سعد الصويان... إرث علمي عصيّ على النسيان

زيارة وزير الثقافة السعودي أعادت التذكير بجهوده

وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان يكرّم د. سعد الصويان (وزارة الثقافة)
وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان يكرّم د. سعد الصويان (وزارة الثقافة)
TT

سعد الصويان... إرث علمي عصيّ على النسيان

وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان يكرّم د. سعد الصويان (وزارة الثقافة)
وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان يكرّم د. سعد الصويان (وزارة الثقافة)

بعد تواريه عن الأنظار، لفترة طويلة بسبب ظروفه الصحية الصعبة، أعادت زيارة ودية قام بها وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله فرحان، لمنزل الباحث والأنثروبولوجي السعودي سعد الصويان في منزله بمدينة الرياض؛ لتسليمه جائزة «شخصية العام الثقافية» في السعودية، التذكير بمسيرته العلمية الرصينة التي أفنى فيها عقوداً من عمره.

وخلال العرس الثقافي والفني الذي أقيم، الاثنين، في مركز الملك فهد الثقافي بمدينة الرياض، نال الدكتور سعد الصويان جائزة «شخصية العام الثقافية»، ضمن الجوائز الثقافية الوطنية؛ وذلك تقديراً لجهوده البحثية في علم الاجتماع، وقد أخذ على عاتقه البحث والتدوين في التاريخ الشفهي، والشعر النبطي والتاريخ الاجتماعي في الجزيرة العربية.

ونظراً لظروفه الخاصة، توجّه وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان إلى منزل الباحث الصويان لتتويجه بالجائزة، وتسليمها له تثميناً لما أفناه من جهد ووقت في سبيل أعماله البحثية الرصينة.

وقد تم منح الأنثروبولوجي والباحث السعودي الدكتور سعد الصويان، جائزة «شخصية العام الثقافية» في السعودية لهذا العام؛ تثميناً لإسهاماته العلمية والأدبية والثقافية الكبيرة التي قدّمها على مدى سنواتٍ طويلةٍ في الميدان الثقافي، وأصدر خلالها مجموعةً من المؤلفات الأدبية والثقافية الثريّة في مختلف المجالات، مثل الأنثروبولوجيا، والشعر النبطي، والمأثورات الشفهية، وبتكريمه ينضم الصويان إلى كوكبة من المتوجين بالجوائز الثقافية الوطنية التي انطلقت لأول مرة عام 2020.

وبصوت هادئ ظهر الباحث الصويان عبر الفيديو على مسرح المناسبة، وأودع وهو على مشارف الثمانين من عمره، وصيته للأجيال الشابة، للاستثمار فيما ينعم به المجال الثقافي السعودي من سعة أفق، وإدراك وتشجيع لدى الجهات المسؤولة لكل مَن يبذل جهداً في مجاله.

إرث علمي ودراسات نوعية أنجزها د. الصويان خلال مسيرته (الشرق الأوسط)

الصحراء تستودع الصويان أسرارها

باحت الصحراء بأسرارها لباحث نحرير مثل الدكتور سعد الصويان، وفتحت مستودع أخبارها لعقله المتوقد، متسلحاً بأدواته العلمية التي نهلها من كبريات المؤسسات الأكاديمية الأميركية. قادماً من مسقط رأسه (عنيزة) التي ولد فيها عام 1944، وهي تتطلع وقتذاك مثل نظيراتها من المدن السعودية لتكتسي ثوب التطور والازدهار، توجّه الصويان شطر منصات المعرفة الحديثة، وحمل في حقيبته الدراسية مفاهيم وأدوات الصحراء، ليبحث في أسرارها، وقد استغرقته الدراسة أكثر من عقد، نال خلالها في عام 1971 بكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة شمال إلينوي، ثم ماجستير في الأنثروبولوجيا من الجامعة نفسها، ثم الدكتوراه في الأنثروبولوجيا والفولكلور والدراسات الشرقية من جامعة كاليفورنيا في بيركلي عام 1982. وخلال دراسته، وعندما شرع في بناء منهجه العلمي، واستهدف أن يقطف ثمار رحلته الدراسية، أثنى ركبتيه عند رجال الصحراء، وغاص في كنوز شعرهم ومروياتهم الشفهية.

وقام الصويان بين الأعوام 1983 - 1990 بمشروع لجمع الشعر النبطي من مصادره الشفهية، ونجح في تسجيل مئات الساعات من المقابلات الشفهية مع المسنين من رواة البادية، وجمع كل ما يتعلق بحياة البادية من أشعار وقصص وأنساب ووسوم وديار وموارد وتاريخ شفهي.

