مصر لتحسين تجربة زيارة الأهرامات بعد موجة انتقادات

رئيس الوزراء وعد بإعادة الوجه الحضاري للمنطقة

تطوير منطقة الأهرامات ضمن خطة حكومية بالشراكة مع القطاع الخاص (وزارة السياحة والآثار المصرية)
تطوير منطقة الأهرامات ضمن خطة حكومية بالشراكة مع القطاع الخاص (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر لتحسين تجربة زيارة الأهرامات بعد موجة انتقادات

تطوير منطقة الأهرامات ضمن خطة حكومية بالشراكة مع القطاع الخاص (وزارة السياحة والآثار المصرية)
تطوير منطقة الأهرامات ضمن خطة حكومية بالشراكة مع القطاع الخاص (وزارة السياحة والآثار المصرية)

في محاولة لتحسين التجربة السياحية لزوار الأهرامات، تعكف الحكومة المصرية على «تحديد مسارات حركة الجمالة والخيالة بالمنطقة الأثرية، مع تنظيم عمل الباعة الجائلين»، أملاً في وضع حد لانتقادات من سياح وآثاريين ومواطنين، ذكروا أنهم «تعرضوا لمضايقات» أفسدت زيارتهم لواحد من أهم المعالم السياحية في مصر.

وتعهّد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال جولة تفقدية لأعمال تطوير مدخل المنطقة الأثرية بهضبة الأهرام، الاثنين، بـ«إعادة الوجه الحضاري للمنطقة بوصفها وجهة جذبٍ رئيسية للسياحة الوافدة الشغوفة باستكشاف أسرار الحضارة المصرية القديمة».

وعد مدبولي مشروع التطوير الذي يُنفّذ حالياً في الأهرامات، «متناسباً مع القيمة الحضارية للمنطقة الأثرية، كما يُسهم في تحسين التجربة السياحية للزائرين، وإحداث أثر إيجابي يدفعهم لتكرارها والترويج لها في بلدانهم واستقطاب زوار أكثر».

جاءت جولة مدبولي عقب اجتماع عقده الأحد لمتابعة مشروع تطوير الأهرامات، وبعد أيام من تجدّد الجدل والانتقادات لتأثير الخيالة والجمالة بالمنطقة الأثرية على جودة تجربة الزيارة السياحية، لدرجة دفعت البعض لوصفهم بـ«عصابات بلطجة مستقوية».

خطة تطوير منطقة الأهرامات تتضمن مسارات محددة للخيول والجمال (الشرق الأوسط)

وفي هذا السياق تفقد رئيس الوزراء المصري المسارات التي ستُتّخذ لحركة الدواب من الخيول والجمال فضلاً عن «الكارتات»، وكذا تنظيم عمل الباعة الجائلين بالمنطقة، «لتكون وفق محددات حضارية تتناسب مع القيمة التاريخية للمنطقة»، حسب إفادة رسمية للحكومة المصرية.

هذه المسارات هي جزءٌ من مشروع طال انتظاره لتطوير منطقة الأهرامات، لا سيما مع استمرار شكاوى من مضايقة الجمالة والخيالة للسياح والمصريين على حد سواء.

وهو ما أكده محمد كارم، الخبير السياحي المصري، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «عدم التزام العاملين في منطقة البازارات السياحية وكذلك الخيالة والجمالة تسبب في مشاهد غير حضارية ومواقف غير لائقة في المنطقة الأثرية، ما أفسد التجرية السياحية لكثير من الزوار»، مشدداً على «أهمية تحديد أماكن لوجود وحركة الجمالة والخيالة، والعمل على محاسبة من يعمد إلى مضايقة الزوار سواء كانوا مصريين أو أجانب».

ولفت كارم إلى أن «أزمة الجمالة والخيالة قديمة وكثُر الحديث عنها والشكوى منها»، مؤكداً أن «هذا لا يعني أنها بلا حل، فلا بد من العمل على وضع حدٍّ لها، لا سيما مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير الذي سيسهم في زيادة زوار المنطقة الأثرية».

