«صالون القاهرة» يحتفي بـ«100 عام من الإبداع» الفني

يضم 175 عملاً ويكرّم حلمي التوني والدسوقي فهمي

صالون القاهرة ضم أعمالاً نحتية ولوحات لأجيال مختلفة على مدى 100 عام (وزارة الثقافة المصرية)
صالون القاهرة ضم أعمالاً نحتية ولوحات لأجيال مختلفة على مدى 100 عام (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«صالون القاهرة» يحتفي بـ«100 عام من الإبداع» الفني

صالون القاهرة ضم أعمالاً نحتية ولوحات لأجيال مختلفة على مدى 100 عام (وزارة الثقافة المصرية)
صالون القاهرة ضم أعمالاً نحتية ولوحات لأجيال مختلفة على مدى 100 عام (وزارة الثقافة المصرية)

تحت شعار «100 عام من الإبداع»، تزيّنت جدران وأروقة قصر الفنون بمحيط دار الأوبرا المصرية بلوحات وأعمال لروّاد الفن التشكيلي المصري، إلى جانب فنانين فازوا بجوائز صالون الشباب، وذلك في الدورة الـ60 لصالون القاهرة التي افتتحها وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد هنو، الاثنين.

ويعد الصالون الذي تنظمه جمعية محبي الفنون الجميلة، برئاسة الدكتور أحمد نوار، ويستمر حتى 10 أكتوبر (تشرين الأول)، من أبرز الأحداث التي يشهدها الوسط التشكيلي المصري، وأقيمت دورته الاستثنائية هذا العام للاحتفال بمرور 100 عام على تأسيس جمعية محبي الفنون الجميلة.

وتضمن الصالون 175 عملاً فنياً، من بينها أعمال للفنانين الراحلين الدسوقي فهمي وحلمي التوني، وتكريمهما على هامش الصالون، وعدّ وزير الثقافة في كلمته خلال الافتتاح هذا الصالون «حدثاً فنياً مهماً، يحتل مكانة جوهرية ضمن أهم الملتقيات الفنية في مصر».

افتتاح صالون القاهرة في قصر الفنون (وزارة الثقافة المصرية)

وأوضح رئيس قطاع الفنون التشكيلية، الدكتور وليد قانوش، أن «دورة صالون القاهرة هذا العام تحتفل بمئوية جمعية محبي الفنون الجميلة، لذلك يتم تكريم كل الفنانين الكبار الذين شاركوا في دورات الصالون السابقة، بالإضافة إلى تكريم الفنانين الذين حصلوا على جوائز صالون الشباب الكبرى في دورات مختلفة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العرض هو مزيج بين مقتنيات قطاع الفنون التشكيلية ومتحف الفن الحديث للرواد، بالإضافة لعدد من أعمال الفائزين بجوائز صالون الشباب»، وتابع: «هذه الدورة لتكريم كل أعضاء الجمعية وروّادها على مدى تاريخها».

بوستر صالون القاهرة في دورته الـ60 (جمعية محبي الفنون الجميلة)

ومن أعمال الرواد التي يتضمنها الصالون تأتي أسماء مثل أحمد صبري، ويوسف كمال، ومحمد صدقي الجباخنجي، والحسين فوزي، ورمسيس يونان، ومارجريت نخلة، وإنجي أفلاطون، وبيكار، وعبد الهادي الجزار، وصبري راغب، وسيف وأدهم وانلي، وراغب عياد، وحامد ندا، وجمال السجيني.

وعن فكرة المعرض قال الدكتور طارق عبد العزيز، القوميسير العام للصالون: «تضم هذه الدورة أعمالاً متحفية لرموز الفن التشكيلي، الذين شاركوا في دورات الصالون منذ انطلاقه، لكونها دورة استثنائية احتفالاً بمئوية الجمعية وفق اقتراح الفنان الدكتور أحمد نوار، رئيس الجمعية».

جانب من أعمال صالون القاهرة الذي يضم أجيالاً متعددة (وزارة الثقافة المصرية)

نائب رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة، الدكتور أشرف رضا، قال إن «هذه الدورة لها طابع خاص لكونها تستعيد تاريخ الجمعية منذ بداياتها»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الدورة الحالية تضم أعمالاً نادرة للرواد استعرناها من متحف الفن الحديث بوزارة الثقافة، وهناك جزء آخر من الصالون به أعمال (الطلائع) من فناني صالون الشباب منذ إطلاقه عام 1989، الذين يعدون من جيل الوسط الآن».

ولفت رضا إلى أن «الصالون يضم جناحاً خاصاً للوثائق النادرة من تاريخ الجمعية، مثل أغلفة أو ملصقات الصالونات السابقة في الأربعينات والخمسينات، وخطابات متبادلة بين إدارة الجمعية والفنانين، وإيصالات تسلُّم الأعمال الفنية، كما نرى وثائق عن أسعار اللوحات، فنجد مثلاً لوحة بـ10 جنيهات أو 12 جنيهاً (الدولار يساوي 48.40 جنيه مصري) وفي ذلك الوقت كان هذا مبلغاً كبيراً».

