مهرجان «إضافة» يكرِّم مواهب من ذوي الحاجات الخاصة

مؤسّسه لـ«الشرق الأوسط»: سنُطلق نادياً لأصحاب الهمم

مجموعة من أصحاب الحاجات الخاصة يكرّمهم «إضافة» (صور سام سعد)
مجموعة من أصحاب الحاجات الخاصة يكرّمهم «إضافة» (صور سام سعد)
TT

مهرجان «إضافة» يكرِّم مواهب من ذوي الحاجات الخاصة

مجموعة من أصحاب الحاجات الخاصة يكرّمهم «إضافة» (صور سام سعد)
مجموعة من أصحاب الحاجات الخاصة يكرّمهم «إضافة» (صور سام سعد)

المكرَّمون في مهرجان «إضافة»، كما في كل نسخة، يتميّزون باختلافهم عن غيرهم. فهم من أصحاب الحاجات الخاصة الذين لم يسبق أن سُلِّط الضوء على قدراتهم ومواهبهم. يأتي هذا الحدث ليزوّدهم بجرعات أمل تحضّهم على إكمال مشوار الحياة بإرادة صلبة.

وفي نسخة هذا العام، سيُكرَّم نحو 17 شخصاً، من بينهم مكفوفون أو مصابون بالشلل والصمّ وذوو حاجات خاصة أخرى، فيطلّون على خشبة الحفل في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. فـ«إضافة» لمسة حنان تحيي لديهم حبّ الحياة والتفوّق.

مؤسِّس المهرجان مع جورجيت جبارة عضوة لجنة «إضافة» (صور سام سعد)

جديد نسخة هذا العام، مشاركة عدد من الأطفال، بعد اقتصار التكريمات في الماضي على البالغين. ولأنّ الطفولة تحتاج أيضاً إلى مَن يُنمّي لديها حبّ المثابرة وتعزيز الثقة بالنفس، قرّر صاحب هذا الحدث تخصيص مساحة لهم. يقول سام سعد لـ«الشرق الأوسط»: «سيشكّلون مفاجأة المهرجان بمواهبهم وتميّزهم. هناك جمعيات ومؤسسات كثيرة في لبنان تعتني بأطفال من أصحاب الحاجات الخاصة. ورغبنا بدورنا في إعطائهم فرصة إبراز مواهبهم وتقديرها. متابعتهم وتشجيعهم يثمران بناء مجتمع سليم، وتنمية قدرات لا بدّ أن تؤدّي إلى نتائج أفضل لمستقبلهم».

المكرَّمون من أصحاب الحاجات الخاصة لهذا العام يأتون من بلدان عربية وأجنبية، من بينها البرازيل وأميركا وإندونيسيا ومصر والإمارات العربية، إضافة إلى عدد من اللبنانيين. ومعظمهم يتميّزون بقدراتهم في الرياضة والفنون على أنواعها. يوضح سعد: «لكلٍّ قصته مع الحياة وكيفية تعامله مع إعاقته الجسدية ليحوّلها إلى ميزة».

مع الفنان كارلوس عازار المُشارك في لجنة «إضافة» (صور سام سعد)

تتألّف اللجنة المُشرفة على تقييم إبداعات المُشاركين في المهرجان من فنانين وإعلاميين ورياضيين، من بينهم الفنانات جورجيت جبارة، وبيتي توتل، وتقلا شمعون، والرياضي مكسيم شعيا. يعلّق سام سعد: «نجتمع مثل عائلة بسيطة تنظر إلى تقدير أفرادها من ذوي الحاجات الخاصة. دفء التعامل بيننا ينعكس إيجاباً على خياراتنا حول المكرَّمين».

واجه المهرجان في بداياته مصاعب عدّة. فلم يلقَ الدعم والتشجيع: «لم يستسغ كثيرون الفكرة بدايةً، ففوجئوا بها ولم يستوعبوها سريعاً. لكنه اليوم أصبح موعداً ينتظره الجميع. فذوو الحاجات الخاصة حاضرون في عائلاتنا وفي الحلقات الاجتماعية القريبة منا. لا تخلو دار أو مؤسسة اجتماعية منهم. لذا، نشهد تشجيعاً ملحوظاً من وسائل إعلامية وشخصيات ومؤسسات. وقد ذاع صيت المهرجان بعيداً، وسهُلت عملية البحث عن هؤلاء المميّزين، وأصبحت مدعومة من كثيرين. وقريباً ننظّم حلقات نقاشية حول هذا الموضوع ننتقل فيها بين بلدان عربية، نستهلها من الإمارات».

