رحيل ألان ديلون فارس السينما الفرنسية الجميل

طُلب منه ألّا يمثّل فأصبح نجماً

ديلون من موقع تصوير فيلمه في «الصقليون» 1969 (أ.ب)
ديلون من موقع تصوير فيلمه في «الصقليون» 1969 (أ.ب)
TT

رحيل ألان ديلون فارس السينما الفرنسية الجميل

ديلون من موقع تصوير فيلمه في «الصقليون» 1969 (أ.ب)
ديلون من موقع تصوير فيلمه في «الصقليون» 1969 (أ.ب)

رحل يوم الأحد الممثل الفرنسي ألان ديلون، عن 88 سنة، وأكثر من 100 فيلم، وحسب عائلته في تصريح لها لوكالة الصحافة الفرنسية. توفي النجم الفرنسي الشهير «بسلام» بعد 3 سنوات من العناية الطبية، لم يشكُ من مرض أو عضال، بل من وهن عام جعله أقل قدرةً على النشاط والحركة.

الممثل الفرنسي ألان ديلون (أ.ف.ب)

نصيحة من ذهب

«كل ما أفتخر به هو مهنتي»، هذا ما قاله ديلون سنة 2019، عندما احتفى به مهرجان «كان». وقد انطلق في مهنة الفن سنة 1957، قبل ذلك كان مجنداً في البحرية الفرنسية، وأُرسل إلى سايغون خلال ما يُعرف باسم «الحرب الهندوصينية» (Indochina War)، التي خاضتها فرنسا ما بين 1946 و1954، وأُعفي من الخدمة بعدما قاد سيارة جيب بلا إذن، وتحطّمت فوق إحدى الطرقات، وخرج منها سليماً.

مع جان - بول بلموندو في «بورسالينو» (باراماونت بكتشرز)

بعدها عاد إلى باريس، حيث اشتغل في أعمال يدوية عدّة، وتعرّف على شخصين لعبا دوراً مهماً في حياته خلال تلك الفترة، وهما الممثل الفرنسي جان - كلود بريالي، الذي حاول مساندته للعثور على أدوار في السينما، وأخذه معه إلى مهرجان «كان»، حيث عرض كلود شابرول فيلمه «سيرج الجميل» سنة 1958، والثاني الممثلة ميشيل كوردو التي ارتبطت به عاطفياً، وعرّفته على زوجها المخرج إيف أليغريه، الذي منحه دوراً صغيراً في فيلمه «أرسل امرأة عندما يخفق الشيطان» سنة 1957، وكان هذا ظهوره الأول على الشاشة.

روى ديلون ذات مرّة تجربته حينها، قال: «لم تكن عندي أي معرفة بالتمثيل، نظر إليّ المخرج أليغريه وقال لي: اصغِ إليّ جيداً يا ألان، تكلّم كما تتكلم معي، انظر كما تنظر إليّ، اصغِ كما تُصغي إليّ، لا تمثّل. هذه الكلمات غيَّرت كل شيء».

كان عمر ديلون آنذاك 22 سنة، وخلال تلك الفترة جذبت ملامحه أيضاً المنتج الأميركي ديفيد أو. سلزنيك، الذي دعاه إلى روما، حيث عرض عليه عقداً لـ7 سنوات، بشرط أن يُحسّن لغته الإنجليزية، لكن ذلك لم يحدث؛ إذ فضّل ديلون البقاء في حاضنته الفرنسية.

ألان ديلون خلال الحملة الانتخابية الرئاسية للرئيس السابق فاليري جيسكار ديستان 1981 في باريس (أ.ف.ب)

التجربة الأميركية

سينتظر ديلون 8 سنوات قبل أن يُقدِم على تجربة حظّه في السينما الأميركية، بدءاً بفيلم «الرولز - رويس الصفراء»، الذي حقّقه البريطاني أنتوني أسكويث لحساب «مترو - غولدوين ماير» سنة 1964 مع إنغريد برغمن، وشيرلي ماكلين، وعمر الشريف، وركس هاريسون.

