مطالبات بوضع ضوابط لحفلات التخرج في مصر

بعد وصلات رقصة متكررة بـ«الحرم الجامعي»

جامعة الزقازيق (الصفحة الرسمية على فيسبوك)
جامعة الزقازيق (الصفحة الرسمية على فيسبوك)
TT

مطالبات بوضع ضوابط لحفلات التخرج في مصر

جامعة الزقازيق (الصفحة الرسمية على فيسبوك)
جامعة الزقازيق (الصفحة الرسمية على فيسبوك)

سرعان ما أثار فيديو رقص طالب في مصر خلال حفل تخرجه على أغنية «مهرجانات» عاصفة من الجدل عبر مواقع التواصل، امتدت إلى مساءلات برلمانية حول «تجاوزات» «داخل الحرم الجامعي» خلال حفلات التخرج في الفترة الأخيرة.

وذاع فيديو لطالب من جامعة الزقازيق (دلتا مصر) يرقص قبل تسلمه شهادة تخرجه من أساتذته بالجامعة، وسط تشجيع من زملائه في مسرح قاعة الاحتفالات، وهو الفيديو الذي شهد تفاوتاً واسعاً في الآراء على مواقع التواصل ما بين مؤيد ومعارض.

وأعلنت جامعة الزقازيق التي ينتسب إليها الطالب بدء تحقيق معه، مشيرة في بيان لها، الأربعاء، إلى «أهمية التمسك بالتقاليد والأعراف الجامعية، والأخلاقيات والآداب العامة».

ونوّه البيان بأن تلك الواقعة هي «تصرف فردي للتعبير عن فرحة طالب بتخرجه، لكنها خرجت عن السياق العام والمألوف بشكل لا يتوافق مع خصوصية الجامعة ومكانتها كونها بيتاً للعلم والعلماء».

طالب جامعة الزقازيق يرقص في حفل تخرجه (فيسبوك)

ويبدو منطق انتهاك الرقص «التقاليد الجامعية» منطقاً مُغاير لمنطق الكثير من الطلاب الذين يرون في الرقص خلال حفلات التخرج «شكلاً من أشكال التعبير عن الفرح»، وهو تعبير تستخدمه نغم سمير (21 عاماً)، طالبة في السنة الرابعة بكلية الإعلام جامعة بني سويف، التي تقول: «حفلة التخرج من الأيام الخاصة في حياتنا، ويوم احتفالي، حتى لو اختلف أسلوب الاحتفال، ومعتاد أن يقوم بعض الزملاء في لحظة تسلمهم شهاداتهم بالرقص أو التلويح على المسرح لزملائهم، ولكن ليس الغرض من ذلك الإساءة إلى الجامعة، لكنه شكل للفرح والاحتفال بالتخرج»، كما تقول لـ«الشرق الأوسط».

ويأتي مشهد طالب جامعة الزقازيق في أعقاب جدل آخر الشهر الماضي، واكب رقص طالبة في حفل تخرجها في كلية التمريض بأكاديمية قناة السويس للعلوم المتطورة في محافظة الإسماعيلية (شرق القاهرة)، وسبق هذا المشهد ضجة «سوشيالية» أخرى بعد تأدية طالبة بكلية التربية الرياضية بجامعة أسيوط (جنوب مصر) في يونيو (حزيران) الماضي، رقصة في حفل التخرج على وقع موسيقى أغنية «مهرجانات» للفنان المصري «أوكا»، في فيديو تم تداوله بشكل واسع وأثار الانتقاد.

وتنقسم التعليقات على مواقع التواصل على «رقصة» الطلاب، ما بين ترحيب باعتباره موقف عفوي وتعبير احتفالي، وما بين انتقادات واسعة لما يوصف برغبة هؤلاء الطلاب في الوصول لـ«التريند»، وحسب تعبير الدكتور حسام المندوه الحسيني، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب المصري، فإن مشهد طالب «الزقازيق» هو مشهد «مستفز لكل جامعي، ومشهد يحطم كل القيم الجامعية التي ندعو إليها دائماً؛ فالجامعة مؤسسة تربوية لها تقاليدها التي ترسخ لفكرة الانضباط مثل المؤسسة العسكرية».

ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لحظة التخرج هي أسمى لحظات التعليم الجامعي؛ لذلك فإن التحقيق الذي أعلنته جامعة الزقازيق لا يجب أن يكون مع الطالب، ولكن مع مسؤولي الجامعة ومنظمي حفل التخرج، الذين وقفوا يشاهدون وصلة الرقص من دون تحرك، فيمكننا تفهُّم قيام الطلاب بالاحتفال والرقص في قاعات ليست لها طابع من القدسية الجامعية، لكن أن يتم الرقص بهذا الشكل في حضور هيئة تدريس جامعية ترتدي (الروب) الجامعي، الذي لا يرتديه الأساتذة إلا في اللحظات الكبيرة كحفلات التخرج، أو مناقشة الرسائل العلمية، فهذا به كثير من الانتهاك لحُرمة المؤسسة الجامعية، وقيمة الأستاذ الجامعي».

رقصة طالب جامعة الزقازيق المثيرة للجدل (فيسبوك)

وصدرت طلبات إحاطة تندد بـ«مظاهر الرقص بحضور أساتذة الجامعات، لا تليق بالحرم الجامعي» كما جاء في طلب إحاطة، الخميس، للنائبة المصرية أمل سلامة، وكان عضو مجلس النواب المصري محمود عصام، قد تقدم بطلب إحاطة لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزير التعليم العالي ووزير التربية والتعليم والتعليم الفني، لـ«وضع ضوابط» لإقامة حفلات التخرج بالجامعات بصورة «تحفظ هيبة العملية التعليمية»، وعدم تجاوزها مثلما تم خلال الفترة الأخيرة.

ويقول النائب محمود عصام في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «فكرة تعبير الطلاب عن الفرح بهذا الشكل وتأدية رقصات المهرجانات كما ظهر أخيراً من طالب جامعة الزقازيق وغيره، ليس مكانه قاعات تكريم الجامعة الرسمية، بما يقلل من قيمة الأستاذ الجامعي، وأتصوّر أن تكرار ظاهرة رقص الطلاب بهذا الشكل مرتبط بشكل رئيسي بفكرة (التريند)، فلو لم يكن هناك تصوير وترويج واسع لها من خلال وسائل التواصل فلن نشاهد هذه المشاهد الغريبة على العملية التعليمية».


مقالات ذات صلة

ملاحظات المُعلم تتفوق على الذكاء الاصطناعي

يوميات الشرق هناك حاجة للمزيد من البحث حول قبول الذكاء الاصطناعي ودمجه في بيئات التعلم (المدرسة الفيدرالية للفنون التطبيقية في لوزان)

ملاحظات المُعلم تتفوق على الذكاء الاصطناعي

وجدت دراسة جديدة، أجراها باحثون من المدرسة الفيدرالية للفنون التطبيقية في لوزان بسويسرا، أن الطلاب يتعاطون بحذر شديد تجاه ملاحظات الذكاء الاصطناعي وردود فعله.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا أطفال  السودان ضحايا حرب وجوع وهجرات وانتكاسات (رويترز)

التعليم في السودان لا يسلم من «آلام» الحرب

«فلتبكِ على المعلمين البواكي، ولتغلق وزارة التربية أبوابها، ولتنكس إدارات التعليم أعلامها حداداً، فالمعلم في بلدي دفعته الحاجة ليتسول».

أحمد يونس (كمبالا)
المشرق العربي أطفال يتلقون الدروس في مخيم للنازحين بخان يونس (الشرق الأوسط)

غزة... اغتيال التعليم يدخل عامه الثاني

للعام الثاني يواجه الطلبة في غزة مستقبلاً مجهولاً بعدما اغتالت الحرب الإسرائيلية عناصر المنظومة التعليمية بالقطاع فحصدت أرواح تلاميذ ومعلمين بالآلاف.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا جانب من مراجعات دراسية في المدارس العام الماضي (وزارة التربية والتعليم)

مصر: هل تحُدّ «مجموعات التقوية» الرسمية من الدروس الخصوصية؟

استعدّت الإدارات التعليمية في مصر لتطبيق قرار وزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، بدء «مجموعات التقوية» في المدارس.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الجامعة الأميركية بالقاهرة

الجامعات الخاصة والدولية تفرز المصريين طبقياً أم علمياً؟

متابعون وخبراء علم اجتماع: ارتفاع أسعار مصروفات الجامعات الخاصة والدولية يكرس الفجوة الطبقية.