التقدُّم الإيجابي الذي يحقّقه المهرجان، تقابله سلبية من نوع آخر، فيتابع سام سعد: «في بلدنا، مع الأسف، يلزمنا الكثير لنتقدَّم في هذا المجال. بلدان عربية، منها السعودية والإمارات العربية، سبقتنا بأشواط في إدراك أهمية مساندة هؤلاء وإعطائهم الفرص لخوض حياة كريمة. يفتقد لبنان هذا الجانب الإنساني في أجندته الاجتماعية. وبعض أصحاب محطات التلفزيون يطالبوننا بمبالغ هائلة لقاء نقل الحدث عبر شاشاتهم. وبدل أن يُسهّلوا مهماتنا الإنسانية، يعرقلون طريقنا. تلزمنا سنوات لنلحق ببلدان عربية أخرى تعزّز مكانة أصحاب الحاجات الخاصة».

من القصص الإنسانية التي سيُضيء عليها «إضافة»، قصة مكفوفة في الرابعة من عمرها: «مبدعة وتملك موهبة فنية رائعة، فتغنّي كما المحترفات. ثمة أيضاً نماذج أخرى من لبنان والعالم العربي ستشكّل مفاجآت للحضور».

مبادرة أخرى ينوي سام سعد إطلاقها بموازاة الحفل، هي نادٍ خاص لذوي الحاجات الخاصة: «أطلقنا عليه اسم (النادي اللبناني لأصحاب الهمم)، وهو نسخة عن نوادٍ موجودة في السعودية وبلدان عربية أخرى، سنفتتحه بحفل خاص ومباراة (تيرو). كما ستتخلله طوال أيام السنة نشاطات مختلفة تعزّز قدرات هؤلاء الأشخاص. أبواب هذا النادي ستكون مفتوحة أمام جميع اللبنانيين. فلا شروط تُفرَض على أعضائه بل سيكون بقعة ضوء ورجاء بالنسبة إليهم».

ويرى سعد ضرورة التفات اللبنانيين إلى حالات الاختلاف هذه: «يجب أن يتحلّوا برؤية مستقبلية بعيدة الأمد حول هذا الموضوع. فكل منّا معرّض لذلك. علينا تقديرهم، فنشدّ على أياديهم لئلا يشعروا بالفراغ»، متمنّياً أن «يكفّ المسؤولون عن مجرّد الكلام، فيُقدموا على أفعال تهيّئ أرض الواقع لمستقبل أفضل لأصحاب الهمم».

يختم: «تقدّمنا يسير ببطء، وأحياناً نشعر بأننا على وشك الاستسلام في غياب الدعم. لكنني سأبقى متمسكاً بهذه المبادرة حتى النفس الأخير».


مقالات ذات صلة

مقتل عدة أشخاص في حادث طعن بغرب ألمانيا

أوروبا خدمات الشرطة والإسعاف في موقع حادث الطعن بمدينة زولينغن (د.ب.أ)

مقتل عدة أشخاص في حادث طعن بغرب ألمانيا

ذكرت صحيفة «بيلد» الألمانية أن عدة أشخاص قتلوا، مساء يوم الجمعة، عندما طعن رجل المارة عشوائياً خلال مهرجان في مدينة زولينغن بغرب ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين )
يوميات الشرق حسن شاكوش (صفحته على «إنستغرام»)

تصاعد أزمة حسن شاكوش مع نقابة الموسيقيين التونسية

تصاعدت أزمة الفنان المصري حسن شاكوش، والنقابة التونسية للمهن الموسيقية، بعد أن طلبت النقابة التونسية من نقابة المهن الموسيقيين المصرية اعتذاراً من حسن شاكوش.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان المصري علي الحجار اعتذر إلى جمهوره عن عدم إذاعة حفله (صفحته في «فيسبوك»)

