فيلم تسجيلي يوثق تطور فنون النسيج في مصر

«مدرسة أبدية» يعرض لأول مرة في القاهرة بعد النمسا

معمار مدرس الحرانية في تكوين فني (مخرجة الفيلم)
معمار مدرس الحرانية في تكوين فني (مخرجة الفيلم)
TT

فيلم تسجيلي يوثق تطور فنون النسيج في مصر

معمار مدرس الحرانية في تكوين فني (مخرجة الفيلم)
معمار مدرس الحرانية في تكوين فني (مخرجة الفيلم)

في لقطة عفوية، صعد الفنانون الفطريون من نساجي مدرسة «رمسيس ويصا واصف» على خشبة المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، مساء الأربعاء، وسط عاصفة من تحية الجمهور بعد انتهاء عرض فيلم «مدرسة أبدية» الذي ظهر فيه هؤلاء الفنانون من أبناء تلك المدرسة التراثية الشهيرة، وهم يسردون حكاياتهم مع تعلم فن النسيج من الطفولة، وحتى مشاركتهم في معارض حول العالم بقطعهم النسجية الفريدة.

ونظمت دار الأوبرا في مصر العرض الأول من فيلم «مدرسة أبدية»، من إنتاج مؤسسة «وود» WOD بمدينة سالزبورغ بالنمسا، ويدور في قالب تسجيلي حول قصة تطوّر مركز الفنون الذي أسسه الفنان والمعماري المصري الراحل رمسيس ويصا واصف (1911 - 1974) في أربعينات القرن الماضي، ليكون نواة لفنون النسيج اليدوي الذي يعتمد على أسلوب النسج الفطري دون تصاميم أو رسومات مسبقة، واستطاع أن يصل بإنتاجاته إلى العالمية.

نساجو مدرسة ويصا واصف مع مخرجة الفيلم على مسرح الأوبرا (الشرق الأوسط)

ويتتبع الفيلم قصة جيلين من النساجین في المركز الكائن بقرية الحرانیة بمحافظة الجيزة المصرية (غرب القاهرة)، ويستكشف العلاقة بین هذين الجيلين، وتطوّر منظور النسج وتقنياته وفنونه على مدار الجيلين، ويتناوب أفراد من نساجي الجيلين الظهور وهم يبحرون في ذاكرتهم الشخصية مع التعليم المبكر الذي تلقوه في المركز، وبحثهم عن إلهام لقصصهم التي يروونها على النسيج، بما في ذلك مفردات البيئة المحلية من طبيعة وطقوس ريفية.

وتتقاطع قصص الأبطال من أجيال الفنانين مع لقاءات مع مؤسسي المدرسة بداية من السيدة صوفي حبيب جورجي ويصا زوجة الفنان رمسيس ويصا واصف وشريكته في تأسيس المركز، وابنتهما سوزان، وزوجها المهندس إكرام منير نصحي، مدير مركز رمسيس ويصا واصف للفنون.

وتتحدث مخرجة الفيلم المصرية نانسي كمال عن شغفها الشخصي وأسئلتها التي أرادت بها رواية قصة مركز ويصا واصف، وتقول: «أردت أن يكون الفيلم احتفالاً بحرفتھم الفریدة في النسج، كما كنت مھتمة باستكشاف العلاقة بین جيلين من النسجاين، وكیف تتشابك حیاتھما»، وتضيف في حديثها مع «الشرق الأوسط» أن «عنوان الفيلم تم الاستقرار عليه بعد عدة نقاشات مطولة، في ربط بين فكرة الأبدية والاستمرارية التي تستطيع الأفكار الملهمة أن تقودها، ولا تموت بموت أصحابها، حيث استمرت المدرسة في تخريج أجيال من النساجين بعد وفاة مؤسسها المهندس رمسيس ويصا واصف، الذي قامت من بعده ابنته سوزان ويصا بالاستمرار وتجهيز جيل ثانِ من النساجين منذ سنهم المبكرة، وكيفية احتضان عفويتهم بحرص حتى لا يكونوا تقليداً للجيل الأول من النساجين».