محمد عجم (القاهرة)

اتهامات بالاعتداء الجنسي تلاحق محمد الفايد مجدداً

محمد الفايد (رويترز)
محمد الفايد (رويترز)
TT

اتهامات بالاعتداء الجنسي تلاحق محمد الفايد مجدداً

محمد الفايد (رويترز)
محمد الفايد (رويترز)

قالت 5 سيدات، إنهن تعرّضن للاغتصاب من قبل رئيس «هارودز» السابق محمد الفايد، عندما كنّ يعملن في متجره الفاخر في العاصمة البريطانية، لندن.

واستمعت «هيئة الإذاعة البريطانية» إلى شهادات أكثر من 20 موظفة سابقة قلن إن الملياردير، الذي توفي العام الماضي عن عمر يناهز 94 عاماً، اعتدى عليهن جنسياً بما في ذلك الاغتصاب.

وجمع الفيلم الوثائقي والبودكاست «الفايد: المفترس في هارودز» أدلة على أنه خلال ملكية الفايد، لم يفشل «هارودز» في التدخل فحسب، بل ساعد أيضاً على التستر على مزاعم الاعتداءات.

وقال مالكو «هارودز» الحاليون إنهم «فزعوا تماماً» من المزاعم، واعتذروا عمّا حدث بصدق، وفقاً لما ذكرته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

شهادات مفزعة

وقالت إحدى السيدات إن الفايد اغتصبها في شقته في بارك لين: «لقد أوضحت أنني لا أريد أن يحدث ذلك. لم أعطِ موافقتي. أردت فقط أن ينتهي الأمر».

وتقول امرأة أخرى إنها كانت مراهقة عندما اغتصبها في عنوانه في مايفير. وأضافت: «كان محمد الفايد وحشاً، ومفترساً جنسياً، لا يملك أي بوصلة أخلاقية على الإطلاق»، وفقاً لما ذكرته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

وواجه الفايد ادعاءات بالاعتداء الجنسي وهو على قيد الحياة، لكن هذه الادعاءات غير مسبوقة في النطاق والخطورة، وتعتقد «هيئة الإذاعة البريطانية» بأن عديداً من النساء ربما تعرّضن للاعتداء.

تقول صوفيا، إحدى النساء، التي عملت مساعدةً شخصيةً له من عام 1988 إلى عام 1991: «كان شريراً». وصرّحت بأنه حاول اغتصابها أكثر من مرة.

في حين قالت جيما، التي عملت ضمن مساعدي الفايد الشخصيين بين عامي 2007 و2009، «إن سلوكه أصبح مخيفاً للغاية في أثناء رحلات العمل في الخارج». وتقول إن هذا السلوك بلغ ذروته عندما تعرّضت للاغتصاب في فيلا وندسور في بوا دو بولون في باريس، وهو منزل سابق للملك إدوارد الثامن وزوجته واليس سيمبسون بعد تنازلهما عن العرش.

سر مكشوف

يقول توني ليمينغ، مدير قسم هارودز من عام 1994 إلى عام 2004: «كنت على علم بإساءة معاملة النساء عندما كنت في المصنع». ويتذكر ليمينغ، الذي يقول إنه لم يكن يعرف أي ادعاءات أكثر خطورة بالاعتداء أو الاغتصاب: «لم يكن الأمر سراً على الإطلاق».

وأضاف: «بما أني أعرف، فالجميع يعرفون. إن أي شخص يقول إنه لم يفعل ذلك فهو يكذب، أنا آسف».

وتعدّ شهادة ليمينغ مدعومةً بأعضاء سابقين في فريق أمن فايد.

«كنا على علم بأنه كان لديه هذا الاهتمام القوي بالفتيات الصغيرات»، كما يقول إيمون كويل، الذي انضم إلى «هارودز» في عام 1979 محققاً في المتجر، ثم أصبح نائب مدير الأمن من عام 1989 إلى عام 1995.

وفي الوقت نفسه، عمل ستيف، لصالح الملياردير بين عامَي 1994 و1995، وقال أن موظفي الأمن «كانوا يعرفون أن أشياء معينة كانت تحدث لبعض الموظفات في هارودز وبارك لين».

وصرح بأن عديداً من النساء عندما بدأن العمل بشكل مباشر مع الفايد خضعن لفحوص طبية، بما في ذلك اختبارات الصحة الجنسية التي أجراها الأطباء.

ثقافة الخوف

وصفت جميع النساء اللاتي تحدّثت معهم هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) شعورهن بالخوف في العمل، الأمر الذي جعل من الصعب عليهن التحدث علناً.

