مع تقدمنا في العمر... لماذا يبدو الوقت وكأنه يتسارع؟

كلما زادت المعلومات التي يعالجها عقلنا يبدو أن الوقت يمر ببطء (رويترز)
كلما زادت المعلومات التي يعالجها عقلنا يبدو أن الوقت يمر ببطء (رويترز)
TT

مع تقدمنا في العمر... لماذا يبدو الوقت وكأنه يتسارع؟

كلما زادت المعلومات التي يعالجها عقلنا يبدو أن الوقت يمر ببطء (رويترز)
كلما زادت المعلومات التي يعالجها عقلنا يبدو أن الوقت يمر ببطء (رويترز)

حضر الدكتور ستيف تايلور، وهو محاضر في علم النفس بجامعة ليدز بيكيت البريطانية، الأسبوع الماضي، مؤتمر علم النفس في جامعة أكسفورد. ورغم أن المناقشات لم تكن عن الوقت، فإنها جعلته يفكر في الطرق المختلفة التي يختبر بها العقل البشري الوقت، بحسب تقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

كان مؤتمراً كبيراً، حضره نحو 500 مندوب، واستمر لمدة أربعة أيام. التقى خلاله الكثير من الأصدقاء والمعارف القدامى وتعرف أيضاً على الكثير من الأشخاص الجدد. كما شارك تايلور بالمحاضرات وورش العمل حتى شعر أن دماغه أصبح مثقلاً بالمعلومات.

وقال: «في اليوم الأخير من المؤتمر، صادفت امرأة كنت قد تحدثت معها في اليوم الأول، بعد أن شاركتها في ندوة. شعرت وكأنني لم أرها منذ فترة طويلة لدرجة أنني بالكاد تعرفت عليها. قلت لها: (لا أصدق أنه لم يمر سوى ثلاثة أيام منذ أن رأيتك! يبدو الأمر وكأنه ثلاثة أسابيع)».

وهناك ظاهرة أخرى لاحظها وهي أنه على الرغم من أن جميع المحاضرات استغرقت 45 دقيقة، فإن المحاضرات الرئيسية بدت وكأنها تمر بسرعات مختلفة. كان بعض المحاضرين أكثر جاذبية وديناميكية من غيرهم. كانت بعض المواد ذات صلة وممتعة، في حين كانت بعضها مجردة وتافهة. ونتيجة لذلك؛ مرت بعض المحاضرات بسرعة كبيرة، في حين بدت محاضرات أخرى لا تنتهي، وفق ما كشف عنه تايلور.

مفاتيح إدراك الوقت

ما الذي يحدد تجربتنا للوقت، كما في الأمثلة المذكورة أعلاه؟ لماذا يبدو أن الوقت يتسارع في بعض المواقف ويتباطأ في مواقف أخرى؟ هذه الأسئلة هي جوهر كتاب تايلور الجديد بعنوان «تجارب توسّع الوقت»، حيث أظهر أن إدراك الوقت مرن للغاية وينبع من تجربة ذاتية.

هناك رابط قوي بين إدراك الوقت ومعالجة المعلومات. فكلما زادت المعلومات التي يعالجها عقلنا، بدا أن الوقت يمر ببطء. وهذا هو السبب في أن المؤتمر بدا وكأنه استمر لفترة طويلة - بسبب كمية المعلومات الكبيرة التي عالجها عقل تايلور، ليس فقط من المحاضرات وورش العمل، لكن أيضاً من الأشخاص الذين التقاهم، ومن البيئة غير المألوفة لأكسفورد (التي لم يزرها من قبل).

على النقيض من ذلك، عندما نبقى في بيئاتنا الطبيعية، ونكرر التجارب المألوفة نفسها مع الأشخاص أنفسهم، يميل الوقت إلى التحرك بسرعة.

لماذا يتسارع الوقت مع تقدمنا ​​في السن؟

على الرغم من أنه قد لا يبدو أن الأمر مرتبط بشكل مباشر، فإن معالجة المعلومات تساعد أيضاً في تفسير سبب تسارع الوقت مع تقدمنا ​​في السن. في دراسة حديثة أجريت على 918 شخصاً بالغاً بقيادة عالمة النفس روث أوجدن، وافق 77 في المائة من المستجيبين على أن عيد الميلاد يبدو أنه يصل بسرعة أكبر كل عام. (كان 14 في المائة من الناس محايدين بشأن هذه القضية، بينما لم يوافق 9 في المائة فقط على الأمر).

