تاريخ دول الخليج وإرثها الثقافي على طاولة مؤتمر علمي في الرياض

الدكتور أحمد الزيلعي خلال جلسات الملتقى (هيئة التراث)
الدكتور أحمد الزيلعي خلال جلسات الملتقى (هيئة التراث)
TT

تاريخ دول الخليج وإرثها الثقافي على طاولة مؤتمر علمي في الرياض

الدكتور أحمد الزيلعي خلال جلسات الملتقى (هيئة التراث)
الدكتور أحمد الزيلعي خلال جلسات الملتقى (هيئة التراث)

دعا مشاركون في ملتقى خليجي للتاريخ والآثار في العاصمة السعودية الرياض، إلى الاستثمار في استخدامات الذكاء الاصطناعي في توثيق المواقع الأثرية ورسم خطط ترميمها واستنهاضها من جديد والمحافظة عليها، مع التوصية بإدراك إيجابيات وسلبيات توظيف التقنيات الحديثة في قطاع الآثار والتراث.

جاء ذلك خلال جلسة علمية ضمن «ملتقى جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجي» في دورته 22، التي نظمتها هيئة التراث في السعودية بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز، واحتضنتها الرياض (الأربعاء)، وتناولت مختلف الموضوعات المتصلة بقطاعي الآثار والتراث.

وقدّم الدكتور ماجد بن تركي العنزي، مدير قسم البحث والتوثيق في هيئة التراث السعودية، نموذجاً من التجارب العالمية التي مهدت لاستخدام برامج الذكاء الاصطناعي في تحديد المواقع الأثرية ومراقبتها وتعقّب القطع المختفية، وسوى ذلك من الاستخدامات. واستعرض خلال ورقة علمية ضمن جلسات المؤتمر، تجربة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في منطقة الفاو الأثرية التي انضمت مؤخراً إلى قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي بصفتها ثامن المواقع السعودية في القائمة الدولية.

الملتقى فرصة لإبراز ثقافة السعودية (هيئة التراث)

السعودية تشهداً تطوراً آثارياً

من جانبه، قال الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي، رئيس جمعية التاريخ والآثار في دول مجلس التعاون الخليجي، إن السعودية تشهد تحولاً في جميع المجالات، ومن بينها القطاع التراثي، وتابع: «نلمس ذلك من خلال الأجيال التي أصبحت تنضمّ للدراسة والعمل في حقول التاريخ والتراث»، وأردف: «هذا زمن الأجيال الشابة التي تستثمر فيما أوجدته (رؤية 2030) من تطور لقطاعات كثيرة، ومنها قطاع التراث، بوصفه مقوماً سياحياً ومورداً اقتصادياً، والسعودية لديها إمكانات كبيرة للاستثمار فيها من أجل الأجيال والمستقبل، وعلى رأسها كنوز الآثار الضاربة في أعماق التاريخ وتحتفظ بها السعودية في مختلف مناطقها».

وأكد الدكتور الزيلعي في حديث مع «الشرق الأوسط» أن قطاع الآثار في السعودية والخليج يحتاج إلى مضاعفة جهود التنقيب والبحث والدراسة والصيانة والحفاظ عليها؛ لأن الأرض الخليجية لا تزال زاخرة بكثير من الكنوز والأسرار التي تتطلب مضاعفة الجهد والعطاء لاكتشاف تلك الأسرار واستظهارها.

وعن الملتقى في دورته 22، قال الزيلعي إن جمعية التاريخ والآثار، التي تنظم الملتقى، تأسست قبل 28 عاماً، مكونة من العاملين في السلك الأكاديمي والميداني، وهي منذ ذلك التاريخ تعقد ملتقى علمياً كل عام، وأن هذه النسخة التي تُعقد في الرياض، هي النسخة 22 من عمر الملتقى، استمراراً للعمل الخليجي المشترك.

