مدينة عاليه اللبنانية تكرّم «أم ملحم وأبو ملحم»

إزاحة الستار عن تمثالي بطليّ مسلسل «يسعد مساكم» من زمن الفن الجميل

إزاحة الستارة عن تمثالي «أبو ملحم وأم ملحم» في مدينة عاليه (الشرق الأوسط)
إزاحة الستارة عن تمثالي «أبو ملحم وأم ملحم» في مدينة عاليه (الشرق الأوسط)
TT

مدينة عاليه اللبنانية تكرّم «أم ملحم وأبو ملحم»

إزاحة الستارة عن تمثالي «أبو ملحم وأم ملحم» في مدينة عاليه (الشرق الأوسط)
إزاحة الستارة عن تمثالي «أبو ملحم وأم ملحم» في مدينة عاليه (الشرق الأوسط)

يشكّل الثنائي أديب حداد وسلوى الحاج، المعروفان بـ«أبو ملحم وأم ملحم»، رمزين من رموز فن الزمن الجميل في الستينات والسبعينات من القرن الماضي.

كان مُشاهد «تلفزيون لبنان» في تلك الحقبة، يرافقهما في إطلالتهما الأسبوعية مساء كل ثلاثاء، في مسلسل «يسعد مساكم». موسيقى المسلسل لا تزال تحفر في أذهان المشاهدين حتى اليوم. فهي تذكّرهم بأيام خيّرة، عندما كان اللبنانيون يتحلقون حول الشاشة الصغيرة لمتابعة قصص كتبها ومثّلها الثنائي.

اليوم تكرّمهما مدينة عاليه من خلال إزاحة الستار عن تمثالين برونزيين لهما وسط المدينة. وقد وقّعتهما الفنانة التشكيلية غنوة رضوان. في بلدية عاليه بالتعاون مع أولاد الفنانين الراحلين وبرعاية وزارة الإعلام التي نظّمت احتفالاً في المناسبة.

ويشير رئيس بلدية عاليه وجدي مراد لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الفكرة تراود عاليه منذ سنوات طويلة، واليوم تتحقق رغبة المدينة في رفع نصبين للفنانين الراحلين لتكريمهما. ويتابع: إن «أهالي المدينة سعداء، ويرددون (أبو ملحم وأم ملحم رجعا). فإن يلقوا التحية يومياً على هذا الثنائي الجميل أمر يبعث في قلبهم البهجة. هذا يذكّرهم بزمن الفن الجميل وطبيعة رجالات لبنان المُصلحة في تلك الأيام».

أحدَث الثنائي يومها حالة اجتماعية من خلال أعمالهما الدرامية. فالصُلحة التي كانا يُحرزانها لحلّ الخلافات بين أبناء الحي أو القرية الواحدة كانت هدفهما. والمسلسل كان قائماً على فكرة إحلال السلام بين العائلات اللبنانية. فيشدّد نصّ «أبو ملحم» على التحذير من الوقوع في حروب عائلية هم بغنى عنها. هذه الحروب كان ينهيها «أبو ملحم» بالمنطق والعقل، فيعطي الحق لصاحبه مهما كلّفه الأمر من انتقادات لاذعة تصله من زوجته (أم ملحم). فهي كانت تنزعج من تدخلاته الإصلاحية، ولكنها في النهاية تذعن لرغبته، فتسايره في خططه التي يبغي منها حلّ أي خلاف بالمحبة والعقلانية.

من حفل إزاحة الستارة في مدينة عاليه (الشرق الأوسط)

رحل أديب حداد في عام 1986 ولحقت به سلوى الحاج بعد سنوات قليلة. فهما ينتميان لمدينة لبنانية واحدة، وهي عاليه. وقصة حبّهما بدأت من هناك حينها كانا جارين يستلطفان بعضهما بعضاً، وعلى الرغم من الشهرة التي حصداها، أبقيا على علاقتهما في مسقط رأسيهما، وسكنا فيها حتى اللحظة الأخيرة مع عائلتهما الصغيرة، التي تتألف من زياد ودنيا وراغدة. واليوم تنضمّ إليهم الحفيدة نضال لتحتفل بتكريم جدّيها في مدينة عاليه.

