وسط أجواء مبهرة، مشحونة بالمؤثرات البصرية واللوحات الاستعراضية والألوان والأضواء الزاهية، انطلقت فعاليات الدورة 31 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، الأحد، بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، بعرض وضع تفاصيله ولمساته السينوغرافية المخرج اللبناني وليد عوني.
وتضمن حفل الافتتاح حضوراً واحتفاءً خاصاً بالقضية الفلسطينية من خلال العرض الذي جاء تحت عنوان «صدى جدار الصمت»، محملاً بكل معاني التعاطف الإنساني مع شهداء وضحايا «الحرب على غزة».
واتسم العرض الذي أخرجه عوني بالطابع الاستعراضي واستبدال لغة الحوار التقليدية واستخدام الصورة المبهرة من خلال توظيف بارع للإضاءة وحركة الممثلين على خشبة المسرح مع التعبير عن معاناة الشعب الفلسطيني في مشاهد متنوعة، وانقسم العرض إلى عدة «لوحات درامية» حظيت بتفاعل الجمهور، مثل مشهد الأكفان البيضاء والمفارقة البصرية مع الزي الأسود الذي ارتداه الممثلون، ولوحة تنتقد الصورة الذهنية التي يكرسها إعلام غربي للضحايا عبر تحويلهم إلى أرقام.
وعدّ المخرج ومصمم الاستعراضات وليد عوني عرض «صدى جدار الصمت» بمنزلة «تحدٍّ فني كبير كان عليه أن يخوضه بقوة وفق معادلة صعبة تبرز القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية وفي الوقت نفسه لا تنجرف للطابع التقريري المباشر وتتحول إلى نشرة أخبار»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ما زاد من صعوبة التحدي هو أن العرض تجريبي له طبيعة راقصة ويمتلئ بالرموز والدلالات لكنه ذهب في النهاية إلى التركيز على البعد العالمي للقضية والعزف على وتر الضمير الإنساني».
وأضاف عوني أن «تكريمه ضمن فعاليات الدورة الجديدة من المهرجان يحمل بالنسبة له معنى شديد الخصوصية، حيث قدم بمصر 32 عرضاً تنتمي لفن الرقص الحديث في إطار المسرح التجريبي»، موضحاً أن «التجريب يعد الرهان الأساسي في مشروعه الفني كما أنه سبق وأن قدم عرض الافتتاح في مهرجان المسرح التجريبي 7 مرات في الفترة من 1998 حتى 2010».
وكرّم وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو 12 شخصية من أصحاب التأثير في الحركة المسرحية عربياً ودولياً، منهم النجم محمود حميدة (مصر)، وملحة عبد الله (السعودية)، ووليد عوني (لبنان) ، ويوسف الحمدان (البحرين)، وميمون الخالدي (العراق)، وساڤاس باتساليدس (اليونان)، وجون سيبي أوكومو (كينيا).
وتستمر فعاليات الدورة الجديدة من المهرجان حتى 11 سبتمبر (أيلول) الحالي، بمشاركة 26 عرضاً تمثل 19 دولة. وتقدم للمشاركة ما يقرب من 460 عرضاً واختارت اللجنة 10 عروض مسرحية أجنبية و13 عرضاً عربياً، و3 عروض مصرية.
وأشار رئيس المهرجان الدكتور سامح مهران إلى أن «التجريب المسرحي في معناه الأشمل يعني التمرد على محاولات الوصاية التي يسعى البعض إلى فرضها علينا سواء انطلاقاً من أنساق الماضي أو قيود الحاضر»، موضحاً في كلمته التي ألقاها في حفل الافتتاح أن «الدورة الحالية تسعى إلى صنع حوارات هادفة لا تنتقص من أحد، بقدر ما ترسخ للديمقراطية الثقافية، التي هي أملنا الوحيد في عالم السياسة المعقد، الذي لا يؤمن إلا بالعقل التقني والمكسب المادي على حساب الأرواح، مقتاتاً على اللحم البشري النيء».