علي الحجار يشكو عدم إذاعة حفله عبر الفضائيات ويعتذر إلى الجمهور

تقدَّم الفنان المصري علي الحجار باعتذار إلى جمهوره عن عدم إذاعة حفله ضمن مهرجان القلعة للموسيقى والغناء الذي أحياه، الأربعاء.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المهرجان لدعم الأفلام القصيرة (الجونة السينمائي)

«الجونة السينمائي» يُطلق برنامجاً جديداً لدعم الأفلام القصيرة

أعلن مهرجان الجونة السينمائي عن إطلاق برنامج جديد للأفلام القصيرة تحت مظلة «سيني جونة» خلال دورته السابعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الملصق الدعائي للدورة الجديدة من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي (إدارة المهرجان)

حضور سعودي لافت في «القاهرة للمسرح التجريبي»

يشهد مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الـ31 حضوراً سعودياً لافتاً من خلال العروض والتكريم ولجان التحكيم.

رشا أحمد (القاهرة )

مصر: اكتشاف «أول وأكبر» مرصد فلكي في كفر الشيخ

بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)
بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: اكتشاف «أول وأكبر» مرصد فلكي في كفر الشيخ

بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)
بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف «أول وأكبر مرصد فلكي» في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر)، يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد.

جاء الكشف خلال أعمال الحفائر التي تجريها البعثة الأثرية المصرية، في منطقة «معبد بوتو» بتل الفراعين في المحافظة، فجرى الكشف عن مبنى من الطوب اللبن في المعبد استُخدم لرصد الأرصاد الفلكية وتسجيلها، بالإضافة إلى حركة الشمس والنجوم، وفق بيان صحافي.

ومحافظة كفر الشيخ هي إحدى محافظات الدلتا، وتضمّ مواقع أثرية تؤرخ لعصور عدّة؛ فرعونية ورومانية وقبطية وإسلامية، وفيها أكثر من 50 تلاً أثرياً. وتُعدّ مدينة بوتو عاصمة مملكة الشمال، قبل توحيد مصر، أبرز آثارها.

في هذا السياق، رأى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، أنّ «اكتشاف المرصد دليل يؤكد براعة المصري القديم في علوم الفلك منذ أقدم العصور».

عدد من القطع الأثرية الصغيرة تضمَّنها المرصد (وزارة السياحة والآثار)

وقال، في بيان الوزارة: «يُظهر الكشف كيف كان المصري القديم يحدّد التقويم الشمسي ومواعيد الشعائر الدينية والرسمية مثل تتويج الملوك والسنة الزراعية»، مشيراً إلى أنّ الكشف «يضيء على التقنيات الفلكية التي استخدمها المصري القديم رغم بساطة الأدوات، مما يُسهم في تعزيز فهم التطوّر العلمي والفلكي في العصور الغابرة».

وعثرت البعثة الأثرية داخل المرصد المكتَشف على ساعة شمسية حجرية تُعرف باسم «ساعة الظلّ المنحدرة»، وتُعدُّ من أبرز أدوات قياس الوقت في العصور القديمة.

ويتكوَّن المبنى الخاص بالساعة من «مدماك» مستقيم منتظم من بلاطات الحجر الجيري بطول 4.80 متر، تعلوه 5 كتل مستوية من الحجر الجيري، منها 3 رأسية، وكتلتان أفقيتان، «ويُعتقد أنها كانت تحتوي على خطوط مائلة تُستخدم لقياس ميول الشمس والظلّ ورصد حركة الشمس خلال ساعات النهار».

ووصف رئيس قطاع الآثار المصرية في المجلس الأعلى للآثار الدكتور أيمن عشماوي، مبنى المرصد المكتشف بأنه «أكبر مرصد فلكي يُكتَشف من القرن السادس قبل الميلاد، إذ تبلغ إجمالي مساحته 850 متراً تقريباً».

