كيف تشجع طفلك على الإبداع؟

الأطفال الذين يكبرون مع آباء يختلف بعضهم مع بعض بطريقة بناءة يمكن أن يصبحوا بالغين أكثر إبداعاً (أرشيفية - رويترز)
الأطفال الذين يكبرون مع آباء يختلف بعضهم مع بعض بطريقة بناءة يمكن أن يصبحوا بالغين أكثر إبداعاً (أرشيفية - رويترز)
TT

كيف تشجع طفلك على الإبداع؟

الأطفال الذين يكبرون مع آباء يختلف بعضهم مع بعض بطريقة بناءة يمكن أن يصبحوا بالغين أكثر إبداعاً (أرشيفية - رويترز)
الأطفال الذين يكبرون مع آباء يختلف بعضهم مع بعض بطريقة بناءة يمكن أن يصبحوا بالغين أكثر إبداعاً (أرشيفية - رويترز)

لا تحتاج إلى أسرة هادئة ومتناغمة لتربية طفل ليصبح مثل ستيف جوبز؛ لكن بعض النصائح والتوجيهات قد تساعدك في توفير بيئة تصلح لتشجيع طفلك على الإبداع واكتشاف مواهبه.

قال آدم غرانت، عالم النفس التنظيمي في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، مؤخراً، لبرنامج «ماذا الآن؟»: «إن الأطفال الذين يكبرون مع آباء يختلف بعضهم مع بعض بطريقة بناءة، يمكن أن يصبحوا بالغين أكثر إبداعاً».

يمكن لمثل هؤلاء الأطفال أيضاً أن يصبحوا أكثر مرونة عقلياً -كما كتب غرانت في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز» عام 2017- وهي مهارة يطورها البالغون الناجحون للغاية في وقت مبكر من الحياة، كما يقول الخبراء.

لا يعني غرانت هنا الجدال المستمر والصراخ؛ بل إن الفكرة هي أن تكون نموذجاً للمناقشات البناءة لأطفالك، تلك التي يشارك فيها الطرفان في المحادثة، ويستمع كل منهما للآخر، ويصلان في الوضع المثالي إلى إجماع صحي.

يقول غرانت إن النشأة في أسرة تسودها المناقشات البناءة يمكن أن تُظهر للأطفال أن الجدال لا يخلق بالضرورة صراعاً دائماً، ويمكن أن يؤدي إلى طرق إبداعية لحل المشكلات.

كيف يمكن للخلافات البناءة أن تعزز الإبداع؟ تُظهِر الأبحاث أن الخلافات البناءة تساعد في تشكيل الأطفال المبدعين بطرق متعددة.

إن إحدى الدراسات طلبت من البالغين في أوائل الثلاثينات من العمر كتابة «قصص خيالية»، ووجدت أن أكثر القصص إبداعاً كانت مرتبطة بتعرضهم للصراع الأبوي في طفولتهم. ووجدت دراسة أخرى أن أكثر المهندسين المعماريين والعلماء الأكثر ابتكاراً واجهوا قدراً من الاحتكاك داخل أسرهم، وفقاً لما ذكرته شبكة «سي إن بي سي» الإخبارية.

وقال غرانت: «إذا لم تجادل أحداً أبداً، فمن غير المرجح أن تتخلى عن الطرق القديمة في القيام بالأشياء، ناهيك من قدرة الطفل على تجربة طرق جديدة. الخلاف هو الترياق للتفكير الجماعي... لا يوجد وقت أفضل من الطفولة لتعلم كيفية التعامل معه وتقبله».

وأوضح أن بناء الإبداع يجب ألا يضحي بشعور الطفل بالأمان، فقد لاحظت دراسة أجريت عام 2009 على 235 أسرة أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و7 سنوات شعروا بأمان عاطفي أكبر، عندما كان لديهم آباء يتجادلون بشكل بنَّاء.

وأضاف: «وعندما راقبتهم مرة أخرى بعد 3 سنوات، أظهروا تعاطفاً أكبر، وكانوا أكثر ودية في المدرسة».

وكتب غرانت في مقدمة كتاب له صدر عام 2021 بعنوان «فكر مرة أخرى... قوة معرفة ما لا تعرفه»: «المناقشة الجيدة ليست حرباً... إنها ليست حتى لعبة شد الحبل؛ حيث يمكنك جر خصمك إلى جانبك إذا شددت الحبل بقوة كافية».



