لماذا تصبح أكثر حكمة مع تقدمك في العمر؟

رجلان مسنان يلعبان الشطرنج الصيني بحديقة في بكين (أ.ف.ب)
رجلان مسنان يلعبان الشطرنج الصيني بحديقة في بكين (أ.ف.ب)
TT

لماذا تصبح أكثر حكمة مع تقدمك في العمر؟

رجلان مسنان يلعبان الشطرنج الصيني بحديقة في بكين (أ.ف.ب)
رجلان مسنان يلعبان الشطرنج الصيني بحديقة في بكين (أ.ف.ب)

أكدت دراسة جديدة نشرت في مجلة «ساينتفك أميركان» أن المتعارف عليه عن كبار السن أنهم يبدأون للتحول إلى مفكرين بطيئين ومتبلدين مع التقدم في العمر، إلا أنهم يصبحون أكثر مهارة في حل المشكلات وأكثر استقراراً عاطفياً.

فأدمغتهم الناضجة تعني أن لديهم المزيد لتقديمه أكثر من أي وقت سابق في حياتهم.

وتقول لورا كارستنسن، المديرة المؤسسة لمركز ستانفورد لطول العمر إن «الملخص حول كبار السن هو أنهم جميعاً متشابهون إلى حد ما، وأنهم يرتعشون، وأن الشيخوخة هي هذا المنحدر المستمر إلى الأسفل، وهذه النظرة هي سوء فهم كبير للواقع».

وبينما لا شك أن بعض كبار السن يتباطأون في الوظيفة التنفيذية، حيث يُظهر عدد منهم علامات الارتباك أو الخرف نحو نهاية حياتهم، ولكن البعض يعانون من العكس، وفقاً لما ذكرته صحيفة «التليغراف» البريطانية.

ويقول جون رو، أستاذ السياسة الصحية والشيخوخة في جامعة كولومبيا: «من بين الأفراد الذين شاهدتهم، والذين بلغ متوسط ​​أعمارهم 77 عاماً، أظهر ثلاثة أرباعهم ممن لم يُعانوا من الخرف القليل من التدهور المعرفي أو لم يظهروا أي تدهور إدراكي على الإطلاق»، وأكمل: «لقد وجدنا بوضوح شديد أن الأمور تتحسن مع تقدم العمر. على سبيل المثال، تتعزز القدرة على حل النزاعات. كما ترتبط الشيخوخة برفاهية عاطفية أكثر إيجابية إضافة للاستقرار العاطفي».

ويأتي هذا في أعقاب دراسة أجريت عام 2010 ونشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم البريطانية، حيث أظهرت أن البالغين الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً كانوا أكثر عُرضة للاعتراف بوجهات النظر المتعددة، والتنازل، والاعتراف بحدود معرفتهم، إذن ما الأسباب وراء ذلك؟

نمو «الحكمة العاطفية»

توضح عالمة النفس سوزان كويليام (74 عاماً)، وهي أيضاً مؤلفة وخبيرة في العلاقات، ولديها أكثر من 40 عاماً من الخبرة في مجالها، أنه «منذ ستينات القرن العشرين، كنا نعيش في عصر يتميز بالشباب، ولكن لم يكن الأمر كذلك دائماً. لمدة عشرة آلاف عام تقريباً عرفنا أن كبار السن لديهم معرفة أكبر للنجاح في الحياة، ولحُسن الحظ يدرك الناس أن (شيخ القرية) لا يزال لديه الكثير ليقدمه».

وتوضح كويليام أنه مع تقدمنا ​​في السن، يبدأ عنصر المخاطرة في دماغنا في التلاشي، ونصبح أقل سيطرة على إملاءات هرموناتنا، ويتم استبدال هذا من خلال حدة ذهنية أكثر تطوراً، وتقول: «نعرف المزيد، ونصبح أكثر تأملاً، ونعوض عن انخفاض قوتنا البدنية بالوعي بالعالم والحكمة العاطفية».