أوضحت سارة، إحدى العاملات في المتجر: «كانت هناك بالتأكيد ثقافة خوف في جميع أنحاء المتجر، من أدنى الناس إلى أعلاهم منصباً».

وصرّحت أخريات بأنهن يعتقدن بأن الهواتف في «هارودز» كانت مُنصتة، وأن النساء كنّ خائفات من التحدث إلى بعضهن البعض بشأن إساءة الفايد؛ خوفاً من تصويرهن بواسطة كاميرات خفية، وفقاً لما ذكرته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

وأكد كويل هذا، موضحاً أن جزءاً من وظيفته كان الاستماع إلى أشرطة المكالمات المسجلة. وقال إنه تم تركيب كاميرات قادرة على التسجيل في جميع أنحاء المتجر، بما في ذلك في الأجنحة التنفيذية. وقال: «لقد كان (الفايد) يتجسس على كل مَن أراد التنصت عليه».

وصرّح متجر «هارودز»، في بيان، بأن هذه كانت تصرفات فرد «عازم على إساءة استخدام سلطته»، وهو ما أدانته الشركة بأشد العبارات. وجاء في البيان: «إن هارودز اليوم هي منظمة مختلفة تماماً عن تلك التي كانت مملوكة وخاضعة لسيطرة الفايد بين عامَي 1985 و2010، وهي منظمة تسعى إلى وضع رفاهية موظفينا في قلب كل ما نقوم به»، وفقاً لما ذكرته «هيئة الإذاعة البريطانية».

اتهامات سابقة

في عام 2017 كشفت صحيفة «التلغراف» البريطانية، اتهام الفايد بالتحرش جنسياً بموظفة في متجر «هارودز»، تبلغ من العمر 17 عاماً، وإجبارها على ارتداء ملابس السباحة وتصويرها، قبل أن يعرض عليها تمكينها من العمل ممثلةً، مقابل مرافقته إلى غرفة نومه. واستضافت القناة الرابعة البريطانية في برنامج وثائقي 3 نساء اتّهمن الفايد بالتحرش بهن جنسياً خلال فترة عملهن في «هارودز». وبينما اختارت ضحيتان من النساء اللاتي استضافهن «الوثائقي»، عدم الكشف عن هويتيهما، فضلت شيسكا هيل وود التي تدير معرضاً فنياً وتعمل أيضاً ممثلةً مدربةً، كشف هويتها، مؤكدة أن الادعاءات كانت علنية ضد عدد من الشخصيات العامة التي اتُّهمت بإساءة استخدام مواقع السلطة للتحرش بالشابات وأحياناً بالشباب.

النقود واتفاقيات عدم الإفصاح

ويكشف «الوثائقي» الذي بثته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن أنه كجزءٍ من تسوية جيما (إحدى الضحايا) في عام 2009، كان عليها أن توقّع على اتفاقية عدم الإفصاح، وهي عقد ملزم قانوناً يضمن بقاء المعلومات سرية.

وتقول إنها بعد أن تعرّضت للاغتصاب، اتصلت بمحامٍ أخبر «هارودز» أنها ستترك وظيفتها على أساس التحرش الجنسي. وتقول جيما إنها لم تشعر في ذلك الوقت بالقدرة على الكشف عن مدى خطورة اعتداءات فايد. وافق «هارودز» على أنها تستطيع المغادرة وسيدفع مبلغاً من المال مقابل تمزيقها جميع الأدلة، والتوقيع على اتفاقية عدم الإفصاح. وتقول جيما إن أحد أعضاء فريق الموارد البشرية في «هارودز» كان حاضراً في أثناء تمزيق الأدلة.

وقد علمت «هيئة الإذاعة البريطانية» أن النساء تعرّضن للتهديد والترهيب من قبل مدير الأمن في «هارودز» آنذاك، جون ماكنمارا؛ لمنعهن من التحدث. وقد رفعت 14 امرأة من النساء اللاتي تحدّث معهم هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) دعاوى مدنية ضد «هارودز» للمطالبة بالتعويضات. بدأ أصحاب المتجر الحاليون، الذين لا يطلبون من النساء التوقيع على اتفاقيات عدم الإفصاح، في تسوية هذه الاتفاقيات في يوليو (تموز) من العام الماضي. يفكر عديد من النساء الآن في اتخاذ إجراءات قانونية ضد «هارودز».