ومن المثير للاهتمام أن الباحثين المشاركين مع أوجدن طرحوا السؤال ذاته على بعض الناس حول شهر رمضان وتلقوا إجابة مماثلة جداً.

من الشائع أن يبلغ الناس عن مرور الوقت ببطء أثناء الطفولة. وقال تايلور: «لدي ذكرى واضحة عن إنهاء المدرسة الابتدائية في سن الحادية عشرة، مع العلم أنني كنت سأبدأ المدرسة الثانوية في غضون ستة أسابيع، بعد العطلة الصيفية. بدأت أفكر في المدرسة الثانوية، متسائلاً كيف ستكون وما إذا كان عليّ أن أقلق بشأنها. لكن بعد ذلك قلت لنفسي، حسناً، لا جدوى من التفكير في الأمر؛ لأنه بعيد جداً في المستقبل».

وتابع: «بدت فترة الأسابيع الستة التي امتدت أمامي واسعة جداً لدرجة أنها ربما تعادل ستة أشهر من حياتي البالغة».

ويرجع هذا بشكل أساسي إلى أننا كأطفال نكتسب الكثير من التجارب الجديدة، وبالتالي نعالج كمية هائلة من المعلومات الإدراكية. يتمتع الأطفال أيضاً بإدراك غير مفلتر ومكثف؛ مما يجعل محيطهم يبدو أكثر حيوية. ومع ذلك، مع تقدمنا ​​في العمر، نكتسب تجارب جديدة أقل تدريجياً. والأمر الأكثر أهمية هو أن إدراكنا للعالم يصبح أكثر تلقائية. نصبح تدريجياً غير حساسين تجاه محيطنا. ونتيجة لذلك؛ فإننا نستوعب معلومات أقل تدريجياً؛ مما يعني أن الوقت يمر بسرعة أكبر.



نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

ازدحم المدخل المؤدّي إلى استوديوهات «تلفزيون لبنان» بالمحتفين بالحدث. فالتلفزيون الرسمي الذي ذكَّر وزير الإعلام زياد المكاري، بأنه «أول قناة تلفزيونية في الشرق الأوسط، والشاهد الوحيد على العصر الذهبي للبنان ومهرجان بعلبك الأول عام 1956»، يُحيي في 2025 ما انطفأ منذ 2001. ذلك العام، توقّفت «القناة التاسعة» الناطقة بالفرنسية في «تلفزيون لبنان»، مُعلنةً الانقطاع النهائي للصوت والصورة. بعد انتظار نحو ربع قرن، تعود نشرة الأخبار باللغة الفرنسية بدءاً من 23 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية (المكتب الإعلامي)

تتوقّف مستشارة وزير الإعلام، إليسار نداف، عند ما خطَّ القدر اللبناني منذ تأسيس هذه الخريطة: «التحدّيات والأمل». ففور اكتمال المدعوّين، من بينهم سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، وممثل رئيس الجمهورية لدى المنظمة الفرنكوفونية جرجورة حردان، ورئيس الوكالة الجامعية الفرنكوفونية جان نويل باليو، والمسؤولة عن برامج التعاون في المنظمة الفرنكوفونية نتالي ميجان، بجانب سفراء دول وشخصيات؛ شقَّ الحضور طريقهم نحو الطابق السفلي حيث استوديوهات التلفزيون في منطقة تلّة الخياط البيروتية المزدحمة، مارّين بصور لأيقونات الشاشة، عُلّقت على الجدار، منهم رجل المسرح أنطوان كرباج، ورجل الضحكة إبراهيم مرعشلي... اكتمل اتّخاذ الجميع مواقعه، لإطلاق الحدث المُرتقي إلى اللحظة الفارقة، مُفتَتَحاً بكلمتها.

صورة إبراهيم مرعشلي تستقبل زوّار التلفزيون (الشرق الأوسط)

فيها، كما في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تُشدّد نداف على الأمل: «إنه ما يحرِّض دائماً على استعادة ما خسرناه». تُشبه إحدى مقدّمات النشرة، نضال أيوب، في تمسّكها بالثوابت. فالأخيرة أيضاً تقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية، من ديمقراطية وتضامن وتنوّع لغوي.

