«الظل الأخير»... مغامرة «جريئة» للمسرح السعودي في «القاهرة التجريبي»

العرض يثير تساؤلات حول المصير الإنساني برؤية «حداثية»

دراما الأمل واليأس في «الظل الأخير» (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)
دراما الأمل واليأس في «الظل الأخير» (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)
TT

«الظل الأخير»... مغامرة «جريئة» للمسرح السعودي في «القاهرة التجريبي»

دراما الأمل واليأس في «الظل الأخير» (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)
دراما الأمل واليأس في «الظل الأخير» (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)

متحرّراً من قيود الزمان والمكان وهوية الشخوص، يخوض العرض المسرحي السعودي «الظل الأخير» مغامرة جريئة، بوصفه حالةً فنية لها طابع «حداثي»، خلال الدورة الحالية من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي التي تستمر حتى 11 سبتمبر (أيلول) الحالي.

لا توجد «حكاية» بالمعنى التقليدي (بداية - وسط - نهاية)، لا يوجد حوار أو ديكورات تعكس تنوّع الشخصيات في سِماتهم النفسية والجسمانية والاجتماعية، لا يتضمّن حبكة أو عقدة درامية بقدر ما يثير تساؤلات حول المصير الإنساني وعبثية الانتظار الذي لا ينتهي، من خلال 5 أشخاص ينتظرون خلاصاً ما لا يأتي.

العرض المسرحي الذي يمثّل السعودية في المهرجان جاء برؤية سينوغرافية، من إخراج خالد الرويعي الذي يشير إلى أن العرض مأخوذ عن نص للكاتب السعودي فهد ردة الحارثي، بعنوان «الناس والحبال»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «دائماً ما تستهويه كتابات الحارثي المسرحية، ويجد فيها نفسه، بسبب طابعها الحداثي، وتخفّفها من المفاهيم التقليدية البالية».

القيود تحاصر إنسان العصر (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)

«النص مختلف وفارق، ويحرّض كلاً من المخرج والممثل على إخراج أفضل ما لديهما، بسبب التحديات الفنية العديدة التي يحملها ضمن طيّات رؤيته غير التقليدية، وهذا بالضبط ما أبحث عنه، فأنا أريد دائماً شيئاً يستفزّني ويحرّضني فنياً على الاشتباك معه بقوة»، وفق الرويعي.

تبدأ المسرحية بضوء أرجواني خافت، على نحو يُوحي بحالة شاعرية وأجواء تشبه الأحلام، لكن سرعان ما يتوارى الضوء لتظهر الحقيقة البعيدة عن التفاؤل، ويطالع المتفرج 5 ممثلين، هم: بدر الغامدي، وعبد الله الحمادي، وعمر مسعود، وعبد الوهاب الأحمري، ورزان البرق، يحملون على أكتافهم شجيرات صغيرة تبدو جافّة لا حياة فيها، يرتدون زياً موحّداً بلون أسود، مع بقعة رمادية على صدورهم، تبدو ملامح وجوههم مرهَقة من الانتظار في مكان بلا ملامح، وزمن غير محدّد.

اللون الأسود مهيمن على الأزياء (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)

عبارات وجُمل قليلة تلك التي يردّدونها فيما بينهم، لكنها قوية ومؤثرة، تأخذ أحياناً شكل الهمس، وقد تتحول إلى صرخات يائسة لأشخاص سئموا من الانتظار والاختباء من لهيب الشمس بحثاً عن «ظل أخير» توفّره لهم أغصان الأشجار، لكن يبدو أنه بمرور الوقت توحّدوا مع الأشجار، فكأن المُشاهد يرى شجرة بروح إنسان، أو إنساناً ثابتاً في مكانه وكأنه شجرة.

وكما جاءت البداية غريبة غير مفهومة، تعزف النهاية على نفس وتر الغموض، فلا شيء جديد يحدث سوى المزيد من تكريس الوضع القائم.

السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: «ما هي الرسالة التي يريد صُنّاع العمل توصيلها من خلال العرض، أو على الأقل ما هي الأفكار والرؤى التي حاولوا تجسيدها من خلال المسرحية؟»، وهو ما يجيب عنه المخرج قائلاً: «أحبّ النهايات المفتوحة، والعمل الذي يجعل المتفرج شريكاً في تأويله وتفسيره، لا أحب المسرح صاحب الرأي الواحد والتفسير الواحد، أحبّ صناعة عمل يراه كل متفرج بحسب وجهة نظره الشخصية، مع وجود مفاتيح بمثابة أدوات مساعدة في تلقّي النص وتفسيره».

ديكور وإضاءة العرض المسرحي «الظل الأخير» بشكل غير مألوف (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)

وأضاف: «المسرحية تركّز على فكرة صراع الإنسان مع الغد، وترقّبه للمستقبل، وما يأتي به المجهول من حلو أو مُرّ، كما يستنهض العمل طاقة إيجابية داخل كل إنسان حتى لا يستسلم أو ينهار».