من تفاصيل نسج الطيور كما يظهر في أحد المشاهد (مخرجة الفيلم)

ورغم الطابع التسجيلي للفيلم، فإن المخرجة نانسي كمال قامت بتوظيف موتيفات من مدرسة النسيج لتقديم حالة سردية خاصة للفيلم، مثل خيوط الصوف التي تظهر في تكوينات تجريدية مختلفة تُحاكي تطور الفن الذي احتضنته تلك المدرسة، وتقول: «حاولت تقديم مرجعية ذاتية للتعبير عن علاقتي كفنانة، مثل العديد من الفنانين الذين يواجهون علاقة معقدة بالمدينة، من خلال مشاهد ظهرت فيها بشكل غير مباشر ممسكة بخيوط صوف معقدة، ثم سرعان ما تبدأ تلك الخيوط في أن تملأ الكادرات بالمنسوجات الجميلة والباهرة، تماماً مثلما يمكن أن يقود المكان الصحيح المُحتضن للفنون التعبيرية للإبداع، ومدرسة ويصا واصف نموذج لذلك».

سوزان رمسيس ويصا واصف في مشهد من مدرسة أبدية (مخرجة الفيلم)

ويبدو الطراز المعماري الذي أسس به رمسيس واصف مركز فنون الحرانية بقبابه وممراته التراثية، عنصر إلهام رئيسياً ظهر في تكوينات وكادرات مدير تصوير الفيلم، نبيل سمير، وتقول نانسي كمال: «من أكبر عوامل الرهبة في تصوير الفيلم هو أن هذا المكان قام بالتصوير فيه قامات مثل المخرج عبد القادر التلمساني الذي قدم عنه فيلم (دار الفن) عام 1973، وكذلك المخرج الراحل شادي عبد السلام الذي ظهرت مدرسة ويصا واصف بالحرانية في فيلمه (آفاق)».

وتظهر في الفيلم مشاهد لعازفة آلة «الهارب» سلمى صابر، في عزف يتقاطع مع كادرات لأيدي الفنانين وهم يقومون بالنسج اليدوي على الأنوال، في لقطات جمالية تربط بين الفنون السمعية واليدوية بأصولها المصرية القديمة، وتسعى لإبراز البعد الإيقاعي لفن النسيج اليدوي، ضمن خطة الفيلم لربط خيوط درامية مع الخط التسجيلي للفيلم.

وفي الندوة التي تبعت عرض الفيلم، تحدث مدير مركز ويصا واصف، المهندس إكرام منير نصحي، عن أن أبرز ما يميز تجربة المركز عبر سنوات هو «احترام حياة النساج والفن الفطري الذي لا يمكن تقليده، وحرية الفنان في اختيار التصميمات التي يريد التعبير عنها، وهو في صميم الإبداع ما لا يمكن أن تنافسه أجهزة الذكاء الاصطناعي».

معمار مدرس الحرانية في تكوين فني (مخرجة الفيلم)

وأضاف: «محور هذه التجربة هو حرية الإنسان في الإبداع، وأن الفن جزء من الحياة اليومية، فقد وضع رمسيس ويصا واصف كل إمكانات تعليم الأطفال الذين صاروا نساجين مهرة على مدار سنوات طويلة، وعندما فوجئ بحجم الإقبال على شراء منتجاتهم في أول معرض دولي يشارك فيه عام 1958، وضع أرباح هذا المعرض في توسيع المركز وتعليم جيل جديد من الأطفال».

وهو ما عبرت عنه سوزان ويصا واصف بـ«اللغة الشخصية» لكل نسّاج، وقالت في الندوة التي تبعت الفيلم بمسرح دار الأوبرا: «كانت هناك محاولات في السبعينات لتقليد أعمالنا، لكن الاختلاف أنهم اهتموا بالمادة، وليس شخصية النسّاج».


مقالات ذات صلة

سودانيات يعبّرن عن معاناتهن في ظل الحرب عبر «سينمات بنات»

يوميات الشرق تسابيح حسين تصور مشهداً بالهاتف المحمول (الشرق الأوسط)

سودانيات يعبّرن عن معاناتهن في ظل الحرب عبر «سينمات بنات»

يعمل مشروع «سينمات بنات» على إتاحة الفرصة للسودانيات للتعبير عن أزماتهن وهمومهن عبر أفلام هدفها تغيير المجتمع للأفضل.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «قشر البندق» (صفحة خيري بشارة على فيسبوك) ‫‬

مدحت العدل: استوحيت «قشر البندق» من الزحام على مطعم مصري

قال المؤلف المصري مدحت العدل إن فيلم «قشر البندق» حقق نجاحاً كبيراً وقت طرحه في دور العرض السينمائي.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق صور حصرية لقصة «أسطورة سليمان» التي تستشرف مستقبل المملكة (الشرق الأوسط)

