لماذا ينصح العلماء بإهمال نصائح المُعمِّرين للعيش أكثر من 100 عام؟

ليس بالضرورة أن تكون حياتهم مليئة بالبالونات وكعك العيد المُشتعل

طول العمر حظٌّ أم حسرة؟ (إ.ب.أ)
طول العمر حظٌّ أم حسرة؟ (إ.ب.أ)
TT

لماذا ينصح العلماء بإهمال نصائح المُعمِّرين للعيش أكثر من 100 عام؟

طول العمر حظٌّ أم حسرة؟ (إ.ب.أ)
طول العمر حظٌّ أم حسرة؟ (إ.ب.أ)

تستمرّ محاولات العلماء لمعرفة سبب عيش البعض لأكثر من 100 عام؛ لكنهم يتّفقون على أنه من الأفضل تجنُّب أخذ النصيحة من المعمِّرين أنفسهم. وذكرت «الغارديان» أنّ وفاة أقدم امرأة في العالم، ماريا برانياس موريرا، عن 117 عاماً، قد تجعل كثيرين يتساءلون عن أسرار الحياة الطويلة؛ لكن العلماء ينصحون بتجنُّب ذلك.

ووفق موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، اعتقدت موريرا أنّ طول عمرها ناتج عن «النظام، والهدوء، والاتصال الجيّد بالعائلة والأصدقاء والطبيعة، بالإضافة إلى الاستقرار العاطفي، وعدم القلق، وعدم الندم، وكثير من الإيجابية، والابتعاد عن السامِّين».

مع ذلك، قال أستاذ علم الشيخوخة الحيوية في جامعة «برايتون»، ريتشارد فاراغر، إنّ العلماء لا يزالون يحاولون معرفة سبب عيش البعض لأكثر من قرن. وتحدّث عن نظريتَيْن رئيسيتَيْن: «الأولى، أن بعض الأفراد كانوا محظوظين ببساطة. فتحلّي معمّرين بعادات معيّنة لا يعني أنها أثمرت طول العمر. ذلك خطأ في المنطق يُعرف باسم (تحيُّز البقاء على قيد الحياة). والثانية، أنّ لدى المعمِّرين سمات وراثية تُجهّزهم لعيش أطول، فيصبحون بنتيجتها أكثر قوة».

ورغم تأكيده صحّة النظريتين، عقَّب: «لا تأخذ نصائح الصحّة وأسلوب الحياة من المعمِّرين أبداً». وتابع: «معظمهم لا يمارسون تمارين رياضية مكثّفة. وغالباً تكون وجباتهم الغذائية غير صحّية»؛ مشيراً إلى أنّ بعضهم كانوا أيضاً مدخّنين. وقال: «هذا يأتي في مواجهة أدلة وبائية لدينا، حول كيفية تمديد العمر الصحّي المتوقَّع للإنسان»؛ مشيراً إلى أنّ دراسة كبيرة وجدت أنّ عدم التدخين، وممارسة الرياضة، والشرب باعتدال، وتناول 5 حصص من الفاكهة والخضراوات يومياً، يمكن أن ترفع متوسّط العمر المتوقَّع بنسبة تصل إلى 14 عاماً.

بدورها، اعترفت برانياس بأنّ الحظ لعب دوراً في طول عمرها، بينما نسبت ابنتها روزا موريت ذلك إلى علم الوراثة، فقالت لتلفزيون كاتالونيا الإقليمي: «لم تذهب أبداً إلى المستشفى، ولم تكسر أي عظام، إنها بخير، ليس لديها ألم». أما فاراغر، فأضاف أنّ عدداً من الاحتمالات المقترحة لِما يجعل المعمِّرين يعيشون أطول، يمكن أن تكون أمثلة على السببية العكسية. كأن تكون الفكرة القائلة إنّ وجود منظور ذهني إيجابي يمكن أن يساعد في العيش لفترة طويلة جداً، على الأقل جزئياً، متجذِّرة في كون الناس أكثر تفاؤلاً؛ لأنّ لديهم صحّة أفضل».

وأضاف أنّ إحدى المشكلات هي أنه عند النظر في المعمِّرين، يطغى ميل إلى التركيز على أشياء قد تكون ساعدت في بقائهم أحياء: «لكننا نهمل العوامل التي تعوقهم».

من جهته، قال عالم الوراثة في جامعة «كوليدج لندن»، البروفسور ديفيد جيمس، إنه بينما كان الجنس عاملاً مهماً في طول العمر -إذ تتقدّم النساء في العمر بشكل أبطأ من الرجال- فقد اتفق على أهمية الحظ؛ مشيراً إلى أنّ أحد الأمثلة هو التباين الطبيعي في معدّل الشيخوخة. وإذ تساعد جرعة من الحظّ على المستوى الفردي في تفسير سبب عيش بعض الأشخاص لأكثر من 100 عام، يقول الخبراء إنّ ثمة عوامل قد تساعد في تحسين متوسّط العمر المتوقَّع على مستوى السكان، بما فيها تحسين الرعاية الصحّية والنظافة الشخصية.

أما الرئيس التنفيذي لـ«مركز طول العمر الدولي»، ديفيد سينكلير، فقال: «ما بدأنا في رؤيته منذ نحو 100 عام هو تقدُّم هائل في متوسّط العمر المتوقَّع، مدفوعاً بتحسينات في تقليل احتمال وفاة الأطفال»؛ مشيراً إلى أنّ ذلك كان، إلى حد بعيد، بسبب إدخال اللقاحات والمياه النظيفة. وتابع: «ما شهدناه في الـ20 عاماً الماضية، وسنشاهده في الـ20 عاماً المقبلة، هو تركيز مماثل فيما يتعلق بالعمر»، مؤكداً أنه يشمل تحسينات في لقاحات الإنفلونزا، والتهاب الهربس النطاقي، والستاتينات، وأدوية أخرى من شأنها المساعدة في زيادة متوسّط العمر المتوقَّع بين كبار السنّ».