وتتفق ماجي (65 عاماً) وهي ضمن كثير من كبار السن الذين شاركوا في الدراسة، مع هذا الرأي. وتقول: «أحياناً أنسى الأسماء، لذا أشكر الله على الجوالات الذكية. ولكن هذا يعوضني عن الحكمة التي اكتسبتها من مجرد مراقبة الناس في الحياة؛ إذ ترى الأنماط، وتفهم كيف تتطور الأمور».

القدرة على حل المشكلات والتعلم

يجاهد كبار السن أحياناً في تذكر الأسماء أو استخدام التكنولوجيا الجديدة، ولكنهم غالباً ما يجدون أنفسهم أكثر مهارة في حل المشكلات العميقة مقارنة بما كانوا عليه عندما كانوا أصغر سناً.

وتقول كويليام: «هذا يرجع إلى الخبرة، يتعلم البشر تطوير استراتيجيات التعامل، ففي المرة الأولى التي يحدث فيها شيء ما، نجد أنه مشكلة، ولكن في المرة الثانية، نردد: لقد تغلبت على هذا، وهذا ما تعلمته».

وتقول جين التي تبلغ من العمر 70 عاماً: «أصبحت أقل تشتيتاً مما كنت عليه في الماضي. أحب تعلم اللغات، وأبلي بلاءً حسناً مقارنة بما كنت عليه في العشرينات من عمري؛ لأنني أعرف كيف تتم عملية التعلم، وأين تكمن الصعوبات، وما الأدوات التي يجب استخدامها للتعامل معها»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «التليغراف» البريطانية.

ويتفق آخرون أن تجربتهم الحياتية جلبت لهم الهدوء، مما يسمح لهم بالتركيز على أشياء أخرى.

ويقول أوليفر، الذي يبلغ من العمر الآن 65 عاماً: «نظراً لأنني تخليت عن المشتتات غير المفيدة مثل (المقارنة واليأس)، فقد أصبحت لدي الآن مساحة أكبر في دماغي لتقدير الفن والأدب والثقافة. وأستطيع التركيز بشكل أفضل وتذكر المزيد».

الشعور بمزيد من الاستقرار العاطفي

وتقول جوديث: «لقد بلغت الآن سن الثانية والسبعين، واختفى كثير من مخاوفي. فما كان يُطلق عليه في السابق افتقاري إلى اللباقة يُنظر إليه الآن على أنه شجاعة، ويرى بعض الناس أنني دبلوماسية، وهي صفة لم أتمتع بها قط في شبابي».

وتؤيد كويليام فكرة أن كبار السن يميلون إلى التمتع بمزيد من الاستقرار العاطفي، وأوضحت: «نجد في النهاية مكاناً لا تطغى عليه مشاعرنا. نتعلم من النجاة من المواقف الصعبة، ونصبح أقل خوفاً عندما نواجه ظروفاً مماثلة. وكما كُنا آباء وأجداداً وموظفين، فنحن أيضاً أفضل في حل النزاعات».

وتوضح أن كبار السن يرون العالم أقل بالأبيض والأسود، «كلما زاد عدد الأشخاص الذين قابلناهم، وكلما زاد عدد المواقف التي وجدنا أنفسنا فيها، ندرك أن هناك موضوعات وسياقات مختلفة. نتعلم دروساً في الحياة، مثل هذا أيضاً سيمر».

وتشير إلى أن أولئك الذين لديهم خبرة هم أيضاً أكثر ثقة في أنفسهم وأقل تأثراً بوجهات النظر السائدة في المجتمع. وتقول لويز (68) عاماً: «لا أهتم كثيراً بما يعتقده الناس عني. لستُ خالية من كل الطموحات، لكن طموحاتي تغيرت بالتأكيد لتصبح أكثر تحديداً فيما يهمني بالفعل بدلاً مما قد يثير إعجاب الآخرين. أصبحت أقل انتقاداً للآخرين».

وتضيف: «أحب العمل مع الشباب والتعرف عليهم، لكنني لا أرغب في أن أكون واحدة منهم».

