الذكاء الاصطناعي يكشف التوحّد بسهولة

النموذج يتمتّع بدقة تصل إلى نحو 80 %

النموذج الجديد للكشف المبكر عن التوحّد لدى الأطفال (معهد كارولينسكا)
النموذج الجديد للكشف المبكر عن التوحّد لدى الأطفال (معهد كارولينسكا)
TT

الذكاء الاصطناعي يكشف التوحّد بسهولة

النموذج الجديد للكشف المبكر عن التوحّد لدى الأطفال (معهد كارولينسكا)
النموذج الجديد للكشف المبكر عن التوحّد لدى الأطفال (معهد كارولينسكا)

طوّر باحثون من معهد «كارولينسكا» في السويد نموذجاً جديداً يعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكنه توقّع إصابة الأطفال بالتوحّد بسهولة من خلال معلومات بسيطة نسبياً.

وأوضحوا أنّ النموذج الجديد يسهم في الكشف المبكر عن التوحّد، ما يوفّر الدعم اللازم للأطفال المصابين. ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «غاما نتورك».

والتوحّد هو اضطراب في نمو الدماغ منذ الطفولة، يستمرّ مدى الحياة، ويؤثر في كيفية تعامل الشخص مع الآخرين على المستوى الاجتماعي؛ مما يتسبّب بمشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي.

وعادةً ما يُشخَّص في سنّ الرابعة أو الخامسة، وهو اضطراب يتميّز بظهور أشكال غير نمطية في التواصل وسلوكيات تكرارية ومحدودة، بالإضافة إلى ارتباطه بانخفاض القدرات الإدراكية لدى المصابين به.

ولتطوير النموذج، اعتمد الفريق البحثي على قاعدة بيانات كبيرة في الولايات المتحدة تحتوي على معلومات نحو 30 ألف شخص من المصابين بالتوحّد وغير المصابين به.

ومن خلال تحليل 28 معلّمة مختلفة، طوّروا 4 نماذج متميّزة تعتمد على التعلُّم الآلي لتحديد الأنماط في البيانات.

واختيرت المعلّمات بناءً على معلومات يمكن الحصول عليها قبل عمر 24 شهراً، من دون الحاجة إلى تقييمات شاملة أو اختبارات طبية معقَّدة. وأطلق الفريق على أفضل نموذج أداءً اسم «AutMedAI».

ونجح النموذج الجديد في التعرُّف إلى نحو 80 في المائة من الأطفال المصابين بالتوحّد من بين نحو 12 ألف شخص.

وحُدِّدت عوامل مثل عمر أول ابتسامة، وأول جملة قصيرة، وصعوبات الأكل، بوصفها مؤشرات قوية للإصابة بالتوحّد.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة بمعهد «كارولينسكا» في السويد، الدكتورة كريستينا تاميميس، إنّ النموذج يتمتّع بدقة تصل إلى نحو 80 في المائة في التنبّؤ بإصابة الأطفال دون سنّ الثانية بالتوحّد، ما يجعله أداة قيمة للرعاية الصحية.

وأضافت، عبر موقع المعهد، أنّ التشخيص المبكر أمرٌ حاسم؛ إذ يمكن من خلاله تنفيذ تدخّلات فعّالة تساعد الأطفال المصابين على النمو بشكل أفضل.

وأعرب الباحثون عن تطلّعاتهم لإجراء تحسينات إضافية على النموذج، والتحقُّق من فاعليته في البيئات السريرية، مشيرين إلى أنّ الهدف من تطويره هو جعله أداة لتحسين الرعاية الصحية، ولكنه لا يُعدُّ بديلاً للتقييم السريري للتوحّد.

ويعمل الفريق أيضاً على إدراج المعلومات الجينية في النموذج، ما قد يُسهم في تحسين دقة التوقّعات بشكل أكبر.


مقالات ذات صلة

علامات تساعد على التشخيص المبكر للتوحد

صحتك التوحد قد يؤثر على القدرات الإدراكية لدى الأطفال (جامعة ويست فيرجينيا)

علامات تساعد على التشخيص المبكر للتوحد

كشفت دراسة أميركية عن وجود سمات حركية حسية مبكرة لدى الأطفال الصغار الذين يتم تشخيصهم لاحقاً باضطراب طيف التوحد، مما يساعد على تشخيص المرض مبكراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك اضطراب طيف التوحّد هو حالة عصبية تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة (رويترز)

هل يمكن علاج التوحّد؟

توصلت مجموعة من العلماء إلى طريقة جديدة لتقليل أعراض اضطراب طيف التوحّد بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغذاء الصحّي للحوامل مفيد لصحة الأجنّة (مستشفيات جونز هوبكنز)

غذاء للحوامل يُجنِّب الأطفال الإصابة بالتوحّد

اكتشف فريق بحثي رابطاً مُحتَملاً بين النظام الغذائي للأمهات في أثناء الحمل وتقليل فرص إصابة المواليد بالتوحّد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ألعاب الطاولة تُلعب على سطح مستوٍ مثل لوح خشبي أو ورقي (جامعة بليموث)

ألعاب الطاولة تُعزز الصحة النفسية لمرضى التوحد

كشفت دراسة بريطانية أن الأشخاص الذين يعانون من التوحد يشكلون نسبة مرتفعة في هواة ألعاب الطاولة مقارنة ببقية السكان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق «التوحّد» حالة عصبية تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة وتستمر مدى الحياة (رويترز)

دراسة: «التوحد» عند الأطفال قد يرتبط بـ«ميكروبيوم الأمعاء»

كشفت دراسة جديدة عن نوعية بكتيريا في أمعاء الأطفال قد تكون مرتبطة بمرض «التوحد»، ويمكن أن تُسهم في تطور الحالة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

​«ملمس المياه» لريم الجندي فسحة صيف تطوف على وهم

جانب من معرض «ملمس المياه» لريم الجندي (الشرق الأوسط)
جانب من معرض «ملمس المياه» لريم الجندي (الشرق الأوسط)
TT

​«ملمس المياه» لريم الجندي فسحة صيف تطوف على وهم

جانب من معرض «ملمس المياه» لريم الجندي (الشرق الأوسط)
جانب من معرض «ملمس المياه» لريم الجندي (الشرق الأوسط)

أرادت الفنانة التشكيلية ريم الجندي الهروب من هموم الحياة وضغوطها في المدينة. بحثت ووجدت في بلدة عمشيت الشمالية اللبنانية ما يشبه الوهم الذي تبحث عنه ليريحها. هناك، بين عمارتين تتألّف من شاليهات تطلّ على بركة سباحة، وجدت ضالتها.

وضّبت حقيبتها وهرعت لتبدأ فترة علاج بأسلوبها. كان ذلك عام 2020. وُلدت فكرة الهروب من أزمات متراكمة عاشتها أسوة بغيرها من اللبنانيين. فالجائحة كما انفجار المرفأ والأزمة الاقتصادية، كلها أنهكتها.

هذا العلاج الذي لا تزال حتى اليوم تخضع له - قاصدة ذلك المكان في كل عطلة أسبوعية - ترجمته بريشتها. ومن مجموعة لوحات تروي فيها تجربتها بين السماء والمياه الزرقاء والشمس والاسترخاء، وُلد معرضها «ملمس المياه».

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

في غاليري «أجيال» بشارع الحمراء، تتوزّع أعمال ريم الجندي التي تُضفي على زائرها الشعور بالراحة والاستجمام. يغيب عن بالك، وأنت بين أعمالها، كل ما يحدث خارج جدران المعرض. فلا تصلك زحمة السير ولا أصوات أبواق السيارات، ولا ضجيج الناس الذين يشقّون طريقهم نحو مستشفى الجامعة الأميركية. فهي بالفعل استحدثت منطقة آمنة يسودها السكون والمناظر الخلّابة. فتحضر فيها لمّة العائلة حول بركة السباحة، وكذلك جلسات تأملية مارستها الجندي أمام مشهدية صيفية بامتياز.

تقول لـ«الشرق الأوسط»: «المكان أنقذني من كآبتي وتعبي. تحت شجرة على جانب بركة السباحة كنت أمضي ساعات بلا ملل مما ولّد بيني وبين البركة علاقة خاصة. أنقل في رسومي تجربة أعيشها، فترجمتُها بريشتي منطلقة من ملمس المياه الذي لا يمكن تحديده. وهمُ ملامسته كان ملهمي».

ما وجدته في هذه البقعة التي تصفها بالمنفصلة عن العالم الخارجي، ولّد لديها الشعور بالسفر: «ذكّرتني بلبنان الجميل في الستينات والسبعينات، عندما نَعِم الناس بالطمأنينة. وفي الوقت عينه، أخذتني في رحلة سفر عبر المتوسط الأزرق».

في كل لوحة من «ملمس المياه»، تستعرض الجندي موقفاً وحالة صادفتهما خلال إقامتها في هذا المجمّع بمنطقة عمشيت. لذلك تحمل جميعها أسماء تشير إلى معانٍ تتعلّق بأحاسيس اجتاحتها: «الملاذ»، و«يوم مشمس»، و«ابقِ معي أمي»، و«حارسة الشجرة»...

يسرح المتفرّج في تفاصيل الأعمال، فيُخيَّل إليه بأنّ الوهم الذي بحثت عنه الفنانة أصابه أيضاً، فيتزوّد بجرعات من الطاقة الإيجابية، وبمشاعر النضارة والحيوية والديناميكية. فالأزرق السائد بلوحاتها يبعث على الراحة ويمدّ بالهدوء والسكينة. تُعلّق: «عادة لا أستخدم الأزرق في لوحاتي. ولكن هنا، وأمام مشهدية بركة السباحة المستطيلة المُبلَّطة بموزاييك أزرق يمنح الماء لونه ويردّ لي روحي؛ كان من البديهي أن أركن إليه لوناً أساسياً في لوحات (ملمس مياه)».

علاقة متينة وُلدت بين الجندي وبركة السباحة (الشرق الأوسط)

الذكرى والوحدة والفراغ والعائلة وبصمة الحياة والشعور بالعافية وغيرها... موضوعات تناولتها في معرضها: «إنها مواقف عشتها ورغبت في نقلها. لقد عنت لي كثيراً في لحظات تأمّلية جميلة. أدركتُ بأنّ الواقع يختلف تماماً عن هذا المكان، لكنني رفضت إلا أن أعيش لحظاته، فكان علاجاً لي».

من اللوحات اللافتة، تلك التي تصوّر فرحة أفراد العائلة يتحلّقون حول بركة السباحة. وفي أخرى تغوص في مشهدية بسيطة لعدد من كراسي البحر الفارغة تصطفُّ حول البركة؛ وكل واحدة منها حجزها أحدهم بوضعه منشفة ملوّنة عليها. وفي لوحات أخرى، استحدثت عناصر فنية وهمية لتجمّلها، ففرشت الأرضية بأوراق شجر ذهبية. وفي مكان ثالث، نراها تستلقي على سجادة من الورود الملوّنة. وبتقنية الأكليريك و(الميكسد ميديا)، وثّقت علاقتها المتينة بذلك المكان.

وفي بعض اللوحات يلاحظ مشاهدها دوائر ذهبية، كأنها الملاك الحارس الذي يرافق الجندي برحلتها. ونرى هذه الدوائر في أثناء ممارستها السباحة، وخلال الاسترخاء على المياه، وهي تجلس على كرسي شاردة الذهن. توضح: «تخصّصت في رسم الأيقونات واسترجعتها في رسوماتي الخاصة ضمن المعرض على طريقتي. كما استحضرتُ النجوم والقمر المذهّبَيْن. وأحياناً جعلت هذا اللون خلفية لأشجار الصنوبر المحيطة في المكان. كما طليت به سلّم بركة السباحة».

لوحات محبوكة شكّلت أول أعمالها لهذا المعرض (الشرق الأوسط)

تقول ريم الجندي إنّ فكرة رسم بركة السباحة اشتهر بها الفنان الأميركي ديفيد هوكني، وتذكّرته عندما جلست للمرة الأولى في هذا المكان: «رأيتُ شجرتَي نخل طويلتَيْن، وبينهما بركة سباحة، وهو منظر سبق ورسمه هوكني. تساءلتُ عما إذا مرّ بالمصادفة من هنا، لكنني استدركتُ أنه يعيش في كاليفورنيا. رحتُ أطرح على نفسي أسئلة عن أسباب رسمه المشهد. فأنا أيضاً أرغب في رسم المكان وهذا المنظر. ولا أريد أن يُقال إنني أحاول تقليده. كان علي أن أفهم الأسباب التي تدفعني للقيام بالمهمة عينها. وجدتها في النهاية، لا سيما أنّ عملي ينبع من تجاربي الشخصية. ومن عملي بالأيقونات انطلقت، وحدّدت لنفسي أسلوباً خاصاً».

في مجموعة أخرى من اللوحات، ركنت إلى أحجام مربَّعة محبوكة بقماش «الكانفاس»، فرسمت عليها مقتطفات من حياتها حول بركة السباحة. تختم: «انطلقت منها لأضع مجموعة لوحاتي لهذا المعرض، واستغرقت مني وقتاً كثيراً لتحضيرها بوصفها أرضية يمكن أن تمرّ عليها ريشتي. بعد محاولات، ملأتُ فراغات القماش المحبوك ووصلت إلى لوحات تخرج على المألوف».