من جانبه، أكد مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير، أنّ «مصر القديمة كانت لها الأسبقية عالمياً في علم الفلك»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «كان يُطلق على الوزير (إم حتب) باني هرم (زوسر المدرج) لقب (كبير المتطلّعين إلى السماء). هذا اللقب كان منتشراً في مناطق عدّة بمصر، لا سيما (عين شمس) في القاهرة، ويرمز إلى مَن يدرس حركة النجوم والكواكب».

وتابع أنّ «اكتشاف مرصد فلكي بهذه المساحة، يؤكد عبقرية المصري القديم في دراسة علم الفلك»، مشيراً إلى أنّ «الكشف يعود إلى عصر الأسرة 26، ومن المرجَّح أن يكون وجود المرصد الفلكي في هذا المكان مرتبطاً بقُربه من البحر الأبيض المتوسط».

ولفت إلى «وجود آثار عدّة تثبت براعة المصري القديم في علم الفلك، أبرزها لوحة (الزودياك) بسقف معبد دندرة الموجودة حالياً في متحف اللوفر بفرنسا».

ويقع المرصد المكتَشف في الركن الجنوبي الغربي لمنطقة المعابد، ويتكوّن من مدخل لجهة الشرق حيث شروق الشمس، وصالة أعمدة وسطى مفتوحة على شكل حرف «إل»، يتقدّمها جدار مرتفع من الطوب اللبن يتضمّن ميولاً إلى الداخل فيما يشبه الطراز المعروف في مداخل المعابد المصرية.

وعثرت البعثة الأثرية على كتلة حجرية مثبتة في أرضية صالة دائرية الشكل، وإلى شمالها وغربها ثمة كتلتان حجريتان دائريتان لأخذ القياسات الخاصة بميول الشمس.

المكتشفات تضمَّنت رموزاً وعلامات فلكية قديمة (وزارة السياحة والآثار)

وأشار عشماوي إلى أنّ «البعثة عثرت أيضاً على 5 غرف من الطوب اللبن، يُرجَّح أنها استُخدمت لحفظ بعض الأدوات الخاصة بالمبنى، بالإضافة إلى 4 غرف صغيرة من الطوب اللبن وغرفة حجرية صغيرة تمثّل برج المرصد».

وتضمَّن الكشف أيضاً «صالة كبيرة نسبياً جدرانها الثلاثة مغطّاة بالملاط الأصفر المزيَّن ببعض المناظر وبقايا رسم باللون الأزرق لمركب طقسي عليها 8 مقاصير، ومن الخلف بقايا مجدافين، ومن الأمام بقايا رسم لرأس الصقر حورس و(عين أوجات) التي تجسّد أنظمة الكون، وهي مرتبطة بالشمس والقمر بالإضافة إلى (حورس) و(إجيت)، أهم الآلهة في معبد (بوتو)»، وفق عشماوي.

أما رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري وسيناء قطب فوزي، فأوضح أنه في منتصف أرضية الصالة المكتَشفة عثرت البعثة على منصة حجرية عليها نقوش تمثّل مناظر فلكية يرجَّح أنها لشروق الشمس وغروبها خلال فصول السنة.

جانب من الاكتشاف الأثري في كفر الشيخ (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بدوره، أفاد المدير العام لمنطقة آثار كفر الشيخ ورئيس البعثة الدكتور حسام غنيم، بأنه «عُثر في داخل مبنى المرصد على تمثال من الغرانيت الرمادي من عصر (واح إيب رع) من الأسرة الـ26، يمثّل الكاهن (بسماتيك سمن)، وهو يحمل تمثال المعبود أوزير، ودوَّن عليه لقب (حامل الختم الملكي)، كما عُثر أيضاً على (أداة المرخت) والقدم والإصبع وغيرها من أدوات القياس».

وتضمَّن الكشف الأثري تمثالاً لأوزير والنمس من البرونز، وتمثال تراكوتا للمعبود «بس»، وقلادة «المنيت» من «الفاينس»، وبعض بقايا لوحات حجرية عليها نقوش موائد قرابين، وبعض الأغطية لأمفورات من الملاط عليها بقايا أختام تعود إلى العصر الصاوي، بالإضافة إلى تمثال للمعبود «بتاح» من «الفاينس الأزرق»، وبعض الرموز الدينية، واللقى الأثرية من الفخار مختلفة الشكل والحجم.