تسعيرة ركن السيارة ترهق ميزانيات المصريين

صف السيارات في أحد شوارع القاهرة (الشرق الأوسط)
صف السيارات في أحد شوارع القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

تسعيرة ركن السيارة ترهق ميزانيات المصريين

صف السيارات في أحد شوارع القاهرة (الشرق الأوسط)
صف السيارات في أحد شوارع القاهرة (الشرق الأوسط)

فوجئ حسن دسوقي، مصمم غرافيك (40 عاماً)، بزيادة قيمة تذاكر الدخول لجراج دار الأوبرا المصرية من 20 جنيهاً إلى 40 (الدولار الأميركي يعادل 48.5 جنيه مصري)، بداعي «ارتفاع أسعار كل الأسعار والخدمات».

ارتفاع أسعار رَكن السيارة في مصر لم يقتصر على الجراجات وحسب، بل امتد إلى الشوارع التي ينشط فيها سُيّاس يحرسون الفراغ ويتقاضون أموالاً نظير وقوف السيارة بضع ساعات أو دقائق.

ويؤكد خبراء اقتصاد، من بينهم الدكتور رشاد عبده، أن التضخم وراء ارتفاع أسعار «ركن السيارات»، التي تعد تفصيلة يومية ضرورية باتت ترهق ميزانية المصريين، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التضخم يعني «زيادة أسعار السلع بما يفوق القيمة الحقيقية للدخل النقدي، فإذا كان دخل الفرد 3 آلاف جنيه على سبيل المثال وكان يشتري بها 100 سلعة، الآن إذا حصل على 6 آلاف جنيه لن يستطيع شراء أكثر من 80 سلعة من الفئة التي اعتادها».

صف السيارات في شوارع القاهرة من المهن الشائعة (الشرق الأوسط)

وأمام ارتفاع أسعار ركن السيارة داخل جراج الأوبرا المصرية اضطر حسن إلى البحث عن جراج بديل، وفق ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «وجدت بدائل أخرى بأسعار أقل حتى أتمكن من استخراج اشتراك يقلل تعريفة دخول جراج الأوبرا التي يدرس فيها أولادي».

ورغم أن القانون رقم 150 لسنة 2020 يعاقب كل من يمارس نشاط تنظيم انتظار المركبات في غير الأماكن المحددة أو بدون ترخيص، بالحبس والغرامة المالية، فإن عشرات السيّاس ينشطون في الكثير من الشوارع، ويواظبون على ممارسة مهنتهم من دون ترخيص، وفق ما رصدته «الشرق الأوسط».

وبينما نجا أصحاب السيارات الذين يشتركون سنوياً بجراجات معروفة من ارتفاع الأسعار، فإن المشتركين بشكل شهري في جراجات أخرى باتت تؤرقهم الزيادات على غرار عادل إبراهيم، أحد سكان حي فيصل بالجيزة المكتظ بالسكان. يقول إبراهيم: «في بداية العام الحالي كنت أدفع 500 جنيه شهرياً، ومع بداية شهر أغسطس (آب) الجاري، طلب مني صاحب الجراج دفع 850 جنيهاً للشهر»، لافتاً إلى أنه يفضّل ترك سيارته في جراج بدلاً من تركها في الشوارع التي يعدّها «غير مضمونة».

يوضح إبراهيم أن «زيادة أسعار الكهرباء والمياه والغاز وكل السلع الغذائية بالآونة الأخيرة أرهقت ميزانيتنا المحدودة، فأنا موظف لا أمتلك سوى راتبي الذي لا يزيد على 7 آلاف جنيه شهرياً، وبالتالي فإن أي زيادة جديدة في أي خدمة تزيد من الأعباء الشهرية وتؤرقني، وهو ما اضطرني للبحث عن جراج آخر بسعر أفضل».

وتحتوي مصر على نحو 10 ملايين سيارة مرخصة وفق آخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أبريل (نيسان) الماضي، وتتنوع الجراجات في مصر ما بين أسفل البنايات أو متعددة الطوابق أو ساحات انتظار في الشارع.

