مسابقة «المسرحيات القصيرة»... عروض سعودية مُبهرة تتنافس على 12 جائزة

يوسف الحربي لـ«الشرق الأوسط»: تُسهم في تطوير المشهد المسرحي المحلي... وتكوين جيل جديد

الممثلة مريم حسين في لقطة من مسرحية «ولادة منتظرة» التي عُرضت خلال حفل الافتتاح (الشرق الأوسط)
الممثلة مريم حسين في لقطة من مسرحية «ولادة منتظرة» التي عُرضت خلال حفل الافتتاح (الشرق الأوسط)
TT

مسابقة «المسرحيات القصيرة»... عروض سعودية مُبهرة تتنافس على 12 جائزة

الممثلة مريم حسين في لقطة من مسرحية «ولادة منتظرة» التي عُرضت خلال حفل الافتتاح (الشرق الأوسط)
الممثلة مريم حسين في لقطة من مسرحية «ولادة منتظرة» التي عُرضت خلال حفل الافتتاح (الشرق الأوسط)

عاماً تلو الآخر، تشهد «مسابقة إثراء للمسرحيات القصيرة»، التي انطلقت الدورة الرابعة منها هذا الأسبوع في مركز «الملك عبد العزيز الثقافي العالمي» (إثراء) في الظهران، وتستمر حتى 17 أغسطس (آب) الحالي، تطوراً ملموساً ونضجاً في العروض المسرحية السعودية المشاركة، التي جمعت بين الأفكار الفلسفية والنصوص العميقة والأداء المتمكن، بقيادة مسرحيين مخضرمين ووجوه صاعدة تحاول إخراج طاقاتها في «أبو الفنون».

وتضم دورة العام الحالي 9 مسرحيات قصيرة، تتنافس على 12 جائزة، وهي: جائزة أفضل عرض مسرحي متكامل، وجائزة أفضل إخراج مسرحي، وجائزة أفضل ممثل دور رئيسي، وجائزة أفضل ممثلة دور رئيسي، وجائزة أفضل ممثل دور ثانوي، وجائزة أفضل ممثلة دور ثانوي، وجائزة أفضل تصميم إضاءة مسرحية، وجائزة أفضل تصميم صوت، وجائزة أفضل أزياء مسرحية، وجائزة أفضل ديكور مسرحي، وجائزة أفضل نص مسرحي معد جديد، وجائزة أفضل تهيئة نص.

منصة للمسرحيين

في حديث له مع «الشرق الأوسط» يقول يوسف الحربي، وهو مدير «جمعية الثقافة والفنون» بالدمام: «قدّم المهرجان بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام منصة مهمة للمسرحيين في المنطقة، وأسهم بشكل كبير في تطوير المشهد المسرحي المحلي». مبيناً في الوقت ذاته أن المهرجان يتيح للمسرحيين فرصة عرض أعمالهم أمام جمهور متذوق ولجنة تحكيم متخصصة، ما يُسهم في التعريف بهم وبمواهبهم.

وتابع الحربي: «توجد في المهرجان لجنة مختصة توجه المسرحيين والمسرحيات في أساليب تطوير النص والإخراج، بالإضافة إلى إسداء النصح في كل ما يتعلق بالإضاءة والصوت والمهارات المسرحية المختلفة. كما ينظم المهرجان ورشات عمل في التدريب والتأهيل تهدف إلى تطوير هذه المهارات وتبادل الخبرات، وتشجيع تنوع الإنتاج المسرحي ورفع مستواه، وجذب الجمهور نحو المسرح».

أحد العروض المسرحية المشاركة في مسابقة المسرحيات القصيرة في مركز «إثراء» (الشرق الأوسط)

تشكيل جيل جديد

ويبدو لافتاً ما ذكره الحربي من أن هذا المهرجان، المقام بصورة سنوية، تمكّن من تكوين جيل جديد وفرق جديدة عاماً تلو العام. وقال: «يأتي ذلك من خلال دعم المواهب الشابة وتوفير الفرص لها، والتشجيع على الكتابة الإبداعية، والأهم هو تعزيز مكانة الفنان المسرحي في فعالية مشتركة وعروض جديدة؛ تعطي أهمية واستمراراً للمسرح».

وتضم قائمة المسرحيات المشاركة: «أمنية فكرة» للمخرج معاذ الرفاعي، و«المعطف» من إخراج إبراهيم الدوسري، و«قد تطول الحكاية» إخراج يوسف الحربي، و«عصف» إخراج علي آل غزوي، و«القمقم» إخراج سلام السنان، و«عامل توصيل» إخراج منيرة الخشرم، و«منتصف الليل وحيداً» للمخرج محمد العلوي، و«الانتصار أو الموت» من إخراج محمد جميل، و«حارسة المسرح» إخراج نايف العباد.

