انطلاق مهرجان تورونتو السينمائي... و«الأمن» يفضّ احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين

الممثل الأميركي بن ستيلر بيم عدد من معجبيه في تورونتو (أ.ف.ب)
الممثل الأميركي بن ستيلر بيم عدد من معجبيه في تورونتو (أ.ف.ب)
TT

انطلاق مهرجان تورونتو السينمائي... و«الأمن» يفضّ احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين

الممثل الأميركي بن ستيلر بيم عدد من معجبيه في تورونتو (أ.ف.ب)
الممثل الأميركي بن ستيلر بيم عدد من معجبيه في تورونتو (أ.ف.ب)

انطلق «مهرجان تورونتو السينمائي الدولي» (الخميس)، بعرض أول لفيلم «ناتكراكرز (Nutcrackers)»، من بطولة بن ستيلر في أول عمل له منذ 7 سنوات، في حين شهد افتتاح هذا المهرجان الكندي الذي يُعدّ الأهم في أميركا الشمالية، حضوراً لمتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين.

فبينما كان المدير العام للمهرجان، كامرون بيلي، يلقي كلمة افتتاحية على خشبة مسرح «برينسس أوف ويلز»، كان 4 متظاهرين يرددون شعارات ضد راعي المهرجان «البنك الملكي الكندي»، إذ سبق أن تعرّض المصرف لانتقادات بسبب استثماره في شركات مرتبطة بإسرائيل التي تدور حرب منذ نحو 11 شهراً بينها وبين حركة «حماس» الفلسطينية في قطاع غزة.

وما لبث عناصر حفظ الأمن أن اقتادوا المتظاهرين إلى الخارج؛ ما أتاح عرض الفيلم، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبغضّ النظر عن هذه الحركة الاحتجاجية الوجيزة، يعود مهرجان تورونتو بقوة هذه السنة، وبكامل بهائه، بعدما فقدت نسخة العام الماضي كثيراً من وهجها بفعل إضرابَي الممثلين وكُتّاب السيناريو في هوليوود.

ويجمع المهرجان في هذه الدورة كوكبة من أبرز نجوم هوليوود، ويوفّر برنامجاً غنياً يضم عدداً من الأفلام التي يُتوقّع أن تنافس على جوائز «الأوسكار»، والأشرطة الوثائقية في شأن موضوعات مطروحة في الوقت الراهن.

ومع أن قائمة الأفلام في 2023 كانت زاخرة بالنجوم، فإن السجادة الحمراء افتقدتهم، لكنّ أكبر مدينة في كندا ستشهد هذه السنة إطلالات لجنيفر لوبيز، وأنجلينا جولي، وإلتون جون، وبروس سبرينغستين، وسلمى حايك، وكايت بلانشيت، ونيكول كيدمان وسواهم.

وأعرب كامرون بيلي، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، عن سعادته بأن «يقام المهرجان هذه السنة من دون عوائق العام الماضي». وذكّر بأن المهرجان «معروف بحماسة جمهوره، وتصل هذه الإثارة إلى ذروتها عندما يكون أكبر نجوم العالم حاضرين فيه».

وأعطى بن ستيلر، الذي حظي بترحيب حار من الجمهور، إشارة الانطلاق للمهرجان بفيلم «ناتكراكرز» من إخراج ديفيد غوردون غرين، ويجسّد فيه شخصية مطوّر عقاري في شيكاغو ينبغي عليه الانتقال إلى أوهايو لرعاية أبناء أخيه الأربعة الذين تيتَّموا بعد وفاة والديهم.

وقال الممثل على السجادة الحمراء: «عندما قرأت السيناريو الذي كان صادقاً جداً وغير ساخر... قلت لنفسي إنني أتعاطف مع هذا الرجل»، الذي يسعى إلى التقرب من عائلته. وأضاف: «أعتقد أنها رسالة مهمة، خصوصاً اليوم».

الممثلتان ديمي مور (يمين) ومارغريت كوالي وبينهما المخرجة كورالي فراجا (إ.ب.أ)

278 فيلماً

ومن العروض العالمية الأولى المرتقبة أيضاً فيلم «إيدن (Eden)» للمخرج رون هوارد، الذي تدور أحداثه في جزر غالاباغوس، وهو من بطولة آنّا دي أرماس وسيدني سويني.

وبعدما ألهبت أنجلينا جولي مهرجان البندقية بأدائها دور مغنية الأوبرا الشهيرة ماريا كالاس في فيلم عن سيرتها، ستكون النجمة حاضرة في تورونتو لمواكبة عرض «ويذاوت بلاد (Without Blood)»، الذي تولّت إخراجه، وهو من بطولة سلمى حايك ويتناول قصة عائلة وانتقام في مطلع القرن العشرين.