ويمثلّ التمثالان الثنائي وهما ينظران إلى بعضهما بحب. «أبو ملحم» مرتدياً الطربوش يبتسم بفخر، في حين «أم ملحم» بتصفيفة شعرها المشهورة تحمل في نظراتها العتب.

الفنانة التشكيلية غنوة رضوان تشير لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها فخورة بتوقيعها هذين التمثالين. «أنا من بلدة عاليه، وسمعت كثيراً عن هذا الثنائي. ومن خلال هذين النُّصبين ترجمتُ شكري لهما وللفن الجميل الذي قدماه لبلدي لبنان».

وعن كيفية تكوين فكرة واضحة عن شخصيتهما كي تبرز في المنحوتتين تقول: «قمت بأبحاث كثيرة عنهما. لاحقت مقتطفات من مسلسلاتهما ومقابلات حوارية أجريت معهما. كنت متحمسة جداً للتعرّف إليهما عن قرب. وكان من الضروري أن أعرف كيف يحكيان ويبتسمان ويضحكان ويغضبان. فالمنحوتة كي تبدو حقيقية يجب أن تحمل الأحاسيس والمشاعر الصادقة. فصوّرت (أبو ملحم) هادئاً ومبتسماً، فيما قدمت (أم ملحم) بشخصيتها القوية المعروفة بها».

ينتصب التمثالان مقابل منزل الراحلين في عاليه. ويوضح رئيس البلدية وجدي مراد: «أنهما يطلّان على نافذة منزلهما على الطريق العام الذي يصل عاليه ببلدة سوق الغرب. والنّصبان عبارة عن منحوتتين يظهران رأس وأكتاف أديب حداد وزوجته».

ويؤكد مراد أنه يعرفهما عن كثب، إذ كان يشتري الخبز يومياً لـ«أم ملحم» عندما كان طفلاً، في حين «أبو ملحم» كان شخصية مشهورة في عاليه يحترمه الجميع ويحبون حضوره. وكان يحب الناس والمناسبات الاجتماعية فلا يغيب عن أيّ منها. كما كان يزور الجميع في بيوتهم ويرتشف القهوة معهم.

الفنانة التشكيلية غنوة رضوان وقّعت المنحوتات بأناملها (الشرق الأوسط)

«لا ينقص التمثالان سوى أن ينطقا» هكذا يصفهما رئيس بلدية عاليه. ويتابع: «لقد عملت الفنانة غنوة رضوان على تقديمهما في نسختين طبق الأصل عنهما وببراعة ملحوظة. فهما اليوم عادا إلى عاليه من بابها العريض. ومن يمرّ قرب النصب التذكاري لا بدّ أن يبتسم لا شعورياً. فهما رمزان من رموز لبنان الجميل، عندما كان العالم يتغنّى بهذا البلد النابض بالحياة والنشاطات الفنية الراقية. فأمثال (أبو ملحم) أصبحوا نادرين اليوم في بلادنا. ولذلك ستبقى ذكراهم حيّة في أذهاننا ننقلها من جيل إلى آخر».


مقالات ذات صلة

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق النجم الشجاع أنقذ الموقف (مواقع التواصل)

نجم «ديزني» يتخلّص من أفعى على الطائرة... ويتلقّى مكافأة

نجح نجم «ديزني»، الأسترالي أندري ريريكورا، في التخلُّص من ثعبان على طائرة «فيرجين إيرلاينز»... فماذا كانت مكافأته؟

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جرتْ العادة أن تحضُر كل مُشاركة بصحبة فتى من أبناء المشاهير والأثرياء، وأن ترقص معه «الفالس» كأنهما في حفل من حفلات القصور في عهود ملوك أوروبا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.