«تجمّع مونو» يُطلق فعالياته في «يوم مفتوح» للجميع

ينبثق من 8 مراكز ثقافية تقع في شارع بيروتي عريق

متحف ما قبل التاريخ يعرض نحو 500 قطعة أثرية في واجهاته (صفحة المتحف في فيسبوك)
متحف ما قبل التاريخ يعرض نحو 500 قطعة أثرية في واجهاته (صفحة المتحف في فيسبوك)
TT

«تجمّع مونو» يُطلق فعالياته في «يوم مفتوح» للجميع

متحف ما قبل التاريخ يعرض نحو 500 قطعة أثرية في واجهاته (صفحة المتحف في فيسبوك)
متحف ما قبل التاريخ يعرض نحو 500 قطعة أثرية في واجهاته (صفحة المتحف في فيسبوك)

تضم مدينة بيروت شوارع عدة تحكي عن عراقة العاصمة وتاريخها الغني. وتطول لائحة هذه الشوارع لتشمل الحمراء، وكليمنصو، ومار مخايل، والجميزة، وفردان، وبلس وغيرها. وينضم إلى هذه اللائحة شارع مونو المتاخم لمنطقة السوديكو في الأشرفية، فيربط بين مناطق عدّة وأحياء شهيرة في المدينة. ويشتهر الشارع بمقاهيه ومطاعمه ومحاله التجارية، وفيه تنتصب المسارح والمكتبات والجامعات.

وانطلاقاً من أهميته الثقافية هذه، قرّر كثيرون من أصحاب المؤسسات العريقة الموجودة في الشارع، إطلاق «تجمّع مونو». وهو كناية عن مبادرة تقوم على إحياء هذا الشارع وتنظيم نشاطات فنية وثقافية فيه طوال أيام السنة. وتوضح جوزيان بولس مديرة «مسرح مونو» لـ«الشرق الأوسط»: «رغبنا من خلال التجمّع في إنشاء حيّ ثقافي يقوم على توحيد فعالياته العاملة في المجال هذا. وقد يكون مونو من الأحياء القليلة في بيروت التي تحتضن مراكز ثقافية عدّة. ومعاً نستطيع أن نقدّم كثيراً لهذا الحي العريق الذي لا يزال يحافظ على هويته العمرانية والتراثية».

شارع مونو من أعرق شوارع بيروت (فيسبوك)

قصة ولادة التجمّع حصلت بالصدفة عندما كانت جوزيان تتساءل مع أصحاب مؤسسات ثقافية عمّا يمكن القيام به لإحراز الأفضل لهذا الشارع. «بدأنا الحديث من خلال مشروع يرتكز على ثلاث مؤسسات فقط، هي (مسرح مونو) والمكتبتان (البلدية) و(الشرقية). لمعت الفكرة في أذهاننا، وقرّرنا توسيع نشاطاتنا لتشمل عدداً أكبر من المراكز الثقافية. فولد (تجمّع مونو) الذي يتألف من 8 مؤسسات ثقافية وفنية تقع في هذا الشارع، ونتمنى أن يشكّل عدوى لتلحق بهذه الفكرة أحياء بيروتية أخرى».

يتألّف التجمع من «بيت التباريس» و«جامعة للكل»، و«المكتبة الشرقية»، و«المكتبة العامة» لبلدية بيروت، وكذلك مكتبة «صنوبر بيروت»، و«المعهد الوطني الموسيقي»، و«متحف ما قبل التاريخ»، و«مسرح مونو».

يفتتح التجمع فعالياته في 19 سبتمبر (أيلول) المقبل من خلال تنظيم «يوم مفتوح» للجميع، فيوفّر جولة استكشافية للشّارع وللمؤسسات الثماني التي تؤلّف التجمع. وبعدها تكرّ سبحة النشاطات من عروض مسرحية ومعارض ومهرجانات فنية.

الوجهات الثقافية الثماني المشاركة في هذا التجمّع، لكل منها خصوصيتها وتوجهها الفني.

بيت التباريس

هو مبنى تراثي شُيّد أواخر القرن الـ19. وقررّت وريثته، الباحثة زينة صالح كيالي إعادة ترميمه بعد الأضرار التي لحقت به من جراء انفجار مرفأ بيروت، فحوّلته إلى مكان يستقبل المهتمين بالموسيقى الكلاسيكية، ويرتاده الشباب في إطار ورشات تدريبية يلتقون خلالها محترفين لبنانيين ومن العالم، ضمن إقامة فنية مجانية تستمر أياماً.

جامعة للكل

هي جامعة مفتوحة أمام الجميع من مختلف الفئات العمريّة. تستقبل المبتدئين أو الهواة وحملة الشهادات. تأسّست في عام 1977 وتقدّم لكلّ المهتمين وبصورة فرديّة، إمكانية توسيع آفاق معرفتهم على المستويين الثقافيّ والفنيّ.

