احتفاء سينمائي مصري بـ«الطير المسافر» بليغ حمدي

في الذكرى الـ31 لرحيل «عاشق النغم»

الموسيقار بليغ حمدي (دار الأوبرا المصرية)
الموسيقار بليغ حمدي (دار الأوبرا المصرية)
TT

احتفاء سينمائي مصري بـ«الطير المسافر» بليغ حمدي

الموسيقار بليغ حمدي (دار الأوبرا المصرية)
الموسيقار بليغ حمدي (دار الأوبرا المصرية)

احتفت دار الأوبرا المصرية، بالتعاون مع «المركز القومي للسينما»، بالذكرى الـ31 لرحيل الموسيقار المصري بليغ حمدي، الملقب بـ«عاشق النغم»، وشهد المسرح الصغير، الخميس، حضوراً جماهيرياً كبيراً للندوة التي أدارها الناقد الفني المصري محمود عبد الشكور، وشهدت عرض الفيلم التسجيلي «الطير المسافر... بليغ عاشق النغم»، عن فكرة وسيناريو الناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي، ومن إخراج حسين بكر.

وتناول الفيلم جوانب عدة من حياة بليغ، وسلَّط الضوء على مسيرته الفنية مع نجوم «الزمن الجميل»، كما تضمَّن مراحل تطوره من بداياته عازفاً على آلة العود، حتى أصبح اسماً بارزاً في عالم الموسيقى.

صورة من ندوة بليغ (دار الأوبرا المصرية)

الناقدة فايزة هنداوي كشفت عن الدافع وراء كتابتها الفيلم، قائلة، لـ«الشرق الأوسط»: «بجانب قيمته الفنية وتنوعه وعبقريته، والتطور الذي قدّمه في الموسيقي، فإن والدي جعلني أرتبط به منذ الصغر، من خلال أعماله وجمله الموسيقية؛ لإيمانه بأنه من أهم الموسيقيين في تاريخ مصر».

وذكرت هنداوي أنها عرضت الفكرة على مُخرج الفيلم، الذي رحّب وتحمّس لها، وأن البداية كانت عند نهلة الحكيم؛ وهي الصديقة المقرَّبة للموسيقار الراحل وشقيقة الإعلامي المصري وجدي الحكيم.

وتوضح: «جرى التصوير في مكتب الحكيم مع شقيقته، قبل الحصول على موافقات (القومي للسينما)؛ نظراً لسفرها الدائم خارج مصر، كما حرصت على تنوع ضيوف الفيلم؛ للحديث عن كل جوانب حياة وفن بليغ».

الموسيقار الراحل بليغ حمدي (أرشيفية)

وتابعت: «مِن بين الضيوف عميد المعهد العالي للموسيقى، والناقد الموسيقى الدكتور أشرف عبد الرحمن، كما استعنتُ بنجل شقيقه تامر، وأيضاً بمدير أعماله، وبفنانين مِن اكتشافه؛ مِن بينهم علي الحجار، وعفاف راضي، وكذلك الموسيقار أحمد عاطف الذي قدَّم الموسيقى التصويرية للفيلم، وممن كتبوا مؤلفاتٍ عنه؛ مِن بينهم الكاتب أيمن الحكيم، والكاتبة منى البكري، وصديقه الشخصي المُخرج عمر عبد العزيز، والشاعر الراحل شوقي حجاب».

وتؤكد فايزة أن ضيوف الفيلم لم يتقاضوا مقابلاً نظير ظهورهم، في حين استغرق تصوير الفيلم ما يقرب من 11 ساعة، جرى اختصارها لـ50 دقيقة، بعد مونتاج استمرّ لشهور عدة كي يظهر الوثائقي مُلماً بجوانب عدة من حياة الموسيقار الراحل.

واستعانت فايزة، في كتابة الفيلم، بالذاكرة التي كوّنتها عن بليغ، كما شاهدت لقاءات تتحدث عنه، عبر موقع «يوتيوب»، بجانب أرشيفه الفني في المطبوعات الورقية التي قام بجمعها المسؤول عن صفحة «بليغ ملك الموسيقى» بـ«فيسبوك»، إبراهيم يوسف.