حضور مسرحي كثيف يشهده المهرجان الذي يُقام على مدى ستة أيام (الشرق الأوسط)

«ولادة منتظرة»

وفي أثناء حفل إطلاق المسابقة، عُرضت مسرحية «ولادة منتظرة»، وهي نص فلسفي كتبه الدكتور سامي الجمعان، ويتناول لحظات الانتظار، بما في ذلك انتظار المولود، وانتظار القادم، وما يتبعهما من تحولات وحالات نفسية وصراع، كما يستحضر النص المفارقات العجيبة بين فكرة الولادة والموت، فكما تكتظ المقابر بالراحلين تستقبل المستشفيات القادمين الجدد، وجاءت هذه المسرحية من تمثيل مريم حسين وشهاب الشهاب، اللذين قدما أداءً مسرحياً بهر الجمهور.

وسبق للمسرحية المشاركة في مهرجانات عربية، وحازت على إشادة النقاد، بالإضافة إلى ذلك تمكّن كثير من الأعمال التي شاركت في «مسابقة إثراء للمسرحيات القصيرة» من حجز مكانة مرموقة لها في أروقة المهرجانات العربية، وجزء منها أصبح مطلوباً فيها، وذلك بسبب ارتفاع جودة المسرحيات التي يقدّمها المسرحيون السعوديون على خشبة مسرح مركز «إثراء»، خصوصاً أن المسابقة يصاحبها عدد من الندوات الثقافية والحوارات النقدية.

جدير بالذكر أن «مسابقة إثراء للمسرحيات القصيرة» تُعدّ مهرجاناً مسرحياً محلياً يقدّم نصوصاً مسرحية جديدة وناجحة منذ عام 2021، وذلك من خلال أعمال مثيرة ومعاصرة تثير مشاعر التحدي والتسلية، وهو ما يأتي ضمن مهمة مركز «إثراء» في بناء مجتمع مسرحي في المنطقة الشرقية؛ يُنتج دراما عالية الجودة تنافس على المستوى الدولي. ومنذ انطلاقتها، كان لـ«مسابقة إثراء» تأثير إيجابي كبير على المشهد المسرحي السعودي، وذلك من خلال تطوير أعمال جديدة وأصيلة مع فنانين ناشئين، وتوفير منصة لعديد من المشاركين لبدء حياتهم المهنية بدوام كامل.


مقالات ذات صلة

السعودية تؤكد اهتمامها بترسيخ التعاون العربي لتوطيد الأمن والاستقرار

الخليج ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء بجدة (واس)

السعودية تؤكد اهتمامها بترسيخ التعاون العربي لتوطيد الأمن والاستقرار

أكدت السعودية اهتمامها بترسيخ التعاون مع أشقائها العرب؛ بما يسهم في توطيد الأمن والاستقرار، وتوفير الظروف الداعمة لمسيرة التطور والتنمية المستدامة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان (واس)

القيادة السعودية تعزي أمير الكويت في وفاة «عميد آل الصباح»

بعث خادم الحرمين الشريفين وولي العهد برقيتي عزاء ومواساة لأمير دولة الكويت في وفاة عميد أسرة آل الصباح.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (واس)

ولي العهد السعودي ورئيس جنوب أفريقيا يبحثان العلاقات الثنائية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مع سيريل رامافوزا، رئيس جنوب أفريقيا، سبل تطوير العلاقات بين البلدين في عدة مجالات.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق هاني الملا (الشرق الأوسط)

«الأسير الصغير»... رواية سعودية تشقّ طريقها نحو شاشات السينما

مع غزارة الإنتاج الروائي السعودي وتنوّعه، تتجه الأنظار نحو النهل من هذه الأعمال لتحويلها إلى أفلام، من ذلك رواية «الأسير الصغير»، للكاتب السعودي هاني الملا.

إيمان الخطاف (الدمام)
الاقتصاد شهد اجتماع مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية استعراض عدد من التقارير حيال أداء الاقتصاد العالمي والمحلي (واس)

مجلس الشؤون الاقتصادية السعودي يتابع مستوى إنجاز توصياته

نوه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في السعودية، الأحد، بمرونة سياسات المملكة الاقتصادية في مواجهة هذه التحديات العالمية، وذلك عبر بناء قاعدة اقتصادية متنوعة.

«الشرق الأوسط» (جدة)

«حاجة تخوّف»... الكشف درامياً عن المشاعر المظلمة داخلنا

العمل اعتمد على البطولة الجماعية (إدارة المهرجان القومي للمسرح)
العمل اعتمد على البطولة الجماعية (إدارة المهرجان القومي للمسرح)
TT

«حاجة تخوّف»... الكشف درامياً عن المشاعر المظلمة داخلنا

العمل اعتمد على البطولة الجماعية (إدارة المهرجان القومي للمسرح)
العمل اعتمد على البطولة الجماعية (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

للوهلة الأولى، يبدو أن العرض المسرحي «حاجة تخوّف» يتناول قصة تحبس الأنفاس، وأحداثاً مخيفة على طريقة سينما الرعب؛ لكن بعد انتهاء العرض يكتشف المشاهد أن «الوحش» المفزع ليس بالضرورة كائناً مشوهاً بعين واحدة وأنياب بارزة؛ بل هو –بالأساس- مشاعر مظلمة ترقد في أعماق كل منا، وعلينا التخلص منها إذا أردنا مواصلة الحياة.