لكنه قال إن الحكومات تحتاج أيضاً إلى إجراءات تساعد الأفراد على اتخاذ خيارات صحّية، من شأنها مساعدتهم على العيش أطول، مضيفاً أنّ عدداً من الناس يعيشون في بيئات تصعب فيها ممارسة الرياضة أو تناول الطعام بشكل جيّد أو تجنُّب التلوّث. وحتى إنْ عاش الشخص لأكثر من 100 عام، فليس بالضرورة أن تكون الحياة مليئة بالبالونات وكعك عيد الميلاد المُشتعل. فبينما كانت قصص المعمِّرين تميل إلى التفاؤل، غالباً ما ظهر أنهم واجهوا تحدّيات، مثل العيش بمفردهم لسنوات.

وختم سينكلير: «الحقيقة ليست دائماً إيجابية كما تبدو».


مقالات ذات صلة

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

يوميات الشرق جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جرتْ العادة أن تحضُر كل مُشاركة بصحبة فتى من أبناء المشاهير والأثرياء، وأن ترقص معه «الفالس» كأنهما في حفل من حفلات القصور في عهود ملوك أوروبا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق نادرة جداً (مواقع التواصل)

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

من المتوقَّع أن تُحقّق ما وُصفَت بأنها «قطعة حقيقية من تاريخ بريستول» آلاف الجنيهات منذ عرضها للبيع في مزاد ببريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تجمعهما الإنسانية (مواقع التواصل)

شاي «وأمور مشتركة» جمعت أطول وأقصر امرأتين في العالم

التقت أطول النساء في العالم، وأقصرهن، لاحتساء شاي الظهيرة احتفالاً بيوم موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية. إليكم تفاصيل اللقاء...

«الشرق الأوسط» (لندن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
TT

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

كشفت دراسة بريطانية عن أنّ الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند بلوغهم سنّ السابعة.

وأشارت الدراسة التي قادتها جامعة أدنبره بالتعاون مع جامعتَي «نورثمبريا» و«أوكسفورد» إلى أهمية مراقبة تطوّر التنظيم العاطفي لدى الأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهم، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «Development and Psychopathology».

والتنظيم العاطفي لدى الأطفال هو القدرة على إدارة مشاعرهم بشكل مناسب، مثل التعبير الصحّي عن المشاعر والتحكُّم في الانفعالات القوية منها الغضب والحزن، ويساعدهم ذلك على التفاعل إيجابياً مع الآخرين والتكيُّف مع التحدّيات اليومية.

أمّا اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فهو حالة تؤثّر في قدرة الفرد على التركيز والتحكُّم في الانفعالات والسلوكيات، ويتميّز بصعوبة في الانتباه، وفرط النشاط، والاندفاعية، ويظهر في الطفولة وقد يستمر إلى البلوغ، مع عوامل وراثية وبيئية وعقلية تسهم في حدوثه.

وأوضح الباحثون أنّ دراستهم الجديدة تُعدّ من أوائل البحوث التي تستكشف العلاقة بين أنماط تنظيم المشاعر في المراحل المبكرة من الطفولة والصحّة النفسية في مرحلة المدرسة. فقد حلّلوا بيانات نحو 19 ألف طفل وُلدوا بين عامي 2000 و2002. واستندت الدراسة إلى استبيانات ومقابلات مع أولياء الأمور لتقويم سلوكيات الأطفال الاجتماعية وقدرتهم على تنظيم مشاعرهم.

واستخدموا تقنيات إحصائية لفحص العلاقة بين مشكلات المشاعر والسلوك وأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند سنّ السابعة.

وتوصل الباحثون إلى أنّ الأطفال الذين يُظهرون استجابات عاطفية شديدة ويتأخرون في تطوير القدرة على تنظيم مشاعرهم يكونون أكثر عرضة للإصابة بأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والمشكلات السلوكية والانطوائية، مثل القلق والحزن.

وأظهرت النتائج أنّ هذه العلاقة تنطبق على الجنسين، حتى بعد أخذ عوامل أخرى في الحسبان، مثل وجود مشكلات نفسية أو عصبية مسبقة.

وقالت الدكتورة آجا موراي، من كلية الفلسفة وعلم النفس وعلوم اللغة بجامعة أدنبره، والباحثة الرئيسية للدراسة: «تُكتَسب مهارات تنظيم المشاعر في سنّ مبكرة وتزداد قوة تدريجياً مع الوقت، لكنّ الأطفال يختلفون في سرعة اكتساب هذه المهارات، وقد يشير التأخُّر في هذا التطوّر إلى احتمال وجود مشكلات نفسية أو عصبية».

وأضافت عبر موقع الجامعة: «تشير نتائجنا إلى أنّ مراقبة مسارات تطوُّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال يمكن أن تساعد في تحديد مَن هم أكثر عرضة للمشكلات النفسية في المستقبل».

ويأمل الباحثون أن تُسهم هذه النتائج في تطوير برامج وقائية تستهدف الأطفال في المراحل المبكرة من حياتهم، لتقليل احتمالات تعرّضهم لمشكلات نفسية وسلوكية عند الكبر.