الشعور برفاهية أكبر

تقول كويليام إن «الفترة من الستينات إلى الثمانينات من عمرك هي وقت رائع لإعادة ترتيب الأولويات، فالناس لا يعتمدون عليك كما كانوا من قبل، وتتخلص من الأعباء ويمكنك الاعتناء بنفسك».

وبينما تعترف بأن الناس سيحتاجون إلى دعم الأسرة والأصدقاء مع تقدمهم في السن وتعرضهم للخطر، تقول إن هناك فترة ذهبية يمكن الاستمتاع بها في وقت لاحق من الحياة.

وتشير: «في سن (74 عاماً) أجد نفسي أكثر سعادة وامتناناً لكل شيء، أعتز بكل رحلة خارجية، وكل برنامج تلفزيوني وكل اتصال بشخص آخر. أعلم أن وقتي محدود أكثر، لذلك أجد قيمة أكبر في كل شيء».

وتعتقد كويليام بأنه بمجرد أن يدرك الناس أن لديهم سنوات أكثر (خلفهم) مما لديهم (أمامهم)، فإنهم غالباً ما يبدأون في تقييم الأمور بهذه الطريقة الإيجابية.

وتوافق جيني، 63 عاماً، على أن هذا المنظور جلب لها السعادة وتقول: «كان بلوغي سن الستين نقطة تحول كبيرة بالنسبة لي. لقد أدركت فجأة أن وقتي على الأرض أصبح محدوداً للغاية الآن، ما لم يتم اختراع معجزة مضادة للشيخوخة قريباً، أصبحت على الفور أكثر حزماً فيما يتعلق بما يجب أن أفعله وما لا يجب أن أفعله».

وتضيف: «بعض الأشياء الجيدة في كوني بهذا العمر هي أنى أشعر بثقة أكبر في أفكاري من أي وقت مضى، وأعطي الآخرين فرصة الشك أكثر مما تعودت عليه في السابق، وأتحمل المزيد من المخاطر في إطلاق النكات. لم تعد لسعة اللحظات المحرجة تدوم طويلاً الآن بعد أن أصبحت أكبر سناً، وأضحك على نفسي بحرية كبيرة».

ويجد ميك، 72 عاماً، راحة في عدم الاضطرار إلى الركض على آلة العمل والإنجاز المهني وقال: «في النهاية، هناك هدوء، مما يجلب معه الاستعداد لاتخاذ وجهة نظر أفضل».

ويكمل: «مهما كانت المصاعب اليومية التي يواجهها أطفالي وأحفادي، فإنني أستطيع أن أرى أنهم سيكونون على ما يرام على المدى الطويل. إنهم محبوبون ولديهم الموارد، لذلك أشعر بالاطمئنان. ولعل هذا هو ما يقصده الناس عندما يتحدثون عن حكمة العصر».


مقالات ذات صلة

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

يوميات الشرق صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

وجدت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
TT

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

عاماً بعد عام وبدأب وطموح كبيرين يُثبت معرض فن أبوظبي مكانه في خارطة المعارض الفنية العربية، وهذا العام احتفل بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم في مقره بجزيرة السعديات الملتفة برداء الفنون. التجول في أروقة المعرض الفني يحمل الكثير من المتعة البصرية والفنية، نعيد مشاهدة أعمال لفنانين كبار، ونكتشف أعمالاً لم نرها من قبل لفنانين آخرين، ونكتشف في وسط ذلك النجوم الصاعدة. ولم يختلف الوضع هذا العام بل أضاف أقساماً جديدة ليستكشف الزائر من خلالها أعمالاً فنية بعضها عتيق وبعضها حديث، من الأقسام الجديدة هناك «صالون مقتني الفنون» و«فن جريء، فن جديد» و«طريق الحرير، الهويات المتبادلة» إضافة إلى معرض منفصل من مجموعة فرجام عن الفن الحديث والتحرر من الاستعمار سنعود له لاحقاً.