جانب من ندوة بليغ بالمسرح الصغير (دار الأوبرا المصرية)

وعن أكثر الجوانب التي شغلتها وقت الكتابة وسلّطت الضوء عليها، قالت: «القضية التي اتهم فيها، وتسببت في ابتعاده لسنوات عن مصر رغماً عنه، ورغم حبه للسفر الدائم حتى إنه عُرف بـ(الطير المسافر)، فإن ذلك ظلمه لابتعاده اضطرارياً، مما أثّر عليه وعلى مسيرته الفنية».

وخلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، احتفت هيئة الترفية في السعودية بالموسيقار بليغ حمدي، عبر حفل جماهيري أُقيم على مسرح «أبو بكر سالم» في «بوليفارد رياض سيتي»، من تنظيم شركة «بنش مارك»، بمشاركة عدد كبير من نجوم الوطن العربي.

وتعاون بليغ، على مدار مسيرته الفنية، مع نخبة من نجوم الفن؛ من بينهم أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وشادية، ووردة الجزائرية، ومحمد العزبي، ومحمد رشدي، وغيرهم، كما لحن شارات عدد كبير من الأعمال الفنية بالتلفزيون والسينما والإذاعة والمسرح.


مقالات ذات صلة

وفاة الفنانة المصرية ناهد رشدي بعد صراع مع المرض

ثقافة وفنون الفنانة المصرية ناهد رشدي (فيسبوك)

وفاة الفنانة المصرية ناهد رشدي بعد صراع مع المرض

غيب الموت الفنانة المصرية ناهد رشدي، بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز الـ68 عاماً.

يسرا سلامة (القاهرة)
يوميات الشرق محتجون يرفعون أعلاماً أوكرانية خارج مقر مهرجان تورونتو السينمائي (أ.ب)

احتجاجات في مهرجان تورونتو السينمائي رغم تعليق عرض «روس في الحرب»

واصل كنديون من أصل أوكراني احتجاجاتهم، أمس الجمعة، على هامش مهرجان تورونتو السينمائي حتى بعد قرار منظمي المهرجان وقف عرض وثائقي عن الجنود الروس في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (تورونتو)
يوميات الشرق الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» (الشركة المنتجة)

أفلام عربية وألمانية في ضيافة معهد جوته بمصر

يحتضن معهد جوته الألماني في مصر فعاليات «أسبوع أفلام جوته»، خلال الفترة من 17 إلى 24 سبتمبر (أيلول) الحالي في فرعي المعهد بالقاهرة والإسكندرية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق هند صبري تحلم بالوقوف خلف الكاميرا (صفحتها في «فيسبوك»)

هند صبري لـ«الشرق الأوسط»: أحلم بالوقوف خلف الكاميرا

رغم تقديمها مسلسلاً مأخوذاً من نسخة أجنبية، فإنّ هند صبري تفضّل الأعمال الأصلية العربية.

مصطفى ياسين (القاهرة )
سينما جوني دب في «الشجاع» (جيريمي توماس بردوكشنز)

مخرجو الفيلم الواحد خاضوا التجربة وتابوا

انتهى الممثل جوني دَب من إخراج فيلم يجمع بين الكوميديا والدراما تحت عنوان «مودي- ثلاثة أيام على جناح الجنون» (Modi‪-‬ Three Days on the Wing of Madness)

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

من «الصابون القاتل» إلى «البرغر البدوي»... زيد حمدان يعيد ابتكار الأغنية المستقلّة

المنتج والمؤلف الموسيقي اللبناني زيد حمدان من مؤسسي الموسيقى العربية المستقلّة (صور الفنان)
المنتج والمؤلف الموسيقي اللبناني زيد حمدان من مؤسسي الموسيقى العربية المستقلّة (صور الفنان)
TT

من «الصابون القاتل» إلى «البرغر البدوي»... زيد حمدان يعيد ابتكار الأغنية المستقلّة

المنتج والمؤلف الموسيقي اللبناني زيد حمدان من مؤسسي الموسيقى العربية المستقلّة (صور الفنان)
المنتج والمؤلف الموسيقي اللبناني زيد حمدان من مؤسسي الموسيقى العربية المستقلّة (صور الفنان)

يوم كان «الأندرغراوند» مجرّد عبارة مبهمة في العالم العربي، ويوم لم تكن للموسيقى المستقلّة هويّة واضحة، كان زيد حمدان يضع حجر الأساس لهذا الفن المعاصر. على يد حمدان ومشروعه الأول Soap Kills (الصابون يقتل) إلى جانب الفنانة ياسمين حمدان، رسمت بيروت أولى ملامح موسيقاها المستقلة. سرعان ما ترسّخ هذا النمط وانتشر على امتداد الخريطة العربية، من خلال فِرَقِ وأصواتٍ كثيرة تأثّرت بتجربة فريق الطليعيّة.