تلت هذا الفيلم 5 أفلام أخرى، أشهرها (وأسوأها) «شمس حمراء»، أمام أورسولا أندرس، وتشارلز برونسون، سنة 1971. وخلال الستينات وما بعدها كان ديلون قد أصبح نجماً كبيراً في فرنسا وأوروبا، بيد أنه لم يستطع خلال تلك الأدوار التي مثّلها في هوليوود أن يصبح نجماً يُقبِل عليه الأميركيون. وبعد فيلمه الأول لأليغريه اختاره المخرج نفسه لتأدية أحد الأدوار الأولى في فيلم كوميدي عنوانه «كوني جميلة واصمتي» (1958)، وفي ذلك الفيلم استعان أليغريه بوجه جديد آخر هو جان - بول بلموندو، فأسند إليه دوراً محدوداً فيه. كان ذلك اللقاء الأول بين الممثلَين، تلته 7 أفلام أخرى تقاسما فيها البطولة متناصِفَين، أشهرها «بورسالينو» (1970).

اشتغل ديلون مع مخرجين مهمّين في السينما الفرنسية والأوروبية، حيث رأيناه في «الساموراي» 1967، و«الدائرة الحمراء»، و«شرطي» في 1970، وهي ثلاثية للمخرج الفرنسي الممتاز جان - بيير ميلفيل، كذلك في فيلمين للإيطالي لوكينو ڤيسكونتي، هما: «روكو وإخوته» (1960)، و«الفهد» (1963)، كما مثّل لمايكل أنجلو أنطونيوني «الخسوف» (1962)، ولجوزف لوزي «السيد كلاين»، كما ظهر في فيلم الفرنسي رينيه كليمان «قمر أرجواني» (1960)، وفي فيلم جورج لوتنير «أحدهم مدمى» (1974).

ألان ديلون في «الساموراي» (آرتستس إنترناشيونال)

ثلاثية متميّزة

«الساموراي» هو الفيلم الذي عاش أكثر من سواه بين الأفلام التي مثّلها ديلون للمخرج ملفيل، نتعرّف عليه بغرفة فندق متواضع، في مشهد يشبه المشهد الأول من فيلم «هذا المسدس للإيجار» (This Gun For Hire)، الذي حققه فرانك تاتل، من بطولة ألان ديلون سنة 1942، القصّة تختلف، لكن القبعة والمعطف، وبعض فصول الصمت المُطبِق في المشاهد الأولى واحدة، لكن حقيقةَ كون «الساموراي» أكثر أفلامه الثلاثة لحساب ملفيل شهرةً لا يجب أن يكون سبباً في إغفال فيلمَيه الآخرَين «الدائرة الحمراء» و«شرطي»، ففي كل منهما لعب ديلون نسخة مختلفة الأداء عن الدور الأول، تاركاً المزيد من بصمات الشهرة في مسيرته.

ألان ديلون (يسار) والمخرج السينمائي الفرنسي جان - بيير ميلفيل

ثلاثية ديلون - ملفيل كانت من بين أفلام بوليسية عديدة مثّلها ديلون الذي طوّر أدوات تعبيره في الستينات. هناك مثلاً «المسبح» لجاك ديراي (1968)، الذي لعب فيه ديلون شخصية الرجل الذي يقتل منافسه (موريس رونيه) على قلب امرأته (رومي شنايدر)، خلال عطلة في جنوب فرنسا.

فيلم آخر من الفترة نفسها يُسجّل له هو «العصابة» (Le Gang) لجاك ديراي، اللافت هنا هو أن شخصية ديلون رئيس عصابة، والفيلم يبدأ بمشهد تحلُّق أعضاء العصابة حول زعيمهم عند وفاته، ومن ثَمّ تنسحب القصّة إلى الخلف لتُفصح عمّا دار قبل ذلك.

كان ديلون التقى برومي شنايدر عندما مثّلا معاً بطولة «كريستين» سنة 1958، وهو فيلم ثانوي في مسيرتهما، لكنه قاد لعلاقة عاطفية استمرّت حتى انفصالهما سنة 1963، وشهدت بضعة أفلام أخرى قبل ذلك الانفصال وبعده.

ألان مع أورسولا أندرس في «شمس حمراء» (لو فيلم كورونا).