المكتبة الشرقية تشارك في «تجمّع مونو» (فيسبوك)

المكتبة الشرقية

تابعة لجامعة القديس يوسف، تحتوي على نحو 400 ألف كتاب. كما تحوي مجموعة شهيرة من المخطوطات، لا سيّما العربيّة والسّريانيّة، ومكتبة خرائط من 4500 قطعة، ومكتبة باللّغة الأرمنيّة تحتوي على ما لا يقلّ عن25000 كتاب، ومجموعات من الصحف العربيّة الأولى، إلى جانب محفوظات من الصور الفوتوغرافيّة يُقدَّر عددها بأكثر من 70 أو 80 ألف وحدة.

متحف ما قبل التاريخ

يضمّ 22 واجهة تُعرض فيها نحو 500 قطعة أثرية اختارتها مجموعة الآباء اليسوعّيين. تمثل تطور الإنسان، وأسلوب عيشه والأدوات التي صنعها واستخدمها عبر العصور. كما يضمّ المتحف خرائط للمواقع الأثرية وصوراً ومجسمات ولوحات تقدم الشّروحات باللغتين الفرنسية والعربية.

مكتبة صنوبر بيروت

هي كناية عن دار نشر صغيرة تأسست عام 2013 في عين المريسة. وما لبثت أن انتقلت إلى شارع مونو في أواخر عام 2019. تستقبل الباحثين واللغويين والفنانين. وتنشر الآداب الرائدة من الأمس واليوم، من لبنان والعالم.

المكتبة العامة لبلدية بيروت

بالاتفاق مع بلدية بيروت أنشأت جمعية «السبيل»، أول مكتبة عامة في بيروت عام 2000 في الباشورة، ومن ثَمّ في مونو والجعيتاوي. وهناك مشاريع لدى بلدية بيروت بالتعاون مع منطقة إيل دي فرنس في فرنسا، لإنشاء 10 مكتبات عامة في بيروت.

المعهد الوطني للموسيقى

يُعدّ واحداً من فروع المعهد العالي الوطني للموسيقى المنتشرة في مناطق لبنانية عدّة، ومن بينها شارع مونو. ويعدّ من أقدم المؤسّسات التربوية في لبنان. وقد تطوّر من معهد موسيقيّ إلى معهد وطني عالٍ للموسيقى.

مسرح مونو صرح ثقافي مشهور في العاصمة (فيسبوك)

مسرح مونو

تأسس هذا المسرح في عام 1997 ويشارك في إحياء النشاطات الثقافية والفنية في العاصمة. ينبض مسرح «مونو» بعروض مسرحية مكثفة طوال أيام السنة. وقد استضاف أعمالاً لبنانية وأجنبية. وكان أحدثها عرض «على الطريق» للفنان اللبناني العالمي رضا فواز.

وتختم جوزيان بولس لـ«الشرق الأوسط»: «إننا متفائلون بهذه المبادرة التي من شأنها أن تعزّز قدراتنا التثقيفية وتسهم في نشرها. نجتمع معاً كي نزداد قوة، فنستطيع مواجهة من يحاول تدمير صورة بيروت الحضارية».


مقالات ذات صلة

تحقيق مع جراح نمساوي سمح لابنته بثقب جمجمة المريض

يوميات الشرق تحفيز الجمجمة بتيار كهربائي (شايترستوك)

تحقيق مع جراح نمساوي سمح لابنته بثقب جمجمة المريض

بدأ تحقيق حول حادثة مقلقة تتعلق بجراح أعصاب بارز في النمسا، الذي يُزعم أنه سمح لابنته البالغة من العمر 13 عاماً بالمشاركة في عملية جراحية حيوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المرونة العقلية قد تكون السر لحياة أطول (رويترز)

مواجهة المشكلات بهدوء ومرونة تقلل خطر الوفاة للنصف

أكدت دراسة جديدة أن المرونة العقلية والقدرة على المثابرة في مواجهة الشدائد، والحفاظ على نظرة هادئة وفلسفية في الأوقات الصعبة، قد تكون السر لحياة أطول.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق الأسطورة (أ.ف.ب)

إلتون جون... ماذا لو خانت العينان؟

قال الفنان البريطاني السير إلتون جون إنه أصيب بـ«ضعف محدود في الرؤية» في إحدى عينيه على إثر إصابته «بعدوى شديدة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كشف المصير بعد انتظار (مكتب الطب الشرعي لمقاطعة بيركس)

كشف هوية «رجل قمة الجبل» المُتجمِّد بكهف في بنسلفانيا قبل 50 عاماً

أخيراً، جرى التعرُّف إلى هوية رجل عُثر عليه متجمِّداً بكهف في بنسلفانيا، قبل نحو 5 عقود، بعدما تعقَّبت الشرطة أدلّة بصمات الأصابع المفقودة، لتحلّ بذلك لغزاً.