وتقام في المهرجان الكندي عروض لما مجمله 278 فيلماً، ومع أن بيلي لم يشأ الإفصاح عن تفضيلاته، وصف بـ«الشرف الخاص» استضافة العرض العالمي الأول لأحدث أعمال المخرج البريطاني مايك لي «هارد تروث (Hard Truths)».

ويحضر المغنيان البريطاني إلتون جون والأميركي بروس سبرينغستين أيضاً لمواكبة عرض فيلمَين وثائقيَّين جديدَين عن سيرتيهما.

لكنهما لن يكونا نجمَي صناعة الموسيقى الوحيدَين في تورونتو، بل يأتي كذلك كلّ من أندريا بوتشيلي، وروبي وليامز، وبول أنكا، والمغني والمنتج ومصمم الأزياء فاريل وليامز؛ لمواكبة عروض أفلام تتناول حياتهم الشخصية والفنية.

وأوضح بيلي أن الطابع الموسيقي لعدد من الأفلام المدرجة في البرنامج لم يكن في البداية سوى مصادفة.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا محاطين بأفلام مطبوعة بالموسيقى، فقررنا الإذعان».

وتشمل الأعمال الوثائقية الأخرى التي يضمها البرنامج فيلم «ذي لاست ريبابليك (The Last Republic)»، الذي يتناول قصة النائب الأميركي السابق آدم كينزينغر وانشقاقه عن حزبه، وفيلم «مِن أوف وور (Men of War)»، الذي يتمحور على محاولة عام 2020 لإطاحة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

ويُعدُّ «مهرجان تورونتو السينمائي الدولي»، إلى جانب نظيرَيه في البندقية بإيطاليا وتيلورايد في الولايات المتحدة، أحد المهرجانات التي تشهد عروضاً أولى لأفلام تحظى بفرصة كبيرة لنيل جوائز «الأوسكار»، وفقاً للخبراء والمنتجين.

لكن مهرجان تورونتو، المفتوحة عروضه للمشاهدين، يقدم أيضاً أفلاماً تستهدف جمهوراً واسعاً على غرار «ناتكراكرز»، و«ذي وايلد روبوت (The Wild Robot)»، أحدث إنتاجات «دريمووركس أينيميشن (DreamWorks Animation)».

وفي البرنامج أيضاً أفلام تتمحور على الرياضة، مستوحاة من قصص حقيقية، منها فيلم «أنستوببل (Unstoppable)»، الذي يتناول قصة مصارع بُترت ساقه اليمنى بينما كان يحلم بالاحتراف. ويؤدي غاريل جيروم دور هذا المصارع بينما تجسّد جنيفر لوبيز شخصية والدته.

ويقام أيضاً العرض العالمي الأول لفيلم «ذي فاير إنسايد (The Fire Inside)»، عن قصة مسيرة الملاكِمة كلاريسا شيلدز إلى الميدالية الذهبية الأولمبية.

ويستمرّ مهرجان تورونتو إلى 15 سبتمبر (أيلول)، على أن تُمنح في اختتامه جائزة اختيار الجمهور التي تشكّل مؤشراً مبكراً لجوائز «الأوسكار».


مقالات ذات صلة

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

شؤون إقليمية مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مجدداً، إلى احتلال قطاع غزة، وتشجيع نصف سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على الهجرة خلال عامين.

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)

مقتل 10 على الأقل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة

قال مسعفون، الثلاثاء، إن 10 فلسطينيين على الأقل لقوا حتفهم في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أثناء ترؤسه جلسة للحكومة الفلسطينية في رام الله... الثلاثاء (وفا)

مصر تحاول مجدداً دفع آلية لإعادة فتح معبر رفح 

حركتَا «فتح» و«حماس» تجاوبتا مع محاولة مصرية لإعادة فتح معبر رفح، لكن لا يوجد اختراق كامل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري يلتقي مع نظيره الأميركي (الخارجية المصرية)

تنسيق مصري - أميركي لدفع جهود وقف إطلاق النار في غزة

تجري مصر والولايات المتحدة، مشاورات مستمرة من أجل دفع جهود إبرام هدنة مماثلة في قطاع غزة، بحسب إفادة وزارة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وسط الأجواء المثقلة بالهموم والخوف أعادت رسالة هاتفية بعض الأمل إلى سكان مدينة بيروت، معلنةً عودة أمسيات «مترو المدينة». يتحدث أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، مع «الشرق الأوسط» عن ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها إلى ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطلَ هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إنْ توقّفت النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إنْ تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة، «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».