وقال الزيلعي إن الملتقى يتناول خلال جلساته الممتدة ليومين، تاريخ دول مجلس التعاون الخليجي عبر العصور، وتبدأ من تاريخ ما قبل التاريخ حتى التاريخ الحديث والمعاصر، مروراً بالعصور التاريخية، ومن ثَمّ الإسلامية فالوسطى، بمشاركة نخبة من المتخصصين والآثاريين من مختلف الدول الخليجية.

مشاركون من مختلف دول الخليج في بهو الملتقى (هيئة التراث)

وأضاف الزيلعي: «تصلنا كل عام أكثر من 50 ورقة عمل، ونحاول انتخاب مجموعة منها لإثراء الجلسات العلمية، التي تنشر مضامينها في كتاب سنويّ، وصل إلى العدد 22 من السلسلة، بالإضافة إلى مجلة ومنشورات أخرى متخصصة تتناول موضوعات التاريخ والآثار، ونجد لهذا المؤتمر أثره في المشهد العلمي للقطاع، لأننا نحرص على إصدار حصيلة الأوراق العلمية والجلسات في إصدارات تُتداول وتجد صداها في الحقل الأكاديمي وميادين النقاش العلمي».

تستمر جلسات الملتقى يومين (هيئة التراث)

يومان من تنمية الفكر العلمي

تستمر جلسات ملتقى جمعية التاريخ والآثار في دول مجلس التعاون الخليجي، التي تستضيفها الرياض في فندق الفورسيزنز ليومين، بهدف تبادل الخبرات وتقديم الأبحاث، ومناقشة الدراسات العلمية حول التاريخ الغني لدول المجلس، واستشراف العمل المستقبلي في تعزيز سبل التعاون بين الدول المشاركة في هذا الإطار.

كما يهدف الملتقى إلى تنمية الفكر العلمي في مجال التاريخ والآثار، من خلال إتاحة الفرص لتقديم الأبحاث العلمية المتخصصة في المجالات التي تهتم بها الجمعية، ومناقشتها، للإسهام في تطوير مناهج العمل التراثية، ويسعى إلى تبادل الإنتاج العلمي، والخبرات العملية بين المؤسسات المعنية داخل دول مجلس التعاون الخليجي.

ويتناول الملتقى خلال جلساته العلمية محاور عديدة عن تاريخ دول مجلس التعاون الخليجي وإرثها الثقافي، أبرزها عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية القديمة، إضافة إلى استعراض تاريخ العصور الإسلامية، كما يتضمن محوراً يهتم بتاريخ العصور الحديثة والمعاصرة لمنطقة الخليج، بالإضافة إلى مناقشة أبرز القضايا التاريخية والأثرية المهمة في تاريخ شبه الجزيرة العربية. وتأسست الجمعية خلال العام 1997.

وقالت هيئة التراث إن تنظيمها لهذا الملتقى العلمي يأتي تباعاً لسلسلة المحافل الثقافية التي تُنظمها الهيئة في إطار صون القطاع وتطويره، إضافة إلى إبراز ثقافة المملكة الذي يحظى قطاعها بدعم غير محدود من قيادتها، كما أكدت الهيئة استمرار أعمالها في مختلف قطاعاتها التي تُعنى بالتراث العالمي، والتراث العمراني، والآثار، والحرف اليدوية؛ لتطوير الإرث الثقافي والحضاري السعودي والمحافظة عليه لضمان استدامه.


مقالات ذات صلة

فوهة الوعبة في جدة ضمن أجمل المعالم الجيولوجية عالمياً

يوميات الشرق اختيار فوهة الوعبة ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي عالمياً (هيئة المساحة الجيولوجية)

فوهة الوعبة في جدة ضمن أجمل المعالم الجيولوجية عالمياً

يترقَّب قطاع السياحة في السعودية تحويل فوهة الوعبة بغرب البلاد وجهةً سياحية، بُعيد اختيارها الأفضل بين 100 موقع للتراث الجيولوجي العالمي.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد صورة تظهر الباعة والمتسوقين في مهرجان «العلا» السنوي للتمور (واس)

