«صالات جيم» المقار الحكومية تفجِّر جدلاً في مصر

في إطار الاهتمام باللياقة البدنية للموظفين الرسميين

وزير الشباب والرياضة المصري وعدد من المسؤولين خلال الاتفاق على إنشاء صالة ألعاب رياضية للموظفين (وزارة الشباب والرياضة المصرية)
وزير الشباب والرياضة المصري وعدد من المسؤولين خلال الاتفاق على إنشاء صالة ألعاب رياضية للموظفين (وزارة الشباب والرياضة المصرية)
TT

«صالات جيم» المقار الحكومية تفجِّر جدلاً في مصر

وزير الشباب والرياضة المصري وعدد من المسؤولين خلال الاتفاق على إنشاء صالة ألعاب رياضية للموظفين (وزارة الشباب والرياضة المصرية)
وزير الشباب والرياضة المصري وعدد من المسؤولين خلال الاتفاق على إنشاء صالة ألعاب رياضية للموظفين (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

فجَّر خبر افتتاح «صالة جيم» في إحدى المصالح الحكومية بمصر جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فبينما عدَّه البعض خطوة جيدة، تهدف كما أشار المسؤولون للحفاظ على اللياقة البدنية للموظفين، وصفه آخرون بأنه «طفرة كبيرة»، ورأى معلقون أنه «ليس من الأولويات التي يجب الاهتمام بها».

وكانت وزارة الشباب والرياضة المصرية قد نشرت بياناً أكدت فيه أن الوزير أشرف صبحي «وافق على تأثيث صالة للياقة البدنية بمقر الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، بالعاصمة الإدارية الجديدة»، وأنه رحب بالأمر بناء على مقترح من الدكتور صالح الشيخ، رئيس الجهاز.

وأشاد صبحي «بالتوجه الجيد الذي بدأه الجهاز للاهتمام باللياقة الصحية والبدنية للموظف العام، معرباً عن أمله في أن تُعمم هذه التجربة على كافة المؤسسات الحكومية».

وأكد «استعداد الوزارة للتعاون وتقديم كافة أشكال الدعم الفني للجهاز في هذا الصدد، التزاماً بتنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأهمية تعزيز نمط الحياة الصحي والنشاط البدني في المجتمع».

وذكر الدكتور صالح الشيخ، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، أن «إنشاء صالة للياقة البدنية بمقر الجهاز كان حلماً وعد به العاملين بالجهاز، قبيل انتقالهم من المقر السابق، وذلك في إطار الانتقال إلى العاصمة الإدارية؛ حيث بيئة العمل الصحية التي تمكِّن الجهاز من القيام بدوره على أكمل وجه».

وتوالت التعليقات على صفحات «السوشيال ميديا» التي ارتبطت بـ«تريند» بعنوان «مدام عفاف»، نسبة إلى الصورة النمطية الشهيرة للموظفة البيروقراطية التي اشتهرت وانتشرت في أكثر من فيلم سينمائي وعمل درامي، وسبق أن تندر بها إعلاميون، مثل عمرو أديب، قائلاً: «يا جماعة، مدام عفاف اللي في الدور الثالث ما زالت تفسد مصالح الناس».

ومن بين من شكك في جدوى هذه الخطوة، حساب باسم «فيدو» على «إكس» نشر صورة للخبر، وقد علق عليه مُستبعِداً أن «مدام عفاف التي في الدور الرابع ستلعب على المشاية».

ومن الحسابات الساخرة من الموضوع على «إكس»، حساب باسم «أحمد طحانة»، نشر مقطعاً ساخراً من مشهد سينمائي للفنان محمد سعد، وهو في «الجيم»، وكتب معلقاً بأن الشخص قد يذهب لإنهاء أوراقه بالمصلحة الحكومية، فيفاجأ بأن الموظف في الداخل، ويظهر «فيديو الجيم».

وعلَّق خبير التنمية البشرية المصري، أحمد عبد الفتاح، قائلاً: «لا شك في أن أي خطوة توفر بيئة عمل مناسبة ومشجعة على العمل تعد أمراً جيداً؛ لكننا اليوم نتحدث عن تأثيث صالة رياضية في مكان حكومي. هل قمت بتهيئة الموظفين نفسياً ومهنياً أولاً؟»؛ مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «بيئة العمل الجيدة يجب أن تتضمن أولاً مكاتب مناسبة، ومكاناً جيداً للراحة، وموظفاً لديه ثقافة ووعي لخدمة الجمهور بعد دورات تساعده في هذا الأمر. هل تم توفير كل ذلك أولاً؟ أشك في ذلك».

