تفاعل حول إلغاء حفل لمحمد رمضان في بيروت وبنغازي

بسبب مخاوف من مرض «جدري القردة»

محمد رمضان في أحد حفلاته (حسابه على «فيسبوك»)
محمد رمضان في أحد حفلاته (حسابه على «فيسبوك»)
TT

تفاعل حول إلغاء حفل لمحمد رمضان في بيروت وبنغازي

محمد رمضان في أحد حفلاته (حسابه على «فيسبوك»)
محمد رمضان في أحد حفلاته (حسابه على «فيسبوك»)

ألغت إدارة مهرجان «صيف بنغازي» حفل الفنان المصري محمد رمضان، الذي كان من المقرر إقامته الجمعة في استاد «شهداء بنينا»، ليكون بمثابة ختام المهرجان الذي انطلق بداية الشهر الحالي.

وجاء قرار الإلغاء قبل ساعات قليلة من الحفل الذي حرص محمد رمضان على الترويج له بشكل مكثف عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، بوصفه حفله الأول في ليبيا، لكن سرعان ما حذفت جميع الفيديوهات والصور الخاصة بالحفل من جميع حساباته، ومن دون توضيح أسباب.

وكان رمضان قد أعلن عن إقامة حفله في ليبيا بعد تمديد المهرجان بشكل استثنائي ليوم واحد من أجل إقامة حفله، الذي كان يفترض أن يقدم فيه أغانيه واستعراضات مع فرق راقصة، ليكون «أكبر حفلات المهرجان»، وفق وصفه في مقطع الفيديو الترويجي.

واضطرت إدارة المهرجان لإلغاء الحفل، إضافة إلى الحفل الذي كان يفترض إقامته مساء الخميس الماضي، بناءً على تعليمات السلطات مع إعلان تفشي مرض «جدري القردة»، والقلق من التجمعات الكبيرة. في حين يأمل منظمو المهرجان في إقامة الحفل بموعد لاحق خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفق تصريحات أحد المسؤولين عن المهرجان لـ«الشرق الأوسط».

محمد رمضان خلال حفله الأخير بالساحل الشمالي (حسابه على «فيسبوك»)

وأضاف أن «الحفل سيجري تحديد موعد جديد لإقامته خلال الفترة المقبلة، وأن رمضان تفهَّم الأسباب الطارئة التي دعت إلى تأجيل الحفل»، مشيراً إلى أن «ما تم إلغاؤه خلال المهرجان، الذي استمر على مدار أسبوعين، حفلين بسبب مخاوف من (جدري القردة)».

وكان محمد رمضان قد أعلن عن حفله في مدينة بنغازي بعد إعلان تأجيله الحفل، الذي كان يفترض أن يقوم بإحيائه بالعاصمة اللبنانية بيروت، على خلفية طلب الشركة المنظمة، وهو الحفل الذي أعلن رمضان تمسكه بإحيائه بداية الشهر الحالي، بعد إرجاء حفلات عدة كان يفترض أن تشهدها لبنان بسبب تطورات الأحداث السياسية.

الجدير بالذكر أن حفل رمضان في بيروت كان يفترض إقامته في «الفوروم دو بيروت»، السبت، لكن الشركة المنظمة طلبت من الجمهور استرداد ثمن التذاكر بعد تأجيله بسبب «الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان، خصوصاً التهديدات الإسرائيلية التي أربكت حركة الملاحة الجوية»، وفق بيان رسمي.

«يمكن النظر لمحمد رمضان بصفته حالة خاصة»، وفق الناقد الفني خالد محمود، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن رمضان يسعى دائماً لخلق هالة حول نفسه بشكل كبير، سواء كانت بشكل حقيقي أو غير حقيقي»، مشيراً إلى «سعيه باستمرار للحضور عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي بما يخلق له الرواج الذي يراه مناسباً».

محمد رمضان (حسابه على «فيسبوك»)

وأضاف أن «رمضان يرى في الاستفزاز بالتصريحات، أو مقاطع الفيديو أو حتى الدخول في سجالات، دليلاً على النجاح، ويعمل على تكرارها بشكل واضح»، مشيراً إلى أن «كل هذه الأمور لن تبقى في مسيرته الفنية، وما سيبقى في إرثه مستقبلاً هي فقط الأعمال التي قدمها».

وشهدت منصة «إكس» تدوينات رافضة من ليبيين لحضور محمد رمضان إلى بنغازي وإحياء حفل فيها، كما تضمنت بعض التعليقات على الدعاية التي قام بها من خلال حساباته دعوات لمقاطعة الحفل، على خلفية إعلان نشره قبل الحفل بوقت قصير لصالح إحدى الشركات المدرجة ضمن قوائم منتجات المقاطعة.