200 مليون دولار قيمة صادرات السعودية من التمور في النصف الأول

كشف المركز الوطني للنخيل والتمور عن ارتفاع قيمة صادرات المملكة من التمور خلال النصف الأول من العام الحالي، لتصل إلى أكثر من 751 مليون ريال (200 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج السعودية أكدت موقفها الثابت بنبذ جميع أشكال العنف والتطرف واستهداف المدنيين (الشرق الأوسط)

السعودية تُدين بشدة الهجوم الإرهابي في بلوشستان الباكستانية

أدانت السعودية بأشد العبارات الهجوم الإرهابي الذي وقع بمقاطعة بلوشستان في باكستان، والذي أسفر عن وفاة وإصابة العشرات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي التي عقدت في الرياض (واس)

السعودية تشدد على رفضها القاطع للتصريحات الإسرائيلية المتطرفة

شدّد مجلس الوزراء السعودي، على الرفض القاطع للتصريحات الإسرائيلية المتطرفة والتحريضية، والاستفزازات المتواصلة لمشاعر المسلمين حول العالم

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الأوركسترا السعودية تزور لندن الشهر القادم (هيئة الموسيقى)

لندن... المحطة الرابعة لحفل روائع الأوركسترا السعودية

تستعد هيئة الموسيقى لتنظيم حفل «روائع الأوركسترا السعودية» يوم السبت الموافق 28 سبتمبر (أيلول)، في مسرح سنترال هول وستمنستر في قلب العاصمة البريطانية لندن.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

فوهة الوعبة في جدة ضمن أجمل المعالم الجيولوجية عالمياً

اختيار فوهة الوعبة ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي عالمياً (هيئة المساحة الجيولوجية)
اختيار فوهة الوعبة ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي عالمياً (هيئة المساحة الجيولوجية)
TT

فوهة الوعبة في جدة ضمن أجمل المعالم الجيولوجية عالمياً

اختيار فوهة الوعبة ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي عالمياً (هيئة المساحة الجيولوجية)
اختيار فوهة الوعبة ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي عالمياً (هيئة المساحة الجيولوجية)

يترقَّب قطاع السياحة في السعودية تحويل فوهة الوعبة بغرب البلاد وجهةً سياحية، بُعيد اختيارها الأفضل بين 100 موقع للتراث الجيولوجي العالمي، لتُضاف إلى خيارات عدّة ضمن خريطة التنوّع السياحي.

وعلمت «الشرق الأوسط» أنّ تنسيقاً يجري بين هيئة المساحة الجيولوجية ووزارة السياحة في المملكة للاستفادة من الموقع الذي يتجاوز عمره 1.1 مليون عام، ويتحلّى بخصائص جمالية وتاريخية تُسهم في زيادة استقطاب السياح عموماً والمهتمّين بالتراث الجيولوجي خصوصاً.

العمل يتواصل لاكتشاف مزيد من المواقع الجيولوجية (هيئة المساحة الجيولوجية)

وكان الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) قد أعلنا، الثلاثاء، عن اختيار فوهة الوعبة، أو ما يعرف علمياً بـ«بركان المار»، ضمن الـ100 موقع للتراث الجيولوجي، ما يعزّز دور هيئة المساحة في عمليات التنقيب والبحث عن مثل هذه الاكتشافات، وتهيئتها على المستويَيْن المحلّي والدولي لتشكِّل رافداً اقتصادياً.

الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية المهندس عبد الله الشمراني

وقال الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية في السعودية، المهندس عبد الله بن مفطر الشمراني، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ الهيئة تعمل مع وزارة السياحة على استغلال هذا المَعْلم التاريخي لتحويله وغيره من المواقع، معالمَ سياحية جيولوجية تستقطب المهتمّين والزوار.

