«تمر حنة»، «حمّال الأسية»، «تهجرني بحكاية»، «بيت العز»، «بتسأل ليه عليا»، روائع تغنّت بها «كروان الشرق»، فايزة أحمد، تعيد دار الأوبرا المصرية تقديمها احتفاءً بذكرى الفنانة الراحلة، التي تحلّ في سبتمبر (أيلول) الحالي.
ويأتي الاحتفاء بفايزة أحمد ضمن نهج الأوبرا المصرية لإحياء ذكرى رموز الفن والموسيقى، الذين أثروا الحياة الفنية بعديد من الأعمال الخالدة. ويضم الحفل نفسه الذي يقام، الخميس، على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية فقرة أيضاً عن الموسيقار محمد عبد الوهاب.
الحفل الذي تقدمه فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية، بقيادة المايسترو أحمد عامر، تأتي أغانيه بأداء الفنانين حسام حسني، ومصطفى النجدي، ومحمد حسن، ورحاب مطاوع، وسمية وجدي، وسوزان ممدوح.
ويقول المايسترو أحمد عامر إن «فايزة أحمد من القامات الغنائية الكبيرة التي تعاملت مع كبار الملحنين والشعراء وتركت إرثاً مهماً في الغناء العربي، وقد ظلت حتى أوائل الثمانينات، قبل وفاتها بقليل، تقدم أعمالاً ترسّخت في ذاكرة الجمهور».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم أغانيها الطويلة والقصائد كانت مع محمد سلطان، وكانت من الأصوات المتفردة التي لا شبيه لها، وهي من الأصوات المحيّرة لنا حين نحاول تقديم حفل لأعمالها، فلدينا مطربون نصفهم من ذوي الصوت المتلون، يستطيعون تقديم أكثر من لون غنائي، لكن فايزة أحمد تكون خارج هذه الألوان لأن صوتها له طابع خاص ومميز».
وُلدت فايزة أحمد في لبنان عام 1934 لأب سوري، وبعد اعتمادها في الإذاعة السورية سافرت إلى القاهرة، وشكّلت حالة فنية مع الموسيقار محمد الموجي، كما لحّن لها أيضاً كمال الطويل، ومحمد عبد الوهاب، وبليغ حمدي، ومحمود الشريف، ومحمد سلطان، ورحلت عن عالمنا في 24 سبتمبر عام 1983عن عمر يناهز 49 عاماً.
وأشار عامر إلى أن «الحفل سيضم عدداً من الأغاني الشهيرة لفايزة أحمد والشائعة لدى الجمهور، مثل (بيت العز) و(تمر حنة) و(يا آخد حبيبي يا أنا يمه)، فالليالي الخاصة بالمطربين عادة ما ينتظر فيها الجمهور الأغاني التي اعتاد سماعها وارتبط بها».
يذكر أن فرقة عبد الحليم نويرة التي تحيي الحفل كانت قد تأسست عام 1967 تحت اسم «فرقة الموسيقى العربية»، واستهدفت إحياء التراث الغنائي الأصيل، وكذلك تقديم الأشكال الغنائية والموسيقية التراثية المختلفة.
ويرى رئيس قسم النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون المصرية، الدكتور وليد شوشة، أن «هذا الاحتفاء يشير إلى التنوع والثراء الثقافي والفني الذي شهدته مصر خلال الخمسينات والستينات والسبعينات، فقد كانت فايزة أحمد صاحبة صوت من الأصوات المميزة خلال تلك الفترة».
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كانت هناك ألوان فنية مختلفة، وجنسيات مختلفة انصهرت في البوتقة المصرية، وكانت فايزة من أيقونات الغناء المصري والعربي التي تقدّم لوناً مميزاً وحالة موسيقية متفردة، نظراً لطبيعة صوتها وأدائها المختلفَين».
وإلى جانب الغناء، شاركت فايزة أحمد في عدد من الأفلام المصرية منذ عام 1957 بفيلم «تمر حنة»، و«امسك حرامي»، و«المليونير الفقير»، و«ليلى بنت الشاطئ»، و«عريس مراتي»، و«أنا وبناتي»، و«منتهى الفرح». وقدمت أغاني متنوعة ضمن هذه الأفلام.
ولفت شوشة إلى أن «الملحنين الذين صاغوا ألحانها كان كل منهم يضع قياسات هندسية معينة حتى تخرج الأغنية ملائمة لصوت فايزة، مع اختيار الموضوعات الغنائية التي كانت مميزة فيها».
وأضاف: «قد يكون هناك ارتباط شرطي بين مناسبة كبيرة يهتم بها العالم كله مثل عيد الأم وبين الأغنية التي قدمتها فايزة من ألحان محمد عبد الوهاب (ست الحبايب)، فإعادة إحياء ذكرى هؤلاء الفنانين فرصة لإلقاء الضوء على شخصيات تركت أثراً فنياً في الثقافة والفن المصري والعربي على مدى سنوات طويلة».