شكّل زيد وياسمين حمدان ظاهرة موسيقية خلال التسعينات من خلال مشروع Soap Kills (فيسبوك)

مقاومة موسيقية

قبل سنوات، وجد حمدان نفسه مضطراً إلى مغادرة مدينته الحبيبة تحت ضغط الأزمة الاقتصادية وتفجير المرفأ. ودّع أكثر من 20 عاماً من الأحلام المحقّقة، وذهب يتلمّس إمكانية الاستمرار. بعد محطّة وجيزة في تركيا، استقرّ في فرنسا. ومن هناك، يواصل مشروعه الذي انطلق في التسعينات.

يتحدّث المنتج الموسيقي إلى «الشرق الأوسط» مشبّهاً ما يقوم به حالياً بـ«المقاومة الموسيقية ضدّ الفساد الذي يحتلّ لبنان». ولا يقتصر الأمر على ذلك، فهو يخترع ساحةً تجمعه بفنانين عرب اضطرّوا إلى الهجرة مثله.

انتقل حمدان من بيروت إلى باريس قبل 4 سنوات وهو يتابع مشروعه الفني من هناك (إنستغرام)

أتاحت له الإقامة الباريسيّة توسيع آفاقه والتعامل باحترافيّةٍ أكبر مع النوع الموسيقيّ الذي يقدّم. ورغم الشوق للبلاد فهو حصّن نفسه بشبكة أمان من الفنانين المستقلّين الموزّعين في أوروبا. «من هنا، من غربتنا، تنطلق رحلة جديدة لتبثّ الروح في حجر الأساس الذي وضعته في بيروت». يقول إنه شعر بضرورة جمع شتات المواهب العربية المنتشرة على امتداد القارة، وهو لم يتوقّع أن تمنحه النقلة إلى باريس الرضا الفنّي بعد عقدَين أمضاهما في لبنان.

حمدان الذي صنّفته شبكة «سي إن إن» كأحد أبرز المؤثّرين الثقافيين اللبنانيين، انشغل خلال الفترة الماضية بمشاريع موسيقية جمعته بعددٍ من الأصوات العربية المستقلّة. «مع الفنانة المصرية مريم صالح، ملأنا القاعات في باريس، وبرلين، وبروكسل قبل أشهر لأن هناك عطشاً إلى الموسيقى العربية المستقلة»، يقول.

الفنانة المصرية مريم صالح من بين الشريكات دائمات التعاون مع زيد حمدان (إنستغرام)

«ما لي بيت»

بصفة كونه مُنتجاً ومؤلّفاً موسيقياً، وضع حمدان يده بيد الفنانة السورية المقيمة في باريس لين أديب، ليعملا معاً على ألبوم «ما لي بيت». هذه المجموعة الغنائية الصادرة قبل 4 أشهر، تحمل صوت التغريبة والحنين للوطن المفقود. في الشكل، الألبوم مزيجٌ من الإيقاعات الإلكترونية والنصوص العربية بمختلف اللهجات؛ وتلك هي الهوية التي عُرف بها حمدان أساساً. أما في المضمون، فقد انبثق المشروع عن رغبة لدى أديب في استكشاف الأغاني التراثية العربية، من اليمن إلى فلسطين، مروراً بالأغنية البدويّة الفولكلورية.

بين حمدان وأديب صداقة عميقة، ومشروعٌ طويل الأمد يحمل اسم «Bedouin Burger» (برغر بدوي). وألبوم «ما لي بيت» ليس سوى جزء من هذا المشروع الذي تتداخل فيه الموسيقى البدويّة التراثية بالإيقاعات الإلكترونية الغربية، ومن هنا جاءت التسمية.