ويضم الجهاز الإداري للدولة أكثر من 5 ملايين موظف، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، موزعين على نحو 33 وزارة، بالإضافة إلى هيئات وجهات حكومية متنوعة.

وأوضح خبير التنمية البشرية أن «نشر أفكار إيجابية عن اللياقة الرياضية والبدنية في المصالح الحكومية هو أمر جيد ومهم جداً، ولكنه طفرة كبيرة يجب أن تسبقها خطوات أولية لخلق بيئة عمل مناسبة وصحية».

وتساءل: «لماذا لم يبدأ الأمر بمكتبة تضم فيديوهات لتعريف وتعليم الموظفين سلوكيات التعامل الجيد مع الجمهور، وفائدة خدمة الموظفين للجمهور، والسلوكيات العامة في الشارع. يجب أن تكون هذه الأمور متوفرة. هذه أولويات».


مقالات ذات صلة

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

يوميات الشرق مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الشيف بوراك في أحد المقاطع الدعائية  (صفحته على فيسبوك)

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

جددت أسعار فواتير «باهظة» لمطعم تركي افتُتح حديثاً بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة) الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
رياضة عالمية نادي باريس سان جيرمان (الشرق الأوسط)

سان جيرمان يحتكم إلى الاتحاد الفرنسي في نزاعه مع مبابي

قدّم نادي باريس سان جيرمان طلبا لمناقشة نزاعه المالي مع مهاجمه السابق كيليان مبابي أمام اللجنة التنفيذية للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بعد القرارات المؤيدة للاعب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الطبيبة المصرية التي نشرت مقطع فيديو أثار جدلاً (جزء من المقطع على يوتيوب)

توقيف طبيبة لـ«إفشاء أسرار المرضى» يثير انقساماً «سوشيالياً» بمصر

أثار توقيف طبيبة مصرية بتهمة «إفشاء أسرار المرضى»، تبايناً وانقساماً «سوشيالياً» في مصر، بعد أن تصدرت «التريند» على «غوغل» و«إكس»، الثلاثاء.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)

«أحلامنا ليست للبيع والشراء»... صرخة الطفولة العربية لعالَم عادل

يصرخ الأطفال عالياً في الكليب: «أحلامنا ليست للبيع والشراء»، ويعبّرون عن إحباطهم من عالَمٍ لا يكترث لغدهم، ينادون بتغيير جذري يجعل من رفاهيتهم ومستقبلهم أولوية.

فاطمة عبد الله (بيروت)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
TT

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

قد ينشغل اللبنانيون في زمن الحرب بأخبارها وأحوال النازحين وكيفية تأمين حاجاتهم. لكنّ قلةً منهم فكّرت بجزء من المجتمع اللبناني؛ هم الأشخاص الصمّ. فهؤلاء يفتقدون القدرة على السمع وسط حرب شرسة. لا أصوات القذائف والصواريخ، ولا الانفجارات والمسيّرات. ولا يدركون إعلانات التحذير المسبقة لمنطقة ستتعرّض للقصف. وقد تكمُن خطورة أوضاعهم في إهمال الدولة الكبير لهم. فهي، كما مراكز رسمية ومستشفيات ووسائل إعلام، لا تعيرهم الاهتمام الكافي. فتغيب لغة الإشارة التي يفهمونها، ليصبح تواصلهم مع العالم الخارجي صعباً.

من هذا المنطلق، ولدت مبادرة «مساعدة الصمّ»، فتولاها فريق من اللبنانيين على رأسهم نائلة الحارس المولودة من أب وأم يعانيان المشكلة عينها. درست لغة الإشارة وتعاملت من خلالها معهما منذ الصغر؛ الأمر الذي دفع بأصدقائها الصمّ، ملاك أرناؤوط، وهشام سلمان، وعبد الله الحكيم، للجوء إليها. معاً، نظّموا مبادرة هدفها الاعتناء بهؤلاء الأشخاص، وتقديم المساعدات المطلوبة لتجاوز المرحلة.

بلغة الإشارة يحدُث التفاهم مع الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

تقول نائلة الحارس لـ«الشرق الأوسط» إنّ القصة بدأت مع صديقتها ملاك بعد نزوح أهلها الصمّ إلى منزلها في بيروت هرباً من القصف في بلدتهم الجنوبية، فتوسّعت، من خلالهم، دائرة الاهتمام بأصدقائهم وجيرانهم. وعندما وجدت ملاك أنّ الأمر بات يستدعي فريقاً لإنجاز المهمّات، أطلقت مع هشام وعبد الله المبادرة: «اتصلوا بي لأكون جسر تواصل مع الجمعيات المهتمّة بتقديم المساعدات. هكذا كبُرت المبادرة ليصبح عدد النازحين الصمّ الذين نهتم بهم نحو 600 شخص».