مقالات ذات صلة

جماليات «البيتلز» والتراث الهندي في مهرجان القلعة المصري

يوميات الشرق أغنيات «البيتلز» ضيفة مهرجان القلعة (وزارة الثقافة المصرية)

جماليات «البيتلز» والتراث الهندي في مهرجان القلعة المصري

انطلقت فعاليات الدورة الـ32 لمهرجان القلعة بتكريم 11 شخصية مؤثّرة فنياً وأدبياً، وبحفل لعازفة «الماريمبا» نسمة عبد العزيز، والفنانة المصرية كارمن سليمان.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان الفيوم لأفلام البيئة والمناخ يبدأ التحضير لدورته الأولى (إدارة المهرجان)

مهرجان دولي لأفلام البيئة في مصر يراهن على الحضور العربي

يراهن مهرجان الفيوم الدولي لأفلام البيئة والمناخ والفنون المعاصرة في دورته الأولى التي تنطلق خلال الفترة من 25 إلى 30 نوفمبر (تشرين الثاني) على الحضور العربي.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق جمهور غفير زحف إلى مكان الحفل بالآلاف (الشرق الأوسط)

بيروت تتألّق من جديد في حفل ضخم حضره الآلاف

جلس جورج وسوف على كرسيه مستهلاً حفله قبل رفع الستارة بكلمة «يا رب». وعمد إلى افتتاح الحفل بأغنية «حدّ ينسى قلبه»، التي صارت تقليداً يستهل به حفلاته.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق نسمة عبد العزيز من المشاركين والمكرمين في المهرجان (وزارة الثقافة المصرية)

مهرجان القلعة الموسيقي يراهن على الشباب في دورته الـ32

يراهن مهرجان القلعة للموسيقى والغناء بمصر على الشباب في دورته الـ32 التي تنطلق الخميس 16 أغسطس (آب) وتستمر لمدة 14 يوماً.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق هيثم شاكر يستعد لطرح ألبومه الجديد (حسابه على «إنستغرام»)

هيثم شاكر لـ«الشرق الأوسط»: الراب لم يستهوني

أحيا الفنان المصري هيثم شاكر حفله في مهرجان صيف بنغازي، بليبيا، مساء الجمعة، وسط حضور جماهيري غفير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«الخطايا السبع المميتة» تُجسِّد إنسان الحروب على مسرح بيروتي

مشهد «النهم» الصامت يرفع شأن العرض لتألُّق قدرته التعبيرية (الشرق الأوسط)
مشهد «النهم» الصامت يرفع شأن العرض لتألُّق قدرته التعبيرية (الشرق الأوسط)
TT

«الخطايا السبع المميتة» تُجسِّد إنسان الحروب على مسرح بيروتي

مشهد «النهم» الصامت يرفع شأن العرض لتألُّق قدرته التعبيرية (الشرق الأوسط)
مشهد «النهم» الصامت يرفع شأن العرض لتألُّق قدرته التعبيرية (الشرق الأوسط)

مرَّت مشهديات منحت مسرحية «ساليغيا» لحظات تألُّق. بطَلاها، السوري «ورد» (حسن عقّول) واللبنانية «رهف» (فرح ورداني) مثَّلا التهشُّم الإنساني المُغلَّف بابتسامات مدّعية. من خلال 7 مَشاهد، تعبُر «الخطايا السبع المميتة»، مُبيّنة الحِمْل الكبير خلف أنْ يحيا المرء. العرض مشغول بوعي وجودي؛ نظرتُه نازفة إلى الحياة لإدراك أنها مُجرَّدة من الرحمة.

يبرز الهامش المتعلّق بعدم الاكتمال بوصول الأشياء إلى منتصف الطريق، حيثُ تَعْلق أو تُصاب بالجمود. فالعرض (فكرة حمزة عبد الساتر وإخراجه، يستضيفه مسرح «استوديو لبن» بمنطقة الصنائع البيروتية) يحوم لساعة حول ما لا يتحقّق، بينما يطوله بعضٌ بوسائل ملتوية. هذه حكاية بشر «بسمنٍ» وآخرين «بزيت» وفق اللسان الشعبي، فتُجسّد «رهف» تكسُّر الحلم أمام الواقع، ليختزل «ورد» الانقباض وحماية الذات المُبالَغ فيها من وحشية الخارج.

لا يمنح التخصُّص المسرحي لـ«رهف» امتيازاً لمواجهة عالم متقلِّب، يملك أدوات متطوّرة لسحق إنسانه، فالشغف هنا «لعنة»، والطموح قدرُه التقزُّم. يقول العملُ كثيراً عن انحراف مسار الخطط، والتعوُّد حدَّ إعلان التخلّي. تخلٍّ عن اليوم والغد والعُمر. وعن الضوء الساطع؛ بجرِّه، بإرادته، إلى إفساح المجال للجوّ الضاغط وألوانه الداكنة. بحوارات محكية، وأخرى يتولّاها الجسد (تعبيراً ورقصاً)، يتبيّن أنّ «الخطيئة» محاولة للنجاة من الارتكاب الأكبر، وهو الحياة نفسها.