«أسطورة سليمان»... بطل خارق سعودي ببصمة هوليوودية

الشغف الجماهيري الكبير بأفلام الأبطال الخارقين التي تنشرها مجلات الكوميكس وتنتجها شركات سينمائية عالمية، جذب صانع المحتوى عمار الصبان لإطلاق أعمال سعودية مشابهة

إيمان الخطاف (الدمام)
سينما «مخيف 3»: الوحش في ثياب سانتا كلوز (سينيڤيرس إنترتايمنت)

أفلام الرعب الحديثة تمنحنا شعوراً كاذباً بالأمان

في أكثر من فيلم حديث يتلاعب الموضوع الماثل مع قناعتك. تهز إيمانك الروحاني (The Omen)، تحذّرك من طفل يسكنه شيطان، أو من قوى غيبية ترصد أنفاسك (Quiet Place‪:‬ Day One). تقترح عليك أن الدنيا ليست آمنة والمستقبل كذلك.

محمد رُضا (لندن)
سينما «ثمانية مناظر من بحيرة بيوا» (أول فيلم)

شاشة الناقد: فيلمان يختلفان عن الأفلام الأميركية

المصدر، في الأصل، كناية عن ثمانية أشعار يابانية مستوحاة من أشعار صينية بعنوان «ثمانية مناظر لبحيرة جياوجيانغ» وُضعت في القرن الحادي عشر ونُقلت إلى رسومات منذ...

محمد رُضا (لندن)

«عيونك تبدو أصغر بعشر سنوات»... المعجبون لا يصدقون نتائج كريم جديد للعيون

نتائج مثيرة للإعجاب قبل وبعد (شركة «تريني لندن»)
نتائج مثيرة للإعجاب قبل وبعد (شركة «تريني لندن»)
TT

«عيونك تبدو أصغر بعشر سنوات»... المعجبون لا يصدقون نتائج كريم جديد للعيون

نتائج مثيرة للإعجاب قبل وبعد (شركة «تريني لندن»)
نتائج مثيرة للإعجاب قبل وبعد (شركة «تريني لندن»)

هل تبحث عن كريم للعيون يعمل بشكل فعّال؟ قد يكون هذا المنتج الجديد الذي تنتجه شركة «Trinny London» (تريني لندن)، والذي وصفه العملاء الذين يستخدمونه بأنه «متميز وفاخر»، هو ما تحتاجه، حسب موقع شركة «تريني لندن».

ويعد كريم العيون «Take Back Time» من إنتاج «Trinny London» إصداراً جديداً من العلامة التجارية الشهيرة، لكنه أحدث ضجة كبيرة في مجتمع التجميل بفضل خصائصه المضادة للشيخوخة التي تتحدى الزمن، ونتائجه السريرية المتميزة.

هل كنت تعلم أن الساعة الجينية تدق بسرعة أكبر بعشر سنوات في المنطقة المحيطة بالعينين، مما يعني أن العينين غالباً ما تكون أول مكان تظهر فيه التجاعيد والترهلات؟ إنه أمر مزعج حقاً، حسب موقع صحيفة «ميترو» اللندنية.

ويعد فقدان الكولاجين والإيلاستين مع كل ضحكة أو إيماءة من أهم أسباب حدوث ذلك، وفي حين أننا لا نقترح عليك بأي حال من الأحوال أن تتوقف عن الضحك، فإن الاستثمار في علاج للعينين يعمل على المستوى الجزيئي لتعزيز الآليات الأساسية داخل البشرة، يعد نقطة انطلاق رائعة بدلاً من ذلك.

وقد تم تركيب كريم «Take Back Time» ليكون شاملاً، وقد صُمم لإخفاء خطوط التجاعيد، وشد ترهل الجفون، وتقليل انتفاخ ما يعرف بتجاعيد «أقدام الغراب» (المعروفة أيضاً باسم «خطوط الضحك»، وهي خطوط صغيرة وتجاعيد تظهر في الزاوية الخارجية لعينك)، والهالات السوداء، في حين يعمل على الترطيب العميق للمنطقة الحساسة حول العينين.

وقد ثبت عملياً، من خلال الاختبارات السريرية، أن هذا الكريم يقلل بشكل ملحوظ من آثار تجاعيد «أقدام الغراب» والخطوط أسفل العين في غضون أربعة أسابيع فقط، كما يقلل من الانتفاخات تحت العين في غضون 12 أسبوعاً فقط.