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

صالون مقتني الفنون

يُعد إضافة مميزة لنسخة هذا العام، ويعرض المخطوطات والأسطرلابات والتحف التاريخية والكتب النادرة بتنظيم من روكسان زند. نطلق الجولة من غرفة أنيقة حملت جدرانها خريطة ضخمة أحاط بها من اليمين واليسار قطعتان مثبتتان على الحائط، ونقرأ أنها كانت تُستخدم لحمل العمامة في العهد العثماني، في كوات حائطية نرى أطباقاً من الخزف أحدها يعود للقرن الـ16، ويصور فارساً عربياً على صهوة جواده، وفي أخرى إبريق ذهبي اللون يعود للعهد العثماني. في جناح «شابيرو للكتب النادرة» من بريطانيا نرى نسخاً من مصاحف تاريخية مزخرفة ومذهبة بجمال وحرفة لا تتخطاها العين، ما يجذب الزائر هو أن الكتب والمصاحف كلها في متناول اليد مفتوحة الصفحات ومنتظمة في عرض جميل.

مصاحف أثرية (الشرق الأوسط)

تستعرض القائمة على العرض بعض القطع المميزة، وتقول: «إنها المرة الأولى التي نشارك فيها في معرض أبوظبي. نعرض بعض المخطوطات والكتب النادرة من متجرنا في لندن، منها صفحة من مصحف بالخط الحجازي يعود للقرن السابع، وبعض المصاحف المصغرة أحدها يعود للقرن الـ19». وعن الأسعار تقول إنها تتراوح ما بين آلاف الدولارات لبعض اللوحات التي تعود لعهد الحملة الفرنسية على مصر، أما المصاحف فتتراوح أسعارها حسب تاريخها ونسبة مالكيها السابقين، كمثال تشير إلى نسخة تعود لبلاد فارس في القرن الـ16 سعرها 335 ألف دولار، وصحائف من القرآن تتراوح أسعارها ما بين 20 و30 ألف دولار. هنا أكثر من مثال للمصاحف المصغرة منها مصحف مكتوب بدقة متناهية بالذهب على أوراق خضراء اللون مشكلة على نحو ورق الشجر، وبجانبه نرى مصحفاً مصغراً آخر محفوظاً في علبة ذهبية تتوسطها عدسة مكبرة. الكتابة دقيقة جداً، وهو ما يفسر وجود العدسة المكبرة، تقول: «هذا المصحف ليس مكتوباً باليد مثل المصاحف الأخرى هنا، بل مطبوع من قبل دار نشر في غلاسكو في عام 1900 باستخدام تقنية جديدة للطباعة الفوتوغرافية. ومثل هذا النوع من المصاحف المصغرة كانت تطبع لاستخدام الجنود البريطانيين المسلمين في الحرب العالمية الأولى، وكانوا يرتدونها معلقة في قلائد كتعويذة، يقدر سعر المصحف بـ3.5 ألف دولار أما المصحف على هيئة ورقة الشجر فيقدر سعره بـ40 ألف دولار.

مصحف مصغر مطبوع في غلاسكو عام 1900

نمر على «غاليري آري جان» الذي يعرض لوحات المستشرقين من القرن الـ19، ومنها أعمال جاك ماجوريل، ثم نصل إلى جناح «كتب دانيال كاروش النادرة» الذي يعرض مكتبة تضم أكثر من 500 ألبوم صور تحتوي على صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي الأوسع. هنا نرى مجموعة من الصور النادرة المكبرة معروضة على كامل الحائط، من ضمنها صور من الجزيرة العربية قديماً، بعضها لأشخاص مشهورين مثل الرحالة غيرترود بيل ولورانس العرب، وغيرها لأشخاص لا نعرف أسماءهم، نرى أيضاً صوراً للكعبة المكرمة وصوراً عامة لأشخاص يرتدون الزي العربي. في الصدارة مجموعة من المجلدات، يقول عنها المشرف على الجناح إنها المجموعة الكاملة التي تضم 33 ألف صورة من 350 ألبوماً، يقول: «إنَّ المجموعة تعود لسيدة من لندن تُدْعَى جيني ألزوث، وإنها جمعت الصور على مدى 25 إلى 30 عاماً. الشيء المثير للاهتمام في هذه المجموعة هو أنها تعبّر عن لمحات من الحياة اليومية في الجزيرة العربية التقطها زوار أوروبيون بريطانيون على مدار 130 عاماً».

صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي

يضيف محدثنا أن الصور لم تنشر من قبل، «نأمل أن تقدم هذه الصور سرداً لتاريخ المنطقة لم يوثقه أحد من قبل»، ويقدر سعرها بمبلغ 2 مليون دولار.

ولفت جناح دار «كسكينار - كنت آنتيكس» الأنظار إليه بمجسم لحصان وضع عليه سرج صُنع للسلطان العثماني سليم الثالث (1789-1807) ومزين بـ1036 شكلاً مذهباً، منها أكثر من 500 نجمة فضية، وكل نجمة يصل وزنها إلى 11 غراماً تقريباً، ويصل سعر السرج إلى 3 ملايين دولار.

«فن جريء، فن جديد»

«فن جريء، فن جديد»، بإشراف ميرنا عياد، يعيد عرض أعمال لفنانين مهمين كان لهم أدوار محورية في تاريخ الفن في المنطقة. من خلاله تستعرض صالات من تونس ومصر وفلسطين ولبنان والمملكة العربية السعودية وإيران وفرنسا، مجموعة ملهمة من أعمال الفن الحديث لفنانين وفنانات رواد من أوائل الستينات، وحتى أوائل الثمانينات»، وفي هذا الإطار نستمتع بنماذج رفيعة لرواد أمثال إنجي أفلاطون من مصر ونبيل نحاس من لبنان وسامي المرزوقي من السعودية وغيرهم. الأعمال المعروضة في هذا القسم لها ألق خاص فهي تعيد فنانين حفروا أسماءهم في تاريخ الفنون في بلادهم، وفي الوطن العربي بعضهم انحسرت عنه أضواء السوق الفنية، وأعادها العرض مرة أخرى لدائرة الضوء.

عمل للفنانة المصرية إنجي أفلاطون (الشرق الأوسط)

في «غاليري ون» نرى أعمالاً للفنانة الأردنية الفلسطينية نبيلة حلمي (1940-2011)، يصف موقع المتحف الوطني الأردني أسلوب الفنانة الراحلة بأنه خليط من «الكولاج والألوان المائية والحبر الصيني. تتميز أعمالها الزيتية بشفافية حالمة وعفوية، فيها تجريد تعبيري يتسم بالغموض والنضج الفني». نرى هنا نماذج لأعمالها، ونتحدث مع المشرف على القاعة عنها، يقول إنَّ الفنانة لها أعمال في متاحف عالمية وعربية، ولكنها قليلة في السوق التجارية. الفنانة الثانية هي إميلي فانوس عازر (فلسطينية، مواليد الرملة عام 1949)، ويعرض لها الغاليري أكثر من عمل منها بورتريه لامرأة تنظر إلى الأمام بينما عقدت ذراعيها أمامها، العمل يجبر الزائر على التوقف أمامه والتأمل فيما يمكن أن تخفيه تلك المرأة خلف نظرتها الواثقة والعزيمة التي تنبعث منها.

بورتريه للفنانة إميلي فانوس عازر (الشرق الأوسط)

من مصر يقدم «أوبونتو آرت غاليري» المشارك للمرة الأولى عدداً من أعمال الفنان المصري إيهاب شاكر (1933-2017)، المألوفة للعين، فالفنان له خطوط مميزة رأيناها في أعمال الكاريكاتير التي نشرها في الصحف المصرية. يقول المسؤول عن الغاليري إن شاكر انتقل للعمل في مسرح العرائس مع شقيقه ناجي شاكر قبل أن يسافر إلى فرنسا في عام 1968 حيث عمل في مجال أفلام الرسوم المتحركة، ونال عدداً من الجوائز عن أحد أفلامه. تلفتنا تعبيرات شاكر التي تحمل عناصر شعبية مصرية يقول عنها محدثنا إنَّها تبعث البهجة، ويشير إلى أن الحس الموسيقي يميز أعمال الفنان أيضاً، ويظهر ذلك في الوحدة والتناغم بين العناصر، ويؤكد أن «لديه خطوطاً مختلفة عن أي فنان آخر».