«الشرق الأوسط» (بنسلفانيا (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق الذهبي يتناغم مع الكمال الإلهي والنبل (الملحق الإعلامي)

«أبعاد أسماء الله الحسنى»... الخطّ العربي يُجمِّل الروح ويُهندس الواقع

تدعو المجموعة، الجمهور، إلى الانخراط في رحلة تحولية، تتفاعل مع الجوهر الإلهي الذي يتمظهر مع جوانب الوجود، فيعكس كل تصميم ونمط التصميم الكبير للكون.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الهواتف الذكية: هل تجعل أطفالكم أكثر ذكاءً أم تعرقل تعلمهم؟

«الجيل زد»... الهاتف الجوال والألعاب الإلكترونية جزء أساسي من الروتين اليومي
«الجيل زد»... الهاتف الجوال والألعاب الإلكترونية جزء أساسي من الروتين اليومي
TT

الهواتف الذكية: هل تجعل أطفالكم أكثر ذكاءً أم تعرقل تعلمهم؟

«الجيل زد»... الهاتف الجوال والألعاب الإلكترونية جزء أساسي من الروتين اليومي
«الجيل زد»... الهاتف الجوال والألعاب الإلكترونية جزء أساسي من الروتين اليومي

مع بداية العام الدراسي، تتبنى العديد من المدارس سياسات تحظر دخول الهواتف الذكية إلى الفصول الدراسية، فيما يثير هذا الأمر قلق بعض الآباء الذين يخشون من عدم قدرتهم على التواصل مع أطفالهم في حالات الطوارئ.

ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن وجود الهواتف الذكية في المدرسة قد يكون له تأثيرات سلبية تتجاوز مسألة التواصل. حسبما أفادت شبكة «سي إن إن».

وفقاً لدراسة أجرتها «Common Sense Media» في عام 2023، فإن نحو 97 في المائة من الأطفال بين 11 و17 عاماً يستخدمون هواتفهم خلال ساعات الدراسة، بمتوسط قدره 43 دقيقة.

هذا الانشغال الدائم بالشاشات يمكن أن يقلل من الوقت الذي يقضيه الأطفال في التفاعل مع أصدقائهم أو حتى في التواجد الاجتماعي بشكل عام، وهو أمر ضروري لتطوير مهارات التواصل وبناء العلاقات الاجتماعية.

عالم النفس الاجتماعي جوناثان هايدت، في كتابه «الجيل القلق»، يوضح أن التفاعل الاجتماعي الحقيقي مع الأقران هو أساسي لتطوير المهارات الاجتماعية ومواجهة التحديات.

الهواتف الذكية، التي توفر متعة لحظية، يمكن أن تؤدي إلى إغفال هذه التجارب الهامة. والتشتيت الناتج عن الهواتف الذكية يشكل مشكلة أيضاً في البيئة التعليمية.

ووفقاً لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث، يعتبر 72 في المائة من معلمي المدارس الثانوية أن تشتيت الهواتف الجوالة يمثل تحدياً كبيراً في فصولهم الدراسية. وقدرة الدماغ البشري على القيام بمهام متعددة في ذات الوقت محدودة، مما يعني أن الطلاب الذين يستخدمون هواتفهم أثناء الدراسة قد يواجهون صعوبة في التركيز على محتوى الدروس.

سيدة تتحدث عبر الهاتف الجوال (رويترز)

تسجل اختبارات «ACT»، التي تقيس المهارات الأكاديمية للطلاب، انخفاضاً ملحوظاً في الدرجات، وهو ما يشير إلى تأثير سلبي محتمل لاستخدام الهواتف الذكية على الأداء الأكاديمي. هذا الانخفاض يتوافق مع ملاحظات بعض الأساتذة الذين يلاحظون تراجعاً في قدرة الطلاب على التركيز مقارنةً بالأعوام السابقة.

ومن جهة أخرى، يعتقد البعض أن الهواتف الذكية توفر مستوى من الأمان للأطفال في حالات الطوارئ. لكن الدراسات تشير إلى أن الهواتف يمكن أن تكون مصدر إلهاء خطيراً، وقد تكون لها تأثيرات سلبية على السلامة الشخصية. في الواقع، هناك تقارير تشير إلى أن الأطفال قد يكونون أكثر عرضة لمخاطر السلامة أثناء استخدام الهواتف، مثل الانشغال أثناء عبور الشوارع.

كما تُظهِر تقارير مثل تلك الصادرة عن منظمة «Thorn»، أن الأطفال يتعرضون لتجارب خطيرة على الإنترنت، مثل التحرش الجنسي، مما يعزز الحاجة لمراقبة استخدام الهواتف.

بينما قد تكون الهواتف مفيدة في بعض الحالات الخاصة، مثل التنسيق لعمليات التسلم بعد الأنشطة أو الحالات الطبية الطارئة، فإن الخيارات البديلة مثل الهواتف القابلة للطي يمكن أن توفر طريقة للتواصل دون إغراق الأطفال في عالم التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي.

إجمالاً، يُظهر البحث أن الهواتف الذكية ليست بالضرورة أداة تزيد من ذكاء الأطفال أو أمانهم، بل قد تشكل مصدر تشتيت كبيراً يؤثر على قدرتهم على التركيز والتفاعل الاجتماعي. من دون الهواتف، يُمكن للأطفال أن يركزوا بشكل أفضل على التعلم والتفاعل الحقيقي مع محيطهم، بدلاً من المنافسة مع شاشات الهواتف.