ولكن هناك من يرى أن المسرحية مُغرِقة في النظرة التشاؤمية والحالة السوداوية، ما يفسّره الرويعي موضحاً: «لسنا أمام حالة سوداوية بقدر ما نحن أمام تجسيد صادق لحالة الحيرة، ولحظات التشتّت التي كثيراً ما تنتاب إنسان العصر تجاه تساؤلات الذات والهوية والانتماء»، ويضيف: «المسرحية تحذّر مما أسمّيه (الأمل الزائف) أو (الأمل المريض)، وتسعى لتحويل لحظات الأمل إلى طاقة إيجابية صادقة نحو العبور إلى الغد بقوة».


مقالات ذات صلة

10 أفلام مصرية في «القدس للسينما العربية»

يوميات الشرق فيلم «الأستاذ» في افتتاح مهرجان «القدس» (إدارة المهرجان)

10 أفلام مصرية في «القدس للسينما العربية»

تشارك 10 أفلام مصرية في مهرجان القدس للسينما العربية في دورته الرابعة، الذي ينطلق في القدس الشرقية، الأربعاء 11 سبتمبر (أيلول) الحالي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق ديمي مور في فيلم  Substance  (إدارة المهرجان)

«الجونة السينمائي» يختار 13 فيلماً عالمياً «دفعة أولى» في دورته السابعة

كشف مهرجان الجونة السينمائي، الأحد، عن مشاركة 13 فيلماً عالمياً بدورته السابعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج ديفيد غوردون غرين والممثل بن ستيلر مع البنات المشاركات معه في فيلم «كسّارات البندق» (أ.ب)

مهرجان «تورونتو» مجدّداً على الخريطة بعد نكسة

كانت هناك مفاجأة بانتظار فيلم «كسّارات البندق»، فقبل نحو رُبع ساعة من بدء عرضه تقدّمت مجموعة شابّة وأخذت تصيح في الصالة: «تحيا فلسطين».

محمد رُضا (تورونتو)
أوروبا صورة عامة للعاصمة باريس (أرشيفية - رويترز)

يهود فرنسا ينددون بإلغاء مهرجان سينمائي إسرائيلي

أعرب المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (كريف)، اليوم (الأحد)، عن غضبه لإلغاء مهرجان «شالوم أوروبا» السينمائي الإسرائيلي، الذي كان مقرراً في ستراسبورغ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة «ماكبث»، تجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا.

رشا أحمد (القاهرة)

«السعودية» تعلن النداء الأخير لطائرات B777 المتجهة للبوليفارد

وصول الطائرات من جدة للرياض لن يتجاوز أسبوعين (خاص لـ«الشرق الأوسط»)
وصول الطائرات من جدة للرياض لن يتجاوز أسبوعين (خاص لـ«الشرق الأوسط»)
TT

«السعودية» تعلن النداء الأخير لطائرات B777 المتجهة للبوليفارد

وصول الطائرات من جدة للرياض لن يتجاوز أسبوعين (خاص لـ«الشرق الأوسط»)
وصول الطائرات من جدة للرياض لن يتجاوز أسبوعين (خاص لـ«الشرق الأوسط»)

في سياق التعاون بين «موسم الرياض» والخطوط الجوية العربية السعودية، لإقامة منطقة بوليفارد رنواي (Boulevard Runway)، حيث ستقدم تجارب فريدة وجديدة في مجال السياحة والترفيه، انطلقت رحلة الألف كيلومتر لنقل الطائرات الـ3 من طراز B777 من جدة إلى وجهتها الجديدة في بوليفارد الرياض.

وكشفت شركة «المجدوعي للوجستيات» التي عُهد إليها عملية نقل الطائرات، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن فريقها يعمل حالياً على نقل 3 هياكل طائرات من طراز بوينغ 777، بالإضافة إلى 6 أجنحة مرافقة، كما بيّنت أن الهياكل تخضع لإجراءات نقل دقيقة ومخططة لها بعناية؛ لضمان سير العملية بكفاءة وسلاسة، وذلك عن طريق استخدام مقطورات منخفضة ومتخصصة في النقل الثقيل.

وعن الجدول الزمني لنقل الطائرات، وهل ستكون هناك محطات للتوقف، أكّدت الشركة أنه بالتنسيق المستمر مع الجهات المختصة، سيعملون على تنفيذ المشروع خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين، يتم خلالها استخدام 78 خطاً محورياً من المقطورات التقليدية، بقيادة فريق من المتخصصين المحترفين في النقل الثقيل، مدعومين بمحركات رئيسية ذات نظام دفع 6 × 6، كما يتم تخصيص محرك رئيسي إضافي لتسهيل التنقل عبر الطرق الصعبة والتضاريس غير المستوية.