تُعاهد نداف «بقلب ملؤه التفاؤل والعزيمة» مَن سمّته «الجمهور الوفي»، الذي تبلغ نسبته نحو 40 في المائة من سكان لبنان، بالالتزام والوعد بأنْ تحمل هذه الإضافة إلى عائلة الفرنكوفونية ولادة جديدة، بدءاً من 23 الحالي؛ من الاثنين إلى الجمعة الساعة السادسة والنصف مساء مع «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان».

كان كلّ شيء فرنسياً: لغة السلام والخطاب، والروح، وبعض الوجوه. في كلمته، رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى «بيت الفنانين اللبنانيين الكبار؛ فيروز، وزكي ناصيف، ووديع الصافي، والإخوة رحباني». وفيما كان الخارج يبعث الأمل لتزامُن الحدث مع يوم الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس للحكومة، ألمح الوزير إلى أنّ اللقاء يجري «غداة فصل جديد من تاريخ لبنان، للاحتفال بإعادة إطلاق أخبارنا التلفزيونية باللغة الفرنسية، بعد مرور 24 عاماً على توقُّف برامج (القناة التاسعة) المُرتبط اسمها بعملاق الإعلام الفرنكوفوني جان كلود بولس». وبأمل أن تلفت هذه النشرة الانتباه وتثير الفضول، أكد التزامها «تقديم رؤية واضحة ودقيقة لموضوعات تمسّنا جميعاً»، متوقفاً عند «رغبة متجدّدة في دعم قيم الانفتاح والتعدّدية وحرّية التعبير تُجسّدها عملية إعادة الإطلاق هذه».

تُشدّد إليسار نداف على الأمل في كلمتها (المكتب الإعلامي)

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً متعدّد اللغات؛ يجد كل مواطن فيه مكانه»، بوصف زياد المكاري. تشديده على أهمية الفرنكوفونية في وسائل إعلام القطاع العام مردّه إلى أنّ «الفرنسية ليست مجرّد لغة؛ إنها ثقافة وتاريخ وتراث مشترك؛ فتتيح لنا، في إطار هذه الأخبار، فرصة نقل صوت لبناني قوي ومميّز إلى الساحة الدولية، مع البقاء مُخلصين لجذورنا وثقافتنا وهويتنا».

يعلم أنّ «هذا الحلم لم يكن ليتحقّق من دون شركاء نتشارك معهم الرؤية والقيم»، ويعترف بذلك. ثم يدعو إلى «متابعة نشرة الأخبار الوحيدة باللغة الفرنسية في القطاع العام التي ستشكّل انعكاساً حقيقياً لتنوّع عالم اليوم». وقبل الإصغاء إلى كلمة ممثل المنظمة الفرنكوفونية ليفون أميرجانيان، يُذكّر بأنّ للبنان، بكونه ملتقى الحضارات والثقافات، دوراً أساسياً في تعزيز الفرنكوفونية.

رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى بيت الفنانين اللبنانيين الكبار (الشرق الأوسط)

ومنذ افتتاح مكتب المنظمة الفرنكوفونية في بيروت، تراءى ضرورياً النظر في قطاع الإعلام الفرنكوفوني بخضمّ الأزمة الاقتصادية التي تُنهك المؤسّسات ووسائل الإعلام. يستعيد أميرجانيان هذه المشهدية ليؤكد أنّ الحفاظ على اللغة الفرنسية في المؤسّسات الإعلامية مسألة حيوية للحفاظ على التنوّع الثقافي والتعبير الديمقراطي. يتوجّه إلى الإعلاميين الآتين بميكروفونات مؤسّساتهم وكاميراتها وهواتفهم الشخصية: «دوركم نقل القيم الأساسية للفرنكوفونية، مثل التعدّدية اللغوية، وتنوعّ الآراء، والانفتاح على العالم». ثم يتوقّف عند استمرار نموّ عدد الناطقين بالفرنسية في شكل ملحوظ، مع توقّعات بأنْ يصل إلى 600 مليون نسمة في حلول 2050. من هنا، يعدّ الترويج للغة الفرنسية «مسألة ضرورية لتعميق الروابط بين الدول والحكومات الناطقة بها، والسماح لسكانها بالاستفادة الكاملة من العولمة المتميّزة بالحركة الثقافية العابرة للحدود وبالتحدّيات التعليمية العالمية».

إعادة إطلاق النشرة تُعزّز هذا الطموح، وسط أمل جماعي بالنجاح، وأن تُشكّل مثالاً للقنوات الأخرى، فتُخطِّط لزيادة بثّ برامجها بلغة فيكتور هوغو.