لا تواصل بين الصمّ والعالم الخارجي. فهم لا يستطيعون سماع أخبار الحرب عبر وسائل الإعلام، ولا يملكون «لاب توب» ولا أدوات تكنولوجية تخوّلهم الاطّلاع عليها لحماية أنفسهم. كما أنّ لا دورات تعليمية تُنظَّم من أجلهم ليتمكّنوا من ذلك.

كي تلبّي نائلة الحارس رغبات الصمّ وتجد فرصاً لمساعدتهم، كان عليها التفكير بحلّ سريع: «لأنني أدرس لغة الإشارة والترجمة، دعوتُ من خلال منشور على حسابي الإلكتروني متطوّعين لهذه المهمّات. عدد من طلابي تجاوب، واستطعتُ معهم الانكباب على هذه القضية على أرض الواقع».

معظم الصمّ الذين تعتني بهم المبادرة في البيوت. بعضهم يلازم منزله أو يحلّ ضيفاً على أبنائه أو جيرانه.

يؤمّن فريق «مساعدة الصمّ» جميع حاجاتهم من مساعدات غذائية وصحية وغيرها. لا تواصل من المبادرة مع جهات رسمية. اعتمادها الأكبر على جمعيات خيرية تعرُض التعاون.

كل ما يستطيع الصمّ الشعور به عند حصول انفجار، هو ارتجاج الأرض بهم. «إنها إشارة مباشرة يتلقّونها، فيدركون أنّ انفجاراً أو اختراقاً لجدار الصوت حدث. ينتابهم قلق دائم لانفصالهم عمّا يجري في الخارج»، مؤكدةً أنْ لا إصابات حدثت حتى اليوم معهم، «عدا حادثة واحدة في مدينة صور، فرغم تبليغ عائلة الشخص الأصمّ بضرورة مغادرة منزلهم، أصرّوا على البقاء، فلاقوا حتفهم جميعاً».

ولدت فكرة المبادرة في ظلّ مصاعب يواجهها الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

وتشير إلى أنّ لغة الإشارة أسهل مما يظنّه بعضهم: «نحرّك أيدينا عندما نتحدّث، ولغة الاشارة تتألّف من هذه الحركات اليومية التي نؤدّيها خلال الكلام. كما أن تعلّمها يستغرق نحو 10 أسابيع في مرحلة أولى. ويمكن تطويرها وتوسيعها بشكل أفضل مع تكثيف الدروس والتمارين».

عدد الصمّ في لبنان نحو 15 ألف شخص. أما النازحون منهم، فقلّة، بينهم مَن لجأ إلى مراكز إيواء بسبب ندرة المعلومات حول هذا الموضوع. كما أنّ كثيرين منهم لا يزالون يسكنون بيوتهم في بعلبك والبقاع وبيروت.

بالنسبة إلى نائلة الحارس، يتمتّع الأشخاص الصمّ بنسبة ذكاء عالية وإحساس مرهف: «إنهم مستعدّون لبذل أي جهد لفهم ما يقوله الآخر. يقرأون ملامح الوجه وحركات الشفتين والأيدي. وإنْ كانوا لا يعرفون قواعد لغة الإشارة، فيستطيعون تدبُّر أنفسهم».

يغيب الاهتمام تماماً من مراكز وجهات رسمية بالأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم: «ينبغي أن يتوافر في المراكز الرسمية، أسوةً بالخاصة، متخصّصون بلغة الإشارة. المشكلات كثيرة في كيفية تواصلهم مع الآخر. فالممرض في مستشفى قد لا يعرف كيفية سؤالهم عن زمرة دمهم. وليس هناك مَن يساعدهم لتقديم أوراق ووثائق في دعوى قضائية. هذه الثغر وغيرها تحضُر في مراكز ودوائر رسمية».

تختم نائلة الحارس: «التحدّي في الاستمرار بمساعدة الأشخاص الصمّ. فالإعانات التي نتلقّاها اليوم بالكاد تكفينا لأيام وأسابيع. على أي جمعية أو جهة مُساعدة أخذ هؤلاء في الحسبان. فتُدمَج مساعدات الأشخاص العاديين مع مساعدات الصمّ، وبذلك نضمن استمرارهم لأطول وقت».