من أعمال الفنان إيهاب شاكر (الشرق الأوسط)

 

في «غاليري بركات» من بيروت نجد مجموعة من الأعمال المتنوعة ما بين اللوحات والمنحوتات الخشبية والبرونزية، يتحدث معنا صالح بركات مالك الغاليري عن الأعمال المعروضة، ويبدأ بالإشارة لعمل ضخم من البرونز للفنان معتصم الكبيسي يمثل أشخاصاً يتهامسون: «يعكس خلفيات المسرح السياسي، الكل يتهامس، وما لا يقال قد يكون أكثر أهمية مما يقال». للفنان جوزف الحوراني منحوتات خشبية تحمل كتابات بالخط العربي، تنتظم ببراعة، وتتضافر في تشكيلات خشبية مدهشة تجعلنا ندور حولها، ونحاول قراءة الجمل المكتوبة، ومنها «مصائب قوم عند قوم فوائد» و«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ». «عبقرية!» يصفها صالح بركات، ويتحدث عن الخط العربي ونقله للعالم المعاصر: «أنا اليوم يعنيني أن نحافظ على تراثنا بطريقة عصرية. نريد أن نأخذ تراثنا للمستقبل».

من أعمال الفنان العراقي سيروان باران (الشرق الأوسط)

ينتقل إلى عملين للفنان سروان بهما الكثير من الحركة، نرى أشخاصاً يتحركون في اتجاهات مختلفة، يحملون حقائب وأمتعة، ليست حركة مرحة بل متعجلة، يعلق: «الفنان لا يتحدث فقط عمّن يرحل، بل أيضاً عمّن يعود، حالات ذهاب وعودة وضياع».

 

الفن السعودي حاضر

عبر مشاركات في «غاليري أثر» و«غاليري حافظ» نرى عدداً من الأعمال الفنية السعودية المميزة، فيعرض «غاليري أثر» مجموعة من أعمال الفنانة المبدعة أسماء باهميم تفيض بالحيوانات الأسطورية وقصص من الخيال مرسومة على الورق الذي تصنعه الفنانة بيدها. للفنانة باهميم هنا مجموعتان جذابتان: «ملاحظات في الوقت» و«فانتازيا». تستكشف الأخيرة الفروق الدقيقة والتعقيدات في سرد القصص. وتتعمق «ملاحظات في الوقت»، وهي سلسلة أحدث، في الفولكلور العربي، وتفحص الأدوار الجنسانية في الحكايات التقليدية وتأثيرها اللاحق على الهوية الثقافية.

من أعمال الفنانة أسماء باهميم (الشرق الأوسط)

كما يقدم «أثر» عدداً من أعمال رامي فاروق الفنية وسلسلة للفنانة سارة عبدو بعنوان «الآن بعد أن فقدتك في أحلامي، أين نلتقي». أما «غاليري حافظ» فيقدم صالتين تتضمنان أعمال مجموعة من الفنانين المعاصرين والحديثين، فيقدم عدداً من أعمال الفنان سامي المرزوقي تتميز بألوانها وخطوطها التجريدية. وفي قسم الفن المعاصر يعرض أعمال الفنانة بشائر هوساوي، التي تستمد فنونها من بيئتها الغنية وذاكرتها البصرية العميقة، باستخدام مواد طبيعية مثل النخيل، وتعبر عن موضوعات مثل الانتماء، والحنين، والهوية الإنسانية المتغيرة. بجانبها يستعرض سليمان السالم أعماله التي تتعمق في الطبيعة الزائلة للوجود. باستخدام تقنيات الطباعة العدسية والفيديو ووسائط أخرى، تستكشف أعماله التفاعل بين الشعور والإدراك والتواصل الإنساني.