تحرُّك لجعلها خياراً سياحياً بارزاً (هيئة المساحة الجيولوجية)

وتحدّث عن مميّزات الفوهة، قائلاً إنها «واحدة من أكبر وأروع الفوهات البركانية في العالم، تقع في حرة كشب على بعد نحو 270 كيلومتراً شمال شرقي مدينة جدة جيولوجياً، كما أنها واحدة من أكبر براكين المار الجافة عالمياً، وهي جزء من حقل بركاني أحادي المنشأ يضمّ 175 بركاناً صغيراً، أعمارها بين مليونَي إلى بضع مئات الآلاف من السنوات»، لافتاً إلى أنها تغطّي مساحة بنحو 6000 كيلومتر مربّع، وتتميّز بعمق يصل إلى نحو 250 متراً وقِطر يبلغ 2.3 كيلومتر، وهو ما يقارب 3 أضعاف متوسّط أقطار البراكين الأخرى، كما تحتوي على حوض ملحيّ أو بحيرة ضحلة تشكّلت بسبب تجمع مياه الأمطار.

اختيار فوهة الوعبة ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي عالمياً (هيئة المساحة الجيولوجية)

ودعَّمت هذه العوامل والمميّزات فرصة الفوهة لحصولها على نسب عالية من المُقيّمين المتخصّصين، وفق الشمراني، الذي قال إنّ العلماء الذين حضروا إلى السعودية درسوها من جميع جوانبها، بعدما رُفعت المعلومات التاريخية والجيولوجية عنها. وبعد ذلك جرى التصويت بمشاركة أكثر من 174 موقعاً من مختلف دول العالم تقدَّمت للمنافسة.

وشدَّد الرئيس التنفيذي على أنّ هذه المعالم المرتبطة بالجيولوجيا تحظى بنشأة طبيعية لحظة اكتشافها، أو قد تكوَّنت عبر العصور من خلال عوامل التعرية، ما يمنحها بُعداً تاريخياً يُضاف إلى جمالياتها، موضحاً أنّ فوهة الوعبة ليست أول اكتشاف للفوهات البركانية، بل اكتُشفت سابقاً فوهة أخرى في المدينة المنورة غرب البلاد.

تاريخ الفوهة وجمالها عاملان يستقطبان السياح (واس)

يُضاف هذا الإنجاز إلى «جبل القدر» الذي اختير سابقاً ضمن أجمل المعالم الجيولوجية العالمية، وفق تصنيف الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).

ويتميّز هذا الجبل الواقع في حرة خيبر التابعة لمنطقة المدينة المنورة، بارتفاعه الذي يصل إلى نحو 400 متر، كما أنه من أكبر الحقول البركانية، وآخر البراكين التي ثارت قبل 1000 عام.

«جبل القدر» تحوَّل معلماً سياحياً (واس)

وتُعدّ حرة خيبر أكبر حرات السعودية بمساحة تُقدَّر بنحو 21.500 كيلومتر مربّع، إذ تشغل الحرات في المملكة نحو 89.720 كيلومتر، ما نسبته نحو 4.6 في المائة من مساحة البلاد، ما يجعلها أكثر الدول العربية في عددها، بـ23 حرة رئيسة كبيرة، وأعداد مختلفة من الحرات الصغيرة.

إلى ذلك، أكّد المتحدّث الرسمي لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، طارق أبا الخيل، أنّ فوهة الوعبة - بجانب المواقع الجيولوجية الأخرى المختارة على مستوى العالم - تُعد وجهات مُلهمة تُسهم في تعزيز السياحة الجيولوجية وتطوير العلوم الجيولوجية، ما يوفر فرصاً مميّزة لنشر المعرفة في مجال علوم الأرض.

وتابع أنّ اختيارها جاء بعد تقويم لجنة من 89 خبيراً عالمياً، فاختيرت من بين 174 موقعاً قدّمتها 64 دولة. منها السعودية، والولايات المتحدة الأميركية، وإيطاليا، وكندا، ونيوزيلندا، والصين، وآيسلندا، ومصر، وفنلندا، بالإضافة إلى دول أخرى.