ونهاية الشهر الماضي، جدّد نجيب ساويرس، رجل الأعمال المصري، الجدل بشأن «الجمالة والخيالة»، حين كتب منشوراً عبر حسابه على «إكس»، تعليقاً على خبرٍ لشركته التي تتولى مشروع تطوير منطقة الأهرامات: «بس خلصونا من الجمال والخيل ومخلفاتهم والبلطجة والبهدلة عند المدخل»، مضيفاً في تعليق آخر: «كنت أتوقع أن تقوم الدولة بدورها بعد قيامي بدوري»، معداً أن هذا الأمر «مدمر لسمعتنا، ومضيع لملايين الدولارات».

وكان ساويرس قد أثار نقاشاً مماثلاً في شهر مارس (آذار) الماضي، عندما كتب عبر «إكس»: «مهما عملنا في منطقة الأهرام فلن ينصلح الحال إلا بإلغاء أو نقل الجمال والأحصنة إلى منطقة محددة».

وعدّ الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية والمدير السابق لمنطقة أهرامات الجيزة، جولة رئيس الوزراء اليوم في منطقة الأهرامات «دليلاً على إرادة سياسية ورغبة جدية في حل المشكلة المتواصلة منذ نحو 40 عاماً». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «مشكلة الجمالة والخيالة تتطلب حلاً جذرياً يجبر الخيالة والجمالة على البقاء في المكان المخصص لهم جنوب المدخل الجديد لمنطقة الأهرامات حتى لا يتسببوا في مضايقات للسائحين».

وأضاف أنه «من دون حلّ هذه المشكلة فأي جهود لتطوير المنطقة ستكون بلا جدوى»، مشيراً إلى أن «المحافظة لديها سجل بنحو 1500 من مشغلي الدواب في المنطقة ومن الممكن أن تقنن وجودهم وتجبرهم على الالتزام بالتعليمات».

رئيس الوزراء وعد بإعادة الوجه الحضاري للمنطقة الأثرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ولسنوات طويلة ظلت الشكوى من الجمالة والخيالة قائمة في الأهرامات، ما دفع الحكومة المصرية لبدء مشروع لتطوير المنطقة عام 2009، بوضع مخطط كان من المفترض الانتهاء منه عام 2012، لكن الأحداث السياسية عام 2011 عرقلت تنفيذه. ليظل حلم تطوير منطقة الأهرامات يراود المسؤولين المصريين حتى بدأ العمل به مجدداً عام 2017، لكن هذه المرة بشراكة مع القطاع الخاص في التطوير.

وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2018 وقّع المجلس الأعلى للآثار بمصر بروتوكول تعاون مع شركة «أوراسكوم بيراميدز» لتتولى عملية تطوير المنطقة خدمياً عبر توفير مطاعم وحافلات كهربائية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بدأت وزارة السياحة والآثار تشغيل أول مجموعة من منظومة الحافلات والسيارات الكهربائية الصديقة للبيئة، والتي ستكون وسيلة التنقل داخل المنطقة الأثرية.

ووفقاً للمشروع فقد «تم تحديد مسارات لحركة السياح داخل المنطقة الأثرية، بعربات نقل كهربائية آمنة تراعي المعايير البيئية»، إضافةً إلى «إقامة مركز لخدمة السائحين، ودورات مياه فندقية، وبوابات ذكية بتذاكر إلكترونية، وقاعات سينما، ومركز طبي».

وفي هذا السياق، أشار محمد كارم، الخبير السياحي إلى ما عده «اهتماماً من جانب الحكومة بتطوير المنطقة». وقال: «هناك جهود مستمرة لتحسين التجربة السياحية بالمنطقة التي من المتوقع أن تشهد تدفقات سياحية كبيرة مع افتتاح المتحف الكبير».

وقالت شركة «أوراسكوم بيراميدز»، في بيان لها أخيراً إنها تستعد «خلال الفترة المقبلة لافتتاح مشروع تطوير منطقة أهرامات الجيزة». وضخّت الشركة استثمارات بقيمة 100 مليون دولار لتطوير الخدمات في المنطقة، خصّصت 40 مليون دولار منها لتحديث منظومة الصوت والضوء.


