رحلة غامضة لقطّ تائه قطع 900 ميل ليعود إلى بيته في كاليفورنيا

تضرَّرت أقدامه وفقد 40 في المائة من وزنه

شعور الفقد قاسٍ جداً (أ.ب)
شعور الفقد قاسٍ جداً (أ.ب)
TT

رحلة غامضة لقطّ تائه قطع 900 ميل ليعود إلى بيته في كاليفورنيا

شعور الفقد قاسٍ جداً (أ.ب)
شعور الفقد قاسٍ جداً (أ.ب)

خرج قطّ رمادي يمضي أيامه ما بين الزيارات إلى الشاطئ والرحلات إلى البحيرة، في أكبر مغامرة له بمفرده قطع فيها مئات الأميال من ولاية وايومنغ بغرب الولايات المتحدة، حتى عاد إلى منزله في كاليفورنيا مرّة أخرى.

ولكن، كيف تمكَّن القطّ «رين بو» (قوس قزح) من العودة إلى المنزل بعد شهرين من ضياعه في متنزه وطني خلال رحلة تخييم صيفية؟

وفق وكالة «أسوشييتد برس»، كان الزوجان بيني وسوزان أنغيانو قد وصلا إلى حديقة فيشينغ بريدج في المتنزه يوم 4 يونيو (حزيران) الماضي في أول رحلة لهما مع القطّين بالغابة. وبُعيد وصولهما، انبهر «رين بو» بالمكان، وركض نحو الأشجار القريبة.

أكبر مغامرة لهذا القطّ بمفرده (أ.ب)

استمر الزوجان في البحث عن القطّ لـ4 أيام، ووضعا طعامه وألعابه المفضَّلة على الطرق. وعندما عادا في النهاية إلى منزلهما في ساليناس بولاية كاليفورنيا، يوم 8 يونيو، شعرت سوزان بالحزن الشديد، لكنها لم تفقد الأمل في العثور عليه.

قالت: «مررنا في صحراء نيفادا، وفجأة رأيتُ قوس قزح يزيّن السماء، فالتقطتُ صورةً، وقلتُ لنفسي، هذه علامة على أنّ قطّنا سيكون بخير».

وفي أغسطس (آب) الماضي، تلقّى الزوجان أخباراً سارَّة عندما أرسلت إليهما شركة لصناعة الرقائق الإلكترونية رسالة تفيد بأنّ قطّهما في جمعية «منع القسوة على الحيوانات» بمنطقة روزفيل بكاليفورنيا الواقعة على مسافة نحو 900 ميل (1448 كيلومتراً) من مكان المتنزه، وذلك رغم أنّ «رين بو» كان على مسافة نحو 200 ميل (322 كيلومتراً) فقط من منزله في ساليناس عندما ضلَّ الطريق.

لم يُفقد الأمل في العثور عليه (أ.ب)

كانت سيدة قد رأت القطّ للمرّة الأولى يتجوّل في شوارع المدينة الواقعة في شمال كاليفورنيا، فأطعمته وزوّدته بالماء حتى أمسكت به في 3 أغسطس، واصطحبته إلى الجمعية.

وفي اليوم التالي، تحرّك الزوجان بالسيارة إلى روزفيل ليتسلّما قطّهما. قالت سوزان: «أعتقد أنه قطع معظم مسافة هذه الرحلة بمفرده، فأقدامه كانت متضرّرة جداً، كما فقد 40 في المائة من وزنه، وسُجِّلت مستويات بروتين منخفضة جداً بجسمه، وذلك بسبب التغذية غير الكافية وعدم الاعتناء به».

ولا يزال الزوجان لا يعرفان كيف وصل قطّهما إلى روزفيل، لكنهما يعتقدان أنه كان يحاول العودة إلى المنزل، وخلال فترة غيابه حاولا التواصل مع وسائل الإعلام على أمل الوصول إليه.

وقال بيني إنه بالإضافة إلى تركيب شريحة إلكترونية دقيقة لقطّيهما، فإنهما زوّداهما الآن أيضاً بجهاز تعقّب، فضلاً عن تزويد «رين بو» بجهاز «جي بي إس».

زُوّد «رين بو» بجهاز «جي بي إس» للتعقُّب (أ.ب)

ورغم أنّ القطط تهوى السفر في رحلات التخييم والنظر من النوافذ الكبيرة لرؤية الغزلان والسناجب والحيوانات الأخرى، لم تعد هذه العائلة مستعدّة للخروج مع حيواناتها الأليفة في أي وقت قريب؛ وهو ما عبَّر عنه بيني بقوله: «كان شعور الفقد قاسياً جداً، سنضطر إلى ممارسة التخييم في المنزل والممر القريب ليعتاد (رين بو) على ذلك».


مقالات ذات صلة

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق الضوء الاصطناعي يهدد قدرة النحل على تلقيح المحاصيل (رويترز)

الضوء الاصطناعي يهدد نوم النحل

توصَّل الباحثون إلى أن الضوء الاصطناعي يمكن أن يعطل دورات النوم لدى نحل العسل، وهو ما يؤثر سلباً على دوره الحيوي بصفته مُلقحاً للنباتات والمحاصيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق مهارة مذهلة (إكس)

فِيلة تُذهل العلماء... «ملكة الاستحمام» عن جدارة! (فيديو)

أذهلت فِيلةٌ آسيويةٌ العلماءَ لاستحمامها بنفسها، مُستخدمةً خرطوماً مرناً في حديقة حيوان ألمانية، مما يدلّ على «مهارة رائعة».

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق الجمهور يُحفّز الشمبانزي على أداء أفضل في المهمّات الصعبة (جامعة كيوتو)

الشمبانزي يُحسِّن أداءه عندما يراقبه البشر!

كشفت دراسة يابانية أن أداء الشمبانزي في المهمّات الصعبة يتحسّن عندما يراقبه عدد من البشر، وهو ما يُعرف بـ«تأثير الجمهور».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وسط الأجواء المثقلة بالهموم والخوف أعادت رسالة هاتفية بعض الأمل إلى سكان مدينة بيروت، معلنةً عودة أمسيات «مترو المدينة». يتحدث أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، مع «الشرق الأوسط» عن ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها إلى ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطلَ هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إنْ توقّفت النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إنْ تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة، «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».