وبين الأعوام 1991 - 2001 رأس الصويان مشروعاً لتوثيق سيرة الملك عبد العزيز آل سعود، وفترة حكمه في الوثائق الأجنبية، وصدرت في 20 مجلداً ضخماً، يقع كل منها في حدود 700 صفحة تحتوي على ملخصات عربية وافية لما لا يقل عن 50 ألف وثيقة، من الأرشيفات الأجنبية، وبين الأعوام 1991 - 2001 أشرف الصويان علمياً على مشـروع لتوثيق الثقافة التقليدية في السعودية، وصدرت في 12 مجلداً يقع كل منها في حدود 500 صفحة، تستوعب كافة جوانب الثقافة التقليدية.

وإلى جانب أدائه ونتاجه البحثي، سطع نجم الصويان في المؤسسات الأكاديمية السعودية، حيث عمل أستاذاً مساعداً في جامعة الملك سعود، وأشرف على متحف التراث الشعبي في كلية الآداب، ورأس قسم الدراسات الاجتماعية، وفي عام 2013 تمت ترقيته إلى درجة أستاذ، وفاز في 2016 بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن كتابه «ملحمة التطور البشري»، كما أشرف على «وحدة الذاكرة السعودية» بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.

توجّه الصويان شطر منصات المعرفة الحديثة وحمل في حقيبته الدراسية مفاهيم وأدوات الصحراء لبحث أسرارها (منصة إكس)

إرث عصيّ على النسيان

لم يكن الدكتور الصويان غائباً تماماً عن المشهد؛ فالإرث العلمي والدراسات النوعية التي أجراها في التراث الثقافي والإنساني للجزيرة العربية، من المستحيل تجاوزها عند إنجاز أي مشروع مرتبط بالموضوعات التي اشتغل عليها الصويان باحثاَ وفاحصاَ ومتتبعاَ لتفاصيل غير مرئية من نسيج الجزيرة العربية.

واستلمت وحدة الذاكرة السعودية التابعة لـ«مركز الملك فيصل للأبحاث»، إدارة مكتبة الباحث الصويان ومجموعته الفوتوغرافية والصوتية، بالإضافة إلى مجموعات أخرى مماثلة، وهي وحدة فريدة من نوعها، ونظائرها محدودة في العالم، وتتاح محتوياتها للباحثين والأكاديميين في مجالات التاريخ الشفهي والقبَلي والعادات والتقاليد في السعودية، وما اتصل بهذا التراث من تفاصيل مختلفة.

وتوفر الوحدة قائمة بيانات تشمل الكتب والمواد السمعية والبصرية وقواعد البيانات الببليوغرافية، وخدمات الباحثين بعد إدراج جميع مواد الصويان وفهرستها، سواء الكتب أو المواد السمعية والبصرية، ويمكن لأي باحث وفقاً لقواعد الاطلاع بالمركز أن يزور الوحدة ويستفيد من مجموعة الكتب المتخصصة النوعية والنادرة، التي تضم نحو 2447 كتاباً عربياً، ونحو 1820 كتاباً باللغة الإنجليزية واللغات الأخرى، ونحو 97 مخطوطة للشعر النبطي.

كما تضم المجموعة الصوتية للدكتور الصويان التي سجلها منذ عام 1403 للهجرة حتى عام 1410، وتحتوي على كتاب «أيام العرب الأواخر»، كما تحتوي على 585 تسجيلاً، تضم 378 ساعة، ومجموعة أخرى من التسجيلات والصور الفوتوغرافية الغنية بالمعلومات والأرشيف الثري والفريد.

وأشرف الدكتور الصويان شخصياً على فهرسة التسجيلات وفق منهج وفهرسة معينة قبل إدراجه في قواعد المعلومات، وتبنى المركز مؤخراً خطوة جديدة للاستفادة من هذه الثروة التوثيقية، وهي تفريغها نصياً وحرفياً، وقد تم تفريغ نحو 100 ساعة تقريباً جاءت في نحو 2000 صفحة.


مقالات ذات صلة

السعودية: منع البقالات من بيع منتجات التبغ

الاقتصاد يمنع بيع منتجات التبغ لمن تقل أعمارهم عن 18 سنة (واس)

السعودية: منع البقالات من بيع منتجات التبغ

منعت «وزارة البلديات» السعودية بيع منتجات التبغ في الأكشاك والبقالات، وذلك ضمن تحديث لاشتراطات البقالات والتموينات والأسواق المركزية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج السعودية شددت على أهمية تعزيز العمل الدولي المشترك للتصدي للتهديدات السيبرانية (واس)

السعودية تؤكد دعمها جهود تعزيز التعاون الدولي السيبراني

أكدت السعودية دعمها للجهود الرامية لتعزيز التعاون الدولي في الفضاء السيبراني خلال أعمال الدورة الموضوعية للفريق العامل المعني بأمن تكنولوجيات المعلومات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الخليج جانب من اللقاء الذي جمع نائب وزير الخارجية السعودي مع مسؤولين بالاتحاد الأوروبي في بروكسل (واس)

لقاء سعودي - أوروبي يناقش التعاون والمستجدات

بحث لقاء سعودي - أوروبي في العاصمة بروكسل، الاثنين، التعاون المشترك بين السعودية والاتحاد الأوروبي وناقش المستجدات الإقليمية والدولية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
عالم الاعمال هيئتا «المتاحف» و«التراث» تدعوان الباحثين للمشاركة في النسخة الـ12 من «مؤتمر البحر الأحمر»

هيئتا «المتاحف» و«التراث» تدعوان الباحثين للمشاركة في النسخة الـ12 من «مؤتمر البحر الأحمر»

أطلقت «هيئة المتاحف» بالتعاون مع «هيئة التراث»، اليوم، دعوة للمشاركة في «مؤتمر البحر الأحمر» بنسخته الـ12.

