بيروت تتألّق من جديد في حفل ضخم حضره الآلاف

ليلة طربية بامتياز أحياها الوسوف وآدم ورحمة رياض

جمهور غفير زحف إلى مكان الحفل بالآلاف (الشرق الأوسط)
جمهور غفير زحف إلى مكان الحفل بالآلاف (الشرق الأوسط)
TT

بيروت تتألّق من جديد في حفل ضخم حضره الآلاف

جمهور غفير زحف إلى مكان الحفل بالآلاف (الشرق الأوسط)
جمهور غفير زحف إلى مكان الحفل بالآلاف (الشرق الأوسط)

لم يستطع الإشكال الذي حصل في حفل أحياه كل من جورج وسوف، وآدم ورحمة رياض أن يُفقد المناسبة بريقها. عاشت بيروت سهرة طربية بامتياز، افتقدتها منذ فترة، فجدّدت عهدها مدينة متألقة اشتهرت بوصفها منارة فنية في عالمنا العربي.

رحمة رياض خلال إحيائها الحفل (الشرق الأوسط)

أقيم الحفل في مركز «فوروم دي بيروت» مساء الأحد 11 الحالي، وشهد زحفاً جماهيرياً هائلاً قدّره كثيرون بنحو 7 آلاف شخص. وهو ما نتجت عنه زحمة سير خانقة على مدخل بيروت الشمالي. وتأخر افتتاح الحفل الذي كان مقرراً في العاشرة مساءً 30 دقيقة إضافية. وقد استُهل بإطلالة الفنانة العراقية رحمة رياض، التي أدّت أغنيات بالعراقية واللبنانية تفاعل معها الجمهور هتافاً وتصفيقاً. خيارات رياض قابلها امتعاض من البعض كونها تعود لفضل شاكر، بينما انسجمت شريحة كبرى مع أدائها لتلك الأغاني، وراحت ترددها معها طوال وصلتها الغنائية.

وأبدت رياض تهيبها من الوقوف أمام جمهور بهذا الحجم، ووجهت كلمة تقدير للبنان واللبنانيين الذين يشكلون قدوة في حبّ الحياة.

لمدة ساعة كاملة حافظ جمهور آدم على وتيرة الحماس نفسها (الشرق الأوسط)

وبعد فترة استراحة استمرت لنحو 10 دقائق، حلّ على المسرح ضيف الحفل الثاني الفنان آدم. وكان الجمهور ينتظر إطلالته بفارغ الصبر، إذ بقي واقفاً يصفق له لدقائق طويلة تعبيراً عن فرحته باللقاء به. وتمنى آدم للحضور إمضاء سهرة جميلة برفقته. وقال: «بيروت قوية بكم وكذلك لبنان، وأنا أستمد قوتي منكم. فلبنان يقوى بأبنائه. ونتمنى أن يبقوا هكذا أوفياء له حتى النفس الأخير».

ولمدة ساعة كاملة، حافظ جمهور آدم على وتيرة الحماس نفسها. فمكث واقفاً يلوّح بالأيدي لفنانهم المفضل ويهتف باسمه تحبباً. وكان آدم يتفاعل مع جمهوره ملبياً طلباته لأي أغنية يرغب بسماعها. أبدى آدم أكثر من مرة انزعاجه من حرارة طقس مرتفعة. فكان يغادر الخشبة ويعود معتذراً من الحضور لهذه الوقفات المتكررة. وبين وصلة وأخرى، قال للجمهور إنه سعيد بالوقوف على الخشبة نفسها التي سيغني عليها جورج وسوف. وأردف يقول: «سأبقى هنا بعد انتهاء وصلتي لأتابع مثلكم إطلالة (أبو وديع). إنه سلطان الطرب الأصيل ومنه تعلمنا الكثير».

وكرّر آدم خلال الحفل أن تألق صوته في هذه الليلة ينبع من حب الناس له، وأنه سيستمر بإحياء الحفلات فقط في لبنان، لأن قدرات صوته تبلورت بفضل الجمهور اللبناني.

أطرب الفنان آدم الحضور بأغنياته (الشرق الأوسط)

هاج وماج الجمهور عندما اختار آدم أداء واحدة من أغانيه في بداية مشواره «على بالي». وتوجه إليهم قائلاً: «يا الله ما أحلى لبنان بكم». فشكّل حالة فنية كشفت عن مدى تأثر جمهوره بأغانيه والمحبة العارمة التي يحملها له. وكان يفيض بجرعات الطرب المتتالية على جمهوره الواسع. فامتلك المسرح بسحر أدائه وقوة صوته. وتعرّف الناس إلى موهبته الفنية عن قرب، التي تضعه في مكانة كبار النجوم على الساحة العربية.