المسرحية مشغولة بوعي وجودي ونظرتها نازفة إلى الحياة (الشرق الأوسط)

تتسلَّل أغنيات بين تجسيد «خطيئة» وأخرى، فترمز «بلا ولا شي» لزياد الرحباني للقبول بالأمر الواقع، و«لا تندهي ما في حدا» بصوت والدته فيروز لآهات لا تُسمَع، وعلاقات مبتورة، واتّكاء خائب، وانتظار يطول. وإذا كانت «الخطايا السبع المميتة» تُجسّد، في الميثولوجيا، الغرور والكبرياء والشهوة والحسد والشراهة والغضب والكسل، وهي أصناف «الشرور» وفظاظة الطبع البشري، فإنها على الخشبة بدت تصوُّراً لإنسان الحروب والوحشية الكونية، ولمنطق اختلال التوازن السائد. الإنسان المقتول لمائة سبب وبألف «سلاح»، لكنه يُكذِّب موته ويتحايل على وجوده.

يمرُّ «القتل» بوصفه أحد الخيارات المطروحة لنجاة مُحتَملة من تعامل الإنسان مع واقع يُفضي به حتماً إلى الجنون. بزعْمِه وسيلةً للتخلُّص من مسألة مزعجة، وتغيير معادلة ما، يتسلّل من بين الخطايا لتصدُّر المشهد. تمتلئ كفُّ «رهف» بالدم المسفوك، بينما «ورد» يلتفّ بصَمْته أمام زوجته الجانبة، معلناً عجزه حيال هستيريا مصيرهما. هنا تلتحق المواجهة بسلسلة سبقتها عنوانُها «الفردُ في العالم وأحلامه المُبعثرة»؛ فتبلغ ذروة تفجّرها لحظة تبادُل التُّهم، وإسقاط ورقة التوت الأخيرة عن علاقة هشَّمها التردُّد والاختباء والترقيع.

البطلان مثَّلا التهشُّم الإنساني المُغلَّف بابتسامات مدّعية (الشرق الأوسط)

كل ما في العرض يدور حول «الجلوس في الصفر» مدّةً طويلة، في تلك الرقعة المشوَّهة، حيث لا حُبّ ولا حياة، وحيث يتعذَّر الحصول على المُبتغى، فيُمضي المرء عمرَه بقبول ما يُعارض قناعاته، مُرغَماً، خانعاً، صامتاً، مُحترقاً من الداخل وخارجه يتظاهر بالبرودة؛ في تلك الرقعة تقول الخطيئة إنها مطروحة بوصفها حَلّاً، ويدّعي التلطُّخ بالدم أنه انتقام مُحتَمل من اللاعدالة. فإذا بصوت فيروز «يا ريت ضوّينا هالقنديل العتيق بالقنطرة»، في ختام المواجهة يُخبر الضحيتين عما فات وانقضى أمره، مُلطّفاً بعذوبته خسائرهما الباهظة.

يحضُر الشام أسوةً ببيروت، أرضَ بهجةٍ وليلَ سهر، ثم ميدان نار مشتعلة، فيذكُر «ورد» ماضياً عتيقاً من عمق حاضره المُلتهب. ابنة المسرح «رهف» تعلّق حياتها على خشبة لم تطأها، بعد انصياع لوظيفة حوّلتها سجينة. بيروتها وشامُه، كلاهما المسرح الأكبر؛ أو السجن المريع. معضلةُ الإنسان والوطن، بارتباطهما المصيري وتبعاته الجنائزية، تأبى اكتمال الأشياء. يبقى المرء ناقصاً لأنّ أرضه تحترق، أو لأنه غريب، أو ضحية، أو رقماً بلا جدوى. «لا تندهي ما في حدا»، تقول الأغنية: «يا قلب آخرتا معك تعّبتني»، تتابع في ملامة وَقْع الألم على العضلة الخافقة.

من خلال 7 مَشاهد تعبُر «الخطايا السبع المميتة» (الشرق الأوسط)

مشهد «النهم» الصامت يرفع شأن العرض، جوعٌ وجوعٌ ومزيد منه، والمائدة خاوية! «ورد» يُبرهن مهارة في «الفَرم»، وهو التقطيع بعنف كأنه ثأر مما جرى (أو ترجمة لآثاره). و«رهف» تلتهم بلا اكتراث لتشوُّه النكهات تحت لسانها. بقدونس مع الفوشار، حدّ انقطاع النَفَس! خطيئة «النهم» تجسِّد أقصى الوجع. لا الحواس تمتلئ ولا الطعم يتحقّق. هذه الحياة على شكل وجبة تُسخَّن بعد فوات الأوان لتؤكد بؤس قدَرها. التهامها أشدُّ سوءاً من المعدة الخاوية. لا تُشبِع لكونها مُعذِّبة. في السجن الإنساني، وأمام سؤال «رهف»: «لِمَ لا أنال ما يناله سواي؟»، في سجن المقارنة والثقة المهزوزة، يطول «الجلوس في الصفر»، ويصبح الوطن البديل عن أوطان لا تنجب سوى بؤساء.