يوميات الشرق تشهد الصقور خلال إيوائها في المرابط مرحلة تجديد الريش باعتبار أنه جزء من دورة حياة الصقر سنوياً (واس)

«مرابط الصقور» ملاذ لاستجمام الطيور واحترازات لمواجهة الصيف

توفر المرابط الملاذ الملائم للصقر خلال فصل الصيف، والبيئة الهادئة بالتزامن مع تبديل الصقر لريشه القديم بحيث يكون جاهزاً ومستعداً لموسم الصيد الجديد

عمر البدوي (الرياض)

«الشرق للأخبار» تطلق نسخة متجددة من «دائرة الشرق»

يعود البرنامج بحلّة متجددة وتحليل أعمق للقضايا الإقليمية والدولية (الشرق للأخبار)
يعود البرنامج بحلّة متجددة وتحليل أعمق للقضايا الإقليمية والدولية (الشرق للأخبار)
TT

«الشرق للأخبار» تطلق نسخة متجددة من «دائرة الشرق»

يعود البرنامج بحلّة متجددة وتحليل أعمق للقضايا الإقليمية والدولية (الشرق للأخبار)
يعود البرنامج بحلّة متجددة وتحليل أعمق للقضايا الإقليمية والدولية (الشرق للأخبار)

أطلقت «الشرق للأخبار» نسخة جديدة من برنامجها اليومي «دائرة الشرق»، الذي يعود بحلّة متجددة وتحليل أعمق لمجريات المشهد السياسي الإقليمي والدولي.

ويُقدم البرنامج حوارات مُعمقة مع نخبة من الصحافيين والمحللين والخبراء من منصات المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام «SRMG»، في إطار يعكس تكاملاً تحريرياً يُعزز المحتوى التحليلي على الشاشة.

وتخوض المذيعة ميراشا غازي، مقدمة البرنامج، في كل حلقة نقاشاً مع ضيوفها للغوص في خلفيات الأحداث وسياقاتها المتشابكة.

ويعتمد البرنامج على أبرز المحررين في منصات المجموعة، بما فيها «الشرق الأوسط»، و«إندبندنت عربية»، و«المجلة»، و«عرب نيوز»، لتقديم رؤى موثوقة مبنية على خبرات ميدانية متراكمة.

وقال الدكتور نبيل الخطيب، مدير عام قناة «الشرق للأخبار»، إن البرنامج «يُجسِّد مهمتنا التحريرية في تقديم محتوى موثوق وتحليل عميق»، مضيفاً: «في زمن الضجيج السياسي، يحتاج الجمهور إلى أصوات متزنة ونقاشات واعية، وهذا بالضبط ما يقدمه (دائرة الشرق)».

ورحب غسان شربل، رئيس تحرير «الشرق الأوسط» بفكرة البرنامج، مشيراً إلى أن الصحيفة «تقدم محتوى تحليلياً عالي المستوى يساهم في فهم أعمق للتطورات بالمنطقة والعالم، من خلال نخبة من الصحافيين والمحللين في مؤسستنا».

وأوضح عضوان الأحمري، رئيس تحرير «إندبندنت عربية»، أن «الفكرة تنبع من رؤية تكاملية داخل المجموعة»، مبدياً سعادته بأن «نكون جزءاً من هذا المشروع الواعد الذي يُعزز العمل الجماعي والإنتاج المشترك».

ورأى إبراهيم حميدي، رئيس تحرير «المجلة»، أن «هذا التعاون يُعزز التكامل بين منصات (SRMG)، وسنقدم من خلاله تحليلات معمقة يشارك فيها أبرز خبرائنا من المنطقة والعالم».

وأبدى فيصل عباس، رئيس تحرير «عرب نيوز»، سعادته بالمشاركة في البرنامج «لإضافة البعد الدولي الذي يُميز تغطياتنا من طوكيو إلى تورونتو، في إطار تعاون وثيق ومستمر مع (الشرق)».

وتبث شاشة «الشرق للأخبار» البرنامج من الأحد إلى الخميس، عند الساعة 10 مساءً بتوقيت السعودية، كما تتوفر حلقاته عبر خدمة «الفيديو عند الطلب» على منصة «الشرق NOW».