ورغم أن الخوف شعور إنساني طبيعي يستدعي كثيراً من الحيطة والحذر، فإن رسالة العمل الذي يُعرض حالياً ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح بالقاهرة، تتمثل في أن المبالغة في هذا الشعور تجعله عائقاً يحول دون انطلاقة الفرد، ويصيبه بـ«العجز النفسي».

أخرج العرض خالد جلال الذي يراهن فيه على 50 ممثلاً من المواهب الجديدة، هم نتاج الدفعة الثالثة (B) من «استوديو المواهب» التابع لـ«مركز الإبداع» بدار الأوبرا المصرية، والذي يشرف عليه، وجعله بمنزلة «ورشة عملية لتفريخ جيل كامل من الفنانين الجدد كل عدة سنوات».

المخرج خالد جلال بصحبة أبطال العرض (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

ويلقب جلال بـ«صانع النجوم»؛ حيث تخرج على يديه عدد من الأسماء البارزة على الساحة الفنية حالياً، مثل: بيومي فواد، ومحمد ممدوح، ونضال الشافعي، وحسام داغر، ومحمد فراج، وسامح حسين، وعلي ربيع، ومحمد ثروت، ومحمد سلام، ومحمد فهيم، وأحمد فتحي.

وقال الناقد المسرحي أحمد عبد الرازق أبو العلا، إن «العرض يستحق التحية والإشادة؛ لأنه نتاج ورشة تدريب فنية، ومع ذلك ظهر الممثلون بشكل متماسك وأداء مقنع، جمع بين السلاسة دون خفة والعمق دون أن يكون عبئاً»؛ مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن «عدد الممثلين هائل، وتجاوز الخمسين فرداً، ولكن المخرج خالد جلال استطاع السيطرة على كل هؤلاء، وتوجيههم بشكل سليم، فكانت النتيجة عملاً متكاملاً لا مكان فيه لسذاجة البدايات».

الأزياء لعبت دوراً مهماً في تجسيد أجواء العمل (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

يحكي العرض قصة حافلة تتعطل بركابها وسائقها في منطقة نائية مهجورة، لا يوجد بها سوى منزل واحد. يطرق بعض الركاب باب المنزل، فيفتح لهم شخص مخيف الملامح، يبدو أقرب إلى المسخ، يخبرهم بإمكانية استضافتهم في منزله حتى الصباح، بشرط أن يحترموا قانون المكان، وهو عدم الخروج من البيت منذ حلول الظلام وحتى بزوغ أنوار الفجر الأولى.

الديكور عكس الأجواء الغرائبية للعرض (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

يمتثل الضيوف الذين تقطعت بهم السبل إلى الشرط الغريب؛ إذ ليست لديهم خيارات أخرى. تتبدى الطباع الغريبة لصاحب المكان وبناته الثلاث، من حيث طريقتهم في الكلام، وملابسهم غير المألوفة، ومظهرهم الذي لا يبعث على الارتياح.

الأغرب يحدث حين يقف كل واحد من الضيوف أمام المرآة؛ حيث تستولي عليه حالة عجيبة، وتتوالى على السطح الأملس أمامه أسوأ خطاياه وأكثر أسراره عمقاً.

لقد حذَّرهم صاحب البيت من النظر في المرآة؛ لكن الممنوع مرغوب. تتداعى الجوانب المظلمة في حياتهم تباعاً، على نحو يكاد يصيبهم بالجنون. يقتلون صاحب البيت وبناته، فيستعيدون سلامهم النفسي، ويكملون رحلتهم في أمان.

ويتضح أن صاحب البيت وبناته هم أشباح الماضي وخطايا الزمن الفائت، التي إن لم نتجاوزها فستعيقنا عن عبورنا نحو المستقبل.

العمل يستعرض أعمق المخاوف الإنسانية (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

ويشير أحمد عبد الرازق أبو العلا إلى أن «فكرة العرض واندلاع أخطاء الماضي عبر المرآة بحاجة إلى انضباط في الأداء، وبراعة في التحولات النفسية، وصدق في تجسيد هزيمة الفرد الوشيكة أمام ماضيه. وكلها أشياء ليست بالهينة على ممثلين هواة يخطون للمرة الأولى على طريق الاحتراف».

الإضاءة لعبت دوراً مهماً في العرض (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

ووفق أبو العلا، فإن «براعة المخرج تتجسد في منح الثقة لهذه المواهب الجديدة، وترك هامش للارتجال يعبرون فيه عن انفعالهم بالشخصية، وتأثرهم بالموقف الدرامي، فضلاً عن أنه جعل بعض هؤلاء الممثلين يقومون بأدوار إضافية، تتمثل في تصميم الديكور والملابس، ووضع الموسيقى، وكذلك مساعدته في عملية الإخراج نفسها».