78 خطاً محورياً من المقطورات التقليدية (خاص لـ«الشرق الأوسط»)

وحسب المجدوعي، استغرقت عملية تحميل الطائرات 3 أيام، كل يوم طائرة واحدة، حيث تمّت عملية تحميل الهياكل الـ3 خلال 3 أيام، وتطلّبت عملية التحميل تخطيطاً دقيقاً وتنسيقاً لضمان تثبيت الحمولة بشكل آمِن قبل البدء في عملية النقل.

وعن التحديات التي تواجههم وكيفية التعامل معها قال: «نواجه حالياً تحديات متنوعة، تتضمن المرور عبر منعطفات ضيقة، وتفادي خطوط الكهرباء العلوية، بالإضافة إلى التعامل مع العوائق، مثل اللوحات الإرشادية والكاميرات المرورية».

وللتغلب على هذه التحديات، يُجري فريقنا مسحاً ميدانياً شاملاً للطريق قبل كل مرحلة من عملية النقل، كما نطوّر مسارات بديلة للهياكل الكبيرة، ونتعاون بشكل وثيق مع الشركة السعودية للكهرباء؛ لترتيب إيقاف مؤقت لبعض خطوط الكهرباء، ورفعها عند الحاجة.

تم تحميل كل طائرة في يوم واستغرقت العملية 3 أيام للطائرات الـ3 (خاص لـ«الشرق الأوسط»)

ولضمان سلامة الطائرات أثناء النقل، أكّدت الشركة أنها ملتزمة بأعلى معايير السلامة خلال جميع مراحل النقل، وأن فِرَقهم الهندسية والداعمة تُجري دراسات شاملة لكل جوانب العملية، بما في ذلك اختيار المعدات المناسبة لكل مرحلة، كما يتم مسح الطرق بدقة، وإجراء التعديلات الضرورية لضمان مرور الطائرات بأمان تامّ.

وأكّدت شركة «المجدوعي للوجستيات» التي تعمل على مدار 60 عاماً من الخبرة، وأرست أعلى معايير الجودة والسلامة والموثوقية، أنها ملتزمة بتجاوز توقعات عملائها بشكل مستمر، فهي تفخر بكونها أول شركة سعودية خاصة تُدرَج في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، حيث حصلت على لقب «أثقل شحنة تم نقلها عبر النقل البري»، وجاء هذا الإنجاز البارز نتيجة لنقلها 8 وحدات ضخمة لتبخير المياه، بوزن إجمالي يتجاوز 41,000 طن، حيث بلغ وزن كل وحدة منها أكثر من 4,891 طن.

تم تخصيص محرك رئيسي إضافي لتسهيل التنقل عبر الطرق الصعبة والتضاريس (خاص لـ«الشرق الأوسط»)

وستوفر منطقة بوليفارد رنواي التي ستبدأ باستقبال زوّارها في 28 أكتوبر من الساعة 4 عصراً وحتى الـ3 صباحاً، تجربة فريدة من نوعها للزوّار، حيث يمكنهم استكشاف 3 طائرات بوينج 777 ، بوجود مدرج طيران حقيقي، للاستمتاع بالترفيه، والتسوق، وتناول الطعام في جو مميز داخل الطائرات.

وسيجري تجهيز الطائرات الـ3 على نحو مبتكَر، يتم فيها توفير تشكيلة متنوعة من الأطعمة التي تقدّمها مطاعم عالمية متخصصة، كما سيتم أيضاً تنظيم كثير من الفعاليات الأخرى في المنطقة، ومن ضمن التجارب التي أعلن عنها المستشار تركي آل الشيخ، تجربة باسم «الرحلة 1661»، وتجربة باسم «حصار السماء»، ومنطقة «فن زون» ستحتوي على 10 تجارب متنوعة في عالم الطيران للعائلات والأصدقاء.

كل طائرة من هذه الطائرات كانت تجوب أنحاء الأرض لقرابة 18 عاماً؛ الطائرة الأولى وهي أول طائرة B777-200ER أخرجتها الخطوط السعودية من الخدمة، الطائرة الثانية وهي ثاني طائرة تم إخراجها من الخدمة، والطائرة الثالثة دخلت الخدمة في مارس 1999، وخرجت من الخدمة يونيو (حزيران) 2017.

ويُشار إلى أن موسم الرياض في نسخته الخامسة، سيضم أكبر الفعاليات الترفيهية الشتوية بالعالم، وسيوفر مجموعة متنوّعة لأرقى المطاعم العالمية، وعدداً كبيراً من المفاجآت الكبرى التي تعكس مدى التمكين والدعم اللامحدود الذي يحظى به قطاع الترفيه، بدءاً من تراثها النجدي، وصولاً لتطورها الحالي.