ساحات انتظار في القاهرة توضح تسعيرة صف السيارات (الشرق الأوسط)

«فتحي السايس» المسؤول عن جراج إحدى البنايات الكبرى شرق القاهرة، قال إنهم «يعتمدون على الاشتراكات السنوية»، ونفى وجود زيادة في الأسعار خلال الفترة الماضية، ولكنه أكد أن «هناك نية لزيادة اشتراكات الجراجات في السنة المقبلة، بما يناسب الزيادة في أسعار السلع والخدمات».

وشهدت مصر موجة من الغلاء لسلع وخدمات مختلفة في مارس (آذار) الماضي، بعد أن خفّض البنك المركزي قيمة الجنيه المصري إلى نحو 49.5 مقابل الدولار، من مستوى 30.85 الذي استقر عنده خلال الشهور الـ12 السابقة. وشهدت تذاكر المترو ووسائل النقل العام زيادات على إثر زيادة أسعار المحروقات، كما قررت الحكومة زيادة سعر رغيف الخبز المدعم في يونيو (حزيران) الماضي، ليصبح 20 قرشاً بدلاً من 5 قروش.

ويبدأ جراج «عبد المنعم رياض» بالتحرير في وسط القاهرة بتعريفة قيمتها 10 جنيهات للساعة الواحدة، وهي التعريفة التي كانت قبل عام 5 جنيهات، وبالمثل حددت لافتات لساحات انتظار في أماكن متفرقة سعر الركن بقيمة 10 جنيهات في الساعة. وفق ما رصدته «الشرق الأوسط».

وخلال الآونة الأخيرة بات دفع 20 جنيهاً لحارسي الفراغ مقابل الركن في الشوارع أمراً متعارفاً عليه في شوارع القاهرة: «لا يقبلون حالياً بأقل من هذا المبلغ، ما يضطرني للذهاب إلى بعض المناطق من دون السيارة لصعوبة توفير مكان لصفها»، وفق دسوقي.

وتُعد الجراجات الخاصة للهيئات والعمارات السكنية في نطاق وسط القاهرة الكبرى من أغلى تعريفات صف السيارات؛ إذ تبدأ من 30 جنيهاً للساعة الأولى.

وقال الرجل الخمسيني الذي يطلق على نفسه لقب «محمد السايس» والذي يعمل في أحد شوارع حي مصر الجديدة (شرق القاهرة): «اضطررنا لزيادة سعر (الباركنج) من 10 إلى 20 جنيهاً؛ لأننا ندفع للجهات المعنية يومياً 500 جنيه»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «نتعامل بالساعة، لكننا لا ندقق مع الزبائن، فمن الممكن أن تظل السيارة في مكانها لأكثر من ساعتين مقابل 20 جنيهاً».

ودفع ارتفاع أسعار ركن السيارات البعض إلى ترك سياراتهم في الجراجات والتحرك بحرية اعتماداً على شبكة مترو أنفاق القاهرة ذات الخطوط الثلاثة، أو ركوب سيارات الأجرة أو سيارات التطبيقات الذكية، على غرار المهندس عاطف عزيز (54 عاماً) الذي قال إنه فضّل «الهروب من زحام شوارع وسط البلد وأزمة الركن عبر استقلال المترو».

وبينما يشكو مواطنون من «السُيّاس» الذين يحرسون الشوارع ويتقاضون أموالاً نظير السماح لهم بالتوقف لبضع دقائق وساعات، من دون وجود سند قانوني، فإن الخبير القانوني أسامة سالم قال إن «هناك نصوصاً قانونية تحكم هذه المسألة، ولكن لا يتم متابعة تنفيذها وإحكام الرقابة عليها بالشكل الملائم».

وأضاف سالم لـ«الشرق الأوسط»: «أسعار الجراجات ارتفعت للغاية، حتى في الشارع حين أذهب لركن سيارتي بجوار عملي، أجد أسعاراً متفاوتة يطلبها السيّاس، حسب المنطقة، ولكنها جميعاً مبالغ فيها؛ ما يجعلني أحياناً أفضّل الاستغناء عن السيارة الخاصة بي وأستخدم سيارة أجرة».

ويؤكد الخبير الاقتصادي رشاد عبده أن «تأجير الشوارع لصف السيارات يزيد معاناة المواطنين»، لافتاً إلى أنه كان يدفع «5 قروش لصف السيارة في الماضي. الآن إذا أعطيت السايس 10 جنيهات يبدو منزعجاً».