مقالات ذات صلة

إسبانيا تجبر السياح على كشف المعلومات الشخصية بموجب قانون جديد

يوميات الشرق فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)

إسبانيا تجبر السياح على كشف المعلومات الشخصية بموجب قانون جديد

تحذر بعض التقارير من مطالب «الأخ الأكبر»، بما في ذلك كشف الضيوف عن الأرصدة المصرفية، ولكن هذه المطالب تبدو غير مبررة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تسمية المدينة التاريخية ثاني أجمل مكان تزوره (شاترستوك)

مدينة بريطانية مقتبسة من «هاري بوتر» تعد أكثر المدن إثارة

ليس سراً أن الناس أكثر لطفاً في الشمال، ولكن الآن تُوجت مدينة يورك البريطانية واحدةً من أكثر المدن الخلابة في العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المركب السياحي «سي ستوري» قبل غرقه (مجلس الوزراء المصري)

هل يؤثر حادث غرق مركب بالبحر الأحمر على السياحة الساحلية في مصر؟

بينما تتوقع الحكومة المصرية زيادة أعداد السائحين خلال العام الجاري، أثارت حادثة غرق مركب «سي ستوري» المخاوف بشأن تأثيرها على الحركة السياحية.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
الاقتصاد جانب من الجلسة الحوارية في «ملتقى ميزانية 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)

الخطيب: 5 % نسبة مساهمة السياحة في الاقتصاد السعودي

قال وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب إن القطاع السياحي حقق تقدماً كبيراً حيث ارتفعت مساهمته في الاقتصاد إلى 5 % بنهاية العام الماضي

«الشرق الأوسط» (الرياض)

إسبانيا تجبر السياح على كشف المعلومات الشخصية بموجب قانون جديد

فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)
فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)
TT

إسبانيا تجبر السياح على كشف المعلومات الشخصية بموجب قانون جديد

فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)
فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)

تحذر بعض التقارير من مطالب «الأخ الأكبر» في إسبانيا، بما في ذلك كشف الزوار الأرصدة المصرفية، ولكن هذه المطالب تبدو غير مبررة، حسب صحيفة «الإندبندنت» البريطانية. ومع انخفاض درجات الحرارة في المملكة المتحدة، يستعد كثير من الناس للسفر إلى الجنوب في منتصف الشتاء القارس، وتصبح إسبانيا البلد الأكثر شعبية بين المصطافين البريطانيين. ولكن بداية من يوم الاثنين المقبل، 2 ديسمبر (كانون الأول)، سيواجه السياح مزيداً من الإجراءات البيروقراطية عند التدقيق في أماكن إقامتهم أو استئجار سيارة. وينص قانون إسباني جديد - يهدف إلى تحسين الأمن - أنه يتعين على مقدمي الخدمات جمع كثير من المعلومات الجديدة من المصطافين. وتشعر وزارة الدولة لشؤون الأمن بالقلق إزاء سلامة المواطنين الإسبانيين، وتقول: «إن أكبر الهجمات على السلامة العامة ينفذها النشاط الإرهابي والجريمة المنظمة على حد سواء، في كلتا الحالتين مع طابع عابر للحدود الوطنية بشكل ملحوظ».

وتقول الحكومة إن الأجانب متورطون في «التهديدات الإرهابية وغيرها من الجرائم الخطيرة التي ترتكبها المنظمات الإجرامية». وترغب السلطات في متابعة من يقيم في أي المكان، ومراجعة التفاصيل الشخصية استناداً إلى قواعد بيانات «الأشخاص المعنيين». وكثيراً ما سجلت الفنادق بعض التفاصيل الشخصية، ولكن الحكومة تعمل على تمديد قائمة البيانات المطلوبة، وتريد أيضاً أن يسجل الأشخاص المقيمون في أماكن الإقامة بنظام «إير بي إن بي» أنفسهم.