وقبل اعتلاء جورج وسوف المسرح حصل إشكال بين الحضور. وتبين حسب خبر وزّعه الإعلامي فراس حليمة، أنه تم خلاله التعرض لأحد الصحافيين. بينما أكّد المستشار الإعلامي للشركة المنظمة للحفل محمد برجي، أن سوء تفاهم وتلاسناً حصلا بين أحد الصحافيين ورجال الأمن، وأن هذا النوع من المشكلات يحصل في أهم الحفلات بالعالم. واستنكر التعرّض لأي زميل له مهما كانت الأسباب.

جورج وسوف استهل الحفل بأغنية «حدّ ينسى قلبه» (الشرق الأوسط)

جلس جورج وسوف على كرسيه مستهلاً حفله قبل رفع الستارة بكلمة «يا رب». وعمد إلى افتتاح الحفل بأغنية «حدّ ينسى قلبه»، التي كما تردد صارت تقليداً يستهل به حفلاته، فيقدمها تحية تكريمية لابنه الراحل وديع. وعلى طريقة الميدلاي راح جورج وسوف يقدّم أغانيه من دون مقدمات أو فواصل قصيرة بينها. وواكبه مخرج الحفل طوني قهوجي بلقطات قريبة وعفوية عنه. وكانت تعرض على شاشتين عملاقتين ثبتتا على يسار المسرح ويمينه.

استمر الحفل حتى ساعات الصباح الأولى واختتمها جورج وسوف بمجموعة من أغانيه المعروفة.


مقالات ذات صلة

مهرجان القلعة الموسيقي يراهن على الشباب في دورته الـ32

يوميات الشرق نسمة عبد العزيز من المشاركين والمكرمين في المهرجان (وزارة الثقافة المصرية)

مهرجان القلعة الموسيقي يراهن على الشباب في دورته الـ32

يراهن مهرجان القلعة للموسيقى والغناء بمصر على الشباب في دورته الـ32 التي تنطلق الخميس 16 أغسطس (آب) وتستمر لمدة 14 يوماً.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق هيثم شاكر يستعد لطرح ألبومه الجديد (حسابه على «إنستغرام»)

هيثم شاكر لـ«الشرق الأوسط»: الراب لم يستهوني

أحيا الفنان المصري هيثم شاكر حفله في مهرجان صيف بنغازي، بليبيا، مساء الجمعة، وسط حضور جماهيري غفير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق عمرو دياب قدّم العديد من أغنياته عبر مشواره (حسابه على «فيسبوك»)

عمرو دياب يُشعل مهرجان العلمين بـ«حفل حاشد»

أحيا الفنان المصري عمرو دياب حفلاً «حاشداً» بمدينة العلمين الجديدة، الجمعة، وسط حضور جماهيري كبير، ضمن فعاليات النسخة الثانية من مهرجان العلمين.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من عرض «فرقة رضا» في العلمين (وزارة الثقافة المصرية)

«فرقة رضا» تستعيد ذكريات التألق في «العالم علمين»

استعادت فرقة رضا للفنون الشعبية ذكريات التألّق خلال مشاركتها في مهرجان «العالم علمين» بحفل على «المسرح الروماني» بمدينة العلمين الجديدة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق نشاطات من التراث اللبناني تواكب «اليوم الوطني للدبكة» (مهرجان الدبكة)

عيد شعبي للاحتفال بـ«اليوم الوطني للدبكة» في لبنان

في مبادرة لاستذكار تراث لبنان والحفاظ على رموزه الأصيلة ولد «اليوم الوطني للدبكة».

فيفيان حداد (بيروت)

الرق... ظاهرة فنية تراثية تعود للحياة في السعودية بعد مئات السنين

في القِدم اهتمت القرى والمدن بتزيين أبوابها بفن الرق (الشرق الأوسط)
في القِدم اهتمت القرى والمدن بتزيين أبوابها بفن الرق (الشرق الأوسط)
TT

الرق... ظاهرة فنية تراثية تعود للحياة في السعودية بعد مئات السنين

في القِدم اهتمت القرى والمدن بتزيين أبوابها بفن الرق (الشرق الأوسط)
في القِدم اهتمت القرى والمدن بتزيين أبوابها بفن الرق (الشرق الأوسط)

تتميز كل مدينة سعودية بهويتها التي تتفرد بها عن قريناتها. هوية ضاربة في التاريخ، تشكل جزءاً من النمط اليومي لقاطني تلك المدن والقرى في حقبٍ زمنية مختلفة، ولعلها كانت جواز العبور لكثيرٍ من القرى والمدن التي اشتهرت بمورث ما، فخرجت من حدودها لعموم الجزيرة العربية.