مع لين أديب يعمل زيد حمدان على مشروع طويل الأمد بعنوان Bedouin Burger (صور الفنان)

استقى الألبوم من التراث واستند إلى نصوص جديدة من تأليف حمدان وأديب، ليقدّم مزيجاً لافتاً من الأصالة والحداثة. أما الخيط الجامع بين تلك الأغاني فهو الحنين وجرح التغريبة، وفق ما يشرح حمدان. «نقيم في بلادٍ لا ننتمي إليها. في المقابل، بلادنا تغيّرت وما عادت تشبه ما عرفناه عنها. غالباً ما نتساءل أين نحن». يضيف: «المكان الوحيد الذي نشعر فيه وكأننا في بيتنا هو المسرح، مع الجمهور العربي المغترب الذي يشعر مثلنا بأنه لا بيت له».

طبخ الأغاني

وفق تعريف حمدان، فإنّ «المُنتِج الموسيقيّ هو الطبّاخ الذي يعثر على المكوّنات المناسبة لصناعة خلطة مميّزة»؛ وهذا ما أمضى مسيرته وهو يفعله. لا يمانع الوقوف في ظلّ الفنانين، فالأساس بالنسبة إليه هو العمل الموسيقي وليس صورته هو؛ «هدفي هو أن أضع خبرتي بين أيدي الطاقات والمواهب المميّزة وأن أساعدها على الإنتاج الموسيقي».

في مشاريعه كافةً، الخاصة منها والمشتركة، يتولّى حمدان التلحين والتوزيع وجزءاً من الكتابة. هي ورشة تخضع فيها الأغنية للتطوير، وترتكز إلى عمل الفريق. كما أنه يقف عازفاً على المسرح ومغنياً أحياناً.

في مشاريعه الخاصة والمشتركة يتولّى زيد حمدان كل مراحل صناعة الأغنية (إنستغرام)

العلاقة بينه وبين الفنانين المتعاونين معه تتخطّى الطابع المهني، فهو يصفهم بالعائلة والأصدقاء الذين باتوا اليوم يخفّفون من وطأة الغربة. من هنا يأتي الوفاء المتبادل، فمن الملاحظ أنّ بين حمدان وشركائه الفنيين علاقات لا يكسرها الزمن. من بين هؤلاء، إضافةً إلى مريم صالح ولين أديب، الفنانتان المصرية مي وليد والتركية سيلين سمبلتيبي.

بين زيد حمدان وتركيا القنوات الموسيقية مفتوحة منذ منحَ حقوق نسخته المحدّثة من أغنية «أهواك» لأحد المسلسلات التركية. يخبر كيف أنّ تلك الأغنية التي ألّفها زكي ناصيف وأعاد حمدان توزيعها حقّقت نجاحاً باهراً في تركيا. تلا ذلك تعاونٌ بينه وبين أحد أبرز المغنّين الأتراك، مابيل ماتيس، في أغنية «آشكيم غولوم» التي نالت هي الأخرى إعجاب الجمهور التركي.

الميكروفون للنساء

منذ انطلق عام 1997 إلى جانب ياسمين حمدان، وحتى أحدث أعماله مع لين أديب، لطالما منح زيد حمدان الأولويّة للأصوات النسائية. يرى في ذلك أيضاً نوعاً من المقاومة: «أريد أن أمنح قوّة للفنانات العربيات الإناث اليوم أكثر من أي وقت. فنحن ما زلنا نعاني من المجتمع الأبوي الظالم، ليس عربياً فحسب بل في كل أنحاء العالم». يضيف: «في كل مرةٍ أتعاون مع فنانة وأمنحها صوتاً، أشعر بأنني أقوم بفعلٍ مقاوم».

زيد حمدان خلال إحدى الحفلات مع الفنانة المصرية مي وليد (صور الفنان)

أما عن احتمال لمّ الشمل بينه وبين ياسمين حمدان بعد كل تلك السنوات، فيجيب بأنّ السؤال يجب أن يُطرح عليها هي. ويعلّق بالقول إنها «فنانة عظيمة» وإنه لا يرفض لها طلباً.

في الأثناء، يستعدّ حمدان لمجموعة من الحفلات تأخذه من كندا إلى سويسرا، مروراً بالرياض وجدّة، وصولاً إلى بيروت. أما في مطلع الربيع المقبل، فسيكون جمهوره على موعدٍ مع ألبومه الخاص.