وعدّ رضا «الدمج بين أعمال الرواد والشباب هدفه تواصل الأجيال الفنية وتجاور التجارب، مما يشير إلى الثراء الذي تتمتع به الحركة الفنية في مصر».


مقالات ذات صلة

​الرياض تستعد لانطلاق معرضها للكتاب بمشاركة أكثر من 2000 دار

يوميات الشرق أكثر من 2000 دار نشر ووكالة محلية وعربية وعالمية لأكثر من 30 دولة تتوزع على امتداد 800 جناح (الشرق الأوسط)

​الرياض تستعد لانطلاق معرضها للكتاب بمشاركة أكثر من 2000 دار

تواصل هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية استعداداتها لتنظيم «معرض الرياض الدولي للكتاب 2024»

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق حديقة المستشفى في سانت ريمي 1889 لفان غوخ (معرض لندن الوطني)

للمرة الأولى... عرض 61 لوحة من أعمال فان غوخ في لندن

يقدم «معرض لندن الوطني»، في العاصمة البريطانية، عرضاً رائعاً لا يأتي سوى مرة واحدة في العمر، لـ61 لوحة من روائع الرسام الشهير فينسنت فان غوخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق معرض الحرف اليدوية ببيت السناري (مكتبة الإسكندرية)

«المولوية المصرية» تشدو بأشعار الصوفية في بيت السناري الأثري

على وقع أشعار ابن الفارض والحلاج والسهروردي، أحيت فرقة المولوية المصرية حفل المولد النبوي في بيت السناري الأثري بمنطقة السيدة زينب (وسط القاهرة).

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق التاريخ وفنّ الشارع (موقع آرت إن ذا سيتي)

القصر الصغير في باريس يفتح أبوابه لفناني الشوارع

هذه الحركة لم تعد هامشية، ولم يعد فنانوها مرفوضين. فقد دخلت أعمال كبارهم إلى المتاحف وقاربت أسعارها الملايين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق أعمال فنية من اتجاهات مختلفة شاركت في المعرض (الشرق الأوسط)

«وصلون» يحتفي بالحروفية والروحانيات بالأوبرا المصرية

تجمعت أعمال 17 فناناً من 16 دولة عربية وأجنبية في ملتقى «وصلون» الذي يعرض أعماله بقاعة زياد بكير في دار الأوبرا المصرية لتعبر عن التواصل بين الحضارات والثقافات.

محمد الكفراوي (القاهرة )

نهر «أبو علي» اللبناني فيضانه قبل 70 عاماً لا يزال يؤرق الطرابلسيين

النهر الذي جرف حقبة بأكملها (الشرق الأوسط)
النهر الذي جرف حقبة بأكملها (الشرق الأوسط)
TT

نهر «أبو علي» اللبناني فيضانه قبل 70 عاماً لا يزال يؤرق الطرابلسيين

النهر الذي جرف حقبة بأكملها (الشرق الأوسط)
النهر الذي جرف حقبة بأكملها (الشرق الأوسط)

في السابع عشر من عام 1955 تغيّرت طرابلس جذرياً. كانت مدينة مؤهلة لأن تصبح فينيسيا العالم العربي، يفد إليها السيّاح ليروا ما لا يمكن أن يجدوه في أي مكان آخر. مدينة مملوكية قديمة ساحرة، على ضفتي نهر أبو علي في شمال لبنان، بنوافذها وأدراجها وأبوابها الخشبية وجسورها وبيوتها الحجرية، وبساتينها ومطاحنها ومدارسها.

طوفان النهر في تلك السنة كان عاتياً، جرف منازل ودكاكين، قتل 160 شخصاً وهجّر ألفين، بفعل الخراب الذي خلفه. انتقل بعض التجّار المتضررين إلى منطقة بعيدة عن النهر. وبدل إيجاد مشروع يحمي السكان من طوفانات لاحقة، مع الحفاظ على جمالية المدينة وأحيائها القديمة الملاصقة للنهر، كان الحل الذي تم اختياره تدميرياً. فقد أقيمت جدران إسمنتية هائلة على ضفتي النهر، ووسع مجراه بشكل مبالغ فيه، بحيث تحولت المياه إلى ما يشبه ساقية صغيرة في ممر هائل، وهذا استدعى هدم العديد من المنازل الأثرية القديمة على جانبي النهر والمتاجر، مما استدعى انتقال سكان النهر إلى خارج الأحياء التاريخية القديمة.

رويداً رويداً، أصبح ثمة مدينة جديدة، فيما بدأت المناطق القديمة تتعرض لإهمال يقضي عليها تدريجياً، وأقيمت على السكة التي فتحت على جانبي النهر عشوائيات بشعة لا نظام فيها.

بمرور الوقت، نسي أهل المدينة الطوفان وتوابعه، وتعودوا رؤية نهر «أبو علي» وما حوله في الحالة المزرية التي صار عليها.

لكن الفن يأتي كالمهماز ليعيد للذاكرة المخدّرة وعيها. في «مرسح» المركز الثقافي الذي افتتح قبل ما يقارب السنة، ومن خلال أول عمل من سلسلة «فن في السعي» الذي أخذ على عاتقه إنعاش الوعي الجمعي، قدّم الفنان أحمد النابلسي، بدءاً من 13 سبتمبر (أيلول) ويبقى حتى 22 منه، عمله الفني «أبو علي» أو «كما تكونون يولى عليكم»، عارضاً على جمهوره حكاية نهر أبو علي الحزينة بطريقة مؤثرة.

توافد الحضور يوم الافتتاح، ينتظر كل منهم دوره كي يرتدي النظارات الخاصة التي تنقلك إلى العالم الافتراضي كما أعده لك الفنان. تجد أنك في النهر كأنك تسير في مياهه. تسمع الحكاية وأنت تتابع أبو علي (الذي أعطي النهر اسمه)، وكأنه يحوم حولك بملابسه الممزقة وشعره الطويل، ووجهه الأشعث. لقد سقط في النهر يوم الطوفان ولم يُعثر عليه بعدها أبداً، بحث السكان عنه كثيراً. كثيرون لا يزالون يعتقدون أنه حي يرزق، رغم مرور ستين سنة، وها هو يتجول حولك الآن. لقد «تحول بمرور الوقت إلى كائن غير إنساني، يتعثر بحركته ويقوم بتصرفات يصعب تفسيرها، يتغذى على الخضراوات الفاسدة، ويستحم في المجاري».

ترى بنظارتك وأنت في النهر، المياه التي تتدفق صوبك، البنايات الجديدة التي أقيمت على الأطراف، والخضرة في جانب آخر، ولا تستطيع أن تتوقف عن متابعة «أبو علي» الذي ينام حيناً على طرف النهر الذي غادرته المياه، وحيناً آخر، يخلع ملابسه، ثم يأتي صوبك وكأنه يريد أن ينظر في عينيك.

المشاهد قصيرة، كي يتسنى لأكبر عدد من الحضور المشاهدة، خلال الوقت المتاح. لا أحد يستطيع أن يثبت صحة هذه القصة من عدمها. البعض يعتقدون أنها «من نسج الخيال، وهي ترجمة لخوف الناس وإحساسهم بالذنب. وشاهد على الفساد الذي أصاب المدينة».

يواكب العمل مجموعة وثائق معروضة، تم العثور عليها في مكتبة الجامعة الأميركية عام 2019 تعود إلى أحد سكان المدينة في تلك الحقبة، وهو جوزيف توفيق سلامة، الذي وثّق بالصورة معاناة أهالي مدينته ليومين بعد الطوفان. وهي صور نادرة، تم تداولها قبل مدة على وسائل التواصل، دون أن تسند إلى مرجعها.

وها هو عمل فني يأتي مستنداً إليها. وتشرح لنا نادين علي ديب، مديرة مرسح، الذي يعرض العمل، أن «طرابلس أصلاً تأسست حول النهر، ولولاه لما وجدت واتسعت. وقد فاض مرات عدة، كانت أصعبها عام 1955». وتروي: «كانت مدينة عائمة انتهت للأسف، وجاءت توسعة النهر على حساب جماليات المدينة. لقد دمر الطوفان جزءاً من المدينة، ثم تدخلت الدولة في الستينات ودمرت جزءاً آخر. مهندسون وخبراء عندهم تحفظ كبير على الطريقة التي تمت بها توسعة مشروع توسعة مجرى النهر، وتخريب الآثار على أطرافه بالطريقة التي تمت بها».

ونهر «أبو علي» هو الامتداد الطبيعي لنهر قاديشا الذي ينبع من جبال الأرز، ويتحدر نزولاً من المرتفعات إلى الساحل، مروراً بطرابلس قبل أن يصب في البحر، ويطلق عليه اسم «أبو علي» الذي تختلف الروايات حول أصله وجذوره، ويتبنى الفنان النابلسي في عمله، إحداها ليقدم عمله التخيلي الجميل.

قد يكون الأهم من العمل نفسه، النقاش الذي أثاره. وبمقدور الحاضر أن يلحظ مدى اهتمام الجيل الجديد بتاريخ المدينة، والصعوبات التي مرّت بها. وبمناسبة اجتماعهم لرؤية العمل، تداولوا طويلاً حول بشاعة الأسلوب الهندسي المتبع لحلّ مشكلة النهر بعد طوفاناته المتكررة، وكيف أنه أنهى روح المدينة، ثم كانت القاضية عبر مشروع الإرث الثقافي، الذي قضى بسقف النهر وإخفائه، وحجبه عن عيون المارة، فيما تبقى الأجزاء غير المسقوفة، فرصة للعابرين لرمي قاذوراتهم.