أصبحت أبواب «فن الرق» سمة منتشرة في كثير من القرى (الشرق الأوسط)

ومن تلك الحالات والأنماط التي اشتهرت قبل مئات السنين، خصوصاً في جنوب السعودية، ما يعرف بفن «الرق»، الذي كان رائجاً في كثير من القرى والمدن، لما يشكله من حالة جمالية في الشكل العام، ما دفع بكثيرين لتنفيذه داخل منازلهم على أيدي حرفيين مهرة لديهم القدرة على الحفر والنقش على جذوع الأشجار التي تُحسّن بآلات تقليدية قديمة، ومن ثمّ تلوينها بمواد تُستخلص من الطبيعة في عمليات الرّسم.

ورغم أن تاريخ فن «الرق» قديمٌ يتجاوز الأربعة قرون، فقد بدأ يعود تدريجياً للواجهة، وها هو اليوم يَبرزُ مع تدفّق الزائرين والسائحين من مختلف دول العالم لمنطقة الباحة. كما يسعى كثيرٌ من الباحثين والمهتمين لدراسة هذا الفن وأبعاده الجمالية والتاريخية؛ كونه من الحرف اليدوية التي تُبرز أدقّ التفاصيل في عمليتي الحفر والتلوين.

في حديث لـ«الشرق الأوسط» قتا يحيى عارف عضو جمعية التراث العمراني في السعودية، قال: «تتميّز منطقة الباحة بكثير من الفنون التّراثية الغارقة في التاريخ، ومنها ما يُعرف بفن (الرق) وهو في أصله نقش متفرد يُنفذّ على أخشاب الأشجار، خصوصاً الطلح التي تُجلب من مختلف المواقع، وتدخل هذه الأشجار في عملية إصلاح وتحسين لتكون جاهزة للاستخدام».

مزج الألوان من خصائص فن الرق (الشرق الأوسط)

وللتعريف أكثر بهذا الفن الذي يأخذ طابعي «الغائر» و«البارز» يقول عارف، إن «فن الرق عُرف بوصفه حرفة جمالية منذ مئات السنين (تزيد على 400 عام)، ويأتي كلٌ من الرسم والنقش واضحين وجليين في الأعمدة الخشبية، التي تسمى (الزافر، والمرزح)، وهي أعمدة تُوضع بشكلٍ هندسي فريد تحمل أسطح المجالس، كما أنه يوجد في المساجد والشرفات المعروفة بـ(البداية)»، لافتاً إلى أنّ فني النقش والتلوين أخذا أشكالاً ومسميات مختلفة، ومن ذلك «القمرية»، و«العراقي»، و«العيون»، و«الخط المعلق»، وكلُ نوع له شكل وأسلوب يتفرد به.

ويبرز هذا الفن والرسومات، وفقاً لعضو جمعية التراث، «بين سكان قرية المكارمة في محافظة بلجرشي، الذين نقلوا هذا الفن خلال تلك الحقب الزمنية، إلى جميع القرى والمدن المجاورة، ومنها تهامة، موضحاً أنه لجمال هذا الفن فقد انتقل من المنازل والمساجد إلى تزيين الحصون بأشكال ورسومات مختلفة، إضافة إلى أن كثيراً من إطارات الأبواب، أو ما يعرف بـ(حلق الباب)، فقد تعامل معه الحرفيون حفراً ونقشاً بشقيه وزيّنوه بالألوان الخاصة».

حاملة الأسقف تتزين بفن الرق (الشرق الأوسط)

وعن المواد المستخدمة في عمليتي الرسم والنقش، قال عارف، إن كل هذا النقش والحفر على الأشجار التي تُحسّن، ويضاف إليها مادة تسمى «القار» التي تُستخدم في عملية التلوين، كذلك «المهل»، وهي عبارة عن مادة سائلة لها خصائص عدة في إبراز الفن وتحديداً الغائر منها، إذ تُبرز تلك الثقوب من دون حشوها، كما يحدث الآن لدى استخدام «البويا» التي تُسبب في طمس ذلك النقش الذي حفره الحرفيون بعناية.

ولفت عارف إلى أن هذه النقوش ودرجاتها ومساحاتها تختلف من منزل إلى آخر. وهذا الفن مكون أساسي في تراث المنطقة، ويستحق الدراسة الكافية وإعادة توثيقه قبل اندثاره.

الأبواب واجهة المنازل أخذت حيزاً كبيراً من هذا الفن (الشرق الأوسط)

ومع تدفق السائحين والزائرين لمنطقة الباحة، أخذ هذا الفن بُعداً ترويجياً لتراث المنطقة، وتزايدت التساؤلات وبشكل تفصيلي عن تاريخه ومكوناته وخصائصه، التي تظهر على شكل لوحة فنية؛ وفق عارف، الذي دعا إلى ضرورة أن يكون هناك حراك كبير بين الجهات والمهتمين بالتراث لتصنيف هذا النقش، خصوصاً وزارة الثقافة، من خلال وضع دراسة متكاملة بهدف إدراجه في قائمة التراث العالمي على غرار فن «القط العسيري».