة جونز هوبكنز أن النتائج تثير تساؤلات في إمكانية وجود استجابات مشابهة لدى البشر أو الحيوانات الأخرى، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Current Biology).

وتعتمد الخفافيش بشكل أساسي على حاسة السمع للتنقل والتواصل عبر نظام تحديد المواقع بالصدى (Echolocation)، إذ تُصدر إشارات صوتية عالية التّردد وتستمع إلى صدى ارتدادها عن الأشياء المحيطة لتحديد موقعها واتجاهها. وتعد هذه القدرة إحدى الحواس الأساسية لها.

وشملت الدراسة تدريب الخفافيش على الطيران في مسار محدد للحصول على مكافأة، ومن ثم تكرار التجربة بعد تعطيل مسار سمعي مهمٍّ في الدماغ باستخدام تقنية قابلة للعكس لمدة 90 دقيقة.

وعلى الرغم من تعطيل السمع، تمكنت الخفافيش من إتمام المسار، لكنها واجهت بعض الصعوبات مثل التصادم بالأشياء.

وأوضح الفريق البحثي أن الخفافيش تكيفت بسرعة بتغيير مسار طيرانها وزيادة عدد وطول إشاراتها الصوتية، مما عزّز قوة الإشارات الصدوية التي تعتمد عليها. كما وسّعت الخفافيش نطاق الترددات الصوتية لهذه الإشارات، وهي استجابة عادةً ما تحدث للتعويض عن الضوضاء الخارجية، لكنها في هذه الحالة كانت لمعالجة نقص داخلي في الدماغ.

وأظهرت النتائج أن هذه الاستجابات لم تكن مكتسبة، بل كانت فطرية ومبرمجة في دوائر الدماغ العصبية للخفافيش.

وأشار الباحثون إلى أن هذه المرونة «المذهلة» قد تعكس وجود مسارات غير معروفة مسبقاً تعزّز معالجة السمع في الدماغ.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة سينثيا موس، من جامعة جونز هوبكنز: «هذا السلوك التكيفي المذهل يعكس مدى مرونة دماغ الخفافيش في مواجهة التحديات».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أن النتائج قد تفتح آفاقاً جديدة لفهم استجابات البشر والحيوانات الأخرى لفقدان السمع أو ضعف الإدراك الحسي.

ويخطط الفريق لإجراء مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تطبيق هذه النتائج على الحيوانات الأخرى والبشر، واستكشاف احتمال وجود مسارات سمعية غير معروفة في الدماغ يمكن أن تُستخدم في تطوير علاجات مبتكرة لمشكلات السمع لدى البشر.