الحقبة الأخيرة

استقبل مهرجان القاهرة ألان بترحاب كبير قبل سنوات قليلة، لكن ابن الثمانين حينها كان قد قلّل من عدد أفلامه منذ سنوات عدّة، وأصبح اسماً أكبر شأناً من الأفلام التي لعبها في الثمانينات والتسعينات، إنها الفترة التي شهدت أفلاماً لم توفّر تلك النجاحات السابقة، ومنها «ثلاثة رجال للقتل» لجاك ديراي (1980)، و«سوان عاشقاً» للألماني فولكر شلندروف (1984)، و«عودة كازانوفا» لإدوار نيوما (1992)، و«تاريخنا» لبرنارد بلاييه.

وهي الفترة نفسها التي جرّب ديلون يديه في الإخراج، فحقّق «قتل شرطي» (1981)، ولم يمضِ طويلاً في هذا المضمار، ونشط في مجال الإنتاج أكثر، وكان آخر ظهور له في سنة 2019، عندما لعب شخصيته الحقيقية في فيلم «متنصّل» (Disclaimer) لميشيل دنيسو.


مقالات ذات صلة

نوبات الهلع تطارد هيو غرانت خلال تصوير الأفلام

يوميات الشرق هيو غرانت (رويترز)

نوبات الهلع تطارد هيو غرانت خلال تصوير الأفلام

كشف الممثل البريطاني الشهير، هيو غرانت، عن أنه مرَّ كثيراً بنوبات هلع خلال تصوير الأفلام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق إنجي الجمال في مشهد داخل القرية (الشركة المنتجة)

«عبده وسنية» يراهن على نوستالجيا «الأبيض والأسود» والسينما الصامتة

يترقّب المخرج المصري الأميركي عمر بكري عرض فيلمه الأول «عبده وسنية»، متمنياً أن يحوز إعجاب الجمهور في العرض العام.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج وائل أبو منصور وأبطال العمل أثناء العرض الخاص لفيلم صيفي بجدة (الشرق الأوسط)

السينما السعودية تستعد لاستقبال فيلم «صيفي»

يتطلع عشاق السينما في السعودية إلى يوم 26 ديسمبر، موعد عرض الفيلم السعودي المرتقب «صيفي» في دور السينما المحلية.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق السدحان يعرب عن سعادته الكبيرة بفيلم «ليل نهار» (إدارة مهرجان البحر الأحمر)

عبد الله السدحان لـ«الشرق الأوسط»: ابتعدت عن الإنتاج لأنه أرهقني

قال الفنان السعودي عبد الله السدحان إن مشاركته في السباق الدرامي الرمضاني لعام 2025 لم تحسم بعد لا سيما بعد ابتعاده عن الإنتاج وتركيزه على التمثيل فقط.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق ‎⁨ميلا الزهراني في مشهد من «هوبال» (الشرق الأوسط)⁩

ميلا الزهراني... مِن وجه جميل إلى نجمة في «هوبال»

في رصيد ميلا الزهراني 6 أفلام طويلة، و26 مسلسلاً، وتترقّب حالياً عرض فيلمها «هوبال» في 2 يناير المقبل بجميع صالات السينما السعودية.

إيمان الخطاف (الدمام)

الأوبرا المصرية تعرض «نيران الأناضول»

تميزت الفرقة بعروضها المبهرة (دار الأوبرا المصرية)
تميزت الفرقة بعروضها المبهرة (دار الأوبرا المصرية)
TT

الأوبرا المصرية تعرض «نيران الأناضول»

تميزت الفرقة بعروضها المبهرة (دار الأوبرا المصرية)
تميزت الفرقة بعروضها المبهرة (دار الأوبرا المصرية)

تستقبل دار الأوبرا المصرية العرض التركي «نيران الأناضول» الذي يستلهم ملامح التراث التركي في تابلوهات راقصة لأحد أشهر فرق الرقص الفلكلوري في تركيا، وذلك في إطار مساعي الأوبرا لتقديم مختلف الفنون العالمية خلال احتفالات الكريسماس، ومع بداية العام الجديد.

العرض الذي وصفته الأوبرا المصرية بـ«الأسطوري» ومن المقرر تقديمه في 3 ليالٍ على المسرح الكبير نهاية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، شهد إقبالاً كبيراً من الجمهور، وفق معايير شباك التذاكر، مما يعكس رغبة الجمهور المصري في تلقي المواد الإبداعية الجادة، حسب بيان للأوبرا المصرية، الأربعاء.

وتستهدف فرقة «نيران الأناضول» التي تأسست عام 1999 تحت مسمى «سلاطين الرقص»، وقدمت عروضاً سابقة في مصر، نشر التراث التركي بكل ما يحمله من سمات فلكلورية جاذبة وذات طابع فني جماهيري، وتأتي عروضها في مصر من إخراج المدير الفني للفرقة مصطفى إردوغان، وتصميم رقصات ألبير أكسوي.

فرقة «نيران الأناضول» قدمت عروضاً سابقة في القاهرة (دار الأوبرا المصرية)

ونجحت الفرقة خلال عروضها السابقة بمصر في تحقيق قاعدة ضخمة من متذوقي الفنون الراقية، بحسب كلام الدكتورة داليا زايد، رئيس دار الأوبرا المصرية، التي أوضحت أن العرض المنتظر يضم تابلوهات حركية تستلهم ملامح التراث التركي المميز في صياغة إبداعية معاصرة لينتج مزيجاً فنياً فريداً يحمل رسائل سامية عن الحب والسلام والتعايش الإنساني، لافتة إلى أن عروض هذه الفرقة تعبر عن «القدرة الفائقة للقوى الناعمة على تدعيم روابط الصداقة بين الشعوب».

وكانت دار الأوبرا المصرية أعلنت عن تقديم الباليه الكلاسيكي العالمي «كسارة البندق» ضمن احتفالات أعياد الكريسماس في 7 حفلات على المسرح الكبير بالأوبرا، من 26 إلى 30 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بقيادة المايسترو نادر عباسي، وإخراج أرمينيا كامل، وهو الباليه الذي كتب موسيقاه الروسي تشايكوفسكي عام 1891 مستلهماً إحدى قصص الكاتب الفرنسي ألكسندر دوما، الأب الذي اقتبسها بدوره من رواية «كسارة البندق وملك الفئران»، لإرنست هوفمان.

وأعرب مصطفى إردوغان، مؤسس فرقة «نيران الأناضول»، عن سعادته بالعودة إلى القاهرة مجدداً، وتقديم العروض في دار الأوبرا التي وصفها بمنارة الإبداع الجاد في الشرق الأوسط، وأشار إلى الفخر بمشاركة تراث بلاده مع الجمهور المصري، واعداً بتقديم عرض مبهر، من خلال تكامل العناصر الفنية من موسيقى وإضاءة وديكور وملابس، إلى جانب التناغم الحركي للعارضين.

الإضاءة والأزياء أكثر العناصر المميزة في عروض «نيران الأناضول» (دار الأوبرا المصرية)

من جانبه عدّ الناقد الفني المصري أحمد السماحي، عروض «نيران الأناضول» من الفرق «المهمة جداً على المستوى الفني والتقني»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مثل هذه العروض تعبر عن الرسالة الحقيقية لدار الأوبرا، ودورها في تقديم العروض الراقية والجادة والممتعة للجمهور في ظل الفوضى التي تشهدها الساحة الفنية على مستويات عدة».

ووصف السماحي الفرق الأجنبية التي تأتي إلى مصر بأنها تكون «على درجة عالية من الكفاءة والإتقان والإبداع لأنها تكون بمثابة سفير لبلدها»، عادّاً استضافة فرقة «نيران الأناضول» أو غيرها من الفرق الأجنبية بالأوبرا أحد الأدوار المهمة للتبادل الثقافي بين مصر ودول العالم.

وتلقي فرقة «نيران الأناضول» الضوء على التراث الثقافي الثري للأناضول، وفق بيان الأوبرا، وتعد من أفضل فرق الرقص في العالم، ونظمت من قبل جولات فنية في مختلف دول العالم وحققت نجاحاً كبيراً، ومن الدول التي شهدت عروضها سابقاً مصر، والولايات المتحدة الأميركية، والبحرين، وألمانيا، وبلجيكا، وسويسرا، والصين، والأردن، وهولندا، وقدمت أكثر من 8500 ليلة عرض حضرها أكثر من 50 مليون مشاهد. وحظيت الفرقة بإشادات نتيجة براعة